سواليف:
2025-04-15@04:35:52 GMT

الصوم سيّد الأدوية بلا منازع

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

#الصوم سيّد الأدوية بلا منازع

#ماجد_دودين

في ظل التلوّث والتسمم البيئي والتغير المناخي، فإن أجسادنا تمتص كمية من السموم عبر الهواء والماء والغذاء، ويؤدي تراكم هذه السموم إلى أمراض خطيرة مثل الشيخوخة المبكرة، والسرطان، والموت المفاجئ، وبعد تجارب مُضنية وَجَدَ العلماء شيئاً عجيباً… هل تعلمون ما هو؟

يؤكد الأطباء أنّ الصوم هو الوسيلة الوحيدة التي تمكّن خلايا الجسم من التخلص -بأمان ودون آثار جانبية -من كافة المواد السامة المتراكمة!! يؤكد الأطباء أنّ الصوم ينشّط النظام المناعي لدى الصائم بدرجةٍ كبيرة… وبالتالي فإنّ مقاومة الجسم تزداد ضد جميع الأمراض، ولذلك يمكن اعتبـــــار الصيام سيّد الأدوية بلا منازع!

مقالات ذات صلة “أرزاك مكدّره”(أرزاق مُقدّرة) 2025/03/12

تؤكد مئات الأبحاث العلمية أنّ الصوم يساعد على تنظيم عمل القلب وعلاج أمراضه واضطراباته… وهناك أبحاث تؤكد أن الصوم يقي من تصلّـــــب الشرايين واحتشاء العضلة القلبية!

كل واحد منا يستهلك في الهواء الذي يستنشقه عدة كيلوجرامات من المواد السامة والملوثة مثل أكسيد الكربون والرصاص والكبريت.

إن الحل الأمثل لاستئصال هذه المواد المتراكمة في خلايا الجسم هو استخدام سلاح الصوم الذي يقوم بصيانة وتنظيف هذه الخلايا بشكل فعال، وإن أفضل أنواع الصوم ما كان منتظماً، ونحن عندما نصوم لله شهراً في كل عام إنما نتبع نظاماً مثالياً لتصريف مختلف أنواع السموم من أجسادنا.

ومن أغرب الأشياء التي تلفت الانتباه قدرة الصوم على علاج الاضطرابات النفسية القوية مثل الفصام!! حيث يقدم الصوم للدماغ وخلايا المخ استراحة جيدة، وبنفس الوقت يقوم بتطهير خلايا الجسم من السموم، وهذا ينعكس إيجابياً على استقرار الوضع النفسي لدى الصائم.

لقد عالج الدكتور “يوري نيكولايف” مدير وحدة الصوم في معهد موسكو النفسي أكثر من سبعة آلاف مريض نفسي باستخدام الصوم؛ حيث استجاب هؤلاء المرضى لدواء الصوم فيما فشلت وسائل العلاج الأخرى، وكانت معظم النتائج مبهرة وناجحة! واعتبر ان الصوم هو الدواء الناجح لكثير من الأمراض النفسية المزمنة مثل مرض الفصام والاكتئاب والقلق والإحباط.

الصوم دورة تدريبية وصيانة سنوية

إن المهندس الذي صمّم السيارة مثلا أرفق معها دليلاً يرشدنا إلى كيفيّة صيانتها بشكل يومي وشهري ودوري كي تخدمنا وتؤدي الغرض الذي صُنعت له – ولله المثل الأعلى – لقد خلقنا الله سبحانه وأرسل إلينا رسولا منا يعلمنا الكتاب والحكمة وأنزل علينا منهاجاً يدلنا كيف نصون عقولنا وأرواحنا وأجسادنا لنعيش حياة السعادة في الدنيا والآخرة وقدّم لنا الصيانة اليومية لأرواحنا وأجسادنا من خلال الصلوات الخمس، والصيانة الأسبوعية من خلال صلاة الجمعة، والصيانة السنوية المركّزة من خلال شهر رمضان، والصيانة الحياتية الشاملة من خلال الحج

لقد كتب الله علينا الصيام كما كتبه على الأمم من قبلنا ولكنّ تلك الأمم غيّرت وبدّلت أحكام الصيام وحافظنا عليها بفضل الله كمسلمين حيث نؤديها على الوجه الأكمل كما أداها النبي عليه السلام وأصحابه رضوان الله عليهم.

أودّ أن أبيّن وأوضّح بأن معرفة العلة من الحكم الشرعي تعتبر أمراً تحسينياً زائدا على الأصل … فالأصل في الصيام أنّه ركن من أركان الأسلام وفريضة وعبادة افترضها الله علينا بشروط معلومة في أوقات وعلومة … فنحن لا نصوم لأن الصيام هو الدواء الشافي لأكثر من 100 من الأمراض، أو لأن الأطباء يؤكدون اليوم أن الصوم ضرورة حيوية لكل إنسان حتى ولو كان يبدو صحيح الجسم، ولا نصوم لأن السموم التي تتراكم خلال حياة الإنسان لا يمكن إزالتها إلا بالصيام والامتناع عن الطعام والشراب ولكننا نصوم امتثالا لأمر الله الذي فرض علينا الصيام أما كل الفوائد والمنافع والثمرات والحِكم التي تتحقق بالصيام فهي أمر تحسيني يزيدنا يقينا إلى صحة وسلامة معتقداتنا.

الصلوات الخمس صيانة يومية وطهارة للقلب والروح والعقل والجسد …وكفارة للخطايا والذنوب إذا اجتنبت الكبائر … قال صلى الله عليه وسلّم: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا.) رواه البخاري ومسلم

وصلاة الجمعة صيانة أسبوعية… عن أَبي هُريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ» رواه مسلم.

وعن عثمانَ بنِ عفان رضي الله عنه قالَ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه ﷺ يقولُ: «ما مِن امرئ مُسْلِمٍ تحضُرُهُ صلاةٌ مَكتُوبةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشوعَهَا، وَرُكُوعَها، إِلاَّ كَانَتْ كَفَّارةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرةٌ، وَذلكَ الدَّهْرَ كلَّهُ» رواه مسلم.

وها نحن نعيش شهر الصيانة السنوية -شهر رمضان –الذي يقلب روتين حياتنا قلباً جميلاً … ويزوّدنا بشحنات من التقوى

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: “الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ”. رواه مسلم.

… ثم تأتي العمرة ويأتي الحج -لمن استطاع إليه سبيلا -ليكون الصيانة الحياتية الشاملة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وعن أبي هريرة قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقولُ: «منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ». متفقٌ عَلَيْهِ.

تأمّلوا عظمة الله تعالى كيف يسّر لنا ما يسعدنا ويصلحنا في الدنيا والآخرة…وهكذا نستمر في برنامج الصيانة الرباني الروحي والقلبي والعقلي والجسدي والنفسي الشامل والمتواصل حتى يأتينا اليقين (الموت) – ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ…)) فتصعد الروح إلى بارئها نقيّة طاهرة من جسد نقي طاهر وقلب صاف وعقل حكيم فتستحق أعلى عليين بفضل وكرم ورحمة الله رب العالمين

ولله المثل الأعلى … كيف يكون حال سيارة يهملها صاحبها فلا صيانة يومية ولا أسبوعية ولا سنوية ولا صيانة شاملة (أفرهول) ماذا تكون النتيجة لمن يضع الماء في مركبته مكان الوقود والزيت مكان الماء؟! تتعطّل السيارة ولا تعمل وتتلف… يصدأ القلب وتهزل الروح ويموت العقل ويمرض الجسد ويسوء المصير …نسأل الله الثبات والعفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة …

عن أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ))

سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ الْعَجَائِبَ فِي مَصْنُوعَاتِهِ، وَدَلَّ على عظمته بمبتدعاته، وحث على تصفح عِبَرِهِ وَآيَاتِهِ، وَأَظْهَرَ قُدْرَتَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالنَّقْضِ، والهشيم والغض، {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

سَعِدَ مَنْ تَدَبَّرَ، وَسَلِمَ مَنْ تَفَكَّرَ، وَفَازَ مَنْ نَظَرَ وَاسْتَعْبَرَ، وَنَجَا مِنْ بَحْرِ الْهَوَى مَنْ تَصَبَّرَ، وَهَلَكَ كُلَّ الْهَلاكِ وَأَدْبَرَ، مَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ مَعَ الشَّعْرِ الْمُبْيَضِّ {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

يَا أَرْبَابَ الْغَفْلَةِ اذْكُرُوا، يَا أَهْلَ الإِعْرَاضِ احْضُرُوا، يَا غَافِلِينَ عَنِ الْمُنْعِمِ اشْكُرُوا، يَا أَهْلَ الْهَوَى خَلُّوا الْهَوَى وَاصْبِرُوا، فَالدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ فَجُوزُوا وَاعْبُرُوا، وَتَأَمَّلُوا هِلالَ الْهُدَى فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا، فَقَدْ نَادَى مُنَادِي الصَّلاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، فَأَسْمَعَ أَهْلَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ {قُلِ انظروا ماذا في السماوات والأرض}.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: رضی الله عنه الله علیه من خلال

إقرأ أيضاً:

من«الشعانين»إلى «القيامة»... قصة أسبوع يعيشه الأقباط حدادًا على آلام المسيح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يستعد الأقباط الأرثوذكس لبدء أقدس وأكثر الأيام الروحانية في الفكر الكنسي، حيث يبدأون أيام البصخة المقدسة أو "أسبوع الآلام"، وهو الأسبوع الثامن والأخير من الصوم الكبير، ويبدأ الأسبوع بأحد الشعانين "السعف" وينتهي باحتفالات عيد القيامة أو عيد الفصح المسيحي.

تحظى هذه الأيام بمكانة خاصة في قلوب مسيحيي مصر والعالم، لكونها تحمل في طياتها الفصل الأخير من قصة فداء البشرية من الخطية الأولى في المعتقد المسيحي، وتنفرد الكنيسة القبطية في هذه الأيام المقدسة بطقوس استثنائية تعبّر عن الحزن والتأمل العميق في آلام السيد المسيح.

تتحول كل كنائس مصر خلال هذه الأيام إلى أماكن للصلاة والتأمل، حيث تُقام الصلوات اليومية المعروفة بـ"البصخة المقدسة" وسط ألحان حزينة وستائر سوداء تتزين بها الكنيسة حدادًا روحيًا على آلام السيد المسيح. وفي ظل تلك الأجواء، تأخذكم "الـبوابة نيوز" في رحلة روحية مسلطين الضوء على معالم تلك الأيام.

من البداية 


بدأ الصوم الكبير من العصور الأولى للمسيحية، ومرّ بتطورات كثيرة عبر تاريخ الكنيسة، في البداية بعض المسيحيين كانوا يصومون يوم أو يومين قبل عيد القيامة، لكن مع مرور الوقت بالتحديد في مجمع نيقية سنة 325م، تم الاتفاق فيما بين الكنائس على تثبيت الصوم الأربعيني قبل عيد القيامة اقتداءً بصوم السيد المسيح نفسه حينما صام 40 يومًا و40 ليلة في البرية قبل بداية خدمته مثلما ذكر في إنجيل متى 4:2.

وقال الباحث في التاريخ الكنسي “كيرلس كمال” خلال حديثه لـ"البوابة نيوز": تُعد آلام وقيامة السيد المسيح من الأحداث المهمة التي اهتمت بها الكنيسة في قرونها الأولى حيث كانت الكنيسة الأولي تحتفل بأيام الفصح المسيحي منفصلاً عن الصوم الكبير، وكان البعض يصوم الجمعة الكبير وسبت الفرح فقط وهناك من كان يصوم أربعين ساعة المدة التي قضاها المخلص في القبر، ولكن بدأت كنيسة أورشليم تصوم وتحتفل أسبوعاً كاملاً من ليلة الإثنين حتي الاحتفال الفصحي بليلة القيامة المجيدة وبعد مجمع نيقية المنعقد سنة ٣٢٥ م أصدر الإمبراطور قسطنطين أمراً بجعل أسبوع الآلام إجازة رسمية للعاملين بالدولة ومن هنا بدأت كل الكنائس تحتفل بهذا الأسبوع العظيم.

وذلك ما أكده أيضاً الباحث مينا سليمان خلال حديثه لـ"البوابة نيوز": أن أسبوع الآلام تاريخيًا حينما كان يُصام فقط يوم الجمعة العظيمة تذكارًا لصلب المسيح ومع الوقت تمت إضافة اليوم التالي وهو السبت والصوم في هذين اليومين كان كنوع من الاستعداد لتذكار فصح "قيامة" المسيح -كان هناك البعض الذين يصومون ثلاثة أيام-، ثم تطور الأمر بعد ذلك في القرن الثالث الميلادي أو قبل ذلك بقليل ليصبح الصوم ستة أيام قبل عيد القيامة. 

وتابع، كان صوم الأسبوع العظيم منفصلًا عن الصوم المقدس؛ فقد كانت الكنائس تصوم الصوم المقدس المعروف بالصوم الأربعيني بعد عيد الثيئوفانيا المعروف بعيد الغطاس الذي اعتمد فيه المسيح على يد يوحنا المعمدان وبعد ذلك تم ضم صوم الأسبوع المقدس المعروف باسم أسبوع الآلام إلى الصوم الأربعيني وكانت المحاولات الأولى في حبرية البابا ديمتريوس الكرام البابا الثاني عشر في تعداد باباوات الإسكندرية وأصبح الصوم الأربعيني يحوي صوم الأسبوع المقدس حيث وقتها لم يكن الصوم الأربعيني ينته بجمعة ختام الصوم كما في أيامنا هذه ولكن كان ينتهي بالجمعة العظيمة وظل هكذا حتى أصبح صوم الأسبوع المقدس بعد نهاية الصوم المقدس الأربعيني المعروف حاليًا بالصوم الكبير.

وتطور الصوم الكبير في الكنيسة القبطية بعدها ليأخذ شكله الحالي المكون من 55 يوما (7 أيام استعداد + 40 يوم صوم السيد المسيح + أسبوع الآلام)، بينما في الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية، كاليونانية والروسية، يمتد الصوم الكبير إلى 48 يومًا تقريبًا، ويبدأ يوم الاثنين الذي يلي أحد مرفع اللحم، ويُعرف بـ"الاثنين النظيف"، لا يُحتسب أسبوع الآلام ضمن الأربعين يومًا، بل يُفصل عنه طقسيًا، على عكس الكنيسة القبطية.

في الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية، يبدأ الصوم الكبير يوم الأربعاء الرمادي، يمتد حتى السبت المقدس قبل عيد القيامة، أي نحو 46 يومًا، لكن يُستثنى منها أيام الآحاد من الصوم، باعتبارها أيام احتفال بالقيامة، فيتبقى فعليًا 40 يومًا من الصوم، بينما غالبية الكنائس البروتستانتية لا تفرض صيامًا إلزاميًا، لكنها تحتفل بزمن الصوم الكبير كموسم للتأمل والتوبة، ويمتد بنفس المدة المعتمدة في الكنيسة الكاثوليكية، مع مرونة في الصوم بحسب اختيار الفرد أو الطائفة.

طقوس أسبوع الآلام

تنفرد الكنيسة القبطية خلال هذه الأيام المقدسة بطقوس استثنائية تعبّر من خلالها عن أحزانها وتأملها العميق في آلام السيد المسيح وتُمارس الكنيسة خلال هذه الفترة مجموعة فريدة من الطقوس التي تجمع بين الرمزية العميقة والدقة الطقسية، تهدف من خلالها إلى مرافقة السيد المسيح روحيًا في رحلة الآلام، ساعةً بساعة ويومًا بيوم، حتى القيامة المجيدة.

وتسرد كُتب "طقوس الليتورجية" في الكنيسة القبطية كل الطقوس الخاصة بهذه الأيام نذكر منها كتاب اللآلئ النفيسة في شرح طقوس الكنيسة لـ"القمص يوحنا سلامة"، وبالنسبة للطقوس الكنسية فهى كالآتي:

تبدأ صلوات البصخة المقدسة في أسبوع الآلام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية مساء أحد الشعانين "أحد السعف"، تغطيَ المنجليتين -حاملات الكتب المقدسة- القبطية والعربية بالستور السوداء. يغلق باب الهيكل وتدلى عليه الستائر السوداء، وتغطي أعمدة الكنيسة أيضا بالستائر السوداء، ويوضع في وسط الكنيسة أيقونة المسيح بإكليل الشوك أو مصلوب ويوضع أمامها 3 شمعات إشارة إلي قراءات البصخة الثلاث (النبوات "العهد القديم"، المزامير، البشارات الأربعة "العهد الجديد).

يحتسب اليوم في طقس الكنيسة من الغروب إلي غروب اليوم التالي، تتكون صلوات البصخة المقدسة من 10 ساعات، وينقسم اليوم إلي خمس ساعات نهارية وخمس ساعات لليلة، ويستمر هكذا إلي يوم الجمعة العظيمة ويضاف علي هذه الصلوات صلاة الساعة الثانية عشر.

 

الأديرة القبطية

 

كانت الكنيسة قديماً تصلي كل صلاة في وقتها ثم يرتاح الشعب بعدها إلي وقت الساعة التالية ، ومازالت الأديرة القبطية تتبع هذا النظام إلي وقتنا هذا، أما الكنائس الأرثوذكسية حالياً تجمع الصلوات النهارية معا والمسائية معا، وتقام الصلوات في هذه الأيام خارج خورس الشمامسة والهيكل وذلك لأن السيد المسيح تألم وصلب علي جبل الجلجثة خارج أورشليم.

ويقرأ البشارات الأربعة علي مدار هذه الأيام، يقرأ إنجيل متي بأكمله يوم الثلاثاء، وإنجيل مرقس يوم الأربعاء، وإنجيل لوقا يوم الخميس، وأما إنجيل يوحنا قبل تسبحة نصف الليل يوم أحد القيامة المجيدة

وفي التقليد الكنسي من لليلة الأربعاء إلي آخر يوم السبت "لليلة العيد" لا يقبل الكهنة والشعب بعضهم بعضاً وذلك، استنكار لقبلة يهوذا الخائن للسيد المسيح مقابل ثلاثين من الفضة.

لا تصلي الكنيسة بالأجبية "كتاب السواعي" في أيام البصخة لأنها مليئة بالمزامير التي تحوي نبوءات عن المسيح من ميلاده حتي صعوده؛ فاختارت الكنيسة القبطية منها ما يناسب صلوات البصخة المقدسة، حتي تتفرغ تماماً الكنيسة في صلواتها لآلام المسيح.

- لا تقام جنازات علي الموتي خلال هذا الأسبوع والسبب لأن الكنيسة خصصت هذا الأسبوع للصلاة والصوم والتسبيح وإحياء للآلام المسيح علي مدار هذه الأيام المقدسة، وتصلي الكنيسة عقب قداس أحد الشعانين صلاة الجناز العام لجميع الموتي في هذا الأسبوع فقط ولذلك يجب حضور الشعب كله لهذه الصلاة، وإذا توفي أحد فإنه يعد تمت الصلاة عليه، لكن لا يوجد مانع بدخول المتوفي إلي الكنيسة ليحضر صلاة ساعة من البصخة ثم ينصرفون به.
 

 البصخة المقدسة


ومن جانبه يقول الباحث مينا سليمان: الأسبوع المقدس عُرف تاريخيًا بأسماء عدة منها البصخة المقدسة أو الأسبوع الكبير أو أسبوع القيامة أو الأسبوع العظيم وغيرها من الأسماء وصولًا إلى أسبوع الآلام الأسبوع المقدس عُرف باسم أسبوع البصخة أو الفصح وذلك لأن كلمة بصخة وفصح لهما معنى واحد وهو "عبور أو اجتياز" وهو العمل الذي قام به المسيح حينما مات وقام حيث اجتاز وعبر الموت لصالح البشر وجعل كل مؤمن به وبعمله يقبل الحياة الأبدية حيث يرجع للصورة الإلهية التي وضعها الله في الإنسان مرة أخرى؛ هذه الصورة التي فُقدت بسبب سقوط أبوينا.

وتابع، خلال الأسبوع المقدس المعروف بأسبوع الآلام تضع الكنيسة في أذهان أبنائها صورة المسيح الذي تألم لأجلهم "مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ ٱلنَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ ٱلْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ ٱللهِ وَمَذْلُولًا. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لِأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لِأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلَامِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَٱلرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (إش53: 3- 7). 

 

قيامة لعازر



وأكمل، حيث تضع الكنيسة القبطية القراءات من الكتاب المقدس بعهديه؛ فمن العهد القديم حيث النبوات عن تحقيق خلاص المسيح وكذلك قراءة الإنجيل حيث نجد ترتيب أحداث الآلام لحظة بلحظة مع المسيح المخلص ووضعت الكنيسة تذكار الآلام بداية من يوم السبت المعروف بسبت لعازر وذلك خلال القرنين السادس والسابع حيث اعتبرت الكنيسة أن الآلام قد بدأت بقيامة لعازر من الأموات حيث قرر اليهود قتل المسيح بسبب إيمان كثير من اليهود بالمسيح بسبب تلك المعجزة العظيمة مرورًا بأحد السعف الذي يعتبر تذكار دخول المسيح إلى أورشليم كملك والكنيسة تعتبره عيدًا ويبدأ الأسبوع من ليلة الإثنين لحظة بلحظة وساعة بساعة حتى جمعة الصلبوت وتذكار موت المسيح وطيلة أيام الأسبوع نجد الكنيسة لا تدخل الهيكل وتصلي خارج الهيكل وذلك تطبيقًا لقول الكتاب "فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ" (عب 13: 13) إلا أن الكنيسة ترجع للهيكل فقط تصلي قداس خميس العهد وتخرج مرة أخرى إلى أن تعود مرة أخرى في صلوات ليلة السبت التي تنتهي بقداس السبت الكبير الذي يُدعى سبت الفرح وينتهي تذكار الأسبوع بفرحة القيامة في ليلة الأحد.

واختتم الباحث مينا سليمان قائلاً: وتتميز صلوات هذا الأسبوع بألحان خاصة بها تعزية لنفوس المؤمنين؛ حيث يتأمل المؤمنون ويعيشون مع المسيح المخلص ويشاركونه آلامه حتى يكون لهم نصيب في قيامته المجيدة، فصلوات هذا الأسبوع هي صلوات تمتد لوقت طويل وذلك لأن في القديم كان المؤمنون يقضون هذا الأسبوع في الكنيسة حيث نجد الملوك والأباطرة المسيحيين يمنحون موظفي الدولة عطلة ليتفرغوا للصلوات والعبادة في الكنيسة خلال هذا الأسبوع ومن الأمور الجيدة حينما نقرأ عن بعض الأباطرة ومنهم الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير الذين كانوا يطلقون أسرى في هذا الأسبوع ليشتركوا في العبادة مع باقي المؤمنين كنوع من الرعاية الروحية.

موعد عيد الفصح

والتباين بين الكنائس في فترة الصوم لم تقتصر على مدته فقط بل امتدت إلى تحديد موعد عيد القيامة، حيث الكنائس حول العالم لا تحتفل بعيد الفصح في يوم واحد يجمعهم؛ وذلك لاختلاف التقويم المتبع من كل كنيسة عن الأخرى.

 وفي ضوء ذلك يكمل الباحث كيرلس كمال حديثه: تحديد موعد عيد القيامة كان السبب الرئيسي الثاني لَانعقاد مجمع نيقية المجمع المسكوني الأول سنة 325 م هو تحديد موعد عيد القيامة بسبب الخلاف الحادث منذ القرن الثاني الميلادي حول موعد الاحتفال بهذا العيد بين يوم 14 نيسان مع الفصح اليهودي أو الأحد الذي يليه، حيث أن كنائس آسيا الصغرى احتفلت بعيد القيامة يوم الرابع عشر من نيسان "الفصح اليهودي" باعتباره يوم الصلب غير مهتمين بموقع هذا التاريخ في أي يوم من أيام الأسبوع، وقد سميت هذه الكنائس أو المجموعة التي تحتفل بهذا العيد في ذلك اليوم بـ"الأربعة عشريين" غير أن كنائس الغرب في روما والإسكندرية كانوا يعيدون في الأحد الذي يلي الفصح اليهودي.

وتابع، بدأت هذه المناقشة حوالي سنة 155 م بين القديس بوليكاربوس الذي كان يؤيد الاحتفال يوم 14 نيسان، وبين أنسيطَوس أسقف روما عندما زار قيصر روما بوليكاربوس ولكن هذا الخلاف لم يمنع المحبة والسلام بينهم، وفي زمن فيكتور أسقف روما المؤيد للاحتفال يوم الأحد الذي يلي 14 نيسان وكانت صراعات كبيرة عقد بسببها فيكتور أسقف روما مجمع حرم كل من يحتفل بالعيد يوم 14 نيسان مع اليهود لكن تدخل القديس إيريناوس يهدأ من روع الأمور حتى لا تحدث انشقاقات داخل الكنيسة.
وأكمل، لينعقد مجمع نيقية وحل هذه القضية حيث قرر أن كنيسة الإسكندرية هي من تحدد موعد هذا العيد علي أن يكون الأحد الذي يلي الفصح اليهودي بعد الاعتدال الربيعي والفصح اليهودي ١٤ نيسان، وحسب نص الدسقولية "فصل 31" يجب أن يأتي عيد القيامة يوم أحد ويكون يوم الأحد الذي يسبق الفصح اليهودي أي بعد الاعتدال الربيعي الموافق "21 مارس من كل عام".

وتابع، يكون الاحتفال بعيد القيامة مرة واحدة فقط في السنة، ارتبط عيد القيامة بتحديد موعد الفصح اليهودي حتى يكون الأحد الذي يليه لذلك صار يُحسب موعد هذا العيد تبعاً للفصح اليهودي الذي يتبع التقويم العبري القمري، ويكون الفصح اليهودي يوم 14 من الشهر العبري الأول نيسان.

وأضاف كمال، وقد وضع البابا ديمتريوس الكرام الحساب الأبُقطي لَاحتساب الفرق بين التقويمين الشمسي والقمري دون الرجوع لليهود لتحديد اليوم الذي يأتي فيه الفصح اليهودي كان موعد تحديد عيد الفصح حسب السنة الدينية اليهودية يقتصر على كهنة اليهود فقط وليس يعرفه الشعب وكانت الحساب التقويمية اليهودية معقدة جداً لذلك وضع البابا ديمتريوس هذا الحساب لتحديد موعد الفصح بدقة ولا يحتاج لمعرفته من اليهود.

ويختلف موعد الصوم من سنة لأخرى بسبب طبيعة التقويم القمري الذي تختلف دورته عن التقويم الشمسي، حيث أن الشهر العبري القمري عبارة عن "29، 30" يوم وكذلك السنة القمرية أقل من السنة الشمسية حوالي 11 يوما، فالحسَاب الأبقطي يحسب الفرق أو الباقي بين التقويمين ليحُدد بدقة موعد العيد.


 


 

 

الباحث مينا سليمان
 الباحث كيرلس كمال

مقالات مشابهة

  • استشاري: السموم التي تخرج من الشموع العطرية قريبة من السجائر ..فيديو
  • من النبي الوحيد الذي يعيش قومه بيننا حتى الآن؟ علي جمعة يكشف عنه
  • ترامب: سأفرض رسومًا جمركية على الأدوية المستوردة
  • علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
  • 11 نصيحة بسيطة للحفاظ على صحة الكبد
  • وزير التجارة الأمريكي: فرض رسوم جمركية على الأدوية خلال شهر
  • هل يُسمح بأكل السمك في أحد الشعانين؟
  • من هو عبد الله البلوشي الذي شكره محمد بن راشد على حسن وداعه لمسافرة
  • من«الشعانين»إلى «القيامة»... قصة أسبوع يعيشه الأقباط حدادًا على آلام المسيح
  • خيال علمي يصبح حقيقة… روبوتات دقيقة ستساهم بتوصيل الأدوية داخل الجسم البشري