دراسة: العالم لا يزال معتمدا على الصين في المعادن النادرة
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التنقيب في أوكرانيا أو غرينلاند عن المعادن النادرة اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي وأنظمة الأسلحة الحديثة، وبالتالي كسر هيمنة الصين على هذا النوع من التعدين، إلا أن خبراء يتوقعون أن يستمر الاعتماد على الصين في هذا المجال لفترة طويلة.
وبحسب دراسة أجرتها وكالة المواد الخام الألمانية (ديرا) وأعلنت نتائجها الخميس في برلين، فإن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى انخفاض أسعار المعادن النادرة في السوق العالمية حاليا.
قال معد الدراسة، هارالد إلسنر: "جميع الشركات التي تقوم حاليا بتعدين أو معالجة المعادن النادرة تعاني من مشكلات اقتصادية، بما في ذلك شركات في الصين"، موضحا أن هذا يجعل من الصعب التنقيب عن مخزونات جديدة في بلدان أخرى، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه غالبا ما تكون البنية التحتية اللازمة لاستخراج ومعالجة المواد غير متوفرة خارج الصين.
ويتوقع إلسنر أن الطلب على المعادن النادرة، التي تستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية وطواحين الهواء، سيزداد بشكل كبير في المستقبل، مشيرا في المقابل إلى أنه "لا يزال هناك القليل من الأدلة على ذلك في السوق"، موضحا أن مشاريع التنقيب الجديدة خارج الصين سوف تواجه لذلك صعوبات من حيث الجدوى الاقتصادية، وبحسب وكالة أسوشيتد برس.
وينتقد الخبراء هذا الأمر بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بما يسمى بالمعادن النادرة الثقيلة، والتي تستخدم ليس فقط في تصنيع السيارات، بل أيضا في صناعة الأسلحة الأميركية. ولا تزال هذه المعادن تأتي بنسبة 100 بالمئة من الصين، حيث يُجرى استخراجها أو على الأقل تكريرها.
ووفقا للخبراء، قد يكون هذا أحد أسباب اهتمام ترامب بجرينلاند، التي تمتلك أكبر مخزونات من المعادن النادرة الثقيلة في العالم، لكن لم يتم التنقيب عنها حتى الآن. وتوقف مشروع المعادن النادرة المدعوم من الصين في غرينلاند بعد أن حظرت حكومة الأخيرة تعدين اليورانيوم في عام 2021.
ويضع إلسنر آمالا أكبر على تعدين المعادن النادرة في أستراليا، حيث أعلنت عدة شركات عن نيتها استخراج معادن نادرة ثقيلة من الخامات الأسترالية، إما مباشرة في أستراليا وإما في ماليزيا أو الولايات المتحدة. ورغم أن كميات صغيرة فقط هي المسموح لها بدخول السوق العالمية، يرى إلسنر أن "هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من اعتماد العالم الغربي على الصين في الحصول على هذه المواد الخام الخاصة للغاية".
وبحسب الدراسة، استحوذت الصين على حوالي 60 بالمئة من تعدين المعادن الأرضية النادرة في العالم في عام 2023، ووصلت حصتها من المعالجة الإضافية إلى 93 بالمئة.
واستوردت ألمانيا ما مجموعه 5200 طن من المعادن الأرضية النادرة في عام 2023، وجاء 71 بالمئة منها مباشرة من الصين. وفي ألمانيا يتم استخدام 90 بالمئة من المعادن النادرة في المحفزات المستخدمة في تنقية غازات العوادم في السيارات والمصانع الكيميائية ومصافي التكرير.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات المعادن النادرة الشركات مشكلات اقتصادية الصين السيارات صناعة الأسلحة المعادن النادرة الصين غرينلاند اليورانيوم أستراليا أستراليا ماليزيا الصين الصين اقتصاد الصين الاقتصاد الصيني المعادن النادرة الشركات مشكلات اقتصادية الصين السيارات صناعة الأسلحة المعادن النادرة الصين غرينلاند اليورانيوم أستراليا أستراليا ماليزيا الصين أخبار الصين المعادن النادرة النادرة فی بالمئة من الصین فی
إقرأ أيضاً:
ترامب يدفع العالم إلى الركود ولا يزال بوسعنا منعه
ترجمة: أحمد شافعي -
لم يبق غير فرصة ضئيلة إن أردنا منع ركود عالمي لا داعي له. ففي الوقت الذي يشهد انفصال الصين والولايات المتحدة، تحتدم حروب تجارية مزعزعة، منذرةً بالانحدار إلى حروب عملات، وفرض حظر على واردات وصادرات واستثمارات وتكنولوجيا، وحرق أسعار مالية من شأنه أن يدمر ملايين الوظائف حول العالم. لا يكاد يبدو من المعقول أن يجثو العالم على ركبتيه بسبب اقتصاد بلد واحد، يعيش خارجه 96٪ من السكان، وينتجون 84٪ من السلع المصنعة في العالم. ولكن برغم أن مسؤولين أمريكيين تحدثوا من قبل عن سياسة تعريفات جمركية قائمة على مبدأ «التصعيد بهدف تهدئة التصعيد»، فإن هدف دونالد ترامب هو إرغام التصنيع على العودة إلى الولايات المتحدة، وتخفيفه لبعض التعريفات لمدة 90 يوما لا يعني أنه ينوي نزع فتيل الأزمة.
