البريكس: كثير من الاقتصاد قليل من السياسة
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
ترجمة: أحمد شافعي
في أواخر عام 2001، نشر بنك جولدمان ساكس أحد مئات الأبحاث والتقارير التي تصدرها البنوك الاستثمارية العالمية كل شهر.
غالبا ما تنسى هذه التقارير في غضون أيام دون أن يقرأها غير قلة من الناس، لكن هذه الورقة البحثية كانت مختلفة. إذ يظل بحث "إقامة بريكس اقتصادي عالمي أفضل" الذي ألفه جيم أونيل، كبير خبراء الاقتصاد في بنك جولدمان آنذاك، واحدا من أكثر بحوث البنوك الاستثمارية تأثيرا في الذاكرة الحديثة.
كانت دول البريكس الأربع التي حددها التقرير ــ وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين ــ في مستهل عقد من النمو القوي وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر FDI العالية. وكانت البرازيل وروسيا تستفيدان من مواردهما الطبيعية وتستغلان موجة الطلب سريع التزايد على سلعهما، وبخاصة من الصين.
وكانت الهند تبرز بوصفها مركزا عالميا رئيسيا لتكنولوجيا المعلومات، والصين الصين تمر بتحول جغرافي اقتصادي تاريخي عميق كان ـ على حد زعم المؤلف إيفان أوسنوس ـ يتحرك "بمثل حجم الثورة الصناعية مئة مرة وبعشرة أمثال سرعتها".
تبنت الدول الأربع اختصار البريكس وعقدت قمة في عام 2009، بعد وقت قصير من الأزمة المالية العالمية. وسرعان ما أوضحت مجموعة البريكس أن الأزمة المالية خرجت من الكيانات الاقتصادية المتقدمة، وأبرزها الولايات المتحدة. بل لقد عرض وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أموريم على الزائرين خريطة عملاقة للعالم مقلوبة رأسا على عقب.
كانت الرسالة واضحة، وهي أن النظام الدولي يتغير، وأن قوى جديدة تصعد. وبعد عام من ذلك، انضمت جنوب أفريقيا، وولدت مجموعة البريكس مضيفة إلى آخرها حرف "S" كبير هو الحرف الأول من اسم جنوب أفريقيا في اللغة الإنجليزية.
لم يكن العقد الثاني من عمر مجموعة البريكس في مثل ارتفاع العقد الأول. ففي الفترة بين عامي 2011 و2021، شهدت معظم اقتصادات مجموعة البريكس تباطؤا في النمو وتباطؤا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. ووفقا لتقرير بريكس للاستثمار الذي نشرته الأمم المتحدة، فإن جنوب أفريقيا هي الدولة الوحيدة التي شهدت نموا قويا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العقد الثاني لمجموعة البريكس. ثم تباطأ ذلك أيضا منذ ذلك الحين.
واليوم، لا تبدو مجموعة البريكس في مظهر النجوم الصاعدة التي كانت عليها في السابق. فقليل من المستثمرين هم الذين يعلنون أن العقد المقبل هو عقد هذه الاقتصادات (ربما باستثناء الهند). فإذا لم تعد مجموعة البريكس في حالة صعود، فمن أين تأتي أهميتها؟
تجري مناقشة هذا السؤال خلال هذا الأسبوع في قمة البريكس المنعقدة في جوهانسبرج، وعلى رأس جدول أعمالها مسألة قبول أعضاء جدد.
لقد أعربت تسعة بلاد على الأقل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن اهتمامها بالانضمام، منها دول إقليمية مثل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران. وفي المحصلة، هناك ثمانية عشر بلدا تتطلع إلى العضوية، وفقا لما ذكرته مجلة الإيكونوميست.
سيكون من شأن فتح الباب أمام أعضاء جدد أن يمنح مجموعة البريكس هزة تحتاج إليها احتياجا كبيرا. إذ تواجه الصين اختبارا كبيرا في ظل تباطؤ اقتصادها، وانهيار قطاع العقارات لديها، وارتفاع معدلات البطالة بين شبابها. كما شهدت البرازيل تراجعا في نموها بمعدل أقل من 1% لمدة عشر سنوات.
وتبقى جنوب أفريقيا غارقة في الفساد وسوء الإدارة، في حين تواجه روسيا شتاء طويلا من الأداء الاقتصادي الضعيف وسط شبكة عنكبوتية من العقوبات. ولا يبدو من آفاق مشرقة إلا للهند.
إن إضافة العديد من نجوم الشرق الأوسط الجديدة، ومنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من شأنه أن يجلب إلى المجموعة ديناميكية اقتصادية وثقلا استثماريا. كما أنه من شأن الاقتصادات الآسيوية ذات النمو المرتفع، من قبيل بنجلاديش وإندونيسيا، أن تعمل أيضا على دفع آفاق النمو للمجموعة.
ولو أن هناك أي خطر على الأعضاء الجدد، فهو الشعور الناشئ بأن مجموعة البريكس منتدى للمشاعر المعادية للغرب. لقد أنشأت القوى المتوسطة من قبيل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية نهجا جيوسياسيا يقوم على تعدد الانحيازات. فإذا ما ظهرت مجموعة البريكس بوصفها نقطة جيوسياسية مضادة للقوى الغربية، فقد توضعع الرياض وأبو ظبي والقاهرة في مواقف حرجة.
لذلك، يجب على مجموعة البريكس أن تجتنب التحول إلى منتدى للأحاديث الجيوسياسية أو إلى صوت للعالم النامي. ففي نهاية المطاف، من الصعب أن يتفق أكبر عضوين في التشكيلة الحالية ــ أي الهند والصين ــ على أي شيء على الصعيد السياسي. وبالتالي، يتعين أن يظل تركيز المجموعة منصبا على الأعمال والتجارة، والاستثمار والتنمية، وأن تترك السياسة لمنتديات أخرى.
وفي هذا الصدد، تستطيع مجموعة بريكس أكبر حجما أن تأخذ صفحة من مجموعة أخرى حديثة التكوين تتألف من أربعة بلاد يجمعها اختصار ذكي ـ هو I2U2 ـ وتضم الهند، وإسرائيل، والولايات المتحدة، والإمارات العربية المتحدة. ولقد حرصت هذه المجموعة الجديدة، التي تأسست في عام 2021، على تجنب السياسة مركزة فقط على الاستثمار والتجارة المشتركة.
إن الترحيب بأعضاء جدد في مجموعة البريكس اختيار حكيم. ورغم أن البرازيل والهند ظلتا على الحياد بشأن هذه الفكرة، فإن توسع مجموعة البريكس كفيل بجلب فرص تجارية واستثمارية جديدة وبإعادة تنشيط الاستثمار بين بلاد البريكس.
لقد كانت البلاد الأربع الأصلية ـ عند صياغة اسم المجموعة ـ تمثل نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. واليوم تقترب المجموعة من 26%، وتعَد الهند والصين والبرازيل اقتصادات هامة للتجارة الإقليمية والعالمية.
ولكن لكي تبقى مجموعة البريكس ذات أهمية، يحتاج التجمع إلى دماء جديدة. وكما أشار أونيل نفسه في مقال بمكتب النقابة [Syndication Bureau] في مايو 2022، فإن "العديد من الاقتصاديين ورجال الأعمال والصحفيين توقفوا عن إيلاء الكثير من الاهتمام للإجراءات الجماعية لبلاد البريكس".
والطريقة المثلة لتغيير ذلك هي توسيع عضوية النادي مع تضييق نطاق تركيزه ليقتصر على الأعمال والتجارة والاستثمار.
• أفشين مولافي كبير زملاء معهد السياسة الخارجية التابع لكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة ومحرر ومؤسس نشرة Emerging World الإخبارية.
** عن آسيا تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العربیة المتحدة مجموعة البریکس جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
إحذروا بروميدييشن الفرنسية.. مجموعة خطرة على الأمن والاستقرار ومستقبل السودان
إحذروا بروميدييشن الفرنسية
هذه مجموعة خطرة على الأمن والاستقرار ومستقبل السودان.
عملت المجموعة الغامضة سابقاً مع المتمردين في جمهورية مالي بتمويل نرويجي تحت زعم تحقيق السلام بين الحكومة والمتشددين العرب والإسلاميين.
انتهت فرصها في العمل بعد الانقلاب العسكري في مالي والذي نجح في دحر المجموعات المتمردة.
بدأت المنظمة عملاً خطيراً ضد السودان بالتنسيق بين جماعة خليفة حفتر في ليبيا وحميدتي في السودان ومن يقف خلفهما، وذلك في جمهورية النيجر لتشكيل حزب سياسي موالي لحميدتي من المرتزقة العرب الأفارقة الذين كانوا يعملون كمرتزقة في ليبيا.
كانت الفكرة أن يدخلوا بسلاحهم و٣٠ ألف مقاتل وتوقع الحكومة معهم اتفاق سلام.
حضر أحد هذه الاجتماعات قبل الحرب ب١٠ أشهر، في عاصمة النيجر نيامي، اللواء محمد أحمد صبير قائد الاستخبارات العسكرية واللواء حمزة يوسف وآخرين فيما حضر من جانب المرتزقة مجموعة أبرزهم المجرم #علي_سافنا (أقصى يمين الصورة).
تعجل حميدتي الحرب قبل إكتمال وصول هذه المجموعة ودمجها في جهاز الدولة، وشاءت إرادة الله أن يحدث إنقلاب عسكري في النيجر قادته مجموعة من الضباط الهوسا أطاحت بالرئيس السابق محمد بازوم الذي ينتمي إلى الأقلية العربية.
عادت بروميدييشن الآن للتدخل في الشأن السوداني عبر بوابة الشرق ولا تخفى المطامع الفرنسية في ميناء بورتسودان حيث كانت الشركة الفرنسية التي تدير ميناء أبيدجان في ساحل العاج قد تقدمت للسودان بعرض لنشغبل موانئ البحر الأحمر، وعمل خط للسكة الحديد من بورتسودان إلى غرب أفريقيا.
حضرت بالمصادفة عرضاً للشركة وخططها قدمه ممثلون لها في الخرطوم بحضور السفيرة الفرنسية – المسئولة عن افريقيا حالياً بوزارة الخارجية الفرنسية- إيمانويل بلاتمان لوزير الاستثمار السابق مبارك الفاضل المهدي في أواخر العام ٢٠١٧م تقريباً.
يدير منظمة بروميدييشن الباحث السابق في عدد من الجامعات الفرنسية إريك بلانشوت (الصورة) القليل الظهور في وسائل الإعلام، وهو باحث متخصص في التاريخ والعلوم الإسلامية وعلم النفس الإجتماعي.
يا ترى ماذا يكيدون للسودان هذه المرة؟
محمد عثمان إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب