كيف وصل العرب لأفغانستان وكيف يعيشون بها؟
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
كابل- تجمع أفغانستان، التي تعتبر قلب آسيا، عشرات من القوميات المختلفة يصل تعدادها إلى 14 قومية أهمها البشتون والطاجيك والهزارة والتركمان وغيرها، والاعتراف رسميا بمجموعة من القوميات، منها القومية العربية، التي ذكرت في النشيد الوطني الأفغاني إلى جانب أخريات.
سألنا حاجي غلام محمد عرب وهو واحد من كبار القومية العربية التي تعيش في أفغانستان، عن تاريخ وصول العرب إليها، فقال إنه كانت عدة موجات من الهجرة العربية إلى أفغانستان، بدأت في القرنين السابع والثامن الميلادي بالتزامن مع الفتوحات الإسلامية، حين هاجر الكثير من العرب إلى مناطق مختلفة في آسيا الوسطى وبالأخص بلاد ما وراء النهر مثل بخارى في أوزبكستان، ومَرْو من تركمانستان إضافة لمدن خراسان مثل جرجان في إيران ، وبلخ وكابول في أفغانستان.
ويطلق اسم بلاد ما وراء النهر على الدول التي تقع شمال نهر جيحون (آمو داريا) وهو المصطلح الذي أطلقه العرب المسلمون على هذه المناطق بعد الفتح الإسلامي وتشمل مدنا مهمة مثل سمرقند وبخارى وفرغانة وطشقند وترمذ وغيرها.
رحلة الاضطهاد
ويضيف حاجي غلام أنه بسبب اضطهاد السوفييت للمسلمين في وسط آسيا، في القرن التاسع عشر الميلادي، هاجر الكثير منهم إلى شمال أفغانستان لا سيما إلى مدينة بلخ، فمنحهم الملك الأفغاني أراضي في مناطق في شمال أفغانستان في بلخ وقندز وغيرها وتم بناء قرية خاصة بهم تسمى (إمام صاحب).
إعلانواعتمدت معظم القبائل العربية المهاجرة من وسط آسيا إلى شمال أفغانستان على النظام الرعوي كأسلوب حياة، وهم يعيشون حتى اليوم في جبال هندكوش بالأخص في بدخشان وقندز وبامير، ويتنقلون بحسب الفصول:
في فصل الشتاء يبقون في بيوتهم في قراهم والتي تسمى (قشلاق) وفي فصل الربيع والصيف يرحلون مع قطعانهم عبر الوديان إلى مناطق الرعي لا سيما جبال بدخشان وبالأخص بادية درواز وبحيرة شيوة وتسمى مناطق الرعي هذه (إيلاق) حيث ينصبون الخيام ويبقون حتى بداية فصل الخريف. وفي الخريف يعودون بقطعانهم إلى قراهم وتستغرق هذه الرحلة قرابة 3 أسابيع.وهؤلاء البدو ذوو الأصول العربية يكادون لا يتكلمون العربية، فقد اختلطت لغتهم باللغات المحلية ولم يبق من اللغة الأصلية إلا القليل.
أما الموجة الثالثة من هجرة العرب إلى أفغانستان، فيضيف كبير القومية العربية أنه حدثت الموجة الأخيرة من هجرة العرب إلى أفغانستان إبان الغزو السوفياتي في العصر الحديث، وانتقل بعض العرب إلى أفغانستان للجهاد ضد الاحتلال السوفياتي، وهؤلاء معظمهم عادوا إلى بلادهم وبقي القليل منهم في القرى والمناطق الأفغانية.
يعد الشهيد عبد الله عزام أهم هؤلاء والذي أسس مكتب خدمات المجاهدين في بيشاور- باكستان، وكان يقوم بتنظيم دخول العرب للجهاد في أفغانستان، ومنهم أسامة بن لادن والظواهري وغيرهم.
أما عن العرب الموجودين في الولايات الأخرى فيوضح المتحدث ذاته وجود قبائل عربية تحظى بمكانة مهمة في المجتمع الأفغاني، ولهم ألقاب خاصة تشير إلى نسبهم فـ"السادة" ينتسبون إلى أهل البيت، و"الخواجات" ينتسبون إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، كما يطلق لقب "المير" على من ينتسب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه. إضافة لذلك توجد قبائل عربية مشهورة مثل الكيلاني والقريشي والخزاعي والشيباني وغيرها، حسب المصدر ذاته.
أما الشاب رحمة الله عرب، و هو أحد أبناء القومية العربية التي تعيش في إحدى القرى التابعة لمدينة مزار شريف، فيقول للجزيرة نت، عن القرى العربية في هذه المنطقة، "لدينا أربع قرى يسكنها العرب وهي حسن أباد، وسلطان آريغ، ويخدان، وخوشحال أباد، وهم يتكلمون العربية مع بعض التحريفات التي دخلت عليها عبر التاريخ".
إعلانوأضاف أنهم يفتخرون بقوميتهم العربية. ويرى أنه حين كانت أفغانستان تخضع للحكم العربي لمدة 8 قرون كان للعرب مكانة مهمة في المجتمع الأفغاني، ولكن حين استولى السلجوقيون على الحكم أخفى بعض العرب هويتهم الحقيقية خوفا من البطش واندمجوا بالأقوام الأخرى.
واختلطت اللغة العربية باللغات المحلية الأخرى وأصبحت مزيجا من هذه اللغات، ولكنهم ما زلوا يستخدمون الكثير من الكلمات العربية في حديثهم.
ويشكل عرب أفغانستان بحسب الإحصائيات 20% من مجموع السكان وبواقع 4 إلى 5 ملايين نسمة من سكان أفغانستان، وقد تم الاعتراف رسميا بالقومية العربية في عهد الرئيس السابق كرزاي، وقامت الحكومة آنذاك بإنشاء أكثر من 200 مدرسة في المناطق التي يقطنها العرب في أفغانستان، وتمت إضافة القومية العربية في الهويات الرسمية الأفغانية في خانة القومية، وهؤلاء يمثلهم مجلس شورى العرب في أفغانستان برئاسة الملا عزة الله عاطف.
أما عن عاداتهم وتقاليدهم فيخبرنا رسول محمد عرب، وهو أحد أفراد القومية العربية الموجدين في ولاية هرات، أنه رغم اندماجهم بالقوميات الأفغانية الأخرى وتشابه عاداتهم وتقاليدهم، إلا أنهم ما زالوا يفتخرون بالقيم والمبادئ العربية الأصيلة ولا سيما الشجاعة والكرم وحسن الضيافة.
ويضيف أن هذه المبادئ تحظى لديهم بأهمية بالغة "فنحن نعرف أن العرب، ومنذ الجاهلية تغنوا بالكرم وحسن الضيافة، ونحن نولي أهمية كبيرة لهذه القيم".
ويتابع رسول أن من عاداتهم في قراهم إن وصل ضيف إلى باب أحد البيوت فإنهم ملزمون بإكرامه، وضيافته لمدة 3 أيام دون سؤاله عن اسمه أو عن سبب قدومه، وفي اليوم الثالث يسأله صاحب البيت عن حاجته، وهو ملزم بتلبية حاجة هذا الضيف مهما كانت.
ومن العادات الخاصة بهم عاداتهم في الزفاف، يوضح رسول أنه حين يقرر شخص ما خطبة فتاة فعليه أن يذهب رفقة عائلته وقرابة الـ50 شخصا من أقاربه مصطحبين ثلاثة من الخراف وبقرة واحدة وكمية كبيرة من الحلوى.
إعلانيذهب وفد العريس إلى بيت والد العروس وتتم دعوة ملالي وكبار القرية ويتم عقد الاتفاق وبعدها يتم توزيع الحلوى على الحاضرين، ويتم الاتفاق على المهر الذي يتراوح بين الـ4 آلاف و5 آلاف دولار، وإذا تم الإيجاب والقبول يتم تحديد موعد يوم الزفاف. ويوم العرس يتم ذبح الخراف وطبخ أكثر من 400 كيلوغرام من الأرز، ويتم إطعام الضيوف، وتوزيع الطعام على الجيران والفقراء من أهل القرية.
ومن عاداتهم كذلك، عادات خاصة بيوم المولد النبوي في مدينة هرات، عبر تنظيم اتحادية عرب المدينة فعاليات واحتفالات خاصة، يقومون فيها بدعوة كبار القومية العربية للاحتفال، ويقدمون الطعام لأكثر من 5 آلاف شخص بهذه المناسبة.
طوال التاريخ برز الكثير من أفراد القومية العربية في أفغانستان من العلماء والشعراء والأدباء، ومن أبرز هؤلاء المفكر جمال الدين الأفغاني، ومنهم الخواجة عبد الله الأنصاري العالم والمفسر والصوفي، والذي لا يزال ضريحه يشكل معلما تاريخيا مهما في ولاية هرات، والشاعرة رابعة البلخية وهي أول شاعرة في تاريخ الشعر الفارسي والتي كتبت الشعر باللغتين والعربية والفارسية، وغيرهم الكثير.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الطلاب المسلمون الدارسون في جامعة نجران يعيشون تجارب رمضانية عامرة بالخير والإحسان
المناطق_واس
يعيش الطلاب المسلمون الدارسون بجامعة نجران تجارب رمضانية عامرة بالخير والإحسان والإخاء، في ظل ما توفره المملكة لهم من منح دراسية وخدمات طلابية، أسهمت في تجاوزهم لصعوبة الدراسة في شهر رمضان، بعيدًا عن عوائلهم، وعززت أواصر العلاقات بينهم في التعرف على ثقافات البلدان الإسلامية المختلفة في الشهر الفضيل.
وكالة الأنباء السعودية شاركت طلاب المنح الدوليين من مختلف الجنسيات بجامعة نجران، سفرة الإفطار خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام، وعبرّ الطلاب عن امتنانهم للحكومة الرشيدة، لما تقدمه من تسهيلات وخدمات، ساعدتهم على تجاوز صعوبات البعد عن أسرهم، ومواصلة رحلة تعليمهم، كما استفادوا من الشهر الكريم في زيادة ثقافتهم الإسلامية، والتزود بالقيم والتعاليم الإسلامية السمحاء.
أخبار قد تهمك الأجواء المعتدلة تحفز سكان مكة المكرمة على ممارسة المشي 10 مارس 2025 - 9:08 مساءً الأسواق الشعبية القديمة بنجران.. ذاكرة حية لتاريخ مضى 9 مارس 2025 - 8:18 مساءًوأوضح الطالب الكيني, محمد رمضان، الذي أمضى سنتين في دراسة أصول الشريعة بجامعة نجران، أن تجربة الصوم في المملكة، من التجارب المميزة، من حيث الالتقاء بعدد من الطلاب الدارسين من مختلف الجنسيات على سفرة الإفطار، مما أسهم في زيادة معرفته بالثقافات الإسلامية المختلفة، والاستفادة من حلقات القرآن الكريم في تطوير قدراته في القراءة، وتعلم الفقه والشريعة.
بدوره أبان الطالب الإندونيسي, ناسويادين، أن شهر رمضان المبارك لا يختلف كثيرًا في المملكة عن بلاده بوصفها دولة إسلامية، ويجتمعون في المساجد على سفر الإفطار وفي المنازل، معربًا عن ارتياحه وسعادته في قضاء شهر رمضان للمرة الثانية في المملكة، ولما تقدمه الجامعة من خدمات للإفطار والسحور خلال الشهر الكريم بما يساعدهم في تحصيلهم الدراسي، وتجاوز صعوبة الصوم بعيدًا عن أسرهم.
فيما بين مدير إدارة المنح بجامعة نجران شاجع الحارثي، أن عدد طلاب المنح بالجامعة يبلغ 1200 طالب وطالبة، منهم 600 طالبة منح خارجية، من 52 دولة، تقدم لهم جميع الخدمات والتسهيلات التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين، للطلبة الدارسين في الجامعات السعودية، مشيرًا إلى أن الجامعة بالتعاون مع المؤسسات الخيرية تقدم لهم عددًا من المبادرات لدعم برامج المنح كمبادرة إفطار صائم يوميًا خلال شهر رمضان المبارك، وتنفيذ العديد من البرامج التوعوية، وتسهيل رحلات الحج والعمرة لهم.