إيران وأمريكا والبحث عن سُلم الوسطاء
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
تقوم إستراتيجية النظام الإيراني التفاوضية مع الولايات المتحدة الأمريكية على مبدأ أساس وهو التفاوض غير المباشر الذي يمهد للوصول إلى النتيجة النهائية أو التفاهم على جميع النقاط الخلافية، والتي تساعد في الانتقال إلى المرحلة النهائية خلال التفاوض المباشر، وهي الإستراتيجية التي اتبعتها سواء في "إيران كونترا" منتصف عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وصولاً إلى المفاوضات السرية التي استضافتها العاصمة العُمانية مسقط على مدى عامين قبل الكشف عنها عام 2013 والانتقال إلى جنيف والجلوس إلى طاولة الحوار مع السداسية الدولية (5+1) بمشاركة أمريكية واضحة هذه المرة.
العقيدة الإيرانية، وقد تكون عقيدة أمريكية أيضاً، في اعتماد التفاوض غير المباشر كمرحلة لإنضاج التفاهمات على مختلف المستويات، تنبع من حرص النظام الإيراني على عدم الوصول إلى طريق مسدود، وأن التفاوض غير المباشر يمنح القيادة الإيرانية إمكان البحث عن وسيط جديد أو مختلف لإعادة الحرارة لهذه المفاوضات، ويكون قادراً على تدوير زوايا الاختلافات وتقريب وجهات النظر، ولعل المفاوضات غير المباشرة التي تولتها كل من سلطنة عُمان ودولة قطر في عهد الرئيس السابق جو بايدن أسهمت في توصل الطرفين إلى تفاهمات، بداية حول تبادل السجناء والموقوفين وتحرير جزء من الودائع الإيرانية من البنوك الكورية الجنوبية، مروراً بالجهود التي بذلت من أجل عدم توسيع الأزمة التي نتجت من عملية "طوفان الأقصى" بين "حماس" وإسرائيل وتحويلها إلى حرب إقليمية واسعة.
ومع إدراك الجانب الإيراني أن المرحلتين الحالية والمقبلة لن تسمحا بهامش كبير للمناورة على دور دولة وسيط لإجراء مفاوضات غير مباشرة، وأن الأمور بين طهران وواشنطن بلغت مرحلة لم يكن من الممكن حلها سوى بالتفاوض المباشر، إلا أن هذه الحقيقة لا تسقط من إستراتيجية التفاوض دور هذا الوسيط، من أجل إعطاء الفرصة لإنجاح الخطوة الأخيرة في التفاوض المباشر، بخاصة أن التفاوض المباشر في حال فشله يعني إمكان إقفال كل الأبواب مستقبلاً، وأخذ الأمور إلى مستوى قد لا يرغب فيه أي من الطرفين، أقله فتح المواجهة على مصراعيها بما في ذلك إمكان المواجهة العسكرية.
الصدمة التي تلقتها القيادة الإيرانية، وتحديداً المرشد الأعلى، من المواقف التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وتوقيعه على المذكرة التنفيذية بالعودة للعقوبات المشددة، ووضع جميع الخيارات على الطاولة وحشر طهران بين واحد من خيارين، إما التفاوض واتفاق جديد على جميع الملفات، وإما الحرب التي ستكون مدمرة، جميعها دفعت المرشد إلى اتخاذ موقف تصعيدي وإقفال جميع الأبواب أمام حكومة الرئيس مسعود بزشكيان وإجباره على التخلي عن الليونة التي سيطرت على خطابه وما فيه من إيجابية، واستعداده للتفاوض المباشر مع نظيره الأمريكي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران ترامب التفاوض المباشر غیر المباشر
إقرأ أيضاً:
في غرفتين.. بدء المفاوضات النووية بين أميركا وإيران في مسقط
أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، يوم السبت، عن بدء المباحثات التي وصفها بغير المباشرة بين واشنطن وطهران في العاصمة العمانية مسقط، بهدف إطلاق مفاوضات جديدة بشأن "النووي الإيراني".
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن المحادثات ستُجرى في مكان واحد، لكن في غرفتين منفصلتين.
ونفى مهدي فضائلي، عضو مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، السبت، ما ورد في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز بشأن موافقة خامنئي على التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، واصفًا ما ورد بأنه "عملية نفسية كاذبة".
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نقلت، في تقرير مطول، عن مصادر مطلعة أن خامنئي عقد اجتماعًا سريًا مع رؤساء السلطات الثلاث في البلاد، لمناقشة الرد الإيراني على رسالة بعث بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقالت الصحيفة إن كبار المسؤولين حذروا خلال الاجتماع من تصاعد المخاطر، سواء بسبب احتمال اندلاع حرب مع واشنطن أو بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، ما قد يؤدي إلى "انهيار النظام".
ووفق التقرير ذاته، فإن خامنئي، الذي طالما وصف التفاوض مع الولايات المتحدة بأنه "غير حكيم"، وافق خلال الاجتماع، بتحفّظ، على بدء مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن، تمهيدًا لاحتمال التفاوض المباشر لاحقًا، في حال تقدم مسار الحوار.
كما أشار التقرير إلى أن إيران أبدت استعدادًا لمناقشة سياساتها الإقليمية ودعمها للفصائل المسلحة، لكنها لا تزال تصر على أن برنامجها النووي غير قابل للتفاوض، وإن كانت ستبقى ضمن التزاماتها في إطار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
يأتي هذا النفي في وقت حساس تشهده العلاقات الإيرانية الأمريكية، حيث من المقرر انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين في سلطنة عُمان وسط ترقب دولي واسع
وكان الوفد الإيراني، قد بدأ بمحادثات مع مسؤولين عمانيين أولا. والتقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي يترأس الوفد الإيراني مع مسؤولين عُمانيين، والتقى نظيره العُماني بدر البوسعيدي، في إطار المحادثات الأمريكية - الإيرانية .
وذكرت الخارجية الإيرانية، أن عراقجي أشاد بما وصفته بـ "النهج المسؤول" لسلطنة عُمان تجاه القضايا والتطورات الإقليمية.
وأضافت الخارجية في بيان، أن البوسعيدي أطلع عراقجي على الترتيبات والتحضيرات المرتقبة للمحادثات. وقدم وزير الخارجية الإيراني محاور ومواقف طهران لنقلها إلى الطرف الآخر، وفق ما ذكر البيان.