علي بلحاج: ثروات الجزائر في سوق النخاسة الأمريكية.. صمت مريب من السلطة
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
شنّ القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية، الشيخ علي بلحاج، هجومًا حادًا على تصريحات السفير الجزائري صبري بوقادوم في واشنطن، والتي تحدث فيها عن استعداد الجزائر للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الاستثمار في قطاع المعادن.
واعتبر بلحاج، في حديث خاص مع "عربي21" أن ما يحدث هو "بيع لثروات الجزائر في سوق النخاسة"، متسائلًا: "كيف يجرؤ سفير على عرض ثروات الأمة وكأنها ملك شخصي؟ وكيف يصمت الجميع: الرئاسة، وزارة الخارجية، الطبقة السياسية، والبرلمان؟!"
وأضاف: "هذا الصمت مريب، ويجب أن نندد به! بدل أن تقاطع الجزائر أمريكا بسبب جرائمها في غزة، نجدها تمد يدها لها وتعرض عليها ثرواتنا النفيسة! أليس هذا تناقضًا صارخًا مع الشعارات التي يرفعها النظام؟"
وذكّر الشيخ علي بلحاج بأن الجزائر كانت حتى وقت قريب "ترتمي في حضن بوتين"، وأعطته كل شيء، والآن "لم يبقَ لهم إلا المعادن التي تكتنزها الجزائر".
وأضاف بغضب: "هذه ثروات الأمة والأجيال المقبلة، وهؤلاء لا يفكرون إلا في أنفسهم!"
كما هاجم بلحاج بوقادوم، معتبرًا أنه جزء من "العصابة الغالبة"، حيث قال: "بوقادوم كان وزيرًا للخارجية في عهد بوتفليقة، ثم أعطوه سفيرًا في أهم سفارة! كيف يُترك شخص كهذا ليقرر في مصير المعادن الاستراتيجية للبلاد؟"
وحذّر بلحاج من خطورة "حرب المواد الخام النادرة"، معتبرًا أن ما يجري قد يكون جزءًا من "صفقات سرية" تمت بين الجزائر وقيادة الأفريكوم، مستشهدًا بالاتفاق العسكري الذي وقعه رئيس الأركان سعيد شنقريحة مع الجانب الأمريكي.
واستنكر حالة القمع السياسي في الجزائر، متسائلًا: "يُمنع الشعب من التظاهر والمسيرات، وتُكمم الأفواه، وبينما الناس منشغلين في هذا الشهر الفضيل بالعبادة والصيام يتم بيع ثروات الجزائر في الخفاء دون أي محاسبة!"
وأنهى تصريحه بالمطالبة بـ "سحب السفير فورًا"، وفتح تحقيق شفاف في هذه القضية، مؤكدًا أن: "هذا النظام مستعد لبيع خيرات الجزائر فقط ليبقى في الحكم، بينما الشعب الجزائري يعاني، وأهلنا في غزة يموتون جوعًا!"، وفق تعبيره.
وكان السفير الجزائري في واشنطن، صبري بوقادوم، قد كشف النقاب في تصريحات صحفية مؤخرا عن أن الجزائر والولايات المتحدة بصدد تعزيز شراكتهما الأمنية، مع إمكانية عقد صفقات تسليح، وذلك في إطار مذكرة التفاهم العسكرية الموقعة في يناير الماضي. وأوضح أن التعاون سيشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية البحرية، البحث والإنقاذ، ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، بالإضافة إلى تشكيل ثلاث مجموعات عمل لتنفيذ الاتفاقية.
كما أشار بوقادوم إلى أن الجزائر مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة في مجال الموارد الطبيعية والمعادن الأساسية، لافتًا إلى أن الجزائر توفر بيئة استثمارية مناسبة لهذا القطاع.
على الصعيد الجيوسياسي، أكد السفير أن الجزائر تدرك تزايد نفوذ الصين وروسيا في إفريقيا، مشيرًا إلى أن العامل البشري الجزائري يشكل ميزة إضافية في التعاون مع واشنطن.
وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، شدد بوقادوم على أن الجزائر تحافظ على علاقتها مع جميع الإدارات الأمريكية، وأعرب عن ثقته في استمرار التعاون خلال الولاية الثانية المحتملة لدونالد ترامب، رغم التوترات التي شهدتها العلاقات خلال فترة حكمه، خصوصًا بسبب موقف الجزائر الرافض للتطبيع مع إسرائيل ودعمها لقضية الصحراء الغربية.
يذكر أن الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الجزائري، كان استقبل في كانون ثاني / يناير الماضي، قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم)، الفريق أول مايكل لانغلي، بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي.
ناقش الطرفان التعاون العسكري بين الجزائر والولايات المتحدة، وتبادلا وجهات النظر حول القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في مجالي الدفاع والأمن.
تميزت الزيارة بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الدفاع الجزائرية ووزارة الدفاع الأمريكية لتعزيز الشراكة العسكرية الثنائية.
وتأتي هذه التصريحات الخاصة بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تعيش العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية توترا متصاعدا، منذ دعم فرنسا لمطالب المغرب في قضية الصحراء الغربية ورفض الجزائر التعاون في ملف ترحيل مواطنيها. كما أسهمت قضايا أخرى، مثل اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، في تأجيج الخلافات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الجزائرية تصريحات العلاقات تصريحات امريكا الجزائر علاقات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن الجزائر
إقرأ أيضاً:
السودان ثروات منهوبة وديون متراكمة في ظل سياسة التحرير الاقتصادي والفساد والحرب
عمر سيد أحمد
أبريل 2025
مقدمة
حفّزني خبر إعلان إثيوبيا، الدولة محدودة الإمكانيات، عن امتلاكها أكبر صندوق ثروة سيادي في أفريقيا بقيمة 45 مليار دولار، للتفكير في السودان، البلد الغني الذي استنزفه الفساد والأنظمة الشمولية لعقود طويلة. لكن المأساة السودانية لا تتوقف عند النهب الممنهج للموارد، بل تمتد إلى حرب مدمرة أشعلها ذات النظام الفاسد لحماية مصالحه.
حكم الإسلاميون السودان تحت مظلة نظام الإنقاذ لثلاثة عقود، نهبوا خلالها البلاد بلا رحمة، وحولوا الدولة إلى آلة لجمع الثروات الشخصية عبر استغلال القروض الدولية وموارد السودان الطبيعية. وعندما اشتدت المعارضة الشعبية، لجأوا إلى تأسيس ميليشيا الدعم السريع كأداة لحماية النظام، لكنها سرعان ما تحولت إلى قوة مستقلة تنافس الجيش في السلطة والثروة. وعندما قامت الثورة السودانية مطالبة بالتحول المدني، قرر بقايا النظام العسكري والإسلامي إشعال الحرب بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، في محاولة لمنع التغيير الديمقراطي، حتى لو كان الثمن هو تدمير البلاد بالكامل.
حرب أشعلها الإسلاميون لمنع التحول الديمقراطي وسرّعت الانهيار
كانت الثورة السودانية التي أطاحت بنظام البشير في 2019 تمثل لحظة فارقة في تاريخ السودان، حيث فتحت الباب أمام أمل جديد للتحول المدني وإقامة دولة ديمقراطية حقيقية. لكن القوى التي استفادت من نظام الإنقاذ، وعلى رأسها قيادات الجيش وتحالف الإسلاميين، لم تكن مستعدة للتخلي عن نفوذها. وعندما بدأ السودان يسير نحو التحول الديمقراطي، تآمرت هذه القوى لإيقافه بأي وسيلة.
جاءت الحرب نتيجة مباشرة لهذا الصراع على السلطة. فقد تمسك قادة الجيش والميليشيات التابعة لهم بمصالحهم الاقتصادية، ورفضوا تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة. وعندما أصبح من الواضح أن التحول الديمقراطي قد يهدد امتيازاتهم، أشعلوا الحرب بذريعة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، رغم أن هذه الأخيرة لم تكن سوى أداة أنشأها نظام البشير نفسه لحماية سلطته.
وهكذا ضاع حلم التحول المدني، وتحولت آمال السودانيين في بناء دولة حديثة إلى كابوس حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس، ودفعت البلاد إلى حافة الانهيار التام.
ديون متراكمة ونهب ممنهج
كان السودان دائمًا بلدًا غنيًا بالموارد، لكن الإسلاميين الذين حكموا تحت راية نظام الإنقاذ جعلوه واحدًا من أكثر الدول فسادًا وفقراً ومديونية في العالم. ارتفع الدين الخارجي من 5 مليارات دولار في الثمانينيات إلى أكثر من 66 مليار دولار اليوم، دون أن تنعكس هذه القروض على حياة المواطنين. ذهبت معظم الأموال إلى جيوب المسؤولين وأمراء الحرب، بينما تدهورت البنية التحتية وانهار الاقتصاد.
مقارنة إقليمية صادمة
بينما تنهار مؤشرات الاقتصاد في السودان، تحقق دول مجاورة مثل إثيوبيا وكينيا قفزات في النمو. ففي الوقت الذي أعلنت فيه إثيوبيا عن امتلاكها لصندوق ثروة سيادي بقيمة 45 مليار دولار، يعاني السودان من شح الموارد، وانخفاض الناتج المحلي الذي وصل إلى أقل من 30 مليار دولار في 2020، مقابل أكثر من 100 مليار في كينيا ونحو 360 مليار في مصر.
التحرير الاقتصادي ونهب ثروات السودان
منذ أواخر الثمانينيات، اعتمد السودان سياسة التحرير الاقتصادي ضمن توصيات صندوق النقد الدولي. لكن بدلاً من تحقيق التنمية، قادت هذه السياسات إلى خصخصة مؤسسات الدولة، وإلغاء الدعم، وخلق طبقة طفيلية مرتبطة بالسلطة.
مراحل التحرير:
• التسعينيات: بيع المؤسسات الحكومية، تضخم، فقر.
• 1999–2011: طفرة نفطية لم تُستثمر.
• 2011–2019: فقدان عائدات النفط، أزمة معيشية.
• 2019–2024: تعويم الجنيه، رفع الدعم، اندلاع الحرب.
النتيجة: تفكك اقتصادي، ارتفاع الفقر، وفقدان الثقة في الدولة.
مآلات الحرب على الاقتصاد السوداني: الانهيار الشامل وأولوية الإعمار
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، دخل الاقتصاد السوداني مرحلة الانهيار الكامل. لم تعد الأزمة مقتصرة على تدهور العملة أو ارتفاع الأسعار، بل أصبحت مسألة بقاء دولة. الحرب دمّرت ما تبقى من البنية التحتية، أوقفت الإنتاج الزراعي والصناعي، ودفعت الملايين للنزوح، وأخرجت مدنًا كبرى مثل الخرطوم من الخدمة الاقتصادية.
أبرز آثار الحرب الاقتصادية:
• تدمير البنية التحتية: الكهرباء، الطرق، الموانئ، المنشآت الحيوية.
• نزيف الموارد البشرية: هجرة الكفاءات، مقتل الآلاف، نزوح الملايين.
• توقف الاستثمار: لا مستثمر محلي أو أجنبي يضخ أموالًا في اقتصاد تحكمه الفوضى.
• انكماش الناتج المحلي: فقد السودان أكثر من نصف نشاطه الاقتصادي خلال أول عام من الحرب.
• ارتفاع التضخم وانهيار العملة: فقد الجنيه أكثر من 90% من قيمته، والأسعار ارتفعت بـ500%.
تكلفة إعادة الإعمار: تقديرات مستحيلة في ظل الحرب
من غير الممكن حتى الآن تقدير تكلفة إعادة إعمار السودان بدقة، لأن الحرب ما زالت مستمرة، والخسائر تتصاعد يوميًا. لكن المؤكد أن الرقم سيكون ضخماً، وقد يصل إلى مئات المليارات من الدولارات.
إعادة الإعمار لن تقتصر على البناء فقط، بل تشمل إعادة تأسيس الدولة من الصفر:
• بنية تحتية جديدة.
• جهاز خدمي فاعل.
• مؤسسات مدنية.
• قطاع إنتاجي قابل للحياة.
• معالجة آثار النزوح والانهيار الصحي والتعليمي.
الحل: وقف الحرب فورًا
لا تنمية بدون سلام. لا اقتصاد في ظل الحرب. لا عدالة اجتماعية بوجود الميليشيات.
وقف الحرب ليس خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية.
استمرار القتال سيحوّل السودان إلى “دولة فاشلة”، ويجعله رهينة للمصالح الخارجية، في وقت لا يملك فيه أي هامش للبقاء على هذا المسار المدمر.
خلاصة: السودان إلى أين؟
بعد عامين من الحرب، وأربعة عقود من الفساد، يقف السودان على حافة الانهيار الكامل. لن يتحسن الحال مالم يتم تفكيك المنظومة التي دمّرت الاقتصاد، وبدء مشروع وطني جامع ينقذ ما تبقى.
السودان لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى إرادة سياسية حقيقية، توقف الحرب، وتعيد بناء الدولة على أسس العدالة والمواطنة والكفاءة. هذا ممكن إذا تم اجتثاث منظومة الفساد، وإعادة هيكلة الاقتصاد لخدمة الناس لا النخب.
المصادر
• البنك الدولي: بيانات الناتج المحلي والديون الخارجية.
• منظمة الشفافية الدولية: مؤشر مدركات الفساد 2020.
• الأمم المتحدة: تقرير الوضع الإنساني في السودان 2023.
• هيومن رايتس ووتش: تقارير الانتهاكات في دارفور والخرطوم.
• معهد صناديق الثروة السيادية (SWFI): بيانات صندوق إثيوبيا.
• دراسات أكاديمية:
o أنور محمد أحمد علي (جامعة النيلين).
o علي الحسن محمد نور (مجلة العلوم الاقتصادية 2022).
o محمد محمود الطيب (مقالات بصحيفة الراكوبة 2017).
o عبدالله إدريس أبكر أحمد (جامعة السودان 2017).
o.sidahmed09@gmail.com