واشنطن"أ.ف.ب": هل هو مجرّد تكتيك ذكي للتفاوض أم مسعى للسيطرة على الموارد الطبيعية أم مجرّد حلم صعب المنال؟ يعد هوس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا فريدا بشكل يصعب إيجاد تفسير سهل له.

وقال أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة جورج واشنطن تود بيلت "أعتقد أن هذا أحد الأمور التي يظن ترامب أن تحقيقها سيكون أمرا لطيفا، لكنه يدرك أن احتمال ذلك أقل من ضئيل".

وأضاف أن "خطابه يهدف على الأرجح إلى اتّخاذ وضعية تفاوضية لا يمكن التنبؤ بها".

والثلاثاء، أعلن الجمهوري البالغ 78 عاما الذي كان على وشك إطلاق حرب تجارية عالمية في الأسابيع الأخيرة، عن رغبته التوسعية مرة أخرى على منصته الاجتماعية "تروث سوشال".

وكتب ترامب أن "الأمر الوحيد المنطقي بالنسبة لكندا هو أن تصبح ولايتنا الواحدة والخمسين العزيزة"، راسما صورة عن مستقبل مشرق بضرائب أقل ومن دون رسوم جمركية وينعم فيه الكنديون بالأمن.

ترك حديث ترامب عن الضم الكنديين في حالة ذهول.

وقال رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته جاستن ترودو الأسبوع الماضي "ما يريد (ترامب) رؤيته هو انهيار كامل للاقتصاد الكندي"، بعدما أعلنت واشنطن عن رسوم جمركية نسبتها 25 في المئة على جميع الواردات الكندية قبل أن تتراجع لاحقا.

أثارت تصريحات ترامب مواقف معادية للولايات المتحدة شمال الحدود حيث بات النشيد الوطني الأمريكي يقابل بصيحات استهجان في المباريات الرياضية.

وأفاد استطلاع للرأي أجراه "معهد ليجيه" هذا الشهر بأن 33 في المئة من الكنديين فقط لديهم رأي إيجابي حيال الولايات المتحدة، مقارنة مع 52 في المائة في يونيو 2024.

وفي الاستطلاع ذاته، قال 77 في المائة من المستطلعين إنهم ينظرون بإيجابية إلى الاتحاد الأوروبي.

وفي منشوره على "تروث سوشال" الثلاثاء، وصف ترامب الحدود الأميركية الكندية بأنها "خط فاصل اصطناعي رُسم قبل العديد من السنوات".

وتوجّه إلى الكنديين قائلا إنه عندما تختفي الحدود "ستكون لدينا أمّة هي الأكثر أمانا وروعة في العالم. وسيتواصل عزف نشيدكم الوطني الرائع "أوه كندا" لكنه سيمثل الآن ولاية عظيمة وقوية ضمن أعظم أمّة عرفها العالم على الإطلاق!".

يبدو ترامب عازما على إعادة رسم الخرائط، وهو ما اتضح من خلال قراره الذي صدر بعد وقت قصير على تنصيبه بتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا.

كما طالب علنا بضم جرينلاند وقال إنه يريد استعادة السيطرة على قناة بنما.

وقال بيلت إن "جزءا كبيرا من هذا التوسع الإقليمي (جرينلاند وبنما وكندا) جاء بعد الانتخابات وأعتقد أن أحدا ما أقنعه بأن الرؤساء العظماء يسيطرون على الأراضي باعتبارها إرثا".

وتعهّد ترودو في خطابه الأسبوع الماضي بأن ضم كندا لن يتحقق.

وقال "لن يحدث ذلك إطلاقا.. لن نكون الولاية الـ51 قط".

وبحسب تقرير لنيويورك تايمز، استغل ترامب فرصة المحادثات مع ترودو الشهر الماضي للتشكيك في معاهدة أبرمت عام 1908 وأسست الحدود بين البلدين.

وانتقد الرئيس الأميركي المعروف باهتمامه بموارد المياه الاتفاقات التي تنظم الوصول إلى المياه بين البلدين، بحسب ما ذكرت تقارير إعلامية.

تمر الحدود الكندية الأميركية شرقا عبر منطقة البحيرات العظمى. وأما غربا، باتّجاه ساحل الهادئ، تعبر الحدود نهر كولومبيا الذي تنظّم معاهدة دولية مفصّلة الوصول إلى المياه فيه.

يرى استاذ الاقتصاد لدى جامعة كارلتون في أوتاوا إيان لي أن من شأن اندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة وكندا، المرتبطتين اقتصاديا بشكل وثيق، أن يمثّل "تهديدا وجوديا" للكنديين.

وأضاف "لكن بغض النظر عن مدى صراخنا وتعبيرنا عن غضبنا، لا يغير ذلك الواقع"، مؤكدا "نحن الفأر وهم الفيل البالغ وزنه خمسة أطنان. علينا التوصل إلى تسوية والتعامل مع مطالب الولايات المتحدة".

لكن رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني الذي سيتسلم منصبه الجمعة لا يتفق مع هذا الموقف الانهزامي.

وقال الأحد "على الأمريكيين ألا يخطئوا: في التجارة كما في الهوكي، كندا ستفوز".

وأعلنت أوتاوا امس عن رسوم جمركية جديدة على منتجات أمريكية معيّنة، ردا على رسوم اعتبرتها "غير مبررة ولا منطقية" فرضها ترامب على الصلب والألمنيوم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هل ترتفع أسعار السيارات في الدول العربية بعد رسوم ترامب؟

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع السيارات المصدرة إلى الولايات المتحدة، على أن تطبق على السيارات المصنعة في الخارج وقطع غيار السيارات.

وتستورد الولايات المتحدة نحو نصف المركبات المبيعة فيها، بالإضافة إلى ما يقارب 60% من قطع غيار المركبات المجمعة محليا، مما يعني أن الرسوم الجمركية قد ترفع أسعار السيارات بشكل كبير، في وقت أدى فيه التضخم بالفعل إلى زيادة تكلفة السيارات والشاحنات على المستهلكين الأميركيين، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في الثاني من أبريل/نيسان الحالي عما سماه "يوم التحرير"، مطلقا ما تعرف بـ"الرسوم الجمركية المتبادلة"، وهو ما أحدث صدمة واسعة في النظام التجاري العالمي وأربك الأسواق المالية، فقد تم فرض رسوم جمركية مرتفعة على أكثر من 90 دولة حول العالم.

لكن الرئيس الأميركي عاد في 9 أبريل/نيسان الحالي ليعلن خفض معدلات الرسوم الجديدة على واردات معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة -باستثناء الصين-إلى 10% لمدة 90 يوما، وذلك لإتاحة الفرصة لإجراء مفاوضات تجارية، وفقا لما نقلته شبكة "سي إن بي سي".

ومع ذلك، لا تزال العديد من الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض سارية، ولم تتأثر بفترة التجميد المؤقت، ومن بينها الرسوم الجمركية بنسبة 25% على جميع واردات السيارات إلى الولايات المتحدة، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

إعلان ما تأثير هذه الرسوم على سوق السيارات في المنطقة العربية؟

قبل الإجابة علينا أن نعرف أن الصين سيطرت على إنتاج السيارات العالمي في عام 2023، وشكلت ما يقارب ثلث إجمالي السيارات المنتجة في ذلك العام (32.2%).

وتنتج الصين وتصدّر سيارات أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وذلك اعتبارا من ديسمبر/كانون الأول 2024 وفقا لمنصة "فيجيوال كابيتليست" استنادا إلى بيانات المنظمة الدولية لمصنعي المركبات الآلية.

وتتمتع البلاد حاليا بالقدرة على إنتاج أكثر من ضعف الطلب المحلي على السيارات، مما يتيح تخصيص جزء كبير من إنتاجها من السيارات للتصدير.

واستثمرت الحكومة الصينية بشكل كبير في زيادة إنتاج السيارات المحلية، خاصة قطاع السيارات الكهربائية المزدهر.

وأعطت المبادرات الإستراتيجية للحكومة -مثل "صنع في الصين 2025"- الأولوية لتصنيع المركبات الكهربائية، مما أدى إلى نمو كبير في هذا المجال وفقا للمصدر السابق.

وتأتي الولايات المتحدة ثانيا بحصة تبلغ 11.3% من السوق العالمية، وتعد شركة تسلا المملوكة لإيلون ماسك حاليا شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم، بقيمة سوقية تبلغ 811.5 مليار دولار، وفق منصة "كومبانيز ماركت كاب".

وتأتي شركة تويوتا اليابانية في المركز الثاني بقيمة سوقية تبلغ 228.09 مليار دولار، ثم شركة "بي واي دي" الصينية بقيمة 146.72 مليار دولار، وفقا للمصدر نفسه.

ما أثر رسوم ترامب على أسعار السيارات في المنطقة العربية؟

رغم أن الإجراءات والرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب -سواء على السيارات أو غيرها من السلع- تستهدف اقتصادات رئيسية مثل الصين والاتحاد الأوروبي فإن تأثيرها يمتد بشكل غير مباشر إلى اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال زيادة تكاليف الاستيراد وتحولات في مسارات التجارة وتقلبات في أسواق الطاقة، بحسب ما أوردته منظمة "أتلانتك كاونسل".

المغرب

وعلى صعيد التصدير، من المتوقع أن تضر الرسوم الجمركية الأميركية بأسواق السيارات وبعض السلع الأخرى، فعلى سبيل المثال يعد المغرب مصدّرا رئيسيا للسيارات، ورغم أن السوق الأوروبي هو وجهته الرئيسية فإن أي تباطؤ اقتصادي عالمي أو تحوّل تجاري قد يؤثر بشكل غير مباشر على مصانع السيارات والموردين في المملكة، وفق المصدر نفسه.

إعلان

الأردن

أما في الأردن الحليف المقرب للولايات المتحدة فقد فُرضت رسوم جمركية بنسبة 20% على السيارات رغم وجود اتفاقية تجارة حرة طويلة الأمد مع واشنطن، مما من شأنه التأثير مباشرة على أسعار السيارات المستوردة من الولايات المتحدة، إذ يستورد العديد من التجار الأردنيين سيارات مستعملة من السوق الأميركي.

وفي هذا السياق، أكد ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية جهاد أبو ناصر للجزيرة نت أن قرار فرض الرسوم سيؤدي إلى زيادة أسعار السيارات في الولايات المتحدة، مما سيؤثر على التجار الذين يعتمدون على استيراد السيارات منها.

وأضاف أبو ناصر أن ثمة "اقتراحا قيد المناقشة حاليا في الأردن يهدف إلى إعفاء السيارات الأميركية من الرسوم الجمركية المفروضة عليها، وذلك لتجنب تأثير الرسوم الجمركية الأميركية الكبيرة على الصادرات الأردنية، خاصة في ظل الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب بنسبة 20%، وفي حال تم اعتماد هذا المقترح قد يُفتح الباب أمام زيادة استيراد السيارات الأميركية إلى السوق الأردني، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار محليا".

جهاد أبو ناصر: اقتراح قيد المناقشة حاليا في الأردن يهدف إلى إعفاء السيارات الأميركية من الرسوم الجمركية (الجزيرة)

من جانبه، قال المستثمر الأردني وليد الحيت للجزيرة نت إن "الدول التي تستورد السيارات من الولايات المتحدة ستشهد على الأرجح زيادة كبيرة في الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية، والتي تصل نسبتها إلى 25%، وهذا سيؤدي إلى رفع أسعار السيارات المستوردة من أميركا، سواء كانت جديدة أو مستعملة".

واستدرك قائلا "في حال تم توقيع اتفاقيات بين الأردن أو الدول العربية الأخرى من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى لتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة على السلع فإن ذلك سيؤدي بلا شك إلى انخفاض أسعار السيارات الأميركية في الأسواق العربية نتيجة لإلغاء أو تقليل تلك الرسوم".

إعلان ماذا عن السيارات الصينية والأوروبية المستوردة للأسواق العربية؟

أكد أبو ناصر أن تأثير رسوم ترامب على أسعار السيارات الصينية والأوروبية في الأسواق العربية سيكون ضئيلا أو غير ملحوظ.

وأضاف أن "أسعار السيارات الصينية والأوروبية لن تشهد ارتفاعا ملحوظا في السوق الأردني أو العربي على المدى القريب نظرا لأن هذه السيارات ليست خاضعة للضرائب الجمركية الأميركية التي ستطبق داخل الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن أحد العوامل الرئيسية التي قد تؤثر على الأسعار هو انخفاض قيمة الدولار، مما سيرفع تكلفة استيراد هذه السيارات، حيث تتم معظم عمليات الشراء بالدولار".

وقال أبو ناصر "أحد أهداف سياسات ترامب هو خفض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية بهدف تعزيز تنافسية الصادرات الأميركية، مما يجعل المنتجات الأميركية -بما في ذلك السيارات- أرخص مقارنة بالسلع الأجنبية، مثل السيارات الصينية والأوروبية".

من جهته، قال المستثمر وليد الحيت "بالنسبة للدول العربية المستوردة للسيارات الصينية والأوروبية فإن كل دولة تفرض تعريفة جمركية خاصة بها، وهذه النسب لم تتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب".

وأضاف "في الأردن التعرفة الجمركية على السيارات مرتفعة أصلا، لذا لا أتوقع أن تشهد أسعار السيارات الصينية أو غيرها أي تغيير يذكر نتيجة لهذه الرسوم".

وليد الحيت: الدول التي تستورد السيارات من الولايات المتحدة ستشهد على الأرجح زيادة كبيرة في الأسعار (الجزيرة) هل سنشهد إغراقا للأسواق العربية بالسيارات الصينية؟

يتوقع العديد من المراقبين أن تتجه الصين نحو أسواق جديدة حول العالم -بما فيها المنطقة العربية- لتعويض نقص صادراتها من السيارات إلى الولايات المتحدة، ويعتقدون أن الصين قد تخفض أسعار سياراتها لتسويق الكميات الضخمة المخزنة في مصانعها، مما قد يؤدي إلى إغراق الأسواق العربية بسيارات صينية.

لكن المستثمر وليد الحيت يعتقد أن هذا السيناريو غير مرجح، ويقول إن "الصين تمتلك أدوات مالية قوية تستطيع من خلالها التعامل مع مثل هذه الأزمات، مثل تخفيض سعر صرف اليوان، مما يجعل صادراتها أكثر تنافسية دون الحاجة إلى تقليل أسعار المنتجات نفسها".

إعلان

ويضيف الحيت أن "الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين ودول أخرى هي تدابير مؤقتة تهدف بشكل أساسي إلى جذب الاستثمارات إلى السوق الأميركي وتشجيع الشركات على فتح مصانع داخل الولايات المتحدة، كما أن هذه السياسات جزء من سياسة الجباية التي يتبعها ترامب لدفع الدول الأخرى إلى الاستثمار داخل أميركا أو لدفع أموال لها".

وأوضح الحيت أن "ثمة أهدافا خفية وراء هذه الرسوم، مثل خفض قيمة أسهم الشركات الكبرى في الأسواق المالية حتى يتمكن الأميركيون -خاصة الأثرياء منهم- من شرائها بأسعار منخفضة قبل أن تعاود الأسهم الارتفاع بعد زوال زوبعة الرسوم الجمركية".

من جانبه، أكد أبو ناصر أن "الصين أصبحت اليوم اللاعب الأبرز في سوق السيارات العالمي، حيث تنتج نحو ثلث السيارات في العالم، ومن المتوقع أن تهيمن الصين على السوق في المستقبل القريب، خاصة في قطاع السيارات الكهربائية".

وأشار أبو ناصر إلى أن "العديد من الدول العربية أصبحت أكثر انفتاحا سياسيا واقتصاديا على استيراد السيارات الصينية، وهو ما يتضح من الانتشار الواسع لها في الأسواق العربية، وقد باتت تتفوق من حيث الجودة والأسعار على السيارات الأميركية والأوروبية".

وأضاف أن "مستقبل سوق السيارات يتجه بقوة نحو السيارات الصينية التي من المتوقع أن تشكل أكثر من 50% من إجمالي السيارات المصنعة في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة، سواء فرضت الرسوم الأميركية أو لم تفرض".

مقالات مشابهة

  • وزير المالية الياباني يعرب عن “قلقه العميق” إزاء تأثير رسوم ترامب الجمركية
  • على وقع رسوم ترامب.. أمنستي تدعو لاقتصاد قائم على حقوق الإنسان
  • هل ترتفع أسعار السيارات في الدول العربية بعد رسوم ترامب؟
  • الدب الأمريكي الذي قد يقتل صاحبه!
  • ترامب ينظر في فرض رسوم على واردات المعادن الأساسية للضغط على الصين
  • ترامب يدرس فرض رسوم على واردات المعادن الحرجة
  • هونج كونج ترد على ترامب بوقف شحن البضائع إلى أمريكا
  • إنفيديا تنقل صناعة رقاقاتها الخارقة إلى الولايات المتحدة بعد رسوم ترامب
  • هل تعطل رسوم ترامب التحول العالمي للطاقة الخضراء؟
  • كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها كندا