الراحل عمر محجوب التنقاري كان معلما في الزمن الجميل زانه علم وحسن حديث وأناقة في المظهر والمخبر وبراعة في طرق التدريس !!..
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
منذ أن عرفناه تميز الراحل عمر التنقاري بحسن الهندام سواء كان بالزي البلدي أو الافرنجي مع جودة الكلام والصوت الهادئ المقرون بالرزانة والوقار والعمق والدفيء وطيب المعاني وهذا العشق عنده للترتيب والنظام ووضع الأمور في نصابها في إتقان واتزان !!..
قبل أن يشد الرحال الي مصر المحروسة لإكمال دراسته الثانوية والدخول الي كلية دار العلوم كان له في المسلمية شأن واي شأن فقد وضعهم هو وزملاء له شيخنا العلامة الفضيل حامد النذير في طريق اللغة العربية الصحيح والدراسات الاسلامية المعمقة وهم بعد في مرحلة الوسطي في المعهد العلمي الذي كان مديره ومعه ثلة من المعلمين الاخيار المتمكنين من لغة الضاد والفقه وأصول الدين .
حدثني الأستاذ كمال كوكو استاذ اللغة الإنجليزية في الكاملين الثانوية وهو من أبناء الكاملين أن الراحل عمر التنقاري إبان انتدابهم للعمل في ليبيا تعرف عليه عن قرب وأكثر شيء أعجبه في الراحل عمر هو تلك المقدرة العجيبة في ارتجال الخطاب دون ورقة أو اي عامل مساعد وهي مهمة تحتاج إلي حضور كامل وفكر حاضر وحسن تصرف وبلاغة وشجاعة وثقة كبيرة في النفس ومعرفة المرء بقدراته وملكاته الكامنة فيه ليتحف الحضور بسحر بنت عدنان وجاذبيتها التي شع نورها وغمر الأكوان !!..
كانت المسلمية تنتظره وهو يعود إليها في إجازته من القاهرة ويوم يصعد المنبر بعد صلاة الجمعة يحدث المصلين عن العلم النافع بلغة تهفو لها القلوب بما فيها من سحر البيان والكلم منه ينحدر عفو الخاطر سلسبيلا مثل الغيث الهطال !!..
وكم هي محظوظة المسلمية بأبنائها البررة الذين درسوا في جامعات مصر وازهرها الشريف ومنهم الأستاذ الراقي ابراهيم محمد حسن وكانت له أيضا صولات وجولات في المنابر وكانت الجموع تنظره بفارغ الصبر لتري البلاغة والفصاحة والنباهة تقف أمامهم علي رجليها في مسجد المسلمية العتيق وكان هنالك أيضا الأستاذ صديق ابراهيم عمر الذي عمل في معظم المدارس الثانوية في السودان وعمل في جامعة أم درمان الأهلية بكل مايحمل من علم ثر في لغة الضاد والفقه وأصول الدين .
كانت لنا مدارس ثانوية مليء السمع والبصر ومنها المدارس القومية الشهيرة وادي سيدنا وحنتوب وخور طقت وكان المعلم كالجندي جاهزا للعمل في أي بقعة ينقل إليها حتي ولو كانت منطقة شدة يمكن أن يقل فيها الماء !!..
عمل الراحل في مدرسة أم كدادة في دارفور الحبيبة ومن الطرائف التي أوردها عن فترة إقامته هنالك أن الماء يتجمد في الازيار في فصل الشتاء وان المسافرين في تلك الربوع إذا باغتتهم عاصفة باردة فليس لهم من الأمر شيء سوي شق حفرة عميقة يدخلون فيها اتقاءا لشرها حتي لا تتيبث أطرافهم ويحصل لهم ما لم يحمد عقباه .
وفي خورطقت المدرسة القومية العريقة قضي اجمل الاوقات وعندما دنا موعد النقل منها الي العاصمة الخرطوم وفي حفل الوداع ارتجل زميل له من المعلمين خريدة عصماء من الشعر الرصين يعدد فيها طيب المعشر وحسن الزمالة والبذل السخي والعطاء الثر الذي كان كان الراحل أحد فرسانه تجاه الطلاب الذين كانوا يكنون له قمة الاحترام .
تحتفظ اختنا العزيزة صفية فضل الله عبد الرحمن قرشي حرم الراحل في ركن هاديء من ذاكرتها والي اليوم رغم تعاقب الأعوام بكافة مفردات هذه القصيدة وترتجلها بكل حماس كلما حانت ذكري مناسبتها التي جسدت قمة الوفاء بين المعلمين في ذاك الزمان الطيب لبعضهم البعض .
