صانع السلام.. كيف أصبحت السعودية وقطر مفتاح حل الأزمات في المنطقة؟
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات متسارعة، ومع هذه التحولات برزت السعودية وقطر كفاعلين رئيسيين في جهود الوساطة وإبرام اتفاقيات السلام.
وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تسعى كل من الرياض والدوحة إلى تعزيز نفوذهما الإقليمي والدولي من خلال لعب دور الوسيط بين الأطراف المتصارعة، لكن دوافع كل دولة وأسلوبها في الوساطة يختلفان بناءً على عوامل سياسية واقتصادية وتاريخية.
السعودية: من المواجهة إلى الوساطة
تستضيف السعودية لقاء بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين، في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، وهو امتداد لدورها المتنامي كوسيط دولي.
ويتمتع ولي العهد محمد بن سلمان بعلاقات قوية مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإدارة الأمريكية، ما يضع المملكة في موقع مؤهل لقيادة هذه الجهود.
في السنوات الأولي لظهور بن سلمان لم يكن هذا النهج هو السمة الدائمة للدبلوماسية السعودية، إذ أن المملكة اتسمت خلال العقد الماضي بسياسات توصف أحيانًا بالتصادمية.
بداية من انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، التي دخلت خلالها الرياض بشكل مباشر في الحرب اليمنية لدعم الحكومة الشرعية ضد الحوثيين، ما أدى إلى صراع طويل الأمد ألقى بظلاله على سمعة المملكة الدولية.
وزير الحرس الوطني أثناء زيارته لواء الأمير تركي بن عبدالعزيز الأول الآلي بعد إنتهاء مشاركتهم في عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل.
.#الحرس_الوطني #عاصفة_الحزم
. pic.twitter.com/Apdq7AzG0S — أخبار السعودية (@SaudiNews50) March 27, 2019
كما شهدت السنوات اللاحقة سلسلة من الأحداث التي أثارت انتقادات دولية، مثل أزمة احتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عام 2017، ومقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
أثرت تلك الوقائع على صورة السعودية، مما دفع القيادة السعودية إلى إعادة صياغة سياستها الخارجية، والبحث عن دور أكثر دبلوماسية يُبرزها كصانعة سلام بدلاً من طرف في النزاعات.
ومن جانبه قال الباحث لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن بول سالم لـ"بي بي سي" إن "الأعوام الأولى من قيادة محمد بن سلمان اتسمت بالتوتر، لكن القيادة السعودية أدركت لاحقًا أن بإمكانها تحقيق مكاسب أكبر عبر لعب دور الوسيط في السلام بدلاً من الانخراط في الصراعات."
قطر: دبلوماسية الوساطة كخيار استراتيجي
وفي الجانب الأخر، لم يكن دور قطر كوسيط للسلام وليد اللحظة، بل هو جزء من سياستها الخارجية منذ أكثر من عقدين، وقد لعبت الدوحة دورًا رئيسيًا في التوسط لاتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس في غزة، كما ساهمت في اتفاقات سابقة بين الفصائل الفلسطينية.
التوسط في اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة لم يكن البداية حيث شهد عام 2020، نجاح قطر في التوسط بين حركة طالبان والولايات المتحدة، مما أسهم في انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد حرب استمرت نحو 18 عامًا.
بعد 19 عاماً من الحرب الداميه ومقتل عشرات آلاف المدنيين الأفغان وآلاف الجنود الأمريكان.#طالبان وأمريكا يوقعان إتفاقية سلام في #قطر تقضي بإنسحاب القوات الامريكيه من #أفغانستان خلال 14 شهرا.
وسقط الشعار الأمريكي
(لا نفاوض إرهابيين )#Taliban #AfghanPeaceProcess pic.twitter.com/olDvN4nqTm — ضياء بن سعيد | DHIYA (@msafr2002) February 29, 2020
وساعدت في إبرام اتفاقات سلام في إفريقيا، مثل اتفاق وقف إطلاق النار في تشاد عام 2022، واتفاق سلام دارفور عام 2010.
وفقًا للمحلل السياسي إتش أيه هيلير، فإن السبب يعود جزئيًا إلى موقع قطر الجغرافي ومواردها الطبيعية، خصوصًا حقل غاز الشمال المشترك مع إيران.
هذا الحقل العملاق جعل قطر بحاجة إلى استقرار علاقاتها مع جيرانها، بما في ذلك إيران، ما دفعها إلى تبني سياسة خارجية مرنة تعتمد على بناء علاقات مع جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات التي تُعتبر "غير تقليدية" في المشهد السياسي الدولي، مثل طالبان وحماس والإخوان المسلمين.
الاختلاف بين الرياض والدوحة
ورغم أن كلا الدولتين الخليجيتين تسعيان لدور الوسيط، فإن هناك اختلافات جوهرية في أسلوب الوساطة بينهما، حيث تركز السعودية على التعامل مع الحكومات والجهات الرسمية، بينما تبني قطر علاقاتها مع الأطراف غير التقليدية، مثل الجماعات المسلحة أو الحركات الإسلامية.
يقول بول سالم: "السعودية تفضل التعامل مع اللاعبين التقليديين، بينما قطر تتميز بعلاقاتها مع الأطراف غير التقليدية، وهو ما يمنحها قدرة على التفاوض في أزمات معقدة مثل ملف طالبان أو الصراع الفلسطيني."
تسبب هذا الاختلاف في التوتر بين البلدين، خصوصا خلال ما يعرف بـ"أزمة الخليج" عام 2017، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر متهمة إياها بدعم جماعات متطرفة.
وساطة لتعزيز النفوذ
تبذل كل من السعودية وقطر جهودا كبيرة من خلال تلك الوساطات وذلك لتحقيق طموحاتهما الإقليمية والدولية، حيث تسعى السعودية، إلى تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط من خلال "رؤية 2030"، تدرك أن تحسين صورتها كقوة دبلوماسية فاعلة سيجذب الاستثمارات ويعزز مكانتها العالمية.
من جانيها تسعي قطر، إلى تعزيز أمنها الإقليمي في ظل الجغرافيا السياسية المعقدة لمنطقة الخليج، فترى في دبلوماسية الوساطة وسيلة لحماية نفسها وضمان استقرارها، إضافة إلى تعزيز نفوذها في الملفات الدولية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية السعودية السلام قطر غزة وقف إطلاق النار السعودية غزة قطر اوكرانيا السلام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
عشية مباحثات مع الأميريكيين في السعودية.. زيلينسكي: أوكرانيا تريد السلام مع موسكو
عواصم " وكالات": أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الإثنين أن كييف تريد السلام مع روسيا التي حمّلها المسؤولية عن عدم تحقيق ذلك، عشية مباحثات بين مسؤولين أوكرانيين وأمريكيين للبحث في تسوية للحرب بين كييف وموسكو في المملكة العربية السعودية اليوم.
وقال الرئيس عبر منصات التواصل الاجتماعي "أوكرانيا تبحث عن السلام منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب"، في إشارة الى التدخل الروسي في اوكرانيا منذ مطلع العام 2022.
وأضاف "لقد قلنا دائما إن روسيا هي السبب الوحيد لاستمرار الحرب".
وسيكون اجتماع اليوم هو الأول بين مسؤولين أوكرانيين وأمريكيين منذ المشادة الكلامية الصادمة بين زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نهاية فبراير الماضي في البيت الأبيض.
وعلقت واشنطن بعد ذلك المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخبارية معها، فيما تحاول كييف إصلاح الأمور مع ترامب.
وتبدلت العلاقات بين واشنطن وكييف في شكل جذري في غضون أسابيع قليلة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير، وتكراره مواقف تعكس الى حد كبير وجهة النظر الروسية.
وأشادت أشادت روسيا بالمواقف الأمريكية المستجدة، معتبرة أنها تتوافق بشكل كبير مع وجهة نظرها.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف اليوم الإثنين إن روسيا لا تتوقع مخرجات محددة أو ملموسة من اجتماع الأمريكيين والأوكرانيين في السعودية.
ورجح في تصريحات للصحافيين، أن تكون الولايات المتحدة تنتظر أن يؤكد لها الأوكرانيون أنهم مستعدون للسلام.
وقال بيسكوف "على الأرجح هذا هو بالفعل ما ينتظره الجميع".
وتؤكد كييف أنها ترغب في سلام عادل ومستدام يضع حدا للحرب التي بدأتها روسيا مطلع العام 2022، مع ضرورة أن يقترن أن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، بضمانات أمنية غربية تردع روسيا عن مهاجمتها مرة أخرى.
الكرملين: الطريق أمام استعادة العلاقات الروسية الأمريكية صعب
وفي سياق العلاقات بين موسكو وواشنطن، اكد الكرملين اليوم الاثنين إن روسيا ترى أن استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة مهمة طويلة وشاقة لكنها تعتقد أن هناك إرادة سياسية لدى الجانبين للمضي قدما.
وأثارت تحركات سريعة نفذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعي لتقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلق أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "نحن في المرحلة الأولية من الطريق لاستعادة علاقاتنا الثنائية. الطريق أمامنا طويل ووعر للغاية، لكن على الأقل عبر الرئيسان عن إرادة سياسية في هذا الاتجاه".
وأضاف أنه من المهم تحديد ما إذا كانت أوكرانيا تريد السلام حقا أم لا. بالمقابل، يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه مستعد للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن، ويسعى للحصول على ضمانات من الولايات المتحدة وأوروبا لدعم الأمن المستقبلي لبلاده.
من جهة اخرى، أعلن جهاز الأمن الفدرالي الروسي اليوم الإثنين سحب اعتماد اثنين من الدبلوماسيين البريطانيين، في خطوة اعتبرت لندن أنها تستند الى اتهامات "خبيثة ولا أساس لها".
وأكدت موسكو طرد ألكش أوديدرا، مشيرة الى أنه السكرتير الثاني في السفارة، ومايكل سكينر التي أفادت بأنه زوج السكرتيرة الأولى للبعثة الدبلوماسية.
وأوضح الجهاز أن نشاط مكافحة التجسس الذي قام به "كشف عن وجود استخباري بريطاني غير معلن تحت ستار السفارة".
وأكد أنه توصل الى "مؤشرات تدل على أن هذين الدبلوماسيين يقومان بنشاط تخريب واستعلام يهدد أمن الاتحاد الروسي"، مشيرا الى أنهما "قاما عمدا بتوفير معلومات خاطئة عند الحصول على إذن لدخول بلادنا، وبالتالي خالفا القوانين الروسية".
وفي تعليق على الإجراء الروسي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية "هذه ليست المرة الأولى توجه فيها روسيا اتهامات خبيثة ولا أساس لها بحق موظفينا".
وقامت وزارة الخارجية الروسية بسحب اعتماد الدبلوماسيين المذكورين، وأمرتهما بمغادرة الأراضي الروسية خلال أسبوعين كحد أقصى، بحسب جهاز الأمن.
وأكدت الوزارة بدورها على تلجرام أنها استدعت ممثلا عن السفارة على خلفية هذه المسألة.
وشهدت العلاقات بين موسكو ولندن توترات بسبب قضايا أمنية وتجسسية منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين زمام الأمور في روسيا قبل ربع قرن.
واتهمت المملكة المتحدة موسكو بقتل العميل الروسي السابق المناهض للكرملين ألكسندر ليتفيننكو عبر تسميمه في لندن عام 2016.
وفي 2018، قامت لندن وحلفاؤها بطرد عشرات الدبلوماسيين الروس على خلفية اتهامهم بالتجسس، إثر محاولة قتل العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال عبر تسميمه في بريطانيا.
والجمعة الماضي، دانت هيئة محلفين في محكمة بريطانية ثلاثة بلغاريين لضلوعهم في شبكة تجسس في المملكة المتحدة استهدفت صحافيين ومررت معلومات حساسة الى روسيا على مدى ثلاثة أعوام.
ويأتي الإعلان الروسي عن طرد الدبلوماسيَين في وقت تشهد الديناميات المرتبطة بحرب أوكرانيا تحولات عميقة. وركزت موسكو خلال الأسابيع الماضية انتقاداتها على الدول الأوروبية عوضا عن الولايات المتحدة، بعدما بدأت واشنطن تقاربا مع موسكو تخلله إطلاق مباحثات مباشرة معها سعيا للتوصل الى تسوية للحرب التي بدأت مطلع 2022.
من جهتها، نددت المملكة المتحدة اليوم الإثنين بإعلان روسيا طرد اثنين من دبلوماسييها بسبب التجسس، معتبرة أن الخطوة استندت الى اتهامات "خبيثة ولا أساس لها".
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية "هذه ليست المرة الأولى توجه فيها روسيا اتهامات خبيثة ولا أساس لها بحق موظفينا"، بعدما سبق للبلدين تبادل طرد الدبلوماسيين في مراحل مختلفة من الأعوام الماضية.
ترامب يلمح إلى إمكانية عودة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا
وفي البيت البيضاوي، المح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إمكانية رفع تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية العسكرية مع أوكرانيا، بحسب ما ورد، وذلك قبل محادثات بين البلدين في الأيام المقبلة.
وتوترت العلاقات بين واشنطن وكييف في الأسابيع الأخيرة بعد الصدام بين دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، ثم تعليق الولايات المتحدة للمساعدات العسكرية وتعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، وفقا لوكالة بي إيه ميديا البريطانية.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان سينهي هذا التعليق، قال ترامب للصحفيين امس "لقد أوشكنا على ذلك".
يأتي ذلك في الوقت الذي كان فيه مستشار الأمن القومي البريطاني يزور كييف امس لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين قبيل المحادثات المرتقبة اليوم الثلاثاء بين المسؤولين الأوكرانيين والأمريكيين بهدف إنهاء الحرب.
والتقى جوناثان باول مع أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس في أوكرانيا. وفي منشور على موقع إكس، قال يرماك إنهما "تبادلا وجهات النظر حول القضايا الرئيسية على طريق تحقيق السلام".
ايرلندا: أمريكا "شريك لا غنى عنه في وقت الخطر الكبير"
من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن إن الولايات المتحدة تظل "شريكا لا غنى عنه في وقت يشهد خطرا كبيرا في العالم"، وذلك أثناء سفره عبر المحيط الأطلسي في جولة تستمر لمدة أسبوع.
وذكرت وكالة بي إيه ميديا البريطانية أن مايكل مارتن سيزور مدينة أوستن، بولاية تكساس الأمريكية، قبل أن يتوجه إلى واشنطن العاصمة لحضور الاحتفالات التقليدية بعيد القديس باتريك في العاصمة الأمريكية.
ومن المقرر أن يعقد اجتماعا ثنائيا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء المقبل.
ومن المتوقع أن يناقش الزعيمان مجموعة من القضايا، بما في ذلك العلاقات بين الولايات المتحدة وأيرلندا، والشراكة الاقتصادية، والحرب في أوكرانيا، والأوضاع في الشرق الأوسط وأيرلندا الشمالية.
الى ذلك، أعلن الرئيس البولندي المحافظ أندريه دودا امس أنه يجب إشراك حلف شمال الأطلسي (ناتو) في حال حصول عملية انتشار لقوات أوروبية في أوكرانيا لضمان أي وقف محتمل لإطلاق النار بين كييف وموسكو.
وفي مقابلة مع قناة "إل سي آي" الفرنسية، قال الرئيس المقرب من حزب المعارضة القومي "القانون والعدالة"، والذي لم يُخفِ أبدا إعجابه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن "قرارا كهذا يجب أن يُتخذ في إطار حلف شمال الأطلسي إنه قرار مهم جدا ويذهب بعيدا جدا".
وقد أثيرت فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا في مناسبات عدة، ولا سيما خلال الأسابيع الأخيرة، على خلفية حصول تقارب بين موسكو وواشنطن. وتشارك باريس ولندن خصوصا في مناقشات حول تنفيذ مثل هذا الخيار.
وذكّر الرئيس البولندي بأنه اقترح فكرة أن يتمكّن حلفاء أوكرانيا من "إطلاق صواريخ من أراضي دول حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك بولندا، لحماية الأجواء الأوكرانية من الهجمات" الروسية. وأضاف "لكن في الوقت الحالي، لم نتوصل إلى اتفاق" داخل الناتو.
وأشارت وارسو إلى أنها تعمل في شكل مستمر على إيصال المساعدات الغربية إلى أوكرانيا. ولفت الرئيس إلى أن "الأراضي البولندية هي قناة النقل لكامل أوكرانيا".
وقال "الطريق السريع الوحيد الذي يربط أوروبا بأوكرانيا يقع على أراضينا. وخط السكك الحديد الوحيد أيضا. ولدينا كذلك مطار دولي يقع في أقرب نقطة ممكنة من الحدود الأوكرانية، حيث يمكن مواصلة إيصال الإمدادات من كل أنحاء العالم إلى أوكرانيا".
في الاثناء، اعرب أنتوني ألبانيزي رئيس الوزراء الأسترالي، عن استعداد بلاده للنظر في المشاركة بمهمة حفظ سلام في أوكرانيا، في حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.
يأتي هذا الإعلان في ظل جهود أوروبية، تقودها فرنسا وبريطانيا، لتشكيل قوة أوروبية تهدف إلى منع الهجمات الروسية على المدن والموانئ والبنية الأساسية الأوكرانية بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأكد ألبانيزي، عقب محادثات مع نظيره البريطاني كير ستارمر، على دعم بلاده القوي لأوكرانيا، مشيرا إلى أن المشاركة في مهمة حفظ سلام ستكون خيارا واردا. ومع ذلك، شدد على أن الوقت لا يزال مبكرا لمناقشة نشر قوات أسترالية، مؤكدا على أنه "لا يمكن أن تكون هناك بعثة لحفظ السلام، دون وجود سلام ".
وجاءت هذه التصريحات في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة، ورئيسها دونالد ترامب، إلى التوسط في اتفاق سلام بين كييف وموسكو، وسط تساؤلات حول طبيعة القوة الأوروبية المقترحة ودورها في مراقبة وقف إطلاق النار. وفي خطوة أخرى، أعلنت أستراليا عن إرسال ممثل رفيع المستوى إلى اجتماع رؤساء أركان دفاع الدول الأوروبية في باريس، الذي سيُعقد بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لمناقشة مستقبل السلام في أوكرانيا. وتأتي هذه التطورات في ظل تحديات تواجهها أوكرانيا على الجبهة، وانتقادات من الولايات المتحدة التي جمدت أخيرا بعض المساعدات العسكرية والاستخباراتية.
وفي المقابل، عززت الدول الأوروبية دعمها لكييف. وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على استعداد بلاده للنظر في إرسال قوات برية إلى أوكرانيا، بالتنسيق مع حلفاء آخرين، في حال التوصل إلى اتفاق سلام دائم، مشددا على أهمية وجود ضمانات أمنية من الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو نظرائه من الدول الأربع الكبرى في أوروبا، ألمانيا وإيطاليا وبولندا والمملكة المتحدة، غدا الأربعاء "لتنسيق تحركهم دعما لكييف".