العراق يحافظ على توازنه في العواصف الإقليمية.. حياد استراتيجي وسعي للتهدئة
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
بغداد اليوم – بغداد
نجح العراق في الحفاظ على استقراره السياسي والأمني والاقتصادي رغم تداعيات حرب غزة ولبنان، وفق ما أكدته لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، اليوم الأربعاء (12 آذار 2025).
وأوضح عضو اللجنة، عامر الفايز، لـ"بغداد اليوم"، أن "الحكومة العراقية تمكنت من تجنيب البلاد الانخراط في الصراعات الدائرة بالمنطقة، بل عملت على أن تكون جزءا من جهود التهدئة".
وأضاف الفايز، أن "العراق لم يتدخل في الشأن السوري في أي مرحلة، سواء قبل سقوط نظام بشار الأسد أو بعده"، مشددا على أن "القرارات السيادية تبقى بيد رئيس الحكومة، الذي يحدد المسار وفق مصلحة العراق الوطنية، دون أن يكون ملزما برأي مستشاريه".
وعلى مدى السنوات الماضية، انتهج العراق سياسة متوازنة في التعامل مع الأزمات الإقليمية، محاولا تجنب الانخراط في صراعات قد تؤثر على استقراره الداخلي.
وتأتي هذه السياسة في ظل تحديات أمنية واقتصادية مستمرة، فضلا عن موقعه الجغرافي الحساس بين قوى إقليمية متنافسة.
الدور العراقي في الأزمات الإقليمية
وحرصت الحكومة على تبني نهج الحياد الإيجابي، حيث لعب العراق دور الوسيط في عدة مناسبات، وسعى لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة بدلا من الانحياز لأي طرف. وتجلى ذلك خلال حرب غزة ولبنان الأخيرة، إذ ركزت بغداد على دعم جهود التهدئة وتجنب أي تصعيد قد يؤثر على أمنها القومي.
العراق وسوريا.. موقف ثابت من عدم التدخل
برغم الاضطرابات التي شهدتها سوريا منذ 2011، حافظ العراق على موقفه بعدم التدخل المباشر، معتبرا أن استقرار سوريا ينعكس على أمنه الداخلي. كما حرصت الحكومة العراقية على ضبط الحدود ومنع أي تدفق يؤثر على أمنها الداخلي.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
الكوار وعمي التاريخ في دار حياد
قبل نشوب الحرب بسنين قلنا أن الدولة السودانية وحكومتها ممتلئتان بالعيوب حد السقف ولكن في كل الظروف ليس الحل في التعويل علي ميليشيا همجية وغزاة أجانب.
والان في هذه الحرب لا يعني الوقوف مع حق الدولة السودانية ومؤسساتها في الوجود أن هزيمة الميليشيا الغازية سيعقبه واقع سوداني مثالي. من المؤكد أن عالم ما بعد الجنجويد سيكون مليئا بالمشاكل والتحديات والعيوب والانتهاكات وسيكون من واجبنا مقاومتها والسعي لتأسيس سودان معافي مدركين أن بناء دولة عملية معقدة تحتاج لعقود واحيانا قرون.
لذلك يدهشنا من ينتظرون إنتهاكات الجيش الآن أو في فترة ما بعد الميليشيا لمهاجمة المدافعين عن الدولة السودانية كمبرر لحيادهم تجاه غزو أجنبي علي رماح ميليشيا إبادة جماعية وعنف جنسي واسع النطاق. هذه العقلية تتبني عمليا عيوب الدولة السودانية وقبل وبعد الحرب للتبرير للحياد تجاه الغزاة وهكذا يصير الموقف من السيادة الوطنية وضد االهمجية قابلا ن للتفاوض حسب الظروف. وهنا يصير رفض الغزو والهمجية قضية إختيارية سياقية وليست قضية مبدئية.
في الحرب العالمية الثانية حارب الشيوعيون بكل دولهم ومدارسهم جنبا إلي جنب مع الدول الرأسمالية لهزيمة النازية لأنها أشد خطرا وهمجية من الرأسمالية. ولم يكن في توحيد جيوش الشيوعيين مع الراسمالية أي اعتراف منهم بقبول مطلق بالرأسمالية ولا نسيان لعيوبها قبل أو بعد الحرب. كان الموقف فقط هو أن النازية لو انتصرت ستعيد المجتمع قرونا للوراء ما يعني أن النضال من أجل العدالة والكرامة الإنسانية سيبدأ مجددا من منصة أدني كثيرا من منصة النضال من داخل نظم رأسمالية في مرحلة حضارية وإنسانية أعلي بما لا يقارن.
وفي عقود من الصراع ناضل كل اليسار الفلسطيني جنبا إلي جنب مع الحركات الإسلامية لتحقيق حلم دولتهم وإنهاء الإحتلال. وفي انتخابات الجامعات يخوضها اليسار في لستة موحدة مع الأحزاب الإسلامية لإدراكهم إنها لحظة وطنية وليست مذهبية. وهذا التحالف المرحلي لا يعني أن اليسار الفلسطيني قد تبني وجه نظر الأحزاب الإسلامية حول الحجاب أو الحدود أو أي شيء آخر.
العمل المشترك بين أصحاب الخلفيات الأيديلوجية المختلفة سنة راتبة وليس بدعة كما يعتقد طهرانيو السياسة السودانية في يومنا هذا الذين تهمهم بتولية أخلاقية سطحية النقاء أكثر من مصير شعب وأمة.
ومن فضل الحزب الشيوعي السوداني أنه كان قد أعلن في أيام حكم البشير رفضه لأي غزو غربي للسودان، علي نهج غزو العراق، واعلن استعداده للانخراط في الدفاع عن السودان لو حدث هذا الغزو في أيام البشير. ولا أعتقد أن قول الحزب الشيوعي هكذا قد تغاضي عن إجرام البشير السابق واللاحق. ولا يعطي قوله هذا أي أحد حق المزايدة عليه بأي جرم ارتكبه البشير قبل أو بعد. أيضا لن يحق لاحد المزايدة علي المدافعين عن الدولة السودانية بأي أخطاء يرتكبها الجيش أو حلفائه أثناء أو بعد هذه الحرب.
وهذا التوجه ليس حكرا علي الحزب الشيوعي فكل الأحزاب المختلفة تتحالف معا لتحقيق هدف مرحلي. فقد تحالفت جل أحزاب السودان سابقا في التجمع الوطني أو نداء السودان أو قوي الحرية والتغيير أو تقدم. ولم يكن التحالف المرحلي يعني أن الحزب الجمهوري قد لبس جناح أم جكو وامن برسالة المهدي ولم يعن أن الحزب الشيوعي قد أمن بالرسالة الثانية من الإسلام ولا أن ود الفكي قد أعتنق القرنقية ولا أن التكنوقراط المستنيرين تبنوا أوراد السيد علي الميرغني. لذلك لا أدري مشروعية تفسير الدفاع عن الدولة السودانية كتماه مع حكم عسكري أو أخواني أو غيره. هذا كوار إما عن فساد فكر أو سوء نية.
المسكوت عنه في خطاب الحياد هو الافتراض الضمني إنه موقف يضمن عدم انتصار أحد طرفي النزاع وان أجسام ديمقراطية مثالية سترث الأرض حينها. وهذا وهم غليظ. هذه الحرب أما أن ينتصر فيها الجيش أو الجنجويد وسيكون للمنتصر القدح المعلي في تشكيل مشهد ما بعد الحرب.
القوي الوطنية المثالية لن ترث السلطة بعد الحرب لو أنتصر الجيش أو الجنجويد أو اتفقا علي اقتسام الكيكة. وفي كل الأحوال عليها مواصلة النضال من أجل الديمقراطية والعدالة. الخيار الواقعي أمامها هو ما إذا كانت تفضل مواصلة النضال من منصة إحتلال أجنبي جنجويدي يفكك الدولة وأسس المجتمع أم من منصة يعلو فيها كعب الجيش السوداني الذي خبرته وعاشت في ظله منذ الإستقلال وصارعته.
كان موقف الشيوعية العالمية إنها تفضل مواصلة النضال في ظل نظم رأسمالية لان درك النازية يعني النضال لعقود أو قرون فقط للعودة لنقطة راسمالية ما قبل هتلر. وكذلك موقف اليسار الفلسطيني إنه يفضل النضال من داخل دولة مستقلة ينازع فيها الاسلاميين والليبراليين من داخل دولة يحتاجها الجميع بغض النظر عمن يسود في مرحلة ما.
خلاصة القول أن الوقوف مع الدولة السودانية لا يعني الذهول عن أي انتهاكات من قبل الجيش أو من معه قبل أو بعد الحرب فلا داعي للمزايدة إلا إذا كان المزايد يعتقد أن الجنجويد هم الحل. واجب الجميع التصدي للغزو الأجنبي الجنجويدي ومن ثم مواصلة النضال الجماعي من أجل كل تفاصيل التنمية والحكم الرشيد.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب