ريما فارس
على مدى العقود الماضية، شكّل حزب الله حالة استثنائية في تاريخ المقاومة، ليس فقط في لبنان، بل في الإقليم بأسره. فمنذ نشأته، حمل راية الدفاع عن الأرض والشعب، مستندًا إلى رؤية واضحة وعقيدة ثابتة لا تتبدل وفق المصالح السياسية. مع اندلاع الأزمة السورية، وجد نفسه أمام معادلة معقدة فرضتها طبيعة الصراع وتشابكاته الإقليمية.
لم يكن السيد حسن نصر الله رجل سياسة بالمعنى التقليدي، حَيثُ تتداخل الحسابات وتتناقض المواقف. تميّز خطابه بالوضوح والشفافية، لم يُعرف عنه الكذب أَو التلاعب بالحقائق، بل ظل صادقًا في وعوده، أمينا على الدماء، واعيًا لحجم المسؤولية.
مع تصاعد الأزمة السورية، انقسمت الآراء حول طبيعة الصراع. البعض رآه ثورة شعبيّة، بينما اعتبره آخرون مخطّطا لإسقاط محور المقاومة. لم يكن موقف الحزب وليد اللحظة، بل جاء استجابة لخطر متنامٍ فرضه تمدد الجماعات التكفيرية. لم يكن تدخله موجّهًا ضد الشعب السوري، بل ضد “داعش” و”جبهة النصرة”، التنظيمات التي ارتكبت المجازر وانتهكت الحرمات. كان نصر الله واضحًا في خطابه، مؤكّـدًا أن المواجهة ليست مع السوريين، بل مع من اختطفوا الثورة وحوّلوها إلى مشروع دموي.
واجه الحزبُ اتّهاماتٍ كثيرة، بعضها استند إلى دعايات إعلامية، وبعضها الآخر كان جزءًا من حملة سياسية لتشويه صورته.
من أبرز ما وُجّه إليه أنه شارك في قتل المدنيين، بينما أظهرت الوقائعُ أن معاركه كانت محصورة ضد التنظيمات المتطرفة، لا في استهداف الشعب السوري.
المعارك الأخيرة أثبتت أنه لم يكن أدَاة بيد النظام، بل صاحب قرار مستقل، يتدخل وفق الضرورة، وينسحب متى انتفى الخطر. حتى في مواقفه السياسية، لم يكن داعمًا لكل سياسات دمشق، بل تعامل وفق ما يخدم الاستقرار العام.
عندما أعلن الحزب تدخله، لم يكن ذلك مدفوعًا بمصلحة حزبية، بل التزامٌ بتكليف شرعي لحماية لبنان ومنع سقوط المنطقة في قبضة الإرهاب. لو لم يكن هناك، لكانت المعركة انتقلت إلى الداخل اللبناني، ولشهدت بيروت والبقاع ما عرفته مدن العراق وسوريا من فظائع.
اليوم، وبعد سنوات من تلك الحرب، تبدو الحقيقة أكثر وضوحًا. لم يسعَ الحزب إلى فرض نفوذ، بل أَدَّى واجبًا فرضته المعطيات. ويبقى الحكم للتاريخ، الذي لا يُكتب بالصخب الإعلامي، بل بالحقائق التي تثبتها الأيّام.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: لم یکن
إقرأ أيضاً:
سعد الصغير يحضر الإفطار وسط أسرته.. هذه قصة سجنه وحقيقة شطبه من النقابة
أنهى الفنان الشعبي سعد الصغير إجراءات الإفراج عنه من قسم شرطة النزهة في القاهرة، وذلك بعد قضاء عقوبته في قضية حيازة وتعاطي المواد المخدرة.
هذه القضية التي شغلت الرأي العام وأثارت جدلاً واسعًا، وصلت أخيرًا إلى محطتها الأخيرة بعد سلسلة من الإجراءات القانونية التي استمرت لعدة أشهر.
في 10 سبتمبر الماضي، فوجئ الجمهور بخبر القبض على سعد الصغير عند وصوله إلى مطار القاهرة، حيث تم ضبط مواد مخدرة بحوزته أثناء التفتيش الجمركي.
وفقًا لقانون مكافحة المخدرات، تم توجيه التهم إليه، ليبدأ بعدها مسار قانوني معقد تضمن تحقيقات مطولة وجلسات محكمة متعددة.
عقب إلقاء القبض عليه، أُحيل الصغير إلى النيابة العامة بالقاهرة، حيث بدأت الجهات المختصة في جمع الأدلة وإجراء الفحوصات، شملت تحليلات للمواد المضبوطة وتقارير الطب الشرعي. وبعد التحقيقات، وُجهت له تهمة حيازة وتعاطي المخدرات.
في 17 سبتمبر، قررت النيابة العامة إحالة سعد الصغير إلى المحاكمة الجنائية. وخلال جلسات المحكمة، نفى الفنان جميع التهم المنسوبة إليه، مؤكدًا أنه لا يدخن السجائر وأن تناوله للترامادول كان بناءً على وصفة طبية. كما أشار إلى أنه لم يكن على علم بأن السجائر التي كانت بحوزته تحتوي على زيوت مخدرة.
الحكم القضائي وتخفيف العقوبةفي 25 نوفمبر، أصدرت محكمة الجنايات حكمًا بسجنه لمدة ثلاث سنوات.
إلا أن فريق الدفاع استأنف الحكم، مما أدى إلى إعادة النظر في القضية. وفي 13 فبراير، قررت محكمة جنايات مستأنف القاهرة تخفيف العقوبة إلى 6 أشهر، وهو الحكم الذي قضاه بالكامل داخل السجن حتى موعد الإفراج عنه.
بالتوازي مع تطورات القضية، أثير جدل حول مصير عضوية سعد الصغير في نقابة المهن الموسيقية.
الدكتور محمد عبد الله، وكيل النقابة، أوضح أن الأخبار التي تداولت عن "شطب" عضوية الفنان غير دقيقة، إذ إن العضوية انتهت تلقائيًا وفقًا لقانون النقابات الفنية رقم 35 لسنة 1978.
وأوضح عبد الله أن القانون ينص على انتهاء العضوية تلقائيًا في حال فقدان العضو أحد شروطها، وبما أن الصغير صدر بحقه حكم في قضية مخلة بالشرف، فقد فقد بذلك أحد شروط الاستمرار في النقابة، دون الحاجة إلى قرار رسمي من مجلس النقابة.
كما أكد أن مصطلح "الشطب" يُستخدم فقط عند صدور قرار تأديبي من النقابة، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.
مع انتهاء مدة العقوبة، بدأت الإجراءات النهائية للإفراج عن سعد الصغير من قسم شرطة النزهة.
ووفقًا لما صرّح به فريق الدفاع، فقد تم التأكد من عدم وجود قضايا أخرى ضده، كما جرت مراجعة التقارير القانونية الخاصة به لضمان إتمام كافة الإجراءات دون أي عوائق قانونية.
في يوم الإفراج، خضع الصغير لمراجعة أخيرة من قبل الجهات الأمنية المختصة، وتم التأكد من استيفاء جميع الشروط القانونية، ليتم السماح له بمغادرة القسم بعد استكمال الإجراءات الإدارية.
الاستعدادات للاحتفال بعودتهبمجرد إعلان موعد الإفراج، بدأت عائلة سعد الصغير التحضير لاستقباله، حيث نُظِّم احتفال شعبي في منطقة شبرا الخيمة، مسقط رأسه.
ووفقًا لما ذكره محاميه، فقد تمت دعوة الأهل والأصدقاء وعدد من محبيه، وذلك في محاولة لدعمه نفسيًا بعد الفترة العصيبة التي مر بها داخل السجن.
بعد انتهاء القضية وإطلاق سراحه، يترقب جمهور سعد الصغير الخطوة القادمة في مسيرته الفنية.
فهل سيتمكن من العودة إلى الساحة الفنية واستعادة شعبيته السابقة؟ أم أن تبعات القضية ستلقي بظلالها على مستقبله المهني؟
أغلقت قضية سعد الصغير قانونيًا، لكن آثارها لا تزال مستمرة على حياته الشخصية والمهنية.
وبينما يسعى الفنان لاستعادة مكانته في الساحة الفنية، تبقى الدروس المستفادة من هذه الأزمة نقطة فاصلة في مسيرته، قد تؤثر على قراراته المستقبلية.