في يوم الاثنين الماضي، حذر كير ستارمر من أن العالم لن يعود إلى ما كان عليه من قبل، وذكَّرنا بأن «محاولة إدارة الأزمات دون تغيير جذري لا تؤدي إلا إلى تدهور منظم». وهو على حق. فما تعلمته من أزمة عام 2008 المالية هو أن المشاكل العالمية تقتضي حلولا منسقة عالميا. فلا بد لنا من استجابة دولية جريئة تواكب حجم الطوارئ. وبمثل ما أقام رئيس الوزراء ـ ويحسب هذا له كثيرا ـ تحالفا للدفاع عن أوكرانيا، فلا بد لنا من تحالف اقتصادي من الراغبين: أي قادة العالم متشابهي التفكير المؤمنين بأن علينا في هذا العالم المترابط أن ننسق السياسات الاقتصادية عبر القارات إذا أردنا حماية الوظائف ومستويات المعيشة.
ويتمثل التحدي الملِح في التخفيف من صدمات جانب العرض الناجمة عن جدار ترامب الجمركي. وكما تقترح راشيل ريفز، فإن علينا أن نحافظ على حركة التجارة العالمية. وبرغم أنه ما من أزمتين متشابهتان أبدا، لكن تقديم قروض ممتدة لشركات التصدير والاستيراد كان محوريا في الاستجابة العالمية لانهيار التجارة عام 2009. وعلينا أيضا أن نذكِّر الصين بأنها إن أرادت أن تقدم نفسها بوصفها داعمة للتجارة الحرة، فمن مصلحتها التركيز على توسيع الاستهلاك المحلي بدلا من إغراق الأسواق العالمية بسلع ذات أسعار مخفضة لا تستطيع بيعها الآن في الولايات المتحدة.
غير أن التحديات العالمية تتجاوز بكثير إدارة صدمة الرسوم الجمركية. ولن يكون إنعاش التجارة أمرا سهلا دون تنسيق السياسات الاقتصادية الكلية والمالية عبر القارات. فسوف يرتفع التضخم العالمي، حتى بعد مراعاة التأثير الانكماشي للصادرات الآسيوية منخفضة الأسعار. ولكن هذه الصدمة تهون أمام مشكلة أكبر هي انهيار ثقة المستهلك وتراجع استثمارات الأعمال. ويعني هذا أننا قد نحتاج إلى خفض متزامن لأسعار الفائدة ـ وهي مبادرة يحتمل جدا أن تنضم إليها الولايات المتحدة ـ مدعومة بنشاط مالي في البلاد التي تتوافر فيها مساحات للتوسع.
لقد أقيمت مؤسساتنا الاقتصادية الدولية على اعتقاد مفاده أن استدامة الرخاء تتطلب تقاسمه، وأنه لا يمكن تحقيق النجاح الاقتصادي في كل مكان إلا إذا كنا مستعدين للتحرك أينما دعت الحاجة. وبمساعدة الولايات المتحدة أو بدونها، يجب علينا فورا جمع قدرة البنك الدولي على تقديم المنح والقروض البالغة 150 مليار دولار، والقوة المالية لصندوق النقد الدولي البالغة تريليون دولار، وأقل الأسباب الداعية إلى ذلك هو مساعدة الاقتصادات النامية الأكثر ضعفا والمتضررة من الرسوم الجمركية. ففي عام 2009، كان مزيج الائتمانات التجارية وأموال البنوك متعددة الأطراف هو الذي عزز الاقتصاد العالمي بمقدار 1.1 تريليون دولار، ومنع الركود من التحول إلى كساد.
ولا يتيح لنا النهج التنسيقي محض فرصة لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي، وإنما لـ«إعادة البناء بشكل أفضل» ـ على حد تعبير عام 2020. ويعني هذا، بالنسبة للمملكة المتحدة، العمل بشكل أوثق مع الاتحاد الأوروبي. والحق أن التغييرات الجارية في أوروبا حاليا تتيح التعاون على نطاق أوسع حتى من مجرد إزالة الحواجز التجارية المفروضة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لطالما كان هناك توتر بين رغبة أوروبا في القيادة، التي تدفعها إلى الجرأة، ورغبتها في البقاء متحدة، بما يدفعها إلى الجبن، لكن أوروبا اليوم تعاني من معدل تضخم أقل من الولايات المتحدة، ويمكنها خفض أسعار الفائدة بشكل أسرع.
لقد بلغ إنفاق العجز الأمريكي منذ عام 2010 أضعاف إنفاق منطقة اليورو، مما جعل ألمانيا تحديدا أقل ديونا بكثير من الولايات المتحدة نسبيا. وبفضل المرونة المالية التي أوجدها المستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرز، والاتحاد الأوروبي، يمكن ضخ موارد جديدة في الاقتصاد العالمي. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق تقرير دراجي حول القدرة التنافسية الأوروبية، ويكتمل هذا بزيادة الإنفاق في الصين. في الوقت نفسه، ينبغي تمديد اتفاقية التعاون الدفاعي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لتمكين شراء أسلحة مشتركة أكثر فعالية من حيث التكلفة. ولإتاحة الموارد في مجالات أخرى، ينبغي أن نمضي قدما في المناقشات حول صندوق أوروبي شامل لأغراض خاصة متعلقة بالدفاع والأمن خارج الميزانيات العمومية.
وقد تكون أوروبا مطالبة بالقيادة في جانب آخر إذا ما أحاطت الشكوك باستعداد الولايات المتحدة للعمل كملاذ أخير لإقراض العالم. وتجب مطالبة مجلس الاستقرار المالي العالمي بتقديم تقرير فوري حول المخاطر التي قد تضر بالاستقرار والتي قد تحتاج إلى معالجة في القطاعين المصرفي وغير المصرفي. وإذا لزم الأمر، من الممكن أيضا مطالبة البنك المركزي الأوروبي بسد الفجوة الناجمة عن الولايات المتحدة (وتحاول الصين شغلها) من خلال توسيع نطاق مقايضات العملات لتشمل مجموعة أوسع من الدول التي تحتاج إلى دعم السيولة.
يمثل العمل المنسق متعدد الأطراف ضرورة إذا ما أرادت بريطانيا ضمان النمو الذي نحتاج إليه وتقوده الصادرات. وسوف يتم تعزيز هذا النمو من خلال إعادة السياسة الصناعية إلى التركيز على تعزيز القطاعات التنافسية دوليا ـ من علوم الحياة والذكاء الاصطناعي، إلى التحول في مجال الطاقة والصناعات الإبداعية. ويستوجب تعزيز هذه التجمعات الرائدة عالميا، كما قال وزير المالية، استثمارا أكبر في البحث والتطوير والمهارات رفيعة المستوى. ولكنه يستوجب منا أيضا دعم نظام داعم للمنافسة لا يفضل شركات التكنولوجيا العملاقة على حساب منافسيها الأصغر حجما في المملكة المتحدة، أو يضعف قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية الحيوية للمواهب الإبداعية.
ليس النظام الاقتصادي متعدد الأطراف وحده هو الذي يتعرض للهجوم، وإنما كل ركن آخر من أركان النظام القائم على القواعد، من احترام القانون إلى تقرير مصير الدول والالتزامات التاريخية بالمساعدات الإنسانية. فالحق أننا نشهد انهيارا متزامنا في الأنظمة الاقتصادية والجيوسياسية. وفي مقالة تالية لهذه المقالة، سوف أقترح طريقة تمكِّننا من إقامة نظام جديد مما يتحول بسرعة إلى أنقاض النظام القديم. لكننا أولا بحاجة إلى أن نظهر أن العالم قادر على العمل المشترك لدعم مستويات معيشة الناس. فسوف يظهر ذلك المبادئ الأساسية المطروحة: إن التعاون الدولي يصب في مصلحتنا الجماعية، وأن عالما لا ربح فيه للبعض إلا بخسارة البقية تتنافس فيه القوميات هو عالم يجعلنا جميعا أكثر فقرا وأقل أمنا.
جوردن براون رئيس وزراء بريطانيا من 2007 إلى 2010
عن ذي جارديان البريطانية