من حرثا إلى العالمية: عبيدات …قيادة تنسج التاريخ بخيوط العلم والضمير
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
من #حرثا إلى العالمية: عبيدات …قيادة تنسج التاريخ بخيوط العلم والضمير
د.بيتي السقرات/ الجامعة الأردنية
في عالمٍ تتصارع فيه الألقابُ مع الجوهر، تبرزُ شخصياتٌ نادرةٌ تَحملُ في سيرتها توازنًا فريدًا بين العقل والقلب، بين العلم والقيم. #نذير_عبيدات… اسمٌ لم يكن مجردَ صاحب منصب، بل رمزٌ لقيادةٍ استثنائيةٍ جمعت بين دقَّة الطبيب وحكمة المُصلح، وترك إرثًا إنسانيًّا وتعليميًّا يصعبُ محوه من ذاكرة الأردن وأبنائه.
وُلد عبيدات في بلدة حرثا بإربد، حيث تشكَّلت شخصيته في بيئةٍ تُقدّسُ التضامنَ الاجتماعي والاجتهادَ الفردي. تربى على قيم البساطة والعزيمة، فكانت أمه تُردد: “العلم سلاحٌ لا ينكسر”، وهو ما حمله كشعارٍ في مسيرته. تخرّج في كلية الطب بالجامعة الأردنية (1980)، ثم واصل تخصصه في الأمراض الباطنية في بريطانيا، ليعودَ حاملًا شغفًا بنقل المعرفة وخدمة المجتمع.
في ذروة جائحة كوفيد-19 (2020)، قاد عبيدات وزارةَ الصحة بمنهجيةٍ استندت إلى الشفافية عبر نشر البيانات اليومية مع شرح علمي مبسط لطمأنة المواطنين، والاستباقية بتأمين اللقاحات عبر مفاوضاتٍ دوليةٍ ذكية، مما جعل الأردن من أوائل الدول النامية الحاصلة عليها. كما حافظ على التوازن بين رفض الإغلاق الكامل حفاظًا على الاقتصاد، وتعزيز القطاع الصحي بمعدات طبية متطورة. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية (2021)، انخفضت معدلات الوفيات في الأردن أثناء الجائحة بنسبة 25% مقارنةً بالدول المجاورة ذات الكثافة السكانية المماثلة.
لكنَّ المحطةَ الأكثرَ إثارةً للتأمل كانت في *استقالته المفعمة بالرمزية، والتي لم تكن مجرد خطوة إدارية، بل رسالةٌ أدبيةٌ نابضةٌ بالمسؤولية. فبعد أن أدّى دوره كقائدٍ في مواجهة الجائحة، قرر أن ينسحبَ بانحناءةِ فارسٍ يُسلّمُ الرايةَ لمن يخلفه، وكتب في بيان الاستقالة: *”أدّيتُ واجبي كطبيبٍ أمام ضميري، وكمسؤولٍ أمام شعبٍ يستحق الأفضل… واليوم أترك المنصبَ كي أبقى خادمًا للوطن من موقعي الجديد.” لقد حوّلَ لحظةَ المغادرة إلى منصةٍ لإعلان الولاء، مُستلهِمًا قيمَ التضحية التي تربّى عليها، ومُرسّخًا صورةَ القائد الذي يضعُ المصلحةَ العامة فوقَ أيِّ اعتبار.
مقالات ذات صلة ازهاق النفس البشرية محرمة بكافة الشرائع السماوية، 2025/03/11عند توليه رئاسة الجامعة الأردنية (2021)، أطلق مشروعًا تحويليًّا تحت شعار: *”الجامعة مختبرُ المستقبل”، حيث رفع ميزانية الأبحاث بنسبة 40%، ودعم مشاريعَ طلابيةٍ نُشرت في دورياتٍ عالمية. عقد شراكاتٍ مع جامعات مرموقة مثل “هارفارد” و”أوكسفورد”، وأدخل مساقاتٍ في “أخلاقيات الطب” و”القيادة المجتمعية” لتخريج طلابٍ مُنخرطين في قضايا الوطن. في كلمته التاريخية بحفل التخريج (2022)، خاطب الخريجين قائلًا: *”لا تنسبوا النجاحَ لأنفسكم فقط، فوراء كلٍّ منكم أمٌّ سهرت، وأبٌ تابعَ دروسكم، ومجتمعٌ صلُبَ عوده ليدعمكم… كونوا جيلًا يبني ولا يهدم.”
رفض عبيدات التعامل مع المناصب كسلطة، بل كفرصةٍ لصناعة التغيير عبر البيانات الدقيقة والحوار الموضوعي. كما رأى أن المسؤول الناجح هو “من يرى نفسه خادمًا لشعبه، لا حاكمًا عليهم”، وفقًا لإحدى مقابلاته. لم يقتصر إرثه على المناصب الرسمية، بل امتد إلى دعم المبادرات الصحية في القرى النائية، مثل “قوافل الطبابة المجانية” التي استفاد منها آلافُ الأردنيين.
رغم إنجازاته، ظلَّ يعتبر نفسه “طالب علمٍ في بداية الطريق”، مؤمنًا بأن الإصلاح لا يتمُّ إلا بتضافر جهود الأفراد والمؤسسات. استثمر في التعليم والبحث العلمي كأدواتٍ لبناء مستقبلٍ مستدام، ورسَّخ فلسفةً مفادها أن القيمة الحقيقية للإنجاز تكمن في الأثر الذي يتركه الإنسان في مجتمعه.
نذير عبيدات… لم يكن رجلًا عابرًا في تاريخ الأردن، بل مدرسةً في القيادة الأخلاقية. لقد أثبت أن الجمع بين العلم والحكمة ليس مستحيلًا، وأن الإرث الحقيقي لا يُقاس بالمناصب، بل بالحياة التي تُغيّرها، والأجيال التي تُلهَمُ بكلماتك قبل أفعالك. سيبقى نموذجه نبراسًا لكل من يريد أن يترك أثرًا لا يُمحى.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: حرثا
إقرأ أيضاً:
الآسيوي يطلق النسخة الثالثة من برنامج شهادة قيادة كرة القدم
"عمان": أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم عن اكتمال استعداداته لاستضافة نهائيات كأس آسيا لكرة القدم تحت 17 عاما، وذلك بعد الزيارة التفقدية الأخيرة التي أجراها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وشملت الملاعب التي ستستضيف الحدث في مدينتي جدة والطائف.
وثمّن ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم في تصريحاتٍ كافة الجهود المبذولة من أجل استضافة هذا الحدث الكروي الآسيوي الذي سينضم إلى سلسلة من الفعاليات الرياضية الكبرى التي استضافتها المملكة في الفترة الأخيرة، مشددا على أن استضافة السعودية للحدث القاري يعكس التزامها بدعم وتطوير كرة القدم الآسيوية، وأعرب عن تطلعه لمنافسات قوية في البطولة تعكس تطور كرة القدم السعودية بجانب تطور منتخبات القارة الآسيوية، مؤكدًا جاهزية كافة ملاعب البطولة.
يذكر أن مباريات كأس آسيا تحت 17 عاما التي ستنطلق في الثالث من أبريل المقبل وتستمر حتى الـ20 منه ستقام على أربعة ملاعب هي: الملعب الرديف بمدينة الملك عبدالله الرياضية، وملعب مدينة الأمير عبدالله الفيصل في جدة، وملعب مدينة الملك فهد الرياضية، وملعب نادي عكاظ في الطائف، وذلك بعد استيفاء معايير الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
إلى ذلك أطلق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم النسخة الثالثة من برنامج شهادة قيادة كرة القدم في الاتحاد الآسيوي، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز قدرات قادة كرة القدم الآسيوية الصاعدين والمخضرمين. يأتي هذا في أعقاب نجاح النسخ السابقة والتي حظيت بقبول جيد من قبل صناع القرار في الاتحادات الوطنية والإقليمية في الاتحاد الآسيوي والأطراف المختلفة في كرة القدم.
ويعد البرنامج الذي يستمر على مدار ستة أشهر، والذي أقيم لأول مرة في عام 2023، عرضًا رائدًا آخر من أكاديمية التميز في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، حيث يزود المشاركين بالمهارات والمنظورات والعمليات اللازمة التي ستمكنهم من توجيه ورفع مستوى كرة القدم الآسيوية، فضلاً عن التطوير المهني والشخصي، وصقل المهارات الشخصية والتواصلية، وقد شهدت النسخة الافتتاحية تخرُّج 19 مشاركًا، بينما ارتفع العدد إلى 35 في النسخة الثانية.
وسيكون المشاركون بعد التخرج قادرين على دعم استراتيجيات مؤسساتهم المعنية، وتبني معايير جديدة للتميز والتقدم نحوها والتي ستساعد في تطوير كرة القدم القارية، كما سيستفيدون من الفرص وينظمون الموارد لتحسين الكفاءة بالإضافة إلى إلهام وتوجيه مؤسساتهم نحو تحقيق بيانات مهمتهم.
وتعد شهادة قيادة كرة القدم في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم من ضمن مجموعة متنوعة وحيوية من الفعاليات التعليمية المقدمة من أكاديمية التميز في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وهي تأتي كمتابعة لبرامج شهادة إدارة كرة القدم في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ودبلوم إدارة كرة القدم، وشهادة حماية الأطفال، وشهادة الإدارة والإشراف، بالإضافة إلى شهادة الاستراتيجية والتخطيط، وبرنامج تمكين المرأة في كرة القدم.