وصل الراحل الي مدرسة أم درمان القديمة وكيلا للناظر وكلكم يعرف أن الأستاذة فاطمة طالب الغنية عن التعريف هي التي سودنت وظيفة الناظر بها بعد حمل الاستعمار عصاه ورحل !!..
الأستاذة رشا خريجة القانون والإعلامية الضليعة خاصة في البرامج الحوارية التي تحتاج إلى ملكة في اللغةوحضور ذهني وفكر متقد وتوفر في المعلومة وثقة بالنفس وشجاعة أدبية بلا حدود وهي ابنة الراحل كانت من ضمن طالبات المدرسة إبان تقلد والدها منصب الوكيل وقد عرف عنها وهي طالبة بعد فن القيادة وجودة الخطابة مثل والدها تماما الذي أخذت منه الكثير .
يذكر للراحل مساهماته الكريمة في تأسيس الفصول المسائية للذين لم يجدوا حظهم في الالتحاق بالفصول الصباحية وكانت إدارة هذه الفصول تتعامل معهم علي قدم المساواة برصفايهم النظاميين والرسوم كانت رمزية لا عنت ولا مشقة في تسديدها وقد نجحت هذه الفصول بسبب تفاني وهمة المعلمين الذين كانوا يؤدون هذه الرسالة في تجرد ونكران ذات سائلين الله سبحانه وتعالى أن يمدهم بعون من عنده سبحانه وتعالي .
وكان الراحل من المشرفين علي رحلات المعلمين لمصر وقد استفدت شخصيا من هذه الرحلات وحسنا فعل مستشفي المعلمين هنالك بتوفير الخدمة العلاجية لنا بأسعار رمزية أسوة بأهل البلاد من قبيلة المعلمين ولك أن تتصور أن مقابلة الاخصائيي ويكون غالبا من الأسماء المعروفة بواحد ريال فقط أي عشرة قروش كما أن الرحلة علي متن ناقلنا الوطني الخطوط الجوية السودانية المعروفة بسفريات الشمس المشرقة كانت ذهابا وإيابا الي القاهرة بخمسين جنيه فقط لا غير .
رحم الله سبحانه وتعالى الراحل المقيم عمر محجوب التنقاري وأدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا والبركة إن شاء الله سبحانه وتعالى في أبنائه دكتور خالد اخصائي الدوبلار والموجات الصوتية والأستاذ الجامعي ، الدكتور محمد نابغة الرياضيات والاستاذ الجامعي أيضا وأحمد ومحمود الذين نشطا في مجال التجارة والاقتصاد ورشا التي تفوقت في مجال الإعلام وتركت بصمتها علي الشاشة وعلي المايكروفون.
البركة إن شاءالله في حرم الراحل صفية فضل الله عبد الرحمن قرشي وقد تحملت العبيء الكبير بعد رحيل زوجها وشمرت عن ساعدها ولم تدخر وسعا في أن تري أبنائها أسماء في حياتنا ولم يخذلوها وقد كانوا عند حسن الظن حفظهم الله سبحانه وتعالى وسدد خطاهم في طريق الخير والصلاح الذي مشي فيه الراحل والدهم عمر محجوب التنقاري.
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الله سبحانه وتعالى الراحل عمر
إقرأ أيضاً:
اللجنة الدولية للصليب الأحمر: الوضع بغزة سيظل يطاردنا عقودا من الزمن
اعترف المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر بيير كرينبول أن الوضع في غزة سيظل يطارد العالم عقودا من الزمن، وقال إن منظمته تواجه مشاكل تمويلية خطيرة، مشيدا بأهمية دور القانون الإنساني الدولي رغم انتهاكه باستمرار.
وأوضح كرينبول -في مقابلة مع صحيفة لوتان- أن منظمته التي تأثرت بشكل خاص بانخفاض إسهامات المانحين الأوروبيين والأميركيين لم تتأثر حتى الآن بالتخفيضات التي أجرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نخاف حتى من التنفس.. سكان من مالي يتحدثون عن فاغنرlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: نتنياهو هو العدو وحرب غزة لم تقتل إلا المدنيينend of listولأن التمويل القادم من الولايات المتحدة يغطي ربع نفقاتها السنوية، تدرك اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تأثير خسارة هذه المساهمة سيكون كبيرا، وهي لذلك تتحاور مع واشنطن وتسعى لاتخاذ إجراءات وقائية من خلال تجميد التوظيف الجديد.
وفي ظل تراجع تمويل المساعدات الإنسانية، أبدى كرينبول تفهمه لضرورة أن تراجع المؤسسات الخيرية نفسها وتعقلن عملها. وأشار إلى ضرورة مساءلة العاملين في المجال الإنساني عن أفعالهم، وقال إنه يتعين عليهم أن يفعلوا المزيد بموارد أقل.
يجب منع الحروب
ولكن رئيس منظمة الصليب الأحمر يرى أنه يجب على الدول أن تكون متسقة، وأن لا تكتفي بالتعامل مع الصراعات وتركها تتطاول مع محاولة توفير المساعدات الإنسانية، بل ما يحتاج إليه العالم حقيقة هو أن تسعى الدول إلى حل الصراعات، والاستثمار أكثر في الوقاية.
إعلانوعند سؤاله عن إلغاء سويسرا مؤتمرا حول تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يعنيه ذلك، تهرب رئيس كرينبول من الإجابة بأن منظمته لم تشارك في تنظيم هذا المؤتمر، مشيرا إلى أنها قامت بحوار متعدد الأطراف، وأكدت للدول الأطراف في اتفاقيات جنيف أن القانون الإنساني يخلق في الواقع جسورا للتغلب على الانقسامات السياسية.
ونظرا للفظائع التي ارتكبت في مناطق الحروب بما فيها غزة، يرى كرينبول أن الرأي العام فقد الأمل في فاعلية القانون الإنساني، واعترف بأن القانون الإنساني كثيرا ما ينتهك، ولكنه عندما يحترم يساعد على إنقاذ الأرواح وتوفير الوصول إلى المعتقلين، والمساهمة في إطلاق سراح الرهائن، وهي أمور ضرورية وإن لم تكن كافية.
أما بخصوص كيفية تعامل اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع حالة عدم الاستقرار العامة، فأشار كرينبول إلى أنهم أصيبوا بالصدمة، وقال "نشعر بالغضب المستمر بسبب المعاناة الإنسانية ونعمل على تعبئة الجهود للاستجابة لها".
في الجحيم المطلقوضرب المدير العام للمنظمة المثال بغزة قائلا "حاول أن تتخيل ولو لثانية واحدة ما الذي يعيشه أهل غزة. على مدى 18 شهرا، هُجّرت العائلات الفلسطينية من منازلها، وقتلوا جراء القصف، وأصيبوا، وبترت أطرافهم وكان لديهم نظام صحي دمر بالكامل تقريبا. تفاقمت صدمة سكان غزة من الحرب الوحشية. اليوم نحن في الجحيم المطلق. لم يعد الناس يعرفون كيف يتصرفون، ولا كيف يوفرون الرعاية لأطفالهم أو لكبار السن. هناك آلاف من الأشخاص المفقودين الذين لا نعرف عنهم شيئا".
وأضاف كرينبول "أقول في كثير من الأحيان للدبلوماسيين وممثلي الدول إن الوضع في غزة سوف يطاردنا عقودا من الزمن، لأنه لن يستطيع أحد أن يقول إننا لم نكن على علم به. جميع المعلومات متوفرة، والصور موجودة. إذا كانت غزة نذيرا لكيفية خوض الحرب في المستقبل، فإن أسس إنسانيتنا أصبحت على المحك".
إعلانوتساءل مدير اللجنة الدولية "إذا كنا نشاهد مثل هذه الفظائع على الرغم من وجود القانون الإنساني، فلماذا يجب أن نهتم به؟"، ليرد بالقول إن اتفاقيات جنيف لم تكن نتيجة عصف ذهني عام بين الإنسانيين والمثاليين، بل هي نتيجة مفاوضات بين العسكريين والدبلوماسيين والسياسيين الذين نجوا من أهوال الحرب العالمية الثانية، "لأنهم أدركوا القدرة اللامحدودة التي يتمتع بها البشر على إلحاق أسوأ الأهوال ببني جلدتهم".
وذكر كرينبول أن منظمته تمكنت، رغم الظروف الصعبة للغاية، من تقديم الدعم الطبي من خلال مستشفاها الميداني الذي أنشأته في رفح العام الماضي، وقال إنه مكّن من إجراء آلاف الاستشارات وآلاف التدخلات الجراحية، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه سكان غزة الآن هو الوصول إلى المستشفى.