ثورة علمية: "ثني الماء" يفتح آفاقاً جديدة في التحكم بالأجسام العائمة
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
اكتشف فريق من العلماء الدوليين، من جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة (NTU)، طريقةً لثني أمواج الماء، مما يُمكّنها من حبس الأجسام العائمة وتحريكها بدقة بشكل أشبه بالسحر.
وتعتمد هذه التقنية على توليد موجات ودمجها لابتكار أنماط سطحية معقدة، مثل الحلقات المتشابكة والدوامات، حيث كشفت التجارب أن هذه الأنماط تمتلك قدرة فريدة على جذب الأجسام العائمة القريبة واحتجازها، مثل كرات الرغوة الصغيرة بحجم حبات الأرز، وفقاً لما ذكره موقع "إنترستينغ إنجينيرينغ".
بدأ الفريق عمله بإجراء عمليات محاكاة حاسوبية قبل الانتقال إلى التجارب الفعلية، حيث استخدموا خزان مياه وهياكل بلاستيكية مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتوليد الأمواج. وتضمنت إحدى هذه التركيبات حلقة متصلة بـ24 أنبوباً مرتبطة بمكبرات صوت تُصدر أصواتاً منخفضة التردد، ما أدى إلى تشكيل تموجات مميزة على سطح الماء.
في التجارب، استخدم الباحثون كرات رغوية عائمة مصنوعة من البولي إيثيلين، تراوحت أقطارها بين 4.8 و12.7 ملم، بالإضافة إلى كرة تنس طاولة بقطر 40 ملم، وراقبوا كيفية استجابتها لحركة الأمواج، مما أكد نجاح التقنية في جذب هذه الأجسام والتحكم في حركتها.
ونجح الفريق في ابتكار تقنية متقدمة تعتمد على ضبط شدة الموجة وترددها، مع التحكم في تزامن حركة الموجات، مما أدى إلى تشكيل أنماط موجية معقدة تتميز بقدرتها على حصر الأجسام العائمة وتوجيهها بدقة استثنائية.
دقة في التحكم وحركة ثابتةأظهرت التجارب أن هذه الأنماط الموجية قادرة على تثبيت الكرات في مكان واحد أو توجيهها على مسارات دائرية ولولبية، مع أدنى حد من الانحراف الذي لم يتجاوز 2-4 ملم. وعلى عكس التموجات العادية، تظل هذه الأنماط مستقرة حتى عند تعرضها لموجات خارجية طفيفة، ما يعكس مدى دقة وثبات هذه التقنية.
رؤية مستقبلية واستخدامات واعدة
أوضح شين ييجي، الأستاذ المساعد وأحد المشاركين في البحث، أن هذه التقنية تفتح آفاقاً جديدة في استخدام موجات الماء لتحريك أجسام عائمة بدقة. وأضاف أن الأبحاث المستقبلية قد تتجه لدراسة موجات أصغر بحجم الخلايا، والتي تقل مئات المرات عن الموجات الحالية، وكذلك موجات بحرية أكبر بألف مرة.
إلهام من موجات الضوء وتطوير التقنية
استند هذا البحث إلى عمل سابق لشين على موجات الضوء، حيث أثبتت تلك الدراسات كيف يمكن لموجات الضوء المُهيكلة أن تحجز الجسيمات الدقيقة وتحركها.
ويخطط الفريق حالياً لتوسيع نطاق التقنية عبر إنشاء أنماط مائية تحت السطح لتحريك الأجسام المغمورة، مع السعي لتقليص حجم هذه الأنماط إلى مستوى الميكرومتر، ما قد يتيح تحريك الخلايا والجسيمات المجهرية بدقة عالية دون الحاجة إلى ملامستها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تكنولوجيا هذه الأنماط
إقرأ أيضاً:
أين حراك الجامعات العربية؟
ظلت الجامعات لوقت طويل تمثّل صمّام الأمان للمجتمعات التي شهدت تقلّبات فكرية وسياسية، إذ جعل الشباب المتطلع نحو المجد، الجامح نحو الحرية، الباحث عن مستقبل أفضل، من تلك المؤسسات التعليمية رافداً نحو الحرية وصناعة التغيير؛ فدور تلك المؤسسات لم يكن يقتصر على التعليم فقط، بل ينحو في اتجاه صناعة الوعي لكل أفراد المجتمع وتعزيز الانتماء إلى القضايا المحلية والقومية وربما العالمية، فالجامعات تشكّل الحاضنة الفكرية والثقافية التي تصقل مهارات الشبان اليافعين وقدراتهم، وتؤسس لوجودهم في المشهد السياسي.
ولعلّ الشواهد كثيرة مما يمكن الإشارة إليه، ففي فرنسا كان حراك جامعة السوربون عام 1968 أحد أهم الحراكات في أوروبا احتجاجاً على القيود الأكاديمية والممارسات السلطوية في التعليم، سرعان ما توسع ليشمل احتجاجات عالمية أدت إلى تغيير كبير في السياسات الداخلية وهيكلة النظام الفرنسي، وكذلك حراك الطلبة في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ضد حرب فيتنام، وكيف أُجبرت الحكومة على إعادة النظر في سياستها العسكرية تجاه فيتنام، فانسحب الجيش الأمريكي من هناك عام 1975.
والشواهد كثيرة كربيع براغ عام 1968 في تشيكوسلوفاكيا وانتفاضة سويتو في جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري الأبرتايد، وحراك ميدان تيانانمن في الصين عام 1989 الذي قاده طلبة الجامعات مطالبين بالحرية وبعض الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وقد انتهى ذلك الحراك بقمع عسكري دموي، لكنه ترك أثراً كبيراً على السياسة الصينية والعلاقات الدولية، امتداداً نحو الثورة الطلابية في تشيلي عام 2013 وصولاً إلى احتجاجات هونغ كونغ وغيرها من الحراكات المتواصلة التي غيّرت المعادلات الدولية.
وأمام هذا كله، يتبادر إلى ذهن المواطن الفلسطيني، الذي يتعرض للإبادة كل لحظة، في بث مباشر أمام وسائل الإعلام الجديد والتقليدي: أين دور الجامعات العربية تجاه ما يجري؟ أين طلبة مصر والأردن وسوريا وتونس والجزائر؟ أين مجالس الطلبة؟ في الوقت الذي خرجت فيه الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي من دون توقف، بل وخرج الطلبة ليتظاهروا في الميادين العامة وأمام محطات الباصات والقطارات وغيرها، رغم تعرض كثير منهم للمضايقات وربما الاعتقال أو الطرد من تلك البلدان، أين الشباب الذين يمكن لهم أن يقودوا الأمة نحو التطور وصناعة التغيير؟ ألهذه الدرجة تمّ كيّ الوعي أو تدجينه بما تريده السلطات الشمولية الحاكمة؟ ألا يوجد من يهبّ ليشعل الفتيل الذي سيغيّر معادلة المنطقة برمّتها؟
لقد كانت الجامعات العربية سابقاً أدوات تغيير حقيقي، يحسب لها الجميع ألف حساب، فقد كان الطلبة دوماً في الطليعة لمجابهة الاستعمار أو الاحتلال، فقد شاركوا في ثورة عام 1919 لرفض الوصايا البريطانية بقيادة سعد زغلول، وما زالت الدراما والسينما المصرية تسلطان الضوء على تلك المظاهرات التي تحمل الشعارات وتهتف ضد الاستعمار، ثم إن تلك الثورات لم تتوقف، فهي التي خرجت لتحارب في فلسطين، ثم حملت السلاح إبان العدوان الثلاثي عام 1956، وهي التي خرجت من جامعات طهران إبان ثورة الإمام الخميني ضد الشاه وقطيع المتحالفين مع أمريكا، وما زالت مستعدة أن تحمل السلاح اليوم لتحارب الاحتلال الإسرائيلي الذي يتمدد يميناً ويساراً تحت عين الأنظمة الحاكمة، لكن الشرارة ما زالت منطفئة.
إن واقع المنطقة يدعو إلى الرثاء، لأن الكيانات الصغيرة باتت المتحكم الأول بالدول العميقة، نظراً لما تملكه من المال والنفط، إذ بدأت تلك الكيانات بتعزيز نفوذها من خلال استقطاب المبدعين والفنانين ثم رصد الجوائز وإصدار المجلات والجرائد التي تدفع بسخاء للنخب ثم مطالبتهم بالعمل والكتابة وفق سياسة الرتابة والالتزام بعدم الخوض في القضايا السياسية كي لا يقدح بالاستعمار الرأسمالي أو الاحتلال الإسرائيلي، في محاولة حثيثة لكيّ الوعيّ العربي المنشغل بتفاصيل الحياة اليومية واللهو بقضايا عادية جداً، تأخذ حيّزاً كبيراً من وقته وتفكيره، كي لا يلتفت إلى عمق كل المشكلات العربية وأساسها، المتمثلة بـ”إسرائيل”.
وأمام مشهد الدم النازف في قطاع غزة، وأمام محاولات التهجير المستمرة، ما تزال النخب نائمة والجامعات تفكر بعقلية الطالب العادي، الباحث عن التخرج ثم الحصول على وظيفة أو زواج أو سفر، ما تزال الأحلام بسيطة تنمّ عن ضيق أفق جاء كنتيجة طبيعية لقمع غير مسبوق في وعي الشباب، فأين ثورة الشباب؟ أين الحماس والقوة التي يجب أن تحسب لها الأنظمة ألف حساب؟ أين الخروج من قاعات الدراسة والهتاف بصوت واحد ضد أمريكا و”إسرائيل”، مع الأسف، يبدو أن النظم الحاكمة قد نجحت في توظيف طواقم أكاديمية تنتمي إلى سلطة القمع، ووضعت مناهج دراسية خارج إطار التاريخ العربي وقدرته على الانتصار لدم الأخ والقبيلة.
لذلك، فإن الأمة بحاجة إلى ثورة جديدة، ثورة يقودها الطلاب على المناهج الدراسية، وعلى الطواقم الأكاديمية، ثورة على الأنظمة المتخاذلة، وعلى العالم الذي يبرر الإبادة بحق شعب فلسطين، وحتى ذلك الحين، سيظل العربي مجرد أداة ضعيفة لا يحسب لها العالم أي حساب.
كاتب فلسطيني .