يعقد أعضاء مجموعة بريكس قمة في مدينة جوهانسبرغ تختتم غداً الخميس، يناقشون خلالها موضوعين أساسيين، هما توسيع نطاق المجموعة واحتمال تبنيها عملة مشتركة.
تبني عملة موحدة يتطلب تقارباً اقتصادياً حقيقياً بين البلدان
وفي هذا الإطار، قالت كبيرة المحللين في موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" البحثي الأمريكي إن الموضوعين محوريان لمستقبل شراكة البلدان النامية الكبرى التي تمثل المجموعة، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وأوضحت الباحثة أن وجهات النظر المتعلقة بالمسار المستقبلي للمجموعة تختلف وفقاً لمنظور كل شخص، فالبعض يعتقد أنها ستؤدي دوراً متعاظماً في الشؤون الدولية بالتزامن مع أفول نجم الغرب، والبعض الآخر يرى أنها مجموعة منقطعة الصلة بالواقع الذي نعيشه إلى حد كبير، نظراً لقصور تقارب أعضائها بشأن المخاوف السياسية والاقتصادية المحورية.
وأشارت الكاتبة إلى أن الصين هي القائدة الاقتصادية للمجموعة، بينما روسيا هي قائدتها السياسية.. ولذلك، فمن البديهي أن تناقش مجموعة بريكس احتمالات ابتكار عملة جديدة والتوسّع في الوقت الراهن، وتحديداً بعد مرور عام من الحرب الاقتصادية العالمية التي بدأت إثر الهجوم الروسي على أوكرانيا وفرض الغرب عقوبات على موسكو، ولكن من المهم الملاحظة أن التداول المنحسر بالدولار الأمريكي على مدار العام الماضي لم يكن يُعزى إلى قرار روسيا استخدام اليوان بدلاً من الدولار، وإنما إلى الإجراءات الأمريكية التي قضت بحرمان السوق الروسية من الدولار الأمريكي.
وأضافت أن فك الارتباط المالي بالدولار، بوصفه سياسة لا ردة فعل للعقوبات الغربية، يمكن أن يتحقق فقط إذا تبنت مجموعة بريكس عملة مشتركة أشبه باليورو الأوروبي، الذي استحدثته عام 1999 دول الاتحاد الأوروبي المشاركة.
خلافات بين أعضاء بريكسولكن استحداث عملة جديدة لا يتطلب إصدار أوراق مصرفية والإعلان عن جاهزيتها للاستخدام، وإنما يتطلب تقارباً اقتصادياً حقيقياً بين البلدان المشاركة عبر سوق مشتركة، وسيكون من الصعب للغاية أن تُنشئ مجموعة بريكس هذه السوق نظراً لأوجه الاختلاف العميقة بين اقتصادات أعضائها.. فتلك الدول تفتقر إلى الهيكل الاقتصادي المشترك ومنظومة الحوكمة المشتركة.
وهي حتى غير موجودة في القارة ذاتها، ناهيك عن عدم تشاركها أية حدود.. وإقامة سوق مشتركة فعالة ستتطلب إقامة بنية تحتية جديدة، بما في ذلك نظم أمنية ونظم تأمين لحماية طرق التجارة، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً لدول مجموعة بريكس، وذلك لأنه ما من دولة منها تعد قوة بحرية عالمية.
عملة موجودة فعلياًومع ذلك، تقول الكاتبة، من الواضح أن دول مجموعة بريكس لن تتفق على تبني عملة موجودة بالفعل لأي من شريكاتها في المجموعة، وعلى الرغم من أن الهند زُعم أنها تستخدم اليوان الصيني في تجارتها مع روسيا، فقد أبدى عدد محدود فقط من شركات تكرير النفط استعداده للسداد بهذه الطريقة حتى الآن.
ولفتت إلى أن اليوان الصيني ليس قابلاً للتحويل إلى غيره من العُملات بحرية في سوق الصرف العالمية، ما يجعل توافره خاضعاً لسياسات بكين.. وعلى البنك المركزي الروسي حالياً أن يطلب الإذن من بكين لإجراء أي معاملات كبرى باليوان الصيني، الأمر الذي ليس من المرجح أن يُقدم عليه البنك المركزي الهندي في المستقبل القريب، وستجعل النزاعات الجارية بين بكين ونيودلهي بشأن عدد من القضايا التنسيق بينهما بخصوص أي شيء صعباً للغاية.
تبني عملة جديدة.. السبيل الوحيدوتقول الباحثة إنه بما أن "التحول إلى اليوان الصيني" ليس احتمالاً قائماً لمجموعة بريكس، يبدو أن تبني عملة جديدة هو السبيل الوحيد الذي تستطيع به المجموعة التخلي عن الدولار الأمريكي.. وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال حظي بالنقاش على نطاق واسع في وسائل الإعلام، لا يوجد مؤشر على أن أي تقدم قد أُحرز في هذا السياق.
وأشارت الباحثة إلى أنه لا تزال هناك أسئلة كثيرة محورية بلا جواب: ما الذي يقتضيه الأمر كي تتعاون الهند والصين معاً عن كثب لتحقيق التكامل بين اقتصادهما؟ وما المطلوب كي تحقق روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا التكامل بينها؟ وما المصالح الاقتصادية المشتركة بين تلك الدول؟ نظراً إلى أنه ما من دولة واحدة من دول مجموعة بريكس لديها عملات قابلة للتحويل الحر، كيف يمكن أن يفرز أي موقف مالي عملة لمجموعة بريكس، ويضمن توافرها للشركات الدولية والأفراد على حد سواء؟
ولذلك، فحتى روسيا التي كانت أكبر داعم لمجموعة بريكس تقول إن صك عملة موحدة هدف بعيد الأمد، غير أن هذا أيضاً يبدو ضرباً من الآمال البعيدة المنال.. فمن المستبعد أن يستطيع أعضاء مجموعة بريكس حل خلافاتهم وبناء قدر كافٍ من الثقة يكفل لهم إصدار عملة واحدة.. وحقيقة الأمر أن لا قاسم مشتركاً بين تلك البلدان سوى انعدام ثقتها بالغرب.. وحتى هذا، نراهم لا يتفقون عليه اتفاقاً كاملاً.
توسعة نطاق العضوية في المجموعةوأشارت الباحثة إلى أن توسعة نطاق العضوية في المجموعة قضية أخرى تسعى فيها المجموعة إلى الإجماع، فقد ناقش أعضاء المجموعة احتمالات زيادة عدد الأعضاء منذ عام 2017، وأثارت الصين المسألة العام الماضي أثناء استضافتها لقمة بريكس.. وبحسب مسؤول جنوب إفريقي، طلبت 23 دولة رسمياً الانضمام إلى المجموعة، في حين أن 40 دولة أعربت بشكل غير رسمي عن رغبتها في الحصول على العضوية.. ربما بدا هذا عدداً مبهراً من الأعضاء المحتملين، غير أن الانضمام الرسمي عملية معقدة لأنه لا توجد عملية رسمية أصلاً للانضمام إلى المجموعة، اللهم فيما خلا دعوة جميع الدول الأعضاء للدولة الجديدة، كما في حالة جنوب إفريقيا عام 2010.
فضلاً عن ذلك، هناك انقسام بين دول مجموعة بريكس بشأن مسألة توسيع نطاق المجموعة.. على سبيل المثال، في حين أن البلدان الخمس وافقت على مناقشة العضوية المحتملة للأرجنتين، قيل إن البرازيل عارضت أي توسعات إضافية، فالبرازيل كالهند بالضبط تود أن تحافظ على علاقات وثيقة بالولايات المتحدة، وتسعى في الوقت عينه إلى تحسين علاقاتها بأوروبا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني قمة بريكس دول مجموعة بریکس الیوان الصینی عملة جدیدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
"موانئ أبوظبي" تعزز حضورها في 5 أسواق عالمية جديدة
قال الكابتن محمد جمعة الشامسي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ أبوظبي، إن المجموعة نجحت خلال 2024 في تعزيز مكانتها الرائدة عالمياً في قطاع التجارة والخدمات اللوجستية من خلال توسعة أعمالها وتخصيص استثمارات استراتيجية مدروسة.
وأضاف أنه تم تدشين محطة الحاويات الجديدة "سي إم إيه تيرمينالز ميناء خليفة"، وهي أحدث إضافة للبنية التحتية لميناء خليفة، والتي ستعزز شبكة الربط بين أبوظبي والعالم ، بجانب دمج شركة نواتوم، والتي تمثل أكبر عملية استحواذ للمجموعة حتى الآن، الأمر الذي أسهم في توسيع الآفاق الاقتصادية لمجموعة موانئ أبوظبي.
أفضل 20 مشغلوأشار إلى جهود المجموعة التي أثمرت عن دخولها لأول مرة ضمن قائمة أفضل 20 مشغلاً لموانئ الحاويات في العالم وفقا لشركة دروري الدولية، كما دخلت خلال 2024 إلى أسواق عالمية جديدة، وذلك من خلال مشاريع في كل من أنجولا ومصر وتنزانيا وباكستان وجورجيا.
ونجحت مجموعة موانئ أبوظبي خلال 2024، في تعزيز مكانتها الرائدة عالمياً في قطاع التجارة والخدمات اللوجستية، من خلال توسيع انتشارها عالمياً وتخصيص استثمارات إستراتيجية في مشاريع وصفقات واعدة، ما أسهم في توسيع نطاق شبكة أعمالها، وتطوير إمكاناتها وحضورها الدولي، مع التزامها الراسخ بالابتكار المستدام والتميز التشغيلي في قطاع التجارة العالمية والخدمات اللوجستية.
كما حصلت المجموعة على تصنيف "A1" مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة "موديز" الدولية للتصنيف الائتماني، مما يعكس قوة الأداء المالي والسيولة، وآفاق النمو الاستثنائية للمجموعة.
وتم إبرام اتفاقيات في سبتمبر(أيول) 2024، لإعادة تمويل قرض مشترك بقيمة 2.25 مليار دولار بشروط أكثر ملاءمة، وتمكنت المجموعة من إعادة تمويل وزيادة حجم تسهيلاتها الائتمانية المتجددة الحالية من مليار دولار لتصل إلى 2.125 مليار دولار ، مما يعزز المرونة المالية للمجموعة، ويخفض من تكاليف التمويل، ويمنحها خيارات تخطيط أفضل.
وساهمت مناطق خليفة الاقتصادية أبوظبي - مجموعة كيزاد، في نجاحات المجموعة من خلال عدة عقود تأجير أراضي ومشاريع تطويرية، حيث أبرمت اتفاقية مساطحة لمدة 50 عاماً مع شركة "إن إم دي سي إنيرجي، التابعة لمجموعة "إن إم دي سي"، لتطوير منشأة صناعية جديدة بقيمة 367 مليون درهم.
كما أبرمت كيزاد اتفاقية مساطحة أخرى لمدة 50 عاماً مع شركة تيتان ليثيوم التي تتخذ من الإمارات مقراً لها لإنشاء مصنع لمعالجة الليثيوم وفق أحدث الطرز في منطقة "كيزاد المعمورة"، باستثمارات قدرها 5 مليارات درهم.
فيما تم إبرام اتفاقية مساطحة مع شركة عزيزي للتطوير العقاري، بقيمة مليار درهم يتم بموجبها إنشاء 12 منشأة صناعية حديثة في منطقة كيزاد (أ) “كيزاد المعمورة” ، في صفقة هي الأكبر خلال 2024، لتواصل كيزاد ترسيخ مكانتها شريكا موثوقا به للمصنعين في دولة الإمارات عبر مختلف القطاعات.
وبدأت كيزاد في تطوير منشآت صناعية ولوجستية جاهزة باستثمارات تزيد على 621 مليون درهم، لزيادة الطاقة الاستيعابية للمستودعات بما يزيد على 250 ألف متر مربع بنهاية عام 2025.
وفيما يتعلق بالقطاع الرقمي، والذي يتولى جهود التحول الرقمي في مجموعة موانئ أبوظبي، فقد تطورت عملياته ليسجل أرباحاً من أنشطته الخارجية.
وكان من أبرز إنجازات القطاع خلال 2024 الاستحواذ على حصة 60% من أسهم شركة "دبي للتكنولوجيا"، وهي شركة متخصصة في تطوير حلول التجارة والنقل، وتتخذ من دبي مقراً لها، والتي طورت منصة ذكية لإدارة عمليات الموانئ، يستفيد منها حالياً العديد من مشغلي الموانئ العالميين، إذ تطبق هذه المنصة تقنية "التوأم الرقمي" المتطورة والمطلوبة للغاية في السوق.
وانسجاماً مع التطور الذي شهده القطاع الرقمي، أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي عن تغيير العلامة التجارية والهوية المؤسسية لشركة بوابة المقطع إلى مجموعة مقطع للتكنولوجيا، تماشياً مع إستراتيجيتها الرامية إلى تيسير التجارة العالمية عبر توظيف حلول الرقمنة.
وكانت الاتفاقية التي أبرمت مع شركة تطوير العقبة الأردنية ويتم بموجبها استخدام "نظام مجتمع الموانئ" في عمليات ميناء العقبة من خلال مشروع المقطع أيلة المشترك، هي أول صفقة للقطاع الرقمي خارج دولة الإمارات، وذلك لتأكيد التزام مجموعة موانئ أبوظبي بالنمو المستقبلي، والتحول الرقمي في قطاع التجارة والخدمات اللوجستية.