جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-13@05:49:16 GMT

بن علوي يعتقد

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

بن علوي يعتقد

 

 

علي بن سالم كفيتان

في ديسمبر الماضي كتبتُ مقالًا بعنوان "بن علوي ما زال صائمًا"، تعليقًا على حديثه لقناة الجزيرة، وكيف خرجت مُقدِّمة ذلك البرنامج خالية الوفاض إلّا من بعض المعلومات عن الموز والنارجيل في مزرعة بن علوي، ونال ذلك المقال في حينها مُتابعة واسعة وتفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعتقدُ أن الرجل نوى الإفطار، لكنه لم يبدأ بالتمر والماء، كما هي عادة الصائم!

ربما يَحقُ له ذلك، لأن بن علوي ليس كغيره وله الحق تمامًا في الاعتقاد كيفما يشاء، لكن إذا وصل الاعتقاد إلى الجزم فهذا شأن آخر؛ فالرجل رغم خروجه من عالم السياسة في عام 2020 رسميًا، إلّا أنه يظل واجهة دبلوماسية يُثير تواجدها في أي محفل شغف المتابعة وفضول المعرفة، مهما كان الحديث.

وفي الغالب حديث شخصيات من هذا العيار، يُسقط على الموقف الرسمي للبلد، ومن هنا يُمكننا الاختلاف مع بن علوي في بعض ما ذكر أثناء حديثه الرمضاني مع إذاعة "هلا إف إم"، وهذا لا يُفسد مطلقًا اتفاقنا ومحبتنا للرجل؛ كونه يعدُ أحد الفاعلين والمُقرَّبين من السُّلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وأحد الرموز العُمانية التي لا يُمكن تجاوزها.

وفي إطار هذا الحديث، هل يُمكننا اعتبار بن علوي أحد الصقور عندما كان في ثورة ظفار أم من الحمائم؟ وأنا هنا أعتقدُ أنه انتهج طريق الصقور لإحداث تغيير، وهذا أمر محمود لا شك في ذلك، ويُحسب له بكل المقاييس، ويتطابق تمامًا مع رغبة كل العُمانيين في تلك الحقبة الصعبة من تاريخ بلادنا. ولا أدرى كيف رأى سياسة الصقور في فلسطين أمرًا غير مُحبَّذٍ في ظل انغلاق أفق سياسة العقول، التي لم تجلب وطنًا للفلسطينيين؛ فالمفاوضات العبثية والاتفاقيات الوهمية مع الكيان الصهيوني، أعجزت عقول أعتى المفاوضين العرب وأكثرهم جَلدًا وصبرًا، وقادتهم الى أقبية مُعتمة وسراديب مُظلمة وتنازلات مُشينة. نعم هناك خسائر جسيمة نتفق مع ذلك، لكن القضية عادت إلى الواجهة بقوةٍ، ولكم أن تتخيلوا معي أنَّ الولايات المتحدة بجلالة قدرها تتفاوض اليوم مع حركة "حماس" لإخراج أسير صهيوني يحمل الجواز الأمريكي. هل كان ذلك مُمكنًا قبل السابع من أكتوبر؟

استدركَ بن علوي هذه المرة عندما تحدث محاورُه عن الفكر الشيوعي لثورة ظفار، وقال إنِّه ليس فكرا ًعامًا؛ بل نهج اختطه بعض الأفراد، فغالبًا ما كانت الشيوعية وصمة ضد الثورة لحشد التأييد في فترة انتقل فيها الرجل من صقر الثورة إلى حمامة الدولة؛ فأول مهمة كانت له- حسب حديثه الشائق- عضويته في وفد السلام إلى الدول العربية، بمعية مشايخ وشخصيات وازِنة من عُمان، فيما سبَّب بن علوي وجوده في الوفد؛ بأنه من ظفار. ولا شك أن بن علوي استطاع اللحاق بركب التغيير، وأوجد لنفسه مكانًا يحسده عليه الكثيرون؛ فالرجل نفَّذَ سياسة اختطها السلطان الراحل بكل إتقان طوال فترة توليه لمنصب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، ومارسها حتى أصبح أيقونة دبلوماسية عالمية، وكل ما يتحدث به اليوم سيُسقط بلا شك على عُمان، في الوقت الذي انتهج فيه خلفه معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي دعم صمود الشعب الفلسطيني، وصدح الموقف الديني من خلال الرسوخ الخالد للشيخ أحمد بن حمد الخليلي مع المُقاومة، وثبت الموقف الشعبي العُماني العارم مع حق المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن دينها وأرضها وعرضها.

أعتقدُ أن بن علوي تأثَّر بالسياسة البرجماتية المُنتشِرة بعد تولِّي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سُدة الحكم في واشنطن، وهي السياسة التي تنتهجها بعض الأنظمة العربية اليوم بصمتٍ خوفًا من شعوبها؛ فتصريحات ترامب عرَّت التوجه الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، وأوضحت أنَّه لا دولة فلسطينية وأن الشعب الفلسطيني يجب توزيعه على دول الجوار، وأن الكيان الصهيوني له الحق في التمدُّد كونه "صغيرًا جدًا" ويجب توسعته.

فهل ما زال هناك مجال لدبلوماسية العقول التي ذكرها بن علوي وقادها مع أعتى جيل من وزراء الخارجية العرب لأكثر من 50 عامًا ولم تُفضِ إلى نتيجة؟

الحقيقة أننا مهما سبحنا في مُحيط بن علوي لن نصل إلى مرافئ فكره الواسع وخياله الحاوي لمنطلقات السياسة العالمية المُعقَّدة ومماحكات الدهاليز العربية الفارغة، وسيظل يوسف بن علوي لغزًا كبيرًا، فكم رأينا حذره الشديد عندما سأله مُقدم البرنامج في إطار جلوسه الأول مع السلطان الراحل بعد العودة من النِّضال: "ماذا قال لك السلطان؟" توقف ثم رد: "لا أستطيع إجابتك؟".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الصين تدعو أوروبا للمشاركة في مقاومة سياسة الإكراه الأميركية

دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم الجمعة الاتحاد الأوروبي إلى الانضمام إلى بلاده في "مقاومة سياسة الإكراه" على خلفية حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة الأميركية، وفق ما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وقال الرئيس الصيني أثناء اجتماع في بكين مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "يجب على الصين والاتحاد الأوروبي تحمل مسؤولياتهما الدولية، وحماية العولمة الاقتصادية وبيئة الأعمال الدولية بشكل مشترك، ومقاومة سياسة الإكراه الأحادي بشكل مشترك".

وشدد الرئيس الصيني على أن هذا لن "يحمي حقوقهما ومصالحهما المشروعة فحسب، بل سيحمي أيضا.. العدالة والإنصاف الدوليين".

من جهته، قال رئيس الوزراء الإسباني الجمعة إن التوترات التجارية مع بكين يجب ألا "تعيق" التعاون مع الاتحاد الأوروبي، عقب اجتماعه مع الرئيس الصيني في بكين.

وقال سانشيز في مؤتمر صحفي "إسبانيا وأوروبا لديهما عجز تجاري كبير مع الصين يجب أن نسعى جاهدين لتصحيحه، ويجب ألا نسمح للتوترات التجارية بإعاقة إمكانات نمو العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي".

وتأتي زيارة سانشيز في حين يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في علاقاته التجارية الدولية أمام "الفوضى" الناجمة عن رسوم الاستيراد الأميركية التي أُعلنت الأسبوع الماضي وتسببت بهبوط أسواق المال العالمية.

إعلان

كما رفض المسؤولون الإسبان في وقت سابق تحذيرا من واشنطن من أن التقارب مع الصين سيكون "بمثابة انتحار".

رد مماثل

واليوم، قالت وكالة رويترز إن وزارة المالية الصينية ترفع الرسوم الجمركية على سلع أميركية من 84% إلى 125%.

ونقلت رويترز عن وزارة المالية الصينية قولها "إذا واصلت واشنطن تقويض مصالحنا سنتخذ إجراءات مضادة ونقاتل حتى النهاية".

وكانت الخارجية الصينية أعربت عن رفضها لما وصفتها بالضغوط وممارسات الابتزازات والتهديدات الأميركية لها. وقالت إن إجراءات واشنطن لا تظهر استعدادها لمحادثات جادة، ووصفت الرسوم الجمركية الأخيرة بأنها حرب تجارية. 

وقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول أمس قرارا جديدا برفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% على أن يدخل حيز التنفيذ فورا.

واعتبر ترامب أن هذه الخطوة تأتي لعدم احترام الصين للأسواق العالمية، مشيرا إلى أنه يأمل أن تدرك الصين قريبا أن أيام "تمزيق الولايات المتحدة ودول أخرى لم تعد مقبولة أو قابلة للاستمرار".

وكشف ترامب أن أكثر من 75 دولة تواصلت مع واشنطن للتفاوض بشأن الرسوم الجمركية وبأنه سمح بوقف مؤقت للرسوم الجمركية لمدة 90 يوما على الدول التي لم تقم بأي "رد انتقامي" ضد الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال.

وكانت وزارة المالية الصينية أعلنت رفع التعريفات الجمركية على السلع الأميركية إلى 84%، ردا على الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها واشنطن على جميع السلع الصينية دون استثناء.

أما الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فقد وافقت على اقتراح المفوضية الأوروبية فرض رسوم جمركية على الولايات المتحدة بنسبة 25، ردا على الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية.

ومن المقرر بدء سريان القرار في 15 مايو/أيار القادم على عدد من المنتجات الأميركية، بقيمة تصل إلى 21 مليار يورو من المنتجات.

إعلان

وأضاف بيان الاتحاد أنه يمكن تعليق هذه الرسوم في أي وقت، إذا تم التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن مع واشنطن. واعتبر الاتحاد الأوروبي أن الرسوم الأميركية غير مبررة، وتُلحِق ضررا اقتصاديا بكلا الجانبين، وبالاقتصاد العالمي.

مقالات مشابهة

  • فرنسا تواكب تبدّل المناخ السياسي في لبنان وتواصل سياسة الدعم
  • بسبب سياسة الرهائن.. أوروبا بصدد فرض عقوبات بحق 9 إيرانيين
  • ترامب: سياسة الرسوم الجمركية تسير على ما يرام
  • مراسل إسرائيلي: سياسة الجيش غامضة في غزة.. حماس لا تزال قائمة
  • برنامج تدريبي لتطبيق ميزانية البرامج والأداء بتعليمية ظفار
  • الصين تدعو أوروبا للمشاركة في مقاومة سياسة الإكراه الأميركية
  • (المجلس الأطلسي) إيران لم تتخلَّ عن الحوثيين.. تريد فقط أن يعتقد ترامب ذلك
  • ساندرز يحذر من سياسة ترامب: نستيقظ أو نخضع لملكنا الجديد
  • النمسا ترحب بخطط ألمانيا لتشديد سياسة اللجوء
  • اختلاف سياسة أميركا الخارجية بعهد ترامب.. هل تتخلى واشنطن عن قيادة العالم؟