منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
يحكي زياد الرحبانى في إِحدي الحوارات التلفزيونية، أنه عندما كان يسجل أغنية زوروني كل سنة مرة لسيد درويش بصوت السيدة فيروز فى ألمانيا، أنبهر الموسيقيين الألمان باللحن مما دفعهم للسؤال عن صاحبه، و اِرتسمت علامات الدهشة عندما عرفوا أنه لموسيقارمصرى عاش فى أوائل القرن الماضى، فكانوا يظنون أنه لحنا من مقطوعة عالمية .
ويخطئ من يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن فقط ،بل هو مفجر الثورة الموسيقية وفكراً متطوراً قامت علي أكتافه المدرسة المصرية فى تجديد الموسيقي الشرقية، نجح في نقل الألحان الشرقية من عليائها البعيدة عن المزاج المصرى, والمنفصلة عن واقعها بمقاماتها التركية المليئة بالجمل اللحنية المعقدة والزخارف التى تعانى الجمود الفنى ،أسيرة التحفظ شبيهة محبيها من الطبقة الأرستقراطية، ليتجه بها خالد الذكر من القصورإلى قارعة الطريق نحو الأصول الشعبية والهوية المصرية .
فشعرالمصريون لأول مرة بأن لهم موسيقاهم المعبرة عنهم ،من خلال جملة موسيقية درويشية تحمل عبق مزيج حضارى متنوع تميزت به الاسكندرية وتشم معه فى نفس الوقت رائحة ملح الأرض الذى ينتمى إليه عموم الشعب ،فجمع بين التنوع والأصالة والحداثة في آن واحد بعد أن نقلها لمرحلة الواقعية، التى إستلهمها من واقع المصريين بجميع طوائفهم وطبقاتهم فكانت أعماله المرآة العاكسة لهمومهم وقضاياهم .
جاءت ألحان فنان الشعب لتشعل جذوة الروح الوطنية بين المصريين، والتى كانت تسرى بينهم كالنارفى الهشيم ،وسرعان ما يتداولها الشعب بجميع فئاته فى الشوارع والمقاهى ،وظهرت البصمة الموسيقية المتفردة لسيد درويش التى لا تخطأها أذن أثناء ثورة 1919، فكانت ألحانه وكلمات بديع خيري بمثابة منشور سياسى مؤجج للضمير الوطنى والشرارة التى أشعلت ثورة الشعب الذى يتنظر الاِنتهاء من تلحينه حتي يتغنى به في مظاهراته .
وبدأ يؤرخ لصناعة الأغنية السياسية التى وقفت ضد الإحتلال الإنجليزى، وجاءت أغنية بلادى بلادى التى لحنها سيد درويش بكلمات مستوحاة من كلمات الزعيم مصطفى كامل ،لتكون نشيد الشعب فى ثورة 1919 وتصبح النشيد الوطنى لمصر بعد أكثر من 90 عاما.
اِستطاع سيد درويش التعبير باللحن عن الكلمات والمواقف الدرامية لأول مرة فى تاريخ الموسيقى العربية، و أدخل على الألحان الشرقية الأسلوب التعبيري ،وأحدث ثورة بكسر المقامات المتجاورة فى لحنه فكان يقفز قفزات غير مؤلوفة ومن مقامات مختلفة ليصيغ مقاماً موسيقاً جديداً، يدخل القلب ويتسلل إلى الروح متجاوزاً وعابراً حدود الزمان والمكان وهو ما كتب لها الخلود والتفرد.
ورغم عمره الفنى الذى لم يتعدى العشر سنوات، إلا أن التراث الإِبداعى لسيد درويش أصبح بمثابة الشعلة المغناطيسية ،التى تجتذب إليها كل من يستمع لها واِستطاع من خلالها أن يصبح جزءًا هاماً من تاريخ الأمة ووجدان الشعوب العربية.
سيد درويش حالة إبداعية شكلت الهوية الموسيقية المصرية، وعاشت أعماله لأكثر من قرن من الزمان وستعيش لقرون عديدة لتسجل إسمه كعلامة فارقة فى تاريخ الموسيقي ،تحية لروح خالد الذكر الشمس التى لم ولن تغيب عن الوجدان .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سيد درويش زوروني كل سنة مرة المزيد سید درویش
إقرأ أيضاً:
أحمد موسى: أهل الشر لا يريدون التقدم لمصر.. والشعب لديه الوعي الكامل بالمخططات|فيديو
قال الإعلامي أحمد موسى، إن أهل الشر لا يريدون التقدم لمصر.
وأضاف الإعلامي أحمد موسى، خلال تقديمه برنامج "على مسئوليتي"، المُذاع عبر فضائية " صدى البلد"،: "الشعب لديه الوعي الكامل بمخططات أهل الشر"، معلقا: "شعب مصر لديه الوعي الكامل ويعرف من مع البلد ومن ضد البلد".
وأكد أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي انحاز للشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013، لافتا: "لجيش والشرطة انحازا للوطن وللشعب فى ثورة 30 يونيو 2013".
وشدد أنه يجب أن لا ننسي جرائم جماعة الإخوان الإرهابية.. ويجب أن نتذكر دائما كيف اقتحم الإخوان الإرهابيين أقسام الشرطة، ويجب أن لا ننسي كيف كان الإخوان الإرهابيين يلقون الأبرياء من فوق أسطح المنازل.