شخصيات إسلامية.. أبو بكر الصديق
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
سيدنا أبو بكر الصديق، أول من آمن بالرسالة المحمدية من الرجال، وأول الخلفاء الراشدين، أنزل الله سبحانه وتعالى فيه هذه الآية، التي تدل على المكانةِ الساميةِ التي حظي بها سيدنا أبو بكر، وتكريمِ الله تعالى له بذكر موقفه الخالد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في رحلة الهجرة من مكة إلى المدينة.
وسيدنا أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو عبدالله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي رضي الله عنه.
ولأبي بكر رضي الله عنه فضائل لا تعد ولا تحصى، وهو الذي أنفق أمواله على النبي صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر». وقال عروة بن الزبير: أسلم أبو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف دينار.، وقال عمرو بن العاص: يا رسول الله أي الرجال أحب إليك؟ قال: «أبو بكر»، وقال أبو سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق».
وعن ابن عُمر، رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنْتَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ، وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ» رواه الترمذي.
قال ابن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً».. روى مثله ابن عباس، فزاد: «ولكن أخي وصاحبي في الله، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر». هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، عن عمر أنه قال: أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. صححه الترمذي،
وروى مالك في «الموطأ» عن أبي النضر، عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال: « إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده»، فقال أبو بكر: فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا، قال: فعجبنا، فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر». متفق على صحته كما جاء في سير أعلام النبلاء. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أبوبكر الصديق رمضان رسول الله صلى الله علیه وسلم أبی بکر أبو بکر
إقرأ أيضاً:
سُنَن الفطرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حرصَ دينُنا الحنيفُ كلَّ الحرص على قيمة إقامة الإنسان في أجمل صورةٍ وأبهي هيئة، كما خلقه الله تعالى في أحسن تقويم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾[التين: 4].
وقد حثَّنا نبيُّنا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- على التجمُّل وحسن المظهر والاهتمام بالهيئة، فقال –صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ)) [صحيح مسلم]، ومع أنَّ أمره –صلى الله عليه وسلم- عامٌّ يقتضي العمل به والاقتداء به، إلَّا أنه–صلى الله عليه وسلم- قد خصص بعد ذلك أمورًا تأكيدًا وبيانًا منه –صلى الله عليه وسلم- لأهمية أمر التجمُّل وحُسن المظهر والهيئة وعظمة ذلك عند المولى –عز وجل.
فكان من أهمِّ هذه الأمور ما جاء في قوله الجامع –صلى الله عليه وسلم-: ((عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ» قال زكريا بن أبي زائدة -أحد رواة الحديث-: " قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة " [صحيح مسلم]، قال السيوطي –رحمه الله-:" والبَراجِم بفتح الباء وكسر الجيم: عقد الأصابع ومفاصلها كلها، وانتقاص الماء: يعني الاستنجاء". [الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، للسيوطي (2/ 40، ط. دار ابن عفان)].
وعن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ)) [صحيح مسلم]، قال النووي –رحمه الله-: " والاستحداد، أي: حَلْق العانة، والمقصود بالختان في الحديث ختان الصبي الذَّكَر" [شرح النووي على صحيح مسلم].
وكذلك كانت هذه الأمور من أفعال الأنبياء –عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- وقد أمرنا الله تعالى بالاقتداء بهم، في قوله تعالى: (( فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ..)) [الأنعام:90].
وقد أطلق العلماء والفقهاء على هذه الأمور لأهميتها "سنن الفطرة"، إذ يتَحقَّق بها للإنسانِ نظافةُ البدن، وحسنُ الهيئة، وجمال الصورة؛ كالختان للرجال، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وغير ذلك مما يحصل به التَّطهُّر والتَّجَمُّل. [فتح الباري، لابن حجر (10/ 336، ط. دار المعرفة)].
وقال الإمام النووي –رحمه الله-: " وأمَّا الفطرة فبكسر الفاء وأصلها الخلقة، قال الله تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: 30]،... قلت: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب...، وأما قوله –صلى الله عليه وسلم-: «الفطرة عشرة» فمعناه: معظمها عشرة؛ كالحج عرفة، فإنها غير منحصرة في العشرة" [المجموع شرح المهذب، للنووي (1/ 284، دار الفكر)].
وقد عَدّ بعض الفقهاء هذه السنن حتى أوصلها إلى ثلاثين سُنَّةً، ولكن نُجمل أهمَّها هنا ببعض البيان، كالتالي:
الختان: وهو قطع الجلدة التي تغطِّي الحشفة ـ رأس الذكر ـ لئلا يجتمع فيها الوسخ ولئلا تعوق الاستبراء من البول ولا تنقص لذَّة الجماع، وهو واجبٌ في حق الرجال لما صحّ عن النبي -ﷺ- قال: (( اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم، وقد قال الله تعالى: " ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا")) [متفق عليه]، ومكرمةٌ للإناث إذا رأى الطبُّ ذلك، قال ابن قدامة –رحمه الله-: " إن الختان واجب على الرجال، ومَكرُمة في حق النساء، وليس بواجب عليهن " [المغني، لابن قدامة].
الاستحداد: وهو مطلقُ إزالة الشعر، سواء للعانة أو الإبط، لتمام النظافة وتجنُّب الرائحة الكريهة، وسُمي بالاستحداد لاستخدام آلةٍ حديديَّة غالبًا فيه، وفي عصرنا الحديث يقوم مقامها المزيلات المُصنّعة، وينبغي للمسلم أن يتعاهد تنظيفهما بين الحين والحين، بما لا يزيد عن أربعين يومًا، لما صحّ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (وُقِّت لنا في قصِّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، ألا نترك أكثرَ من أربعين ليلة) [صحيح مسلم].
تقليم الأظافر: وهو قصُّها؛ وعدم تركها لأنها تجمع الأوساخ تحتها، فيستحب تقليم الأظافر من الحين إلى الحين، بما لا يزيد عن الأربعين يومًا، لحديث أنس السابق.
إحفاء الشارب وإعفاء اللحية: والمقصود بذلك جملة تهذيب الشارب واللحية، والخلاف بين الفقهاء في كون ذلك دائر بين الوجوب أو الاستحباب مشهور، قال ابن حجر –رحمه الله-: "لكن كل ذلك محتمل...، نظرًا إلى المعنى في مشروعية ذلك، وهو مخالفة المجوس،... وكل ذلك يحصل بما ذكرنا، وهو الذي يجمع مفترقَ الأخبار الواردة في ذلك) [فتح الباري، لابن حجر العسقلاني]، وعليه فإنَّ الواجب جملة هو التهذيب وحسن الهيئة للشارب واللحية؛ لما صحّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (( خالِفُوا المشركين؛ وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب ))[صحيح البخاري].
السواك: وكان النبي ﷺ يداوم عليه، ولا يتركه بحال وأمر به المسلمين وأوجبه عليهم ولو مرة في اليوم على الأقل، فقد روى أحمد والنسائي أنَّ النبي ﷺ قال: (( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ))، وروى الجماعة أن النبي ﷺ قال:" لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتُهم بالسواك عند كل وضوء"، وقد أكّد الفقهاء استحباب في مواطن عِدّة منها: الوضوء وقبل الصلاة وعند قراءة القرآن وعند النوم أو الاستيقاظ، وغير ذلك.
الاستنجاء: وهو غسل موضع الخارج من السبيلَين بالماء ونحوه، وهو واجبٌ لحديث أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- ولقوله –صلى الله عليه وسلم-: ((تنزَّهوا من البول؛ فإنَّ عامة عذاب القبر من البول))، والاستنجاء مع كونه من سنن الفطرة، إلا أنّه مأمور به في آداب قضاء الحاجة أيضًا.
الاستنشاق والمضمضة: والاستنشاق هو غسلُ الأنف عن طريق إدخال الماء فيه ثم إخراجه، ومثله المضمضة فهي إدخال الماء في الفم ثم إخراجه منه، وهما من سنن الوضوء المتفق عليها، بالإضافة لكونِهما مِن سنن الفطرة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ((إذا توضأ أحدكم، فليجعَلْ في أنفه ماءً، ثم ليستنثِرْ))، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: ((إذا توضأت فمَضْمِضْ)).
غسل البراجم: وهو غسل الأماكن الخفية، كالتعرُّجات والعُقَد التي في الأصابع، أو داخل الأذنين أو تحت الركبتين، ونحو ذلك، وقد اتفق الفقهاء على استحباب غسلها وتعهُّد نظافتها لحديث أبي هريرة الجامع لسنن الفطرة، قال النووي –رحمه الله-: " وأما غسل البراجم، فمتفق على استحبابه"[المجموع: 1 /341].
التطيُّب: فقد كان النبي ﷺ يحبه ويحث عليه، روى مسلم أن النبي ﷺ قال: من عرض عليه طيب فلا يرده فإنَّه خفيف المحمل طيب الرائحة، وقال ﷺ: حُبِّب إليَّ من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة.
إكرام الشَّعر: خاصَّةً إذا كان الشعر كبيرًا، فيستحب أن يداوم على تهذيبه بالغسل والدهن والمشط، وأن يحافظ على ظهوره في أحسن صورة، فقد روي عنه -ﷺ- أنه قال: (( من كان له شعرٌ فليكرمه)).
والخلاصة أنه ينبغي على المسلم أن يلتزم بسُنَن الفطرة؛ فيتعاهد فعلها بين الحين والآخر بما لا يتجاوز عن الأربعين يومًا، لما في ذلك من تحقيق أمر الله تعالى والمحافظة على خلقته في أحسن تقويم، وما في ذلك من اتباع هدي المصطفى –صلى الله عليه وسلم- في التعوُّد على نظافة البدن وهيئة الإنسان، فدين الإسلام هو دين الجمال، والمسلم لا بُدَّ أن يكون حَسَن المنظر، جميل الشَّكْل، نظيف البدن كما خلقه الله تعالى وأمره بذلك.