حددت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، جلسة 11 مايو المقبل لنظر الدعوى التي أقامها محامي، وحملت رقم 41878 لسنة 79 قضائية، وطالب فيها بإلغاء ترخيص قناة «الرحمة» الفضائية وحظر صفحاتها على موقع «يوتيوب» ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ما يترتب على ذلك من آثار تشمل وقف البث وتجميد المؤسسة وحظر أنشطتها، وإحالة مذيعيها إلى المساءلة التأديبية.

وأكد مقيم الدعوى أن قناة «الرحمة» الفضائية تعمل على أساس ديني مذهبي، حيث تخصصت في نشر الدعوات السلفية والترويج لشيوخ التطرف واستضافة رموز التطرف السلفي والتكفيري من خارج البلاد، مثل السلفي التكفيري عثمان الخميس من الكويت، الذي اشتهر بخطاب الكراهية والتحريض على العنف.

كما أشار إلى تمجيد القناة للهارب التكفيري السلفي أبو إسحق الحويني، الذي دعا علانية إلى عودة العبودية وسبي النساء والأطفال تحت مسمى الجهاد لتنمية الموارد الاقتصادية للدول التي وصفها بأنها إسلامية.

وأضافت الدعوى أن القناة تروج لأفكار المتطرف السلفي محمد حسين يعقوب، المعروف بزيجاته المتعددة من الفتيات صغيرات السن رغم عدم امتلاكه أي مؤهل علمي سوى دبلوم المعلمين. كما تروج لأفكار محمد حسان، الذي حصل على شهادة دكتوراه وهمية غير معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات، واشتهر بدعواته الجهادية في سوريا التي أودت بحياة العديد من الشباب.

وأكدت الدعوى أن قناة «الرحمة» الفضائية تخالف الدستور المصري الذي ينص على حظر الكيانات الإعلامية القائمة على أساس ديني أو مذهبي.

كما تخالف قانون تنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018 الذي يحظر الترخيص لأي وسيلة إعلامية تقوم على أساس ديني أو تحرض على الكراهية والعنف، بالإضافة إلى مخالفتها لقانون 51 لسنة 2014 الذي يقيد ممارسة الخطابة والدروس الدينية بغير المتخصصين المعينين من قبل وزارة الأوقاف أو وعاظ الأزهر الشريف.

اقرأ أيضاًحدث في نهار رمضان.. فتاة تتهم والدها بهتك عرضها في المطرية

حدث وأنت نائم| الحكم على إبراهيم سعيد بسبب طليقته.. وسقوط عصابة المخدرات بـ 59 مليون جنيه

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مجلس الدولة محكمة القضاء الإداري الأسبوع أخبار الحوادث حوادث الأسبوع حوادث دعوى قناة الرحمة

إقرأ أيضاً:

الإنتلجنتسيا الروسية.. صراع الفكر بين المثالية الثورية والمحافظة الأخلاقية

الكتاب: "الفكرة الروسية ورؤيا دوستويفسكي للعالم"
الكاتب: نيقولاي بِرْدياف
ترجمة: شاهر أحمد تصر ومالك صقور
الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، الطبعة الأولى 2025
عدد الصفحات: 511 من القطع الكبير.

ولادة الإنتيليجنتسيا الروسية

تعد الإنتيليجنتسيا ظاهرة روسية ذات سمات روسية مميزة، لكنها ظلت تشعر بأنها تفتقد إلى الأرضية الاجتماعية. وفقدان تلك الأرضية يمكن أن يكون سمة وطنية روسية. من الخطأ الاعتقاد بأن الولاء لمبادئ الأرضية المحافظة هو الموقف الوطني الوحيد، فالثورية، أيضاً يمكن أن تكون وطنية.

لقد شعرت الإنتيليجنتسيا بالتحرّر من ثقل ضغط التاريخ، الذي تمردت عليه. أظهرت الإنتيليجنتسيا الروسية مقدرتها الاستثنائية في الشغف والحماسة الفكرية. لقد تحمّس الروس إلى هيغل وشيلينغ، وسان سيمون، وفورييه، وفویرباخ، وماركس، تحمساً قل نظيره في أوطان هؤلاء أنفسهم.

إن الروس ليسوا ريبيين (متشككين)، بل عَقَدِيِّينَ، تأسرهم الدوغما (العقيدة)، ويغلب عليهم الطابع الديني، وهم لا يفهمون النسبية جيداً. فالداروينية، التي عرفت في الغرب كفرضية بيولوجية، تمتلك طابعاً عقدِياً في صفوف الإنتيليجنتسيا الروسية، كأنها مسألة خلاص وسبيل إلى الحياة الأبدية، كما تحولت المادية إلى عقيدة دينية، واتهم خصومها في عصر معروف جيداً أنهم أعداء تحرير الشعب.

كل شيء في روسيا يصنف إما في فئة الأرثوذكسية أو الهرطقة (البدع). فالشغف بهيغل اتخذ طابع الولع الديني، وعوّل على الفلسفة الهيغلية أن تقرر مصير الكنيسة الأرثوذكسية. وآمنوا بفلانستير (المدينة الفاضلة) فورييه كوحي لسيادة ملكوت الرب.

إن الروس ليسوا ريبيين (متشككين)، بل عَقَدِيِّينَ، تأسرهم الدوغما (العقيدة)، ويغلب عليهم الطابع الديني، وهم لا يفهمون النسبية جيداً. فالداروينية، التي عرفت في الغرب كفرضية بيولوجية، تمتلك طابعاً عقدِياً في صفوف الإنتيليجنتسيا الروسية، كأنها مسألة خلاص وسبيل إلى الحياة الأبدية، كما تحولت المادية إلى عقيدة دينية، واتهم خصومها في عصر معروف جيداً أنهم أعداء تحرير الشعب.لقد اعتاد الشبان استعمال مصطلحات فلسفة شيلنغ الطبيعية حين يعترفون بالحب. وينطبق الأمر نفسه على الولع بهيغل وبوخنر. لقد اهتم دوستويفسكي كثيراً بمصير المثقف الروسي، الذي يسميه جواب (جوال) المرحلة البطرسبورغية في التاريخ الروسي، وأنه سيكشف عن الأسس الروحية لهذا التجوال.

إن سمات الإنتيليجنسيا المميزة هي: الانشقاق، والتمرد، والتجول، واستحالة المصالحة مع الحاضر، والطموح إلى المستقبل، من أجل حياة أفضل وأكثر عدالة. كما أن شعور تشاتسكي بالوحدة، وفقدان أونيغن وبيتشورين) لتربتهم الاجتماعية هي ظواهر تنبئ بظهور الإنتيليجنتسيا.

يقول الكاتب نيقولاي ألكسندروفيتش بِرديائف: "تنحدر الإنتيليجنسيا من شرائح اجتماعية مختلفة، جاء أغلبها في البداية من النبلاء، ثم أضحت من الروزناتشينيتس، إذ تجد المثقف تارة شخص هامشي، ثم تجده ثورياً ـ تلك هي اللحظات المختلفة لوجود الإنتيليجنتسيا. امتلكنا في ثلاثينيات القرن الماضي، فرصة للخروج من الحاضر، الذي لا يطاق. ترافق ذلك مع يقظة الفكر. وما يدعوه و. فلوروفسكي خطأ بأنه خروج من التاريخ: "التعليم (التنوير)"، والطوباوية، والنهلية (العدمية)، والثورية ـ هي أيضاً فعل تاريخي. التاريخ ليس مجرد عادات وتقاليد، وليس فقط الأمن والحماية(37)..

إن فقدان الأسس له تربته الخاصة، والثورية هي حركة (قاطرة) التاريخ؛ فحينما تشكلت لدينا الإنتيليجنسيا اليسارية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في صيغتها النهائية، اكتسبت طابعاً شبيهاً بالطراز الرهباني. هنا تجلى الأساس الأرثوذكسي العميق للروح الروسية بمغادرتها العالم الغارق في الشر، وبزهدها، ومقدرتها على التضحية وتحمّل الآلام والشهادة. لقد حمت نفسها بالتعصب والتميز الحاد عن بقية العالم. إنها وريثة الانشقاق نفسياً. وبفضل ذلك استطاعت أن تعيش في أثناء الملاحقات. لقد عاشت طوال القرن التاسع عشر في صراع حاد مع الإمبراطورية، وسلطة الدولة. كانت الإنتيليجنسيا هي المحقة في ذلك الصراع، في تلك اللحظة الديالكتيكية في مصير روسيا، لقد تمخضت عن الفكرة الروسية، التي خانتها الإمبراطورية، في توقها للسلطة والعنف.

راديشف هو مؤسس الإنتيليجنسيا الروسية، الذي أبدع وحدد سماتها الرئيسة؛ فحينما كتب في كتابه "رحلة من سانت بطرسبرغ إلى موسكو" قائلاً: "نظرت حولي، فأدمت معاناة البشرية روحي" ولدت الإنتيليجنسيا الروسية.

يقول الكاتب نيقولاي ألكسندروفيتش بِرديائف: "لقد تحدث دوستويفسكي عن الفتية الروس، الذين انشغلوا بمعالجة القضايا العويصة، وفي برلين اهتم تورغينيف بفلسفة هيغل، وعبر عن ذلك قائلاً: "في ذلك الوقت رحنا نبحث في الفلسفة عن حلول لكل شؤون العالم، باستثناء التفكير الخالص". سعى مثاليو الأربعينيات إلى تحقيق تناغم مشاعر الفرد الشخصية.

في الفكرة الروسية، يتفوق العنصر الأخلاقي على الميتافيزيقي، وهي تخفي وراءها ظمأ التوق لتغيير العالم.

فالاهتمام الاستثنائي، في سنوات الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، بفلسفة شيلينغ وهيغل لم يفض إلى تأسيس فلسفة روسية مستقلة. ينبغي أن نستثني عدداً من أفكار السلافويين الفلسفية، لكنهم ليسوا هم من وضعها. كانت الفلسفة مجرد طريق، أو إعادة خلق الروح وتغييرها، أو تغيير المجتمع. إذ عانى كل شيء الانقسام عن الإمبراطورية، وازدادت مسألة الموقف من "الواقع" تعقيداً وصعوبة سنتعرف هنا إلى الدور الذي لعبته فلسفة هيغل(ص75)..

لقد أسهمت الفلسفة المعروفة بالمثالية في الأربعينيات بدور كبير في تشكيل شخصية الإنسان الروسي الأديب المثقف. فقط في الستينيات استبدل الأنموذج "المثالي،" بالأنموذج "الواقعي". لكن ميزات "المثالي" لم تختف قط، حتى حينما بدأ الاهتمام ليس بشيلينغ، ولا بهيغل، بل بالمادية والوضعية. لا توجد حاجة إلى إعطاء كثير من الأهمية للأفكار المثبتة عن طريق الوعي.

يعد غرانوفسكي أكثر النماذج المثالية الإنسانية اكتمالاً. لقد كان شخصاً رائعاً، أثار الافتتان والتأثير الكبير كأستاذ، لكن فكره لم يكن أصلياً كما ينبغي. لقد ظهر الشقاق جلياً بين غرانوفسكي وغير تسن. تعذر على غرانوفسكي المثالي الانتقال من فلسفة هيغل إلى فلسفة فيورباخ، الذي مثل أهمية فائقة بالنسبة إلى غيرتين. أراد غرانوفسكي أن يظل مخلصاً للمثالية، وثمن الإيمان بخلود الروح، فهو معارض للاشتراكية، ويعتقد أنّ الاشتراكية معادية للشخصية الفردية، في حين اتجه غير تسن، وبيلينسكي إلى الاشتراكية والإلحاد. يمتلك كل من غير تسن، وبيلينسكي أهمية مركزية في المصير الروسي؛ إنهما ممثلا التيار اليساري في الغربوية، المفعم باستشراف المستقبل.

يعد بيلينسكي واحداً من أكثر الشخصيات المركزية في تاريخ الوعي الروسي في القرن التاسع عشر. إنه يختلف عن كتاب الثلاثينيات والأربعينيات الروس الآخرين بمنبته الاجتماعي، فهو لم يخرج من بيئة النبلاء، ولم يمتلك ميزات اللوردات التي امتاز بها الأنارخي (الفوضوي) باكونين. إنه أول مثقف أنموذجي بالمعنى الأضيق المنبثق من عامة الشعب، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حينما توقفت ثقافتنا أن تُعدّ ثقافة النبلاء وحدهم حصراً، لقد امتلك بيلينسكي مواهب عظيمة، وحساسية رائعة، واستيعاباً متميزاً، لكنه امتلك معرفة محدودة باللغات، إذ لم يكن يعرف اللغات الأجنبية، ولا اللغة الألمانية تقريباً. فتعلم فلسفة هيغل ليس عبر قراءة كتب هيغل نفسه، إنما عبر المقالات التي كتبها باكونين عن هيغل الذي قرأه باللغة الألمانية. لكن درجة استيعابه بلغت حداً غير عادي لدرجة أنه فهم مقاصد هيغل، واستوعب بمنهجية فيخته، وشيلينغ، وهيغل على التوالي، ثم انتقل إلى فويرباخ والإلحاد المكافح. وسعى بيلينسكي، كمفكر روسي أنموذجي، في جميع مراحل تطوره إلى امتلاك وجهة نظر أيديولوجية كونية عن العالم. لقد تساوى لديه كإنسان مرهف وحساس الإدراك والمعاناة. لقد عاش حصرياً من أجل البحث عن الأفكار، وعن الحقيقة، "دؤوباً، قلقاً ومتسرعاً"؛ فالتهب، مبكراً واحترق.

لقد وصف روسيا بأنها نسيج من جميع العناصر، وأراد هو نفسه أن يصبح نسيجاً من جميع العناصر، لكنه لم يحقق مرامه مباشرة، وظل يسقط باستمرار في مطب الحدود القصوى، إنما بمنهجية، وفي الوقت المناسب. يُعد بيلينسكي أهم ناقد روسي، والناقد الروسي الوحيد الذي امتلك حساسية فنية وشعوراً جمالياً. لكن النقد الأدبي لم يكن بالنسبة إليه سوى شكلاً من أشكال التعبير عن وجهة نظره الأيديولوجية الكونية عن العالم، والنضال في سبيل الحقيقة.

سيصبح الاتجاه اليساري الاشتراكي الغربوي أكثر روسية، وسيتجذر تجذراً أصيلاً في فهم مسارات روسيا أعمق من اتجاه الغربوية الليبرالي الأكثر اعتدالاً، الذي سيصبح عديم اللون أكثر فأكثر. وسيكتشف اتجاه الاشتراكية الشعبوية المنبثق عن الجناح اليساري في اتجاه الغربوية، المسألة الروسية وخصوصية الطرق الروسية، واستبدالها بالطرق الغربية للتطور الصناعي الرأسمالية. سيصبح غيرتين أحد مصادر الاشتراكية الروسية الشعبوية.يقول الكاتب نيقولاي ألكسندروفيتش بِرديائف: "في تلك المرحلة، عُرف الأنارخي (الفوضوي) باكونين بشغفه بالفكرة الهيغلية "الواقعية" العقلانية، وجذب بيلينسكي إلى الشغف بهذه الفكرة. وسنرى أن هيغل لم يكن مفهوماً على نحو صحيح، وأن ذلك الشغف بني على فهم قاصر. فقط في المرحلة الأخيرة، في أواخر حياته، بنى بيلينسكي وجهة نظرأيديولوجية إلى العالم محددة تماماً، وأصبح ممثلاً للحركات الاشتراكية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. إنّه سلف تشير نيشيفسكي المباشر، بل الماركسية الروسية في نهاية المطاف، وهو أقل ميلاً إلى الشعبوية من غير تسن. حتى أنه نادی بالتطور الصناعي. نجد لدى بيلينسكي، عند تطرقه إلى القضايا الاجتماعية، تقييداً للوعي فعلاً، واستبعاده لكثير من القيم، التي أثارت إعجاب الإنتيليجنتسيا الثورية في الستينيات والسبعينيات بدرجة فظيعة. لقد مثل الروسي الحقيقي في انتفاضته ضد روح هيغل المطلقة باسم الإنسان الواقعي المحدد (78).

كما أننا نكتشف الموضوع الروسي نفسه لدى غيرتسن. لقد أثر إعدام الديكابريين تأثيراً قوياً في صياغة وجهات نظره. يمتلك غيرتسن أهمية كبيرة في موضوع التأريخ الروسي؛ وهو إن لم يكن أعمق، فهو الأكثر روعة بين أناس الأربعينيات. إنه الممثل الأول للمهاجرين الثوريين. لقد عاش الغربوي (نصير الغرب الروسي هذا خيبة أمل عميقة في أوروبا الغربية. لم يعد ممكناً، أن يبقى تيار الغربوية على النحو الذي وجد فيه في الأربعينيات بعد تجربة غيرتسن؛ إذ سيناصر الماركسيون الروس الغربوية بمعنى مختلف، وستكتشف في ماركسية الشيوعيين بعض سمات المسيانية الروسية. وسيتلاقى تيار الغربوية مع السلافوية في شخص غيرتين، وسيحدث الأمر نفسه مع فوضوية (فوضوية) باكونين السياسية.

عموماً، سيصبح الاتجاه اليساري الاشتراكي الغربوي أكثر روسية، وسيتجذر تجذراً أصيلاً في فهم مسارات روسيا أعمق من اتجاه الغربوية الليبرالي الأكثر اعتدالاً، الذي سيصبح عديم اللون أكثر فأكثر. وسيكتشف اتجاه الاشتراكية الشعبوية المنبثق عن الجناح اليساري في اتجاه الغربوية، المسألة الروسية وخصوصية الطرق الروسية، واستبدالها بالطرق الغربية للتطور الصناعي الرأسمالية. سيصبح غيرتين أحد مصادر الاشتراكية الروسية الشعبوية.

لقد طور غيرتسن وتيار الاشتراكية الشعبوية فكرة تشادايف القائلة إن الشعب الروسي، الأكثر تحرّراً من ضغط عبء التاريخ العالمي، يمكن في المستقبل أن يخلق عالماً جديداً. إن غيرتسن هو أول من أعلن الانتفاضة الروسية ضد النزعات البرجوازية الصغيرة في الغرب، ورأى خطر تلك النزعات في الاشتراكية الغربية نفسها. إنما هذه لم تكن فكرة الاشتراكية الشعبوية وحدها، إذ امتلكت هذه الفكرة عمقاً كبيراً، لم تسبر أغواره فلسفة غيرتسن السطحية نفسه، لقد كانت فكرة روسية مرتبطة بالمسيانية الروسية.

لقد سار غيرتين عبر فلسفة هيغل مثله مثل جميع مثقفي الأربعينيات، وهو واحد من أوائل الذين وصلوا إلى فيورباخ، وتوقف عنده. هذا يعني أنه كان قريباً من الفلسفة المادية، وإن لم يكن عميقاً، وملحداً، إنما بدلاً من ذلك، سنصفه بأنه إنساني ـ شكاك. لم يكن بطبعه مؤمناً، متحمساً، مثل بيلينسكي، إذ لم يعد المادية والإلحاد ديناً.

إن اشتراكية غيرتسن اشتراكية شعبوية فضلاً عن أنها فردية، فهو لم يميز بعد بين الفردية والشخصية "لقد ذابت شجاعة الفرسان، وأناقة العادات الأرستقراطية، والتراتبية البروتستانتية الصارمة، واستقلالية البريطاني المتعجرفة وحياة الفنانين الإيطاليين الفاخرة، والذهن الموسوعي المتلألئ، وطاقة الإرهابيين القائمة، وانصهر كل ذلك ليولد مجموعة أخرى من العادات البرجوازية الصغيرة ضيقة الأفق المهيمنة." "وكما كان الفارس هو الأنموذج الأولي للعالم الإقطاعي، فإن التاجر أصبح هو الأنموذج الأولي للعالم الجديد؛ فاستبدل الملاك بالسيد". "لقد تغير كل شيء في أوروبا بسبب تأثير البرجوازية الصغيرة؛ إذ استبدل شرف الفروسية بأمانة المحاسبة، والعادات الإنسانية بعادات الموظفين التراتبية الهرمية واللطافة بالصرامة، والفخر بالاستياء والحدائق بالجنائن المسورة، والقصور بالفنادق المفتوحة للجميع (أي للجميع الذين يمتلكون المال).

اقرأ أيضا: الروح الروسية بين الشرق والغرب.. كتاب يرصد تطور الفكر الروسي ومصيره

مقالات مشابهة

  • الإنتلجنتسيا الروسية.. صراع الفكر بين المثالية الثورية والمحافظة الأخلاقية
  • مجلس الدولة يحدد 11 مايو لنظر دعوى تطالب بإلغاء ترخيص فضائية “الرحمة”
  • 19 أبريل.. مجلس الدولة ينظر دعوى لفتح البارات والملاهي والسماح ببيع الخمور في رمضان
  • ناسا تحدد موعدا جديدا لعودة روادها “العالقين” في المحطة الفضائية إلى الأرض
  • المحطة الفضائية الدولية دارت 150 ألف مرة حول الأرض
  • كبسولة فى قانون.. إجراءات دعوى تثبيت الملكية
  • "فك كربة".. نافذة أمل في شهر الرحمة
  • بنكيران: الملك رفع عنا الحرج بإلغاء ذبح أضحية العيد
  • إعلام إسرائيلي: عائلات المحتجزين تطالب بإلغاء قرار قطع الكهرباء عن غزة