نحن نريد السلام فقط.. مجتمع مسالم وسط نزاع الأمهرة بإثيوبيا
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
على مدى عامين، وجدت قرية "أورا أمبا" نفسها محاصرة وسط حرب طاحنة بين مقاتلي "فانو" والقوات الفدرالية الإثيوبية، مما وضع هذا المجتمع المسالم في قلب صراع لا ناقة له فيه ولا جمل.
قرية "أورا أمبا": جزيرة سلام في بحر من النزاعات
تحدّق أريغاش نورو بحزن في التلال الخضراء المتمايلة وسط إقليم أمهرة، قائلة بحسرة "اعتدنا مشاهدة غروب الشمس من هنا، لكنه أصبح مشهدًا من الماضي".
لم يعد سكان القرية قادرين على تجاوز حدودها بأمان. تقول "نورو"، المحاسبة والمرشدة السياحية ذات الثلاثين عامًا، إن أصوات الطلقات النارية تتردد من حين لآخر، بينما تعرّض بعض الأهالي للخطف، وأُغلقت المدارس قسرًا.
تضيف، وهي تُطرق بنظرها إلى الأرض "الوضع السياسي قلب حياتنا رأسًا على عقب".
إثيوبيا وصراعها المتكرر
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعاني فيها إثيوبيا من عدم الاستقرار. فقد شهدت البلاد نزاعات دامية، أبرزها حرب تيغراي (2020-2022) التي أودت بحياة ما يُقدر بـ600 ألف شخص.
ومع ذلك، ظلّت "أورا أمبا" لفترة طويلة نموذجًا فريدًا للمجتمعات المسالمة. تأسست القرية في سبعينيات القرن الماضي كمجتمع متكافئ حيث يتقاسم الجميع العمل والمسؤوليات دون تمييز بين الجنسين.
ورغم الفوضى التي ضربت أجزاء واسعة من البلاد، كانت هذه البقعة الصغيرة ملاذًا للسلام، معتمدة على نظام اجتماعي قائم على الحوار والعدالة.
وقد حظيت "أورا أمبا" باهتمام دولي، حيث زارها مسؤولون من الأمم المتحدة والصليب الأحمر وأوكسفام، لمراقبة هذا النموذج الاجتماعي الفريد في المنطقة.
إعلاناحتدام النزاع في أمهرة
لكن منذ عام 2023، تصاعد العنف في إقليم أمهرة، موطن الكنائس المحفورة في الصخور في لاليبيلا، وحصن غوندار التاريخي.
اندلعت الاشتباكات عندما حاول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد دمج القوات الإقليمية في الجيش الفدرالي، مما أثار مقاومة شرسة من جماعة "فانو" المسلحة.
منذ ذلك الحين، وثّقت تقارير حقوقية جرائم قتل، وانتهاكات جنسية، واعتقالات تعسفية ارتكبها الطرفان.
ووصفت "مجموعة الأزمات الدولية" الصراع بأنه "حرب تزداد خطورة"، بينما دعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق دولي، وأدانت "هيومن رايتس ووتش" ما وصفته بـ"جرائم حرب".
يقول الباحث بانتايهيو شيفراو تشاني، المتخصص في الشأن الإثيوبي والمقيم في كندا "المنطقة تعيش صدمة عميقة، والدمار هائل".
"أورا أمبا" في مرمى النيران
مع تصاعد العنف، لم يعد المجتمع المسالم في "أورا أمبا" بمنأى عن التداعيات.
توضح نورو، التي تعمل ضمن التعاونية المحلية التي تدير الموارد والدخل لدعم دار المسنين والأيتام "كان اقتصادنا قائمًا على الاكتفاء الذاتي، لكن الآن بات على حافة الانهيار".
في السابق، كانت القرية وجهة سياحية تستقبل آلاف الزوار سنويًا، من السياح وطلاب المدارس. كان بإمكانهم المبيت في نزل القرية، وشراء المنسوجات اليدوية والمنتجات المحلية، مما وفر مصدر دخل مستداما.
لكن كل ذلك تبدّد بين ليلة وضحاها.
يقول وركسيو محمد، المرشد السياحي البالغ من العمر 25 عامًا "كنا نروي للزوار قصة قريتنا المسالمة، أما الآن، فلا أحد يجرؤ على المجيء".
اقتصاد مشلول وانعدام للأمن
لم تقتصر الأزمة على فقدان السياحة. أصبح بيع المنتجات الزراعية، مثل الذرة والتيف، محفوفًا بالمخاطر، إذ تسيطر العصابات المسلحة على الطرقات، وتنهب المسافرين.
يقول أياليسو زومر، أحد المزارعين المحليين "التجارة شُلت تمامًا. التنقل أصبح خطيرًا، وأحيانًا مستحيلًا. ومع توقف الدخل، باتت الحياة أكثر قسوة".
وإضافة إلى ذلك، قطعت السلطات الإنترنت في الإقليم لمنع تواصل المتمردين، مما زاد من عزلة السكان.
ألامو نورهاك، طالب جامعي يدرس تكنولوجيا المعلومات، يقول إنه لم يتمكن من متابعة دراسته عند عودته إلى قريته بسبب انقطاع الشبكة.
وفي عام 2019، موّلت "أورا أمبا" بناء مدرسة تبرعت بها للدولة، لكنها أُغلقت العام الماضي بعد أن أجبر مقاتلو "فانو" المعلمين على التوقف عن التدريس، معتبرين أنها "مؤسسة حكومية".
يقول زومرا، "الحكومة أرادت استمرار المدرسة، لكن "فانو" منعتها. والنتيجة أن الأطفال هم الضحية".
اختطاف وتهديدات بالقتل
في 2023، اختُطف أحد سكان القرية على يد مسلحين طالبوا بفدية مليون بير إثيوبي (حوالي 7.900 دولار). وحتى الآن، لم يتمكن المجتمع من جمع المبلغ بالكامل.
كما اضطر زومرا نورو، مؤسس القرية، إلى الفرار مع ابنه إلى العاصمة أديس أبابا، بعد أن نجا بأعجوبة من محاولة اختطاف استهدفته.
يقول الباحث تشاني "ما لم يغيّر آبي أحمد سياساته تجاه فانو، فإن العنف سيستمر. الأمهرة يشعرون بأنهم مهمشون، وليس هناك إرادة سياسية لإشراكهم بعد اتفاق السلام الذي أنهى نزاع تيغراي عام 2022".
مستقبل مجهول
بحسب تقرير "مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان" الصادر في يونيو/حزيران 2024، ارتكبت القوات الفدرالية والمليشيات انتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق القانون، بينما تسبب الصراع في حرمان 4 ملايين طفل من التعليم.
يقول تشاني "الحلول العسكرية لم تُنهِ أي نزاع في إثيوبيا. لا يمكن تحقيق السلام إلا من خلال حوار سياسي شامل. استمرار القتال قد يؤدي إلى انهيار الدولة، ما يهدد استقرار المنطقة بأسرها".
"نحن نريد السلام فقط"
أما سكان "أورا أمبا"، فما زالوا يحلمون بالخروج من هذا الكابوس.
يقول زومرا نورو، مؤسس المجتمع البالغ من العمر 76 عامًا، والذي يعيش الآن في أديس أبابا "نؤمن بأن النزاعات يمكن حلها بالحوار والعقلانية".
إعلانليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها القرية محنة. فقد طُرد سكانها عام 1988 خلال حكم النظام العسكري الشيوعي، ولم يتمكنوا من العودة إلا في 1993 بعد سقوطه.
يختتم نورو حديثه بتفاؤل رغم كل شيء:
"لقد نجونا من صراعات كثيرة في الماضي. بالتعاون والعمل المشترك، يمكننا تجاوز هذا الألم، وإعادة السلام إلى قريتنا، وإلى إثيوبيا كلها".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ترامب: لا نريد إنفاق مئات المليارات على دعم أوكرانيا
واشنطن – صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة لا تريد الاستمرار في إنفاق مئات المليارات من الدولارات على الدعم العسكري لأوكرانيا.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، امس الثلاثاء، إن واشنطن تريد “وقف الحرب”، مضيفا: “ونحن لا نريد صرف المليارات أو مئات المليارات من الدولارات”.
وتابع: “لقد أنفقنا 350 مليار دولار… ولم يكن هناك أي سبب (للحرب)، وهذه الحرب ما كان لها أن تحدث لو كنت رئيسا”.
وأعلن ترامب عن “لقاء كبير مع روسيا غدا. ونأمل في أنه ستكون هناك مناقشات رائعة”.
كما أعرب ترامب عن أمله في تحقيق وقف إطلاق النار في أوكرانيا خلال الأيام القليلة القادمة.
ويأتي ذلك في أعقاب إتمام المفاوضات بين الوفدين الأمريكي والأوكراني في السعودية، يوم الثلاثاء، حيث أعلن الجانبان عن استعداد أوكرانيا لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في حال موافقة روسيا على مثل هذه الخطوة، واستعدادها لتوقيع اتفاق الثروات الطبيعية مع الولايات المتحدة.
وفي الوقت ذاته أعلنت الولايات المتحدة عن رفع القيود على تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا وإنهاء تعليق المساعدات العسكرية لها.
المصدر: تاس
Previous وزير الخارجية الفرنسي يؤكد رغبة باريس في تهدئة العلاقات مع الجزائر Related Postsليبية يومية شاملة
جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results