مراقبة الأبناء و”التجسس” عليهم وسيلة قديمة يستخدمها الأهل لحماية أبنائهم، خاصة المراهقين، ورغم أن المخاطر عليهم زادت بسبب التكنولوجيا واقتحامها حياتنا، فإن التربية الحديثة أصبحت ترسخ أهمية خصوصية الطفل، فهل يلتزم الأهل بهذه الخصوصية في مقابل ترك الطفل عرضة للخطر؟ أم إن المراقبة جزء من رعاية الأطفال ومباحة بغرض حمايتهم من الأخطار؟

حتى وقت ليس ببعيد، كان الطفل محاطا بالحماية من أفراد عائلته والمقربين منهم، ليس الأب والأم فقط، فالترابط الأسري والعلاقات القوية بين أفراد المجتمع كانت تشكّل شبكة قوية لحماية الطفل، فكان من الصعب أن يقوم الصغير بأي سلوك يعرضه للخطر دون اكتشافه والتدخل في الوقت المناسب.

مخاطر تحيط بأطفالنا
ومع تغير الزمن ومعطياته، أصبحت العلاقات بين أفراد العائلة ودوائرهم المقربة أكثر تعقيدا، حيث لا يسمحون لبعضهم بالتدخل في شؤونهم، وذلك بالتزامن مع اقتحام التكنولوجيا كافة مجالات الحياة، فأصبحت الدوائر الاجتماعية أوسع والعلاقات مع الغرباء أسهل، وفي الوقت نفسه تغيرت طبيعة العلاقة بين الآباء والأطفال، مما جعل الأبناء أكثر عرضة للتعامل مع الغرباء دون رقابة، وأصبح الوصول إلى أي مواد غير آمنة أسهل كثيرا، مما يوقع الأهل في حيرة ما بين الالتزام بحرية وخصوصية الطفل وبين التجسس عليه بغرض حمايته، كما تبين مقالة نشرها موقع “بيرنتس سيركل”.
أسباب تدفع لمراقبة الطفل
قد لا يستطيع الأهل مقاومة قراءة رسائل الهاتف أو الاطلاع على سجل المكالمات أو البحث عن المواقع الإلكترونية التي يزورها الطفل، في عرف البعض هذا الفعل يسمى تجسسا، غير أن يفعله الأهل نوع من الرقابة الأبوية لحماية أطفالهم، واستعرضت منصة “إي مام” عدة أسباب منطقية تدفع لمراقبة الطفل، أهمها:

1- اكتشاف الخطر وحماية الطفل في الوقت المناسب: تخيل أن تكتشف أمٌّ أن طفلها معرض للوقوع في الإدمان، أو يتعرض لابتزاز من شخص مسيء، عن طريق مراقبة نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، هل ستشعر بالامتنان لأنها تمكنت من التدخل وإنقاذ طفلها في الوقت المناسب بفضل مراقبتها له، أم أنها ستتمنى لو كانت حافظت على خصوصيته؟ الإجابة معروفة، أمان الطفل وسلامته فوق أي اعتبار.

2- الأطفال غير ناضجين: حتى أكثر الأطفال ذكاء لا يتمتع بالنضج، فالنضج يأتي بعد المرور بخبرات وتجارب حياتية تحتاج الكثير من الوقت، لذا لا يتوقع الأهل أن يتعامل الطفل بنضج ومسؤولية مع الحرية الممنوحة له، الطفل يتصرف بوصفه طفلا، مما يستدعي وجود رقابة لحمايته من الوقوع في أخطاء تهدد سلامته وأمانه.

3- الطفل يحتاج إلى إرشاد: قد يخجل الطفل من توجيه أسئلة محرجة إلى الأب والأم، مما يدفعه للبحث عن إجابات من مصادر غير موثوقة، لذا فمراقبة الأهل تجعلهم على علم بما يحتاج طفلهم إلى معرفته، مما يتيح لهم التدخل بالشكل المناسب وإرشاد الطفل وإمداده بالمعلومات التي يحتاج لتعلمها وليحصل على إجابات صحيحة على تساؤلاته.
ما الفرق بين مراقبة الطفل بغرض الحماية وبين انتهاك خصوصيته؟
مع تقدم الطفل في العمر وصولا لمرحلة ما قبل المراهقة ثم مرحلة المراهقة، يعلن بوضوح عن حاجته إلى مساحة من الخصوصية، وعلى الأهل احترام هذه الخصوصية، على سبيل المثال تحتاج الأم إلى دخول غرفة المراهق لترتيب أغراضه أو البحث عن ملابس تحتاج إلى تنظيف، هنا لا يعد دخول الغرفة اختراقا للخصوصية، بحسب ما يوضح موقع “إمبوريىنغ بيرنتس”.
ولكن إذا بدأت الأم في التفتيش في خزانات وأدراج المراهق، والتحقق من رسائل هاتفه، فإن هذا يعد اختراقا لخصوصية المراهق، وإذا اكتشفه المراهق سيشعر أن الأم لا تثق فيه، وتصبح المشكلة أعمق. إذن، الأمر يحتاج إلى وضع حدود واضحة حتى يعرف المراهق الحدود المسموح للأهل بتجاوزها، وحدوده هو أيضا في الحرية والخصوصية.

متى يصبح انتهاك خصوصية الطفل ضرورة؟
يمكن أن يتغير الوضع ويتحول التجسس إلى وسيلة للحماية، عندما تكتشف الأم دليلا يكون بمثابة إنذار بالخطر، سواء كان تغيرا ملحوظا في سلوك المراهق، أو العثور على دليل مادي وسط أغراضه، هنا يكون التدخل واجبا، مع ضرورة إخبار المراهق أن ما تفعله الأم نوع من الرقابة بغرض الحماية، وليس تجسسا بسبب عدم الثقة.

طرق تقليدية لمراقبة الطفل
واستعرض موقع “إي مام” الطرق التقليدية لمراقبة الطفل ومتابعة سلوكياته بغرض حمايته، ومن أهمها:

1- التحقق من الأجهزة الذكية التي يستخدمها الطفل ونشاطه عليها: مثل التحقق من سجل الهاتف، الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني لمعرفة الأشخاص الذين يتواصل معهم الطفل، وشكل العلاقة معهم، وأيضا التحقق من الصور التي يلتقطها الطفل لنفسه، وإلى من يرسلها.

2- الاستماع إلى محادثات الطفل مع أشقائه وأقرانه: عندما تتاح الفرصة للاستماع إلى محادثات الطفل مع أشقائه أو أقرانه دون وجود أشخاص بالغين، فإن هذه المحادثات تتسم بقدر كبير من الحرية، يكشف للأهل عن طبيعة أنشطة الطفل وأفكاره.
3- سؤال المعلمين والمدربين: سؤال المعلمين في المدرسة والمدربين في النادي وأي أشخاص بالغين يتعامل معهم الطفل، يسهم في معرفة سلوك الطفل خارج المنزل بعيدا عن الرقابة المباشرة من أهله.

تطبيقات لمراقبة نشاط الطفل الإلكتروني
في عصر الإنترنت يجب متابعة النشاط الإلكتروني للأطفال والمراهقين، وهو ما يمكن تنفيذه عبر تطبيقات ذكية، وتنقسم إلى قسمين:

1- تطبيقات لمراقبة هاتف الطفل، أهمها:

“مامابير” (MamaBear)
“بارك” (Bark)
“كيوستوديو” (Qustodio)
“فاميلي تايم” (FamilyTime)
“سكرين تايم” (Screen Time)
2- تطبيقات لمراقبة النشاط الإلكتروني للطفل والتحكم به، أهمها:

“كوفينانت أيز” (Covenant Eyes)
“موبي ستيلث” (MobiStealth)
“يوتيوب كيدز” (YouTube Kids)
هل يجب إخبار الطفل أو المراهق بمراقبة الأهل له؟
نعم، يجب إخبار الطفل أو المراهق بمراقبة الأهل له، أولا حتى يتجنب ارتكاب الأخطاء قدر الإمكان، وثانيا حتى لا تنكسر الثقة بينه وبين الأهل، علاوة على أن متابعته وحمايته واجب على الأهل، وهو ما يحتاج المراهق لإدراكه حتى لو لم يتفق معه.

فمراعاة خصوصية الطفل مهمة من أجل تعزيز ثقته بنفسه وتنمية استقلاليته، ولكن يجب أن يكون الأمر متوازنا بحيث لا يتخلى الأهل عن دورهم في مراقبة وحماية أطفالهم.

الجزيرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الوقت

إقرأ أيضاً:

قبيل تقرير عن المجاعة.. السودان يعلن انسحابه من نظام لمراقبة الجوع

علقت الحكومة السودانية مشاركتها في نظام مراقبة الجوع العالمي، عشيىة صدور تقرير من المتوقع أن يظهر انتشار المجاعة في أنحاء البلاد، وهي خطوة من المرجح أن تقوض الجهود الرامية إلى معالجة واحدة من أكبر أزمات الجوع في العالم.

وفي رسالة بتاريخ 23 ديسمبر، قال وزير الزراعة بالحكومة السودانية إنها علقت مشاركتها في نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. واتهمت الرسالة التصنيف المرحلي "بإصدار تقارير غير موثوقة تقوض سيادة السودان وكرامته".

ومن المتوقع أن ينشر التصنيف، اليوم الثلاثاء، تقريرا يفيد بأن المجاعة انتشرت في خمس مناطق في السودان وقد تمتد إلى 10 مناطق بحلول مايو.

بلينكن يعلن عن مساعدات مالية أمريكية إلى السودانالسعودية تشدد على ضرورة وقف القتال في السودانالسودان.. ارتفاع حصيلة الإصابات بالكوليرا لـ 47 ألف حالة

وجاء في الوثيقة أطلعت عليها "رويترز" "يمثل هذا تفاقما وانتشارا لم يحدثا من قبل لأزمة الغذاء والتغذية، نتيجة الصراع المدمر وضعف وصول المساعدات الإنسانية".

ورفض المتحدث باسم التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي ومقره في روما التعليق.

وقال رئيس منظمة غير حكومية تعمل في السودان، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الانسحاب من نظام التصنيف المرحلي قد يقوض الجهود الإنسانية لمساعدة ملايين السودانيين الذين يعانون من الجوع الشديد.

وأضاف: "الانسحاب من نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لن يغير من واقع الجوع على الأرض، لكنه يحرم المجتمع الدولي من بوصلته في التعامل مع أزمة الجوع في السودان، وبدون تحليل مستقل، فإننا نتحرك بلا رؤية في عاصفة انعدام الأمن الغذائي هذه".

ولم يستجب دبلوماسي في بعثة السودان لدى الأمم المتحدة في نيويورك حتى الآن لطلب التعليق على خطوة تعليق المشاركة في التصنيف.

يعد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هيئة مستقلة تمولها دول غربية وتشرف عليها 19 منظمة إنسانية كبيرة ومؤسسة حكومية دولية. ويشكل محورا رئيسيا في النظام العالمي الواسع لمراقبة وتخفيف الجوع، وهو مصمم لدق ناقوس الخطر بشأن تطور أزمات الغذاء حتى تتمكن المنظمات من الاستجابة ومنع المجاعة والمجاعة الجماعية.

مقالات مشابهة

  • مشاركة 250 متسابقا في "سباق اختراق الضاحية" بشمال الباطنة
  • خصوصية الطوفان.. لماذا تصدعت السردية الإسرائيلية عقب 7 أكتوبر؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا أطلق من اليمن قبل اختراق المجال الجوي
  • ضبط مبالغ من العملة غير القانونية وأدوية وبضائع مهربة بمأرب
  • مكافحة التهريب في مأرب تضبط عملة غير قانونية ومزيفة وأدوية وبضائع مهربة
  • عُمان تفوز على قطر بثنائية في بطولة كأس الخليج
  • الإصلاح والنهضة: قائمة الإفراج الأخيرة تعكس خصوصية واهتماما بأهالي سيناء
  • اختصاصية: ‏لابد من الانتباه لضرورة التواصل المستمر مع الطفل.. والطفل يتعلم من التصرفات التي يفعلها الأهل أمامه
  • السودان ينسحب من نظام لمراقبة الجوع قبيل تقرير عن المجاعة
  • قبيل تقرير عن المجاعة.. السودان يعلن انسحابه من نظام لمراقبة الجوع