لا أدرى ماذا تريد المنظمات الأوروبية التى تهتم بحقوق الإنسان من البلاد العربية؟، ولا أدرى هل توقفت حدود العالم عند منطقة الشرق الأوسط دون سواها؟، ولا أعلم لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد إذا تناثرت أقاويل من هنا أو من هناك حول وجود تجاوزات ارتكبتها دولة من الدول العربية أو من دول منطقة الشرق الأوسط، بينما تسود حالة من الصمت التام تجاه أى جريمة ترتكبها أى دولة فى العالم طالما لا تقع فى نطاق منطقة الشرق الأوسط وطالما أنها ليست عربية.
إنها سياسة الكيل بمكيالين التى تنتهجها المنظمات الأوروبية والأمريكية، والتى تصدع رؤوسنا ليل نهار بحقوق الإنسان وحريته وكرامته.. تلك الحقوق التى تظهر فقط عندما يكون طرف الشائعة التى تتردد حول الاعتداءات إحدى الدول العربية.
الغريب أن هذه المنظمات تلطم الخدود وتشق الجيوب تجاه الوقائع التى يتناولها الإعلام الغربى بشيء من التضخيم حول وجود اعتداءات على الحقوق والحريات فى إحدى الدول العربية، والتى يتبين فيما بعد أنها مجرد كلام مرسل لا يستند إلى أى وقائع.
وكان آخر مثال على هذا هو التقرير الذى أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش حول مزاعم اعتداء قوات حرس الحدود السعودية على مهاجرين أثيوبيين ونشرته وسائل الإعلام الغربية وسلطت الضوء عليه لغرض فى نفس يعقوب.
استند التقرير المرسل والذى يخلو من أى وقائع مثبتة إلى كلام مرسل لأشخاص تم منعهم من دخول الحدود السعودية وأطلقوا على رحلتهم هذه رحلة الموت.
بداية.. الوقائع التى تضمنها التقرير تمثل وقائع وهمية وأحاديث فارغة لا يمكن الاعتماد عليها؛ لأن المتحدثين من وجهة نظر المنظمة ضحايا ومن وجهة النظر السعودية أو غيرها من الدول ذات السيادة معتدون ومجرمون.
قال تقرير المنظمة إن القوات السعودية أطلقت النيران على إثيوبيين لمنعهم من دخول أراضيها، وهو ما نفته السلطات السعودية، ولكن إذا افترضنا أن هذا قد حدث فهل دفاع القوات عن الوطن وحماية حدوده أمر يجرمه القانون الدولى؟.. وهل المجرمون من الإثيوبيين الذين يريدون اقتحام الحدود السعودية من الحدود اليمنية لم يرتكبوا أى جرائم، وإنهم كانوا يمارسون حقًا من حقوقهم؟ وهل المطلوب من الجندى السعودى المكلف بحماية الحدود هو استقبال المجرمين المتسللين بالأحضان والورود؟
وهل تصور المجرم الذى تحدث لوسائل الإعلام المغرضة ووصف رحلته بأنها رحلة الموت كان يظن أن اقتحامه لحدود دولة أخرى واعتداءه على سيادة أراضيها يمثل نزهة خلوية؟
هذا ما تفعله المنظمات إياها مع الدول العربية.. وفى المقابل تتجاهل الاعتداءات التى ترتكبها الدول الأوروبية والتى تطلق الرصاص الحى على المتسللين وهو ما يتسبب فى غرق المراكب التى تحمل مئات المهاجرين كل يوم.
وعندما اندلعت المظاهرات والاحتجاجات الأخيرة فى فرنسا بعد مقتل شاب جزائرى بدوافع عنصرية.. لم نسمع لهذه المنظمات صوتا وكأن الأمر لا يعنيها.
وعندما همت بريطانيا بتجميع اللاجئين على أراضيها لنفيهم إلى جزيرة فى دولة أفريقية لم تتحرك هذه المنظمات وكأن الأمر يحدث فى بلاد الواق واق.
إنها سياسة الكيل بمكيالين التى تهدد العدالة الدولية وتكشف الوجه الحقيقى للمنظمات الحقوقية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسالة حب البلاد العربية حدود العالم منطقة الشرق الأوسط الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
الحل فى الصندوق «١»
نعم الوضع الإقتصادى فى كل العالم متعثر، لكن لا يمكن تجاهل أن أوضاع المواطنين بتلك الدول أفضل كثيرا من وضعنا وبالأرقام، فمصر فى مؤخرة الدول العربية بالنسبة لدخل الفرد ورقم ٩٥ عالميا فى تصنيف هذا العام العالمى، متوسط دخل المواطن المصرى الشهرى ١١٧ دولار مقابل ٤٠٤٧ دولار المتوسط الشهرى عالميا، وهذا فارق مهول مهما حسبنا قيمة الدولار بالجنيه المصرى، ويزداد الفارق تغولا مع معرفة الخدمات والتيسيرات والمساعدات التى تقدمها هذه الدول للفقراء ومحدودى الدخل لتخفف من حدة احتياجاتهم أمام إرتفاع أسعار السلع والخدمات.
لقد أصبح حال أغلب الأسر المصرية فى وضع يرثى له، وتآكلت الطبقة المتوسطة التى كانت رمانة الميزان فى المجتمع والجسر المجتمعى الصالح بين الأثرياء والفقراء، واكتظت الشوارع بالمتسولين وأصبح رب كل أسرة يتمنى لو تخلى عن الحياء والتعفف ونزل الشارع لينضم إلى صفوف المتسولين عسى أن يكمل نفقات بيته وقد صارت المعادلة بين راتبه ومتطلبات بيته مثل مسألة لوغاريتمات لشخص لم يدرس الحساب أبدا ومستحيل عليه حلها، بجانب أن الحكومة لا تستمع لأراء وأفكار خبراء الإقتصاد الوطنيين لحلحلة المشاكل الإقتصادية والمالية وإنقاذ قيمة الجنية الذى صارت فضيحته «بجلاجل» بين كل عملات العالم تقريبا، صارت نظرة الناس للمستقبل معتمة وأصبحت وجوههم مكفهرة لا يفارقها العبوس ولا يسرى عنهم خبرا مفرحا مرتقبا، أصبح الأثرياء يبعثرون الملايين من أموالهم فى الهباء والهواء على الحفلات والافراح واقتناء سيارات ومجوهرات وتحف بالملايين، دون رادع من ضميرهم ليستفزوا أكثر الفقراء البسطاء المعقدين، دون التفكير لحظة فى وقع ما يفعلون على أنفس هؤلاء، وتسببهم فى تأليب الحقد والكراهية الجمعية ضدهم، متجاهلين من قبل وبعد أن الله سيسألهم عن أموالهم من أين كسبوها وفيما أنفقوها، أما وكل هذه المعطيات التى أصبح مجتمعنا يضج بها ويئن بسببها فى صمت أو تصرخ بها خناقات الأزواج والزوجات ويثرثر بها الشباب العاطل على المقاهى وهو يجتر آلامه ويزدرد أحلامه مع رشفات الشاى المغشوش والقهوة المرة، أما وقد أصبحت الحكومة لا تحتملنا، وعاجزة أمام مشاكلنا واحتياجاتنا، وتتمنى لو هاجر الشعب على قوارب مطاطية إلى أى من دول العالم، أما وكل هذا يحدث الأن، لم يعد امامنا فى تصورى المتواضع حل سوى الصندوق.
لا تنزعج عزيزى القارئ حين أقول الحل فى الصندوق، لا والعياذ بالله لا أقصد صندوق -الهم- النقد الدولى، ولا أقصد الصناديق الخاصة التى يشوب أغلبها الشبهات ولم تقدم المأمول من المساعدات للمواطنين لأن جل أموالها يذهب إلى رواتب ومكافآت وحوافز للقائمين عليها، ولا أقصد كذلك صناديق الجمعيات الخيرية التى لا تخلو أيضا من الشبهات حول مسارات أموالها الواردة والصادرة، بالطبع لا أقصد تلك الصناديق، بل أقصد هنا الصندوق الأهلى والصندوق الأسرى.
وللتوضيح، فى الدول الغربية يتم إنشاء صناديق أهلية لتقديم المساعدات المالية والعينية للفئات المحتاجة والفقيرة، هذه الصناديق تشبه «الجمعية»، حيث يقوم الأثرياء وأصحاب الشركات والمؤسسات بالتبرع بمبالغ كبيرة فى هذا الصندوق، ومنهم من يقدم عقارا أو شيئا ثمينا ليباع ويدخل ضمن رأس مال الصندوق، هذا الصندوق تودع أمواله فى البنك للحصول على فائدة جيدة، ويمكن استثمار جانب من هذه الأموال لمضاعفتها، ويمكن أن يشارك المواطنون من متوسطى الحال بمبالغ بسيطة مقابل أسهم فى هذا الصندوق والذى يخضع لإجراءات ولوائح قانونية محددة حتى لا يتم نهب أمواله أو التلاعب بها بعيدا عن الشفافية.
هذا الصندوق يمكن إنشاءه فى كل قرية، مركز، حى، ويكون دوره تقديم المساعدات المالية والعينية لأهل الحى من المحتاجين، حيث يتم منحهم بطاقات عضوية لهذا الصندوق بعد معرفة أوضاعهم بدقة، من خلال هذه البطاقة يتحدد فى سجل خاص به المساعدات الشهرية التى يحصل عليها كل محتاج كما ونوعا، بجانب كراتين الطعام والأشياء العينية التى قد يحتاج إليها فى بيته، ولا يستثنى من ذلك بالطبع متوسطى الدخل من الموظفين والعمال.
هذا الصندوق يكون له مقرا صغيرا ولا يحتاج لأكثر من شقة بها مكتب وجهازى كمبيوتر على أقل تقدير، ويمكن مضاعفة ذلك بمرور الوقت أو فى الأحياء الكبيرة المزدحمة، يحصل المواطن بعد معرفة حالته على مبلغ مالى شهري، ملابس له ولأسرته. أزياء للمدارس وحقائب ومستلزمات دراسة، أطعمة وفواكه، بعض الأجهزة المنزلية والاحتياجات الأخرى التى قد يحتاجها لمنزله ولا يتوافر له ثمنها، يستقبل الصندوق تبرعات عينية من أهالى الحى الأثرياء، وتشمل التبرعات كل شيء، مال، أجهزة كهربائية، ملابس، أدوات منزلية، أدوات مدرسية أحذية، فواكه، منتجات غذائية، ألبان للأطفال.. وهكذا.
فى هولندا المعروفة بأنها من أثرى أصغر دول أوروبا، تطبق هذا النظام من الصناديق الإجتماعية، بجانب صناديق اخرى يطلقون عليها اسم «مؤسسة عائلية» وتختص بالعائلات.. وللحديث بقية.
[email protected]