الطائفية تطغى على المشهد.. كيف تستغل أطراف عراقية الأزمة السورية؟
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
مع تطور الأحداث الأمنية السورية التي دارت رحاها في منطقة الساحل خلال الأسبوع المنصرم، تصاعد الخطاب الطائفي بشكل كبير في العراق، حتى وصل الأمر بالخارجية العراقية أن تصدر بيانا تصف فيه ما يجري بأنه نزاع بين طرفي صراع في سوريا.
وأفاد بيان الخارجية العراقية، السبت، بأن "موقف العراق الثابت والداعي إلى ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات النزاع"، مشدد على "أهمية ضبط النفس من جميع الأطراف، وتغليب لغة الحوار واعتماد الحلول السلمية بدلاً من التصعيد العسكري".
"تغطية الفشل"
تعليقا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، جاسم الشمري، إن "الحالة العراقية منذ مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وحتى اليوم تقتات على الخطاب الطائفي، وأن الطائفية بأول انتخابات كانت الدافع في تحشيد الجماهير وتغريرهم بأن الطائفة مقدمة على الوطن".
وأضاف الشمري لـ"عربي21" أن "الحكومات الفاشلة تحاول تغطية حالة الفشل عبر تفعيل دور الطائفية من أجل إبقاء الجماهير في الحالة المظلمة، بالتالي ربما أرادت بعض القوى العراقية الفاعلة أن تنقل هذه الحالة من العراق إلى المشهد السوري".
ولفت إلى أن "الحالة السورية في بعض المناطق ربما مشابهة للواقع العراقي، لكن أظن أن الوعي لدى السوريين أكثر منه لدى العراقيين، ورأينا أن هذا الأمر لم ينجح رغم محاولة بعض عناصر النظام السوري السابق، بدعم من مليشيات عراقية، لكنهم فشلوا".
ورأى الشمري أن "الخطابات الطائفية في العراق أو غيره لا يمكن أن تستمر في تظليل الجماهير، لأنها خطابات سقيمة لأننا في زمن المعلومة والانفتاح، وهذا يوجب على الحكومات العاقلة والحكيمة، أن تبتعد عنها وتذهب إلى الخطابات الرصينة".
وشدد الخبير العراقي على ضرورة "قبول بغداد بالواقع الجديد في سوريا، والتعامل مع دمشق بحكمة، لأن الحدود بين البلدين تمتد لأكثر من 600 كلم، وأن أمن العراق هو من أمن سوريا، وهذا الأمر يفترض ألا يغيب عن أي مسؤول في الدولة العراقية".
وعن الاعتقالات التي طالت السوريين في العراق، علق الشمري، إنه "كنا نتمنى لو أن المقاطع والصور كانت مفبركة، لأن هذا الأمر لا يتفق مع المنطق والإنسانية، وحرية الإنسان، لأن المواطن السوري حينما يكون في العراق لا يعني أنه دخل ضمن حالة العبودية الوطنية لهذا البلد".
وتابع: "المواطن السوري له الحق التفاعل مع المشهد السوري طالما أنه لم يؤثر على الأمن في العراق، بالتالي لا يمكن القناعة باعتقال مواطن سوري بسبب تغريدة أو موقف، فهذا الأمر غريب، وإذا كانت أطراف أمنية عراقية مشاركة فيه فإنه انتكاسة كبيرة ويفترض بالحكومة أن تنتبه".
ودعا الشمري "الحكومة العراقية إلى معالجة هذا الخلل عبر الاعتذار من هؤلاء المواطنين السوريين الذين وقع عليهم الحيف، وعدم العودة إلى مثل هذه التصرفات الطائشة التي تعزز حالة الخراب في العلاقات العراقية والسورية، التي تريدها بعض الأطراف".
وانتقد السياسي العراقي، ظاهر العاني عبر "إكس" بيان الخارجية العراقية، بالقول إنه "مخيب للآمال، حيث ساوى بين الجهات السورية الحكومية وغير الحكومية وبين السلاح الرسمي وغير الرسمي إذ أسماهم البيان بأطراف الصراع من دون تمييز بين ما هو شرعي وغير شرعي".
وأردف: "كان يفترض ببيان حكومي ألا يقع في هذا الالتباس لأنه مؤشر على عدم الودية تجاه دولة عربية جارة وشقيقة في ظرف أحوج ما تكون فيه لدعم استقرارها وسيادة مؤسساتها".
"خلق الأعداء"
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق، معتز النجم، إنه "التغيير الذي حصل في العراق عام 2003، كان تغييرا في علاقات المنظومة الدولية والنظام الإقليمي خصوصا، لأن احتلال الولايات المتحدة للعراق بني على أساس الطائفية، وبالتالي أصبح هذا جزءا من سياسات الدول بالمنطقة".
وأوضح النجم لـ"عربي21" أن "الطائفية أصبحت شماعة تتعكز عليها الدول، لذلك فإن أحداث سوريا الأخيرة وسيطرة الثورة السورية على زمام الحكم هناك والإطاحة بنظام بشار الأسد، جعل من البلد محطة للتغيير في المنطقة لإنهاء أذرع إيران فيها".
وأشار إلى أن "التنفس الأخير لأذرع إيران في المنطقة هو العراق، بسبب القرب الجغرافي والعلاقات العقائدية والفكرية والطبيعة الجيوستراتيجية، وذلك بعدما خرجت سوريا من بودقة إيران، وربما يلتحق بها العراق".
وأكد النجم أن "البعض في العراق ما يزال يستخدم نظرية الضغط إلى الخارج وخلق الأعداء، إذ أن بعض القوى العراقية ترى أن ما حصل في سوريا من تغيير يشكل تهديدا عليها، لذلك تعمد الأخيرة إلى تفعيل جيوشها الإلكترونية في بث الخطابات التي تنادي بالمذهبية والطائفية".
ورأى أستاذ العلوم السياسية أن "المذهبية والطائفية تنحصر في الوقت الحالي بين الطبقة السياسية العراقية المتصدرة للمشهد العراقي، إضافة إلى قلة قليلة من العراقيين، وهذا الأمر أثبتته الاحتجاجات الشعبية في تشرين/أكتوبر 2019، والتي أظهرت أن الطائفية أصبحت في خبر كان".
وعن موقف الحكومة العراقية من الأزمة السورية، قال النجم إن "الأخيرة قرارها مجزأ، لكن طبقا للدستور فإن رئيس الوزراء عليه وأد أي توتر طائفي في العراق، والتفكير من منطلق الفضاء الوطني، والابتعاد عن العبارات الفئوية الضيقة والتخلص من الأصوات النشاز".
وشدد النجم على "ضرورة أن يكون في العراق مشروع دولة أبعد من مشاريع رجال السلطة، التي تقوم على أساس خدمة الأحزاب وليس الشعب"، مؤكدا أن "ثمة أطراف عراقية تستغل ما يجري في سوريا لأغراض انتخابية، وأفشلوا زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بغداد الشهر الماضي، عبر حملات إعلامية حملت تهديدات له".
وهذا يدل على أن الوضع في العراق لايزال غير مسيطر عليه من الحكومة، وإنما هناك فصائل تتحكم بالمشهد السياسي والأمني، وهذه مثلبة على النظام السياسي العراقي.
وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، محمد نعناع، في تصريح لصحيفة "العالم الجديد" المحلية، أن "الساحة العراقية بيئة منشغلة بما حصل في سوريا، بسبب محاولات تصدير أزمات العراق وتفعيل الخطاب الطائفي حتى تستفيد من ذلك جهات معينة".
وبحسب نعناع، فإن "القوى والأحزاب العراقية جميعها تستثمر بشكل مباشر بالأزمات الطائفية والاحترابات الإقليمية لسببين، الأول هو استقطاب الجمهور الذي ينسجم ويتماهى مع هذه الخطابات، والثاني، إشغال العراقيين حتى تخرج هي من الأزمات الداخلية السياسية والخدمية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الساحل العراق سوريا الطائفية العراق سوريا الساحل طائفية الشرع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسی العراقی فی العراق هذا الأمر فی سوریا
إقرأ أيضاً:
العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. هل المواطن في مأمن؟
بغداد اليوم ـ بغداد
كشف المحلل السياسي، رعد المسعودي، اليوم الاثنين (10 آذار 2025)، عن تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة على الفصائل في العراق، وهل سيمتد بشكل مباشر على الشعب.
وقال المسعودي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "العقوبات تستهدف قