عربي21:
2025-03-12@21:54:18 GMT

تركيا تراقب أحداث سوريا الأخيرة

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

شهدت سوريا خلال الأيام الأخيرة تطورات في غاية الأهمية تتعلق بمستقبلها ووحدة ترابها، كما تهم جيرانها، على رأسها تركيا. وأول تلك التطورات هو إفشال محاولة الانقلاب التي قام بها فلول النظام البائد بدعم خارجي. وبمجرد بداية الأحداث في الساحل السوري، تحركت في تركيا مجموعات من المعارضة والطائفة العلوية تدَّعي بأن هناك مجازر يتعرض لها العلويون في سوريا، وتسعى إلى تحريض العلويين في تركيا ضد الحكومة بسبب وقوفها إلى جانب الإدارة السورية الجديدة.



تعامل دمشق مع محاولة الانقلاب بحكمة وعقلانية أدَّى إلى قمعها خلال ساعات، كما أن فضح الإشاعات والأنباء الكاذبة التي تم ترويجها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام، قطع دابر محاولات نقل الأزمة إلى داخل تركيا. ومع ذلك، كرَّر معارضون من مشاهير السياسة والإعلام والفن ذات الادعاءات، رغم نفيها، لدعم الحملات التي تسعى إلى إثارة الفتنة الطائفية، في الوقت الذي تستعد البلاد لطي صفحة الإرهاب الانفصالي نهائيا.

أحداث الساحل السوري كشفت عن حقيقة العنصريين الذين كانوا يحرضون ضد اللاجئين السوريين ويقولون إن ما يجري في سوريا من قتل وتدمير شأن داخلي لا يعني تركيا، وبعد سنوات ردَّدووا فيها هذا القول يوميا، أصبحوا فجأة يهتمون بالتطورات التي تشهدها سوريا، بدعوى أن العلويين يتعرضون فيها للمجازر
أحداث الساحل السوري كشفت عن حقيقة العنصريين الذين كانوا يحرضون ضد اللاجئين السوريين ويقولون إن ما يجري في سوريا من قتل وتدمير شأن داخلي لا يعني تركيا، وبعد سنوات ردَّدووا فيها هذا القول يوميا، أصبحوا فجأة يهتمون بالتطورات التي تشهدها سوريا، بدعوى أن العلويين يتعرضون فيها للمجازر. وبعد التجاهل الطويل للمجازر الحقيقية التي ارتكبها النظام البائد في حق الأغلبية السنية، أرادوا أن يقيموا الدنيا عن طريق تضخيم الأنباء عن "المجازر". وبذلك، اتضح أنهم لا يعادون جميع السوريين والعرب، بل المسلم السني منهم فقط.

انتهاء الأزمة في الساحل السوري إلى حد كبير سيريح تركيا التي تشكل الأقلية العلوية نسبة من عدد سكانها، وسيحول دون انتقال المشاكل إلى أراضيها. كما أن أنقرة تعتبر استتباب الأمن والاستقرار في سوريا أمرا ضروريا لحماية الأمن القومي التركي، وترى أن الأحداث الأخيرة ما هي إلا محاولة لإشعال نار الفتنة الطائفية تقف وراءها فلول النظام البائد، وترحِّب بالرسائل المعتدلة التي وجَّهها الرئيس السوري أحمد الشرع من أجل إخماد تلك النار.

هناك تطور آخر في غاية الأهمية جاء على وقع أحداث الساحل السوري وهو توقيع الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، اتفاقا لتسليم مناطق شرق الفرات إلى الحكومة السورية الجديدة. وهذه الخطوة أيضا تهم أنقرة بالدرجة الأولى لارتباطها بخطة حل حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه، وإزالة مخاوف تركيا على أمنها القومي. ومن المؤكد أن هناك عدة عوامل أحدثت هذا التطور، ودفعت "قسد" إلى التخلي عن المطالبة بالحكم الذاتي أو المحاصصة، بعد أن تبدد حلم الانفصال وإقامة دولة كردية مستقلة.

العامل الأول، بلا أدنى شك، هو سقوط نظام الأسد، وخروج إيران تماما وروسيا إلى حد كبير من سوريا. وكانت قوات النظام والمليشيات الموالية لإيران تتحرك في كثير من مناطق الشمال بالتنسيق والتعاون مع "قسد"، كما أن القوات الروسية كانت تشارك القوات الأمريكية في حماية القوات الكردية الانفصالية. ومما لا شك فيه أن "قسد" فقدت أكبر داعميها مع سقوط النظام البائد.

العامل الثاني هو الضغوط التي تمارسها تركيا، ومنحت أنقرة فرصة للإدارة السورية الجديدة لحل مشكلة "قسد" عبر التفاوض، إلا أنها، في ذات الوقت، شددت على استعدادها للقيام بعملية عسكرية واسعة، إن لم يتم حلها بطرق سلمية. وإضافة إلى ذلك، شكَّلت دعوة مؤسس حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، إلى إلقاء السلاح، ضغطا إضافيا على "قسد" التي يقودها حزب العمال الكردستاني. ويبدو أن مظلوم عبدي أدرك أخيرا أنه لا مفر من الاستجابة لدعوة أوجلان، بعد أن حاول التهرب منها بحجة أن الدعوة غير موجهة إلى "قسد".

الضربة الأخيرة التي تلقتها "قسد" جاءت من الساحل السوري، حيث أفشلت القوات السورية محاولة الانقلاب التي قامت بها فلول النظام البائد. ورأى مظلوم عبدي الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها الإدارة السورية الجديدة، وعزم السوريين على حماية مكتسبات ثورتهم ووحدة أراضي بلادهم مهما كان الثمن. وبالتزامن مع فشل محاولة الانقلاب، اتفقت خمس دول (سوريا وجيرانها) في اجتماع بالعاصمة الأردنية عمان، على تأسيس غرفة عمليات لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، الأمر الذي سحب من يد "قسد" ورقة خطر "داعش" التي كانت تلعب بها للحصول على الدعم الأمريكي السخي.

بنود الاتفاق الذي وقَّعه أحمد الشرع ومظلوم عبدي تلبِّي المطالب التركية، إلا أن أنقرة تريد أن ترى تطبيقها في الساحة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول تركي قوله بأن تركيا تشعر بـ"تفاؤل حذر" تجاه الاتفاق، كما قال رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، إن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل سيخدم أمن سوريا واستقرارها، وسيكون الرابح منه جميع السوريين. ويعني ذلك أن تركيا ستواصل ضغوطها على "قسد" كي تطبق الاتفاق دون أن تتراجع عنها أو أن تتلاعب بتفسير بنودها للتهرب من الالتزام بها.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا تركيا الساحل العلويين قسد سوريا تركيا الساحل العلويين قسد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السوریة الجدیدة محاولة الانقلاب النظام البائد الساحل السوری فی سوریا

إقرأ أيضاً:

من أين يحصل فلول النظام على السلاح في الساحل السوري؟

رغم إعلان وزارة الدفاع السورية عن انتهاء العملية العسكرية في الساحل السوري، بعد القضاء على مجموعات من فلول النظام، يستبعد مراقبون سوريون تحدثوا لـ"عربي21" أن يستمر الهدوء "الحذر" الذي يسود المنطقة طويلاً، وذلك بسبب امتلاك الفلول كميات ضخمة من السلاح والذخائر، إلى جانب صعوبة ملاحقتهم بشكل تام، في ظل الجغرافية المعقدة للمنطقة.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسن عبد الغني، قد أكد أن القوات الأمنية والعسكرية نجحت في تحقيق جميع الأهداف المحددة للمرحلة الثانية من ملاحقة فلول النظام، مضيفاً "لقد تمكنا من امتصاص هجمات فلول النظام المخلوع وضباطه، وحطمنا عنصر المفاجأة لديهم، وتمكنا من إبعادهم عن المراكز الحيوية، كما أمّنا غالبية الطرق العامة التي اتخذتها الفلول منطلقاً لاستهداف أهلنا المدنيين والأبرياء".


من أين يحصل الفلول على السلاح؟
وأظهرت بعض المقاطع المصورة من بلدة تعنيتا بريف بانياس، كميات ضخمة من السلاح، جرى تسليمها لوزارة الدفاع السورية، بعد الاتفاق مع الأهالي على تسليم السلاح.

وبحسب خبراء فإن كميات السلاح الضخمة التي وجدت في هذه القرية رغم صغرها، تُثير تساؤلات عن الجهات التي تحصل الفلول منها على السلاح.

وفي هذا الإطار، أكد الباحث المختص بالشأن العسكري النقيب رشيد حوراني، أن الفلول تؤمن السلاح من مصدرين، الأول من الكميات التي خزنتها قبل سقوط النظام، منها الخفيفة والمتوسطة والذخائر، موضحاً لـ"عربي21" أن "الفلول من الطائفة العلوية كانوا في صفوف قوات النظام البائد".

أما المصدر الثاني للسلاح، بحسب حوراني، فغالباً من قاعدة حميميم الروسية، بالتعاون والتنسيق مع إيران، مؤكداً أن "روسيا تدعم الفلول بشكل غير معلن".

وتابع حوراني بالإشارة إلى معرفة إيران بالأرض السورية، ووجود ارتباط لديها مع ميليشيات كانت مدعومة منها في سوريا، وقال: "يمكن لإيران تمرير أسلحة وذخائر للفلول في سوريا في ظل الضعف الأمني للقيادة السورية الجديدة".

في السياق ذاته، أشار الكاتب وعميد كلية العلوم السياسية بالجامعة الأهلية، عبد الله الأسعد، إلى سهولة تهريب الأسلحة في الساحل السوري، من لبنان، ومن الموانئ.

وتابع في حديثه لـ"عربي21" بالتأكيد على استحواذ الفلول على كميات كبيرة من الأسلحة في الفترة التي سبقت سقوط النظام، وقال: "قطاعات عسكرية بكامل عتادها فرت في يوم سقوط النظام، وغالبيتها ذهبت نحو جبال الساحل".


هل تنجح الدولة في القضاء على الفلول؟
ويبدو أن عمليات ملاحقة الفلول لن تُحسم سريعاً، كما يؤكد مصدر عسكري من الساحل السوري لـ"عربي21"، مشيراً إلى أن آلاف المطلوبين لا زالوا يحتمون بالجبال والغابات الكثيفة.

وفي هذا الجانب، يعتقد رشيد حوراني أن ملاحقة الفلول تحتاج عمليات إدارية، مثل إعداد قوائم بأسماء كل المطلوبين، ومن ثم إلقاء القبض عليهم من خلال تتبع تحركاتهم، ويختم بقوله: "الواضح أن ملاحقة الفلول تتطلب وقتاً".

بدوره، لفت عبد الله الأسعد إلى صعوبة القتال في المناطق الجبلية، وقال: "لكن إرادة القتال لدى قوات الجيش والأمن تجعل هذه المهمة ممكنة".

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان  قد وثقت في تقرير الثلاثاء، مقتل 803 أشخاص، بينهم نساء وأطفال، خلال الهجمات التي شهدتها مناطق الساحل السوري، مؤكدة أن نحو نصف الضحايا سقطوا على يد فلول النظام المخلوع، بينما قُتل الباقون في عمليات أمنية وعسكرية نفذتها قوات تابعة للحكومة.

مقالات مشابهة

  • أحداث الساحل السوري، واتفاق الشرع وعبدي
  • من أين يحصل فلول النظام على السلاح في الساحل السوري؟
  • تجاوزت 800 شخص.. منظمة حقوقية تحصي قتلى أحداث الساحل السوري
  • هل إيران متورطة فعلا في أحداث الساحل السوري؟
  • انتهت العملية الأمنية.. هل موسكو لها علاقة بـ أحداث الساحل السوري؟
  • الشعب الجمهوري يطلب تحقيقا تركيا في أحداث الساحل السوري
  • الدفاع السورية تكشف المفاجئات الأخيرة عن تأمين الساحل وإنهاء العمليات العسكرية
  • جرح في ضمير الإنسانية.. أول تعليق إيراني على أحداث الساحل السوري
  • المسؤول الأمني في الساحل السوري: العمليات التي نفذها فلول النظام المخلوع جاءت بدعم إيراني