شهدت سوريا خلال الأيام الأخيرة تطورات في غاية الأهمية تتعلق بمستقبلها ووحدة ترابها، كما تهم جيرانها، على رأسها تركيا. وأول تلك التطورات هو إفشال محاولة الانقلاب التي قام بها فلول النظام البائد بدعم خارجي. وبمجرد بداية الأحداث في الساحل السوري، تحركت في تركيا مجموعات من المعارضة والطائفة العلوية تدَّعي بأن هناك مجازر يتعرض لها العلويون في سوريا، وتسعى إلى تحريض العلويين في تركيا ضد الحكومة بسبب وقوفها إلى جانب الإدارة السورية الجديدة.
تعامل دمشق مع محاولة الانقلاب بحكمة وعقلانية أدَّى إلى قمعها خلال ساعات، كما أن فضح الإشاعات والأنباء الكاذبة التي تم ترويجها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام، قطع دابر محاولات نقل الأزمة إلى داخل تركيا. ومع ذلك، كرَّر معارضون من مشاهير السياسة والإعلام والفن ذات الادعاءات، رغم نفيها، لدعم الحملات التي تسعى إلى إثارة الفتنة الطائفية، في الوقت الذي تستعد البلاد لطي صفحة الإرهاب الانفصالي نهائيا.
أحداث الساحل السوري كشفت عن حقيقة العنصريين الذين كانوا يحرضون ضد اللاجئين السوريين ويقولون إن ما يجري في سوريا من قتل وتدمير شأن داخلي لا يعني تركيا، وبعد سنوات ردَّدووا فيها هذا القول يوميا، أصبحوا فجأة يهتمون بالتطورات التي تشهدها سوريا، بدعوى أن العلويين يتعرضون فيها للمجازر
أحداث الساحل السوري كشفت عن حقيقة العنصريين الذين كانوا يحرضون ضد اللاجئين السوريين ويقولون إن ما يجري في سوريا من قتل وتدمير شأن داخلي لا يعني تركيا، وبعد سنوات ردَّدووا فيها هذا القول يوميا، أصبحوا فجأة يهتمون بالتطورات التي تشهدها سوريا، بدعوى أن العلويين يتعرضون فيها للمجازر. وبعد التجاهل الطويل للمجازر الحقيقية التي ارتكبها النظام البائد في حق الأغلبية السنية، أرادوا أن يقيموا الدنيا عن طريق تضخيم الأنباء عن "المجازر". وبذلك، اتضح أنهم لا يعادون جميع السوريين والعرب، بل المسلم السني منهم فقط.
انتهاء الأزمة في الساحل السوري إلى حد كبير سيريح تركيا التي تشكل الأقلية العلوية نسبة من عدد سكانها، وسيحول دون انتقال المشاكل إلى أراضيها. كما أن أنقرة تعتبر استتباب الأمن والاستقرار في سوريا أمرا ضروريا لحماية الأمن القومي التركي، وترى أن الأحداث الأخيرة ما هي إلا محاولة لإشعال نار الفتنة الطائفية تقف وراءها فلول النظام البائد، وترحِّب بالرسائل المعتدلة التي وجَّهها الرئيس السوري أحمد الشرع من أجل إخماد تلك النار.
هناك تطور آخر في غاية الأهمية جاء على وقع أحداث الساحل السوري وهو توقيع الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، اتفاقا لتسليم مناطق شرق الفرات إلى الحكومة السورية الجديدة. وهذه الخطوة أيضا تهم أنقرة بالدرجة الأولى لارتباطها بخطة حل حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه، وإزالة مخاوف تركيا على أمنها القومي. ومن المؤكد أن هناك عدة عوامل أحدثت هذا التطور، ودفعت "قسد" إلى التخلي عن المطالبة بالحكم الذاتي أو المحاصصة، بعد أن تبدد حلم الانفصال وإقامة دولة كردية مستقلة.
العامل الأول، بلا أدنى شك، هو سقوط نظام الأسد، وخروج إيران تماما وروسيا إلى حد كبير من سوريا. وكانت قوات النظام والمليشيات الموالية لإيران تتحرك في كثير من مناطق الشمال بالتنسيق والتعاون مع "قسد"، كما أن القوات الروسية كانت تشارك القوات الأمريكية في حماية القوات الكردية الانفصالية. ومما لا شك فيه أن "قسد" فقدت أكبر داعميها مع سقوط النظام البائد.
العامل الثاني هو الضغوط التي تمارسها تركيا، ومنحت أنقرة فرصة للإدارة السورية الجديدة لحل مشكلة "قسد" عبر التفاوض، إلا أنها، في ذات الوقت، شددت على استعدادها للقيام بعملية عسكرية واسعة، إن لم يتم حلها بطرق سلمية. وإضافة إلى ذلك، شكَّلت دعوة مؤسس حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، إلى إلقاء السلاح، ضغطا إضافيا على "قسد" التي يقودها حزب العمال الكردستاني. ويبدو أن مظلوم عبدي أدرك أخيرا أنه لا مفر من الاستجابة لدعوة أوجلان، بعد أن حاول التهرب منها بحجة أن الدعوة غير موجهة إلى "قسد".
الضربة الأخيرة التي تلقتها "قسد" جاءت من الساحل السوري، حيث أفشلت القوات السورية محاولة الانقلاب التي قامت بها فلول النظام البائد. ورأى مظلوم عبدي الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها الإدارة السورية الجديدة، وعزم السوريين على حماية مكتسبات ثورتهم ووحدة أراضي بلادهم مهما كان الثمن. وبالتزامن مع فشل محاولة الانقلاب، اتفقت خمس دول (سوريا وجيرانها) في اجتماع بالعاصمة الأردنية عمان، على تأسيس غرفة عمليات لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، الأمر الذي سحب من يد "قسد" ورقة خطر "داعش" التي كانت تلعب بها للحصول على الدعم الأمريكي السخي.
بنود الاتفاق الذي وقَّعه أحمد الشرع ومظلوم عبدي تلبِّي المطالب التركية، إلا أن أنقرة تريد أن ترى تطبيقها في الساحة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول تركي قوله بأن تركيا تشعر بـ"تفاؤل حذر" تجاه الاتفاق، كما قال رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، إن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل سيخدم أمن سوريا واستقرارها، وسيكون الرابح منه جميع السوريين. ويعني ذلك أن تركيا ستواصل ضغوطها على "قسد" كي تطبق الاتفاق دون أن تتراجع عنها أو أن تتلاعب بتفسير بنودها للتهرب من الالتزام بها.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا تركيا الساحل العلويين قسد سوريا تركيا الساحل العلويين قسد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السوریة الجدیدة محاولة الانقلاب النظام البائد الساحل السوری فی سوریا
إقرأ أيضاً:
أردوغان: تركيا ستواصل جهودها لرفع العقوبات الدولية عن سوريا
أنقرة-سانا
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده على مواصلة جهودها لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، عبر المسارات الدبلوماسية.
ونقلت وكالة أنباء تركيا تي آر عن أردوغان قوله في تصريحات على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي: “نعرب عن امتناننا لإحباط محاولات نشر الفوضى مجدداً في سوريا، ونأمل أن تشهد السنوات القادمة مزيداً من الاستقرار والرفاه فيها”، مضيفاً: “سنواصل جهودنا لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، عبر المسارات الدبلوماسية”.
كما أكد أردوغان أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع سوريا، وإمكانية توسيعه ليشمل مجالات أخرى.
الرئيس التركي 2025-04-12Zeinaسابق بيدرسون يجدد الدعوة إلى إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا ومد يد العون لحكومتها لتنجح في مهامها انظر ايضاً برلماني تركي يؤكد تعرض الأطفال للقتل والسجن في تركياأنقرة-سانا كشف تقرير لحزب الشعب الجمهوري التركي المعارض انه خلال 10 أشهر قتل 27 طفلاً …
آخر الأخبار 2025-04-12أردوغان: تركيا ستواصل جهودها لرفع العقوبات الدولية عن سوريا 2025-04-12بيدرسون يجدد الدعوة إلى إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا ومد يد العون لحكومتها لتنجح في مهامها 2025-04-12ليبيا تؤكد دعمها المستمر للشعب السوري واستقلاله 2025-04-12قطر تجدد دعمها لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها 2025-04-12وزير الخارجية الأردني يحذّر من تصعيد “إسرائيل” وممارساتها التوسعية 2025-04-12رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها 2025-04-12بارازاني يجدّد دعمه الكامل لسوريا 2025-04-12اتحاد الصحفيين يوضح الشروط الجديدة للانتساب إليه 2025-04-11رئاسة الجمهورية: رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان يرافق رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع في وداع رسمي عقب انتهاء أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي 2025-04-11رئاسة الجمهورية: لقاء جمع رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع ومعالي وزير الخارجية السيد أسعد الشيباني مع رئيس إقليم كردستان العراق السيد نيجيرفان بارزاني، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي
صور من سورية منوعات أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10 أول دراسة سريرية بالعالم… زراعة الخلايا الجذعية تحسن الوظائف الحركية لمرضى الشلل 2025-03-26فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |