سياسات ترامب المجنونة تنذر بحرب تجارية بين أمريكا ودول العالم
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
الثورة نت/..
دخلت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم بنسبة 25 بالمئة حيّز التنفيذ اليوم الأربعاء 12 مارس 2025، مشكلة شرارة حرب تجارية مع دول العالم لا سيما منها الدول الأوروبية.
وقرر ترامب في العاشر فبراير الماضي رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم من كل الدول بما فيها الاتحاد الأوروبي، وذلك “دون استثناءات أو إعفاءات”.
أوروبا ترد
وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيفرض “رسومًا جمركية قوية لكن متناسبة على حزمة من الواردات الأميركية اعتبارًا من الأول من أبريل القادم، من خلال إعادة فرض رسوم جمركية على المنتجات الأميركية، بما في ذلك الويسكي والدراجات النارية والقوارب، وذلك ردًا على الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الصلب والألومنيوم.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بيان: “يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتحرك لحماية المستهلكين والشركات الأوروبية”، مضيفة ان “الإجراءات المضادة التي نتخذها اليوم قوية ولكنها متناسبة”.
وأشارت رئيسة المفوضية إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة ستؤثر على صادرات الاتحاد الأوروبي بقيمة 26 مليار يورو (28.3 مليار دولار)، أي حوالي 5 بالمئة من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي من السلع إلى الولايات المتحدة، مما “سيؤدي إلى اضطرار المستوردين الأميركيين إلى دفع ما يصل إلى 6 مليارات يورو في رسوم جمركية إضافية”.
أما بالنسبة لأوروبا، ستكون الرسوم الجمركية الجديدة تقريبًا 4 أضعاف حجم الرسوم المماثلة التي فُرضت خلال فترة ولاية ترامب الأولى، عندما استهدفت الولايات المتحدة ما يقرب من 7 مليارات دولار من صادرات الاتحاد الأوروبي من الصلب، مستشهدة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي.
ومن المرجّح أن تؤدّي هذه الرسوم الجمركية الباهظة على هذين المعدنين إلى زيادة تكلفة إنتاج كل شيء تقريبًا في الولايات المتحدة، بدءًا من الأجهزة المنزلية وصولًا إلى السيارات وعلب المشروبات، ممّا يهدّد برفع أسعار المستهلكين في المستقبل.
وقال كلارك باكارد، الباحث في معهد كاتو، لوكالة الصحافة الفرنسية: “لن أتفاجأ إذا رأيت الرسوم الجمركية تظهر بسرعة في الأسعار”، وأضاف إنّ قطاعي صناعة السيارات والبناء ــ بما في ذلك المباني السكنية والتجارية ــ هما من بين أكبر مستخدمي الصلب في البلاد وبالتالي فإنّ ارتفاع الأسعار فيهما سيكون جليًّا.
حملة مقاطعة أمريكا تجاريًّا
إلى ذلك نُظّمت حملة دولية مُتنامية، من الدول الإسكندنافية إلى كندا والمملكة المتحدة وغيرها، لمقاطعة الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى تحوّل المستهلكين عن البضائع الأميركية، وذلك بعد أن أثارت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على كندا ردود أفعال عديدة، عدا عن تهديداته بأن تصبح كندا الولاية الـ51 من ولايات أميركا. وفي حين كانت كندا والمكسيك في طليعة حرب ترامب التجارية، فإنّ حركة المقاطعة توسّع نطاقها إلى أبعد بكثير من الدول التي استُهدفت حركتها الاقتصادية.
وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، الحدث الأبرز في هذا السياق حتى الآن، هو رفض مشتري السيارات الأوروبيين سيارات “تسلا”، والتي ينتجها إيلون ماسك، بصفته رئيساً لـ”دائرة كفاءة الحكومة” في إدارة ترامب. وقد وُثّق انخفاض مبيعات “تسلا” في أوروبا بشكل كبير، وكذلك مقاطعة المستهلكين الكنديين، إلّا أنّ الأسبوع الماضي شهد تقارير يومية عن مقاطعات ثقافية وغيرها من أشكال المقاطعة وسحب الاستثمارات.
ووفقًا لهيئة الإحصاء الكندية، أشارت الأرقام الصادرة هذا الأسبوع، إلى أنّ عدد الكنديين الذين يقومون برحلات برية إلى الولايات المتحدة، وهم غالبية الكنديين الذين يزورونها عادةً، قد انخفض بنسبة 23% مقارنةً بشهر فبراير الماضي.
كما أُطلقت في كندا صيحات استهجان، في أثناء عزف النشيد الوطني الأميركي خلال مباريات الهوكي مع الفرق الأميركية، وظهرت مجموعة من التطبيقات بأسماء مثل “buy beaver” و”maple scan” و”is this Canadian”، للسماح للمتسوّقين بمسح رموز الاستجابة السريعة ورفض المنتجات الأميركية.
وفي السويد، اشترك نحو 40 ألف مستخدم في مجموعة على تطبيق “فيسبوك”، تدعو إلى مقاطعة الشركات الأميركية، وتعرض بدائل المنتجات الاستهلاكية الأميركية، حيث كتب أحد أعضاء المجموعة: “سأستبدل أكبر عدد ممكن من السلع الأميركية، وإذا فعل الكثيرون ذلك، فسيؤثر ذلك بوضوح في العرض في المتاجر”.
وفي الدنمارك، انتشر غضب واسع إزاء تهديد ترامب بوضع إقليم غرينلاند المتمتع بالحكم الذاتي تحت السيطرة الأميركية، حيث أعلنت مجموعة “سالينج”، وهي أكبر شركة بقالة في الدنمارك، أنّها ستضع علامة نجمة سوداء على السلع الأوروبية الصنع، للسماح للمستهلكين باختيارها بدلاً من المنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة.
كما قرّرت عدة شركات قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة، كان أبرزها شركة “هالتباك”، وهي أكبر شركة لتزويد السفن بالنفط في النرويج، والمملوكة للقطاع الخاص، والتي بدورها أعلنت عن مقاطعة عملياتها العرضية لتزويد سفن البحرية الأميركية بالوقود.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة رسوم ا
إقرأ أيضاً:
هل تضع سياسات ترامب نهاية ناعمة لأوروبا؟
يجسّد نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إدارة علاقات الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها التقليديين، عاملًا رئيسيًا ومؤثرًا في إذكاء التناقضات وتعميق الفجوة بين مكونات الحلف الأميركي نفسه، المنضوي تحت مظلة الناتو عسكريًا وأمنيًا.
ففي الوقت الذي يظهر فيه حرصه على قوة أميركا، فإنه يسلك خطوات تهدّد العرش الذي تتربع عليه هذه القوة، فقوة أميركا ليست في انكفائها على ذاتها، بل بتوسع أذرع هيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية على العالم، والمؤسّسات الدولية التي استحدثت لضبط إيقاع النظام الدولي تحت الهيمنة الأميركية ورعاية التوازن مع القوى الأخرى.
لذلك فإن الأطماع المعلنة في كل من كندا وجزيرة غرينلاند، والخلافات بينها وبين الاتحاد الأوروبي بشأن أوكرانيا، أو التوترات مع الاتحاد نفسه في قضايا التجارة والأمن، تزرع حالة من اللايقين، وانعدام الثقة، يصعب معها في الأمد المتوسط تجاوز نتائجها، والتي ستسفر حتمًا إما إلى تقويض الدور الأميركي، بفعل تفجير التناقضات بين الحلفاء التقليديين، أو تمظهر القوة في أشكال جديدة من الهيمنة، ترسم معالمها بأدوات خشنة تتجاوز الأعراف السياسية وتخل بالتوازنات التي ظلت قائمة لعقود.
إعلانويحتاج ما سبق إلى تتبع تجلياته في ثلاثة ملفات محورية: أوكرانيا، والمسألة الأمنية، ثم الحرب التجارية.
1- المسألة الأوكرانيةحينما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، كان الخيار الأوروبي قائمًا على الحوار والتفاوض، لتجنّب آثار الحرب، بسبب التداخل الأوروبي الروسي والمصالح المشتبكة في جغرافيا سياسية مشتركة ومصالح اقتصادية وخطوط إمداد متبادلة، وفي مقدمتها الغاز الروسيّ الذي كان بمثابة النبض الذي يتحرّك به شريان الاقتصاد الأوروبي/ الألماني؛ وهو النواة الصلبة في أوروبا.
على خلاف هذا النهج التفاوضي الذي أبداه الأوروبيون لتجنّب لهيب الحرب في الجغرافيا الأوروبية، كان خيار الولايات المتحدة وبريطانيا يخضع لحسابات أخرى، ولعلّ تصريحات بوريس جونسون حينها ورد الروس بأنهم سيستهدفون لندن كان ذلك مؤشرًا على حجم الصدام الذي يمكن أن تدخله القارة الأوروبية، إثر التخلّي عن أمنها لصالح الولايات المتحدة الأميركية.
أسفرت الحرب عن أزمة كبرى في الاقتصاد الأوروبي، لكن بالمقابل كان ينتظر أن تكون أوكرانيا بمثابة الوحل لإشغال روسيا واستنزافها؛ تجنبًا لتهديدات مستقبلية، ولذلك تأتي ألمانيا بالأرقام في مقدمة الداعمين لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة الأميركية.
يعتبر الأوروبيون في مجملهم، أن كسب روسيا المعركة هو هزيمة إستراتيجية لأوروبا في المستقبل، وخطر أمني محدق؛ ذلك أن التاريخ الأوروبي والغربي في مجمله، حافل بنشوء نزعات توسعية وحروب كبرى إثر تسويات غير منصفة، أو لا تراعي التوازنات القائمة.
ومن ثَم كان توجّه ترامب للتفاوض مع الروس منفردًا، بمثابة القشة التي عمّقت الخلاف، فلم يكن مستساغًا للأوروبيين، وجودُهم خارج طاولة التفاوض التي تهندِس المستقبل الأمني لأوروبا، وهو ما يوضّحه الإعلان عن الدعم الصريح لأوكرانيا عقب واقعة البيت الأبيض بين ترامب والرئيس الأوكراني زيلينسكي، وربط المسألة الأوكرانية بالأمن الأوروبي.
إعلانأدّى نهج ترامب في حل معضلة الحرب الروسية الأوكرانية إلى انقلاب في التوازنات القائمة، وهذا سينعكس على إعادة بناء إستراتيجيات أوروبا عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا.
يكفي للتذكير بالوضع الذي كان سائدًا، حدةُ التوجّه الأميركي السابق؛ ومعه البريطاني والفرنسي في دعم كييف بأسلحة كانت تعتبرها روسيا محظورة وكفيلة بإحداث حرب عالمية، لم تكن نفسها لدى ألمانيا، التي رفضت تقديم بعض الأسلحة الكفيلة بإحداث تغيير نوعي في الحرب، مما يعني أن كتلة مؤثرة في الاتحاد الأوروبي كانت تسعى إلى الإبقاء على الحرب في نطاق معين، يمنع اتساعها في الجغرافيا الأوروبية، ويبقي مساحة للتفاوض من أجل إيجاد مخرج من المأزق، لكنه تفاوض يراعي الهواجس والمخاوف الأوروبية، ويستجيب في الآن ذاته للمطالب الأوكرانية، وهو ما جسّده بشكل عملي مستشار ألمانيا في تواصله المباشر مع بوتين أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وبالنظر إلى مسارات الحرب والتسويات المطروحة، فالتاريخ الذي لم يقع، أن التفاوض الذي حصل قبل اندلاع الحرب، كانت ستحافظ معه أوكرانيا على كامل جغرافيتها، وسيتجنب العالم وأوروبا أساسًا أزمة اقتصادية وتوجهًا مكثفًا نحو تسلح قد يؤدي بشكل طبيعي إلى صدام أوروبي روسي في الأمد المتوسط، بل إن التسوية الحالية التي خلقت الانقسام بين أوروبا وأميركا، لن تحلّ الأزمة بشكل جذري، بل تعمل على ترحيلها إلى المستقبل.
سيكون المستقبل الأوروبي، محكومًا بما يجري الآن من تفاوضات تقرر مصير تخوم أوروبا؛ أي أن وضع أوكرانيا، وموقع القارة الأوروبية من التأثير في الجغرافيا السياسية للعالم، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرتها على تحقيق الاستقلال الأمني عن الولايات المتحدة، أو في حدود دنيا تحقيق الردع لحماية مصالحها بنفسها.
ومن ثم فإن أوروبا الآن، في تناقض مباشر مع الولايات المتحدة، ليس في المسألة الأوكرانية وحسب، وإنما في أمن أوروبا، إذ أضحى استقلال أوروبا الأمني والعسكري الخيار المستقبلي الذي يفرض نفسه بقوّة.
إعلان 2- المسألة الأمنيةليس جديدًا على قادة الاتحاد الأوروبي، التفكير في الاستقلال عن الولايات المتحدة الأميركية في المجال الأمني والعسكري، ذلك أن الفكرة قد طرحت بشدة في فترة حكم ترامب السابقة، حين طالب هذا الأخير القادة الأوروبيين بزيادة الإنفاق، مقابل الحماية التي يحصلون عليها من حلف الناتو.
لم يعتد الأوروبيون على خطاب مباشر يحمل الكثير من الإهانة بخصوص الأداء أو الإنفاق مقابل الحماية، فقد كان بمثابة جرح للنرجسية الأوروبية، جسّده حينذاك الرئيس الفرنسي في حديثه عن ضرورة التفكير والعمل على إنشاء قوة عسكرية أوروبية.
ضمر التفكير في الموضوع مع مجيء بايدن، وتعديل كفة العلاقات الأميركية الأوروبية، والانخراط الكلي في الحرب الروسية الأوكرانية بشكل مشترك، لكن ما طرحه ترامب بخصوص زيادة الإنفاق الإجمالي من الناتج المحلي الإجمالي من 2٪ والتي تم إقرارها سنة 2014 إلى 5٪، والمسار الذي سلكته إدارة ترامب بخصوص التسوية بين أوكرانيا وروسيا، قد يفرض تغيير الحدود ويبقي على روسيا في وضع المنتصر، مما يحمل تحديات وتهديدات لمستقبل الاتحاد الأوروبي.
ظهرت أوّل آثار ذلك، في قمة الاتحاد الأوروبي ببروكسل يوم 20 مارس/ آذار 2025، والتي تفيد برفع ميزانية الإنفاق الدفاعي إلى 800 مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة، منها 150 مليار يورو في هيئة قروض لمشاريع التسلح مع عدد من الإعفاءات الضريبية والتسهيلات الخاصة، بالإضافة إلى وضع الخطوات اللازمة لجاهزية الدفاع بحلول سنة 2030.
هذا تحوُّل عميق، سيرسم معالم جديدة لأوروبا المستقبل من الناحيتين؛ العسكرية والجيوسياسية في ظلّ اضطراب العلاقة مع روسيا، كما أنه يبرز تهيئة البدائل الممكنة للناتو أو الموازية له، نتيجة عدم وثوق الأوروبيين.
وبالعودة إلى الوراء، فإن ما بدأ يظهر الآن كإستراتيجيات أمنية خاصة بالاتحاد الأوروبي، كان محط نقاش في مناسبات عدة، نستحضر منها مناسبتين اثنتين:
إعلان إحداهما خلال اجتماع القادة الأوروبيين في بودابست يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إذ صرح الرئيس الفرنسي بأنه ينبغي للأوروبيين ألا يفوضوا أمنهم للأميركيين. كما قدم جوزيف بوريل خلال جلسة للبرلمان الأوروبي يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، قراءة للمرحلة المقبلة، والتي تستبطن حسب وجهة نظره تغيرات جيوسياسية مهمة، تحتاج أوروبا فيها للجاهزية من أجل التعامل مع تقلباتها، من ذلك ضرورة تعزيز أوروبا سياستها الدفاعية، التي بدأت تتبلور بفعل الشكوك التي تنمو باطراد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.يمكن القول، إن المسألة الأمنية خرجت من دائرة التفكير والانشغال السياسي الخطابي، إلى دائرة الفعل، تحت تحفيز وتأثير المناخ السياسي والعسكري المضطرب على الحدود الروسية الأوكرانية، ثم بفعل النهج الذي اختاره ترامب مع الحلفاء التقليديين.
في الواقع، إن وجود تكتل إقليمي متكامل اقتصاديًا وسياسيًا -إلى حد ما-، ومفتقر إلى إستراتيجية أمنية وعسكرية خاصة به، حالة جديدة في التاريخ الحضاري الأوروبي برمته، مع ما في هذا التاريخ من مآسٍ استعمارية وحروب داخلية وخارجية، فهو بشكله الراهن لا يمثل قوة مؤثرة تحمي مصالحه الاقتصادية، أو فعالة في حل النزاعات، ذلك أن دوره مرهون بموقف الولايات المتحدة الأميركية.
وقد تبين بالفعل أن أي اضطراب على حدوده أو تغيُّر في إستراتيجيات الإدارة الأميركية، قد يكون مؤثرًا عليه تأثيرًا مباشرًا في السلم والحرب معًا، ولهذا كلفته الوجودية، مع وجود رئيس بطباع ترامب الذي خلق تناقضات تهم السياسة والأمن والتجارة مع الحلفاء وغير الحلفاء.
3- الحرب التجاريةمباشرة بعد انتخاب ترامب، أنشأ الاتحاد الأوروبي مجموعة خاصة في قلب الأمانة العامة بقيادة رئيسة المفوضية "أورسولا فون دير لاين"، أطلق عليها مجموعة أو فرقة عمل ترامب، للتنسيق بين دول الاتحاد والمفوضية الأوروبية، بغية إيجاد طريقة للتعامل مع الحرب التجارية التي أعلنها ترامب، تجنبًا لرفع الرسوم الجمركية على السيارات والمنتجات الموردة من أوروبا إلى الولايات المتحدة؛ التي تعتبر السوق التجارية الأولى للاقتصاد الأوروبي.
إعلانلم يتوقّف ترامب عن الإشارة، إلى أنّ هناك عجزًا في الميزان التجاري للولايات المتحدة مع أوروبا يصل إلى 230 مليار دولار، متوعدًا برفع الرسوم الجمركية لتتراوح بين 10 و20 ٪، على كل السلع والواردات التي تصل قيمتها 3 تريليونات دولار من الدول الصديقة وغير الصديقة، 575 مليار دولار منها من السيارات والمنتجات الصيدلانية – وغيرها-، قادمة من الاتحاد الأوروبي.
لكن حجم الرسوم التي فرضها ترامب تجاوزت ما صرح به، لتصل إلى 25% على واردات الصلب والألمنيوم على كل من الصين، واليابان، وكندا، وأستراليا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، وباستثناء الصين، فإن باقي الدول تعد من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة.
وفي مقابل رفع ترامب رسوم "التعريفة" الجمركية؛ التي أبدى إعجابه الشديد بها، أقر الاتحاد الأوروبي رسومًا مماثلة؛ أو "بشكل متناسب" – حسب عبارة الأوروبيين – على عدد من المنتجات، وكان من المفترض أن يجري تنفيذها ابتداء من بداية أبريل/نيسان 2025، لكنها أُجّلت إلى منتصف الشهر، لفسح المجال أمام التفاوض السياسي لتجنب الآثار السلبية.
تخفي الرسوم الجمركية وجهًا من التوتر والخلاف بين الحليفين التقليديين، إذ ستكون كلفتها مرتفعة على الاقتصاد الأوروبي المرتبط بالسوق الأميركية بشكل كبير، كما أنها ترسخ حالة عدم اليقين أو الشك بين أوروبا والولايات المتحدة، التي تتجاوز علاقتهما البعد التجاري والاقتصادي إلى السياسي والأمني في القضايا الدولية. غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن لاحقًا تجميد العمل بهذه الرسوم، في خطوة مفاجئة أرجعها مراقبون إلى ضغوط داخلية واعتبارات انتخابية.
ختامًا: إن التغيرات التي يمكن أن تسفر عن وجود قوة عسكرية أوروبية، مكملة للناتو أو مستقلة عنه ولو نسبيًا، ستكون تعبيرًا عن تحولات جيوسياسية عميقة في القارة الأوروبية، وفي العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فهي بمثابة إيذان بنهاية التوازنات التي أسفرت عنها الحرب العالمية الثانية، وشلل في النظام الدولي المعبر عن المرحلة الماضية، مما قد يعمق التناقض بين القوى المتصارعة في مناطق النزاع.
إعلانفانعدام الثقة مع توجه الإدارة الأميركية الجديدة لدى لفيف من ساسة الاتحاد الأوروبي، أو الشك فيما تقدمه الولايات المتحدة من حماية وضبط إيقاع الصراع الدولي، ومعه التوتر الذي يخيم بخصوص التسوية الجارية في أوكرانيا وآثارها المستقبلية، والإنفاق الدفاعي أو الناتو، والرسوم الجمركية، وإبرام تسويات سياسية وأمنية بمنطق الربح الذي يحكم الصفقات التجارية، سيمهد كل ذلك لميلاد أو تشكل مستقبل مختلف لأوروبا والعالم، ستظهر معه مناطق نفوذ جديدة وأدوات مختلفة في تدبير الصراع.
إن نزوع ترامب الانعزالي يفرض على الأوروبيين إيجاد إستراتيجيات بديلة، ليس للاقتصاد وحسب، وإنما لحل معضلة الأمن، التي تعتبر محورية في التفكير الأوروبي منذ عقود من التحالف الإستراتيجي، فنحن إذن أمام مستقبل يشي بشقوق وتصدعات، أو عدم يقين بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية في عدد من المجالات.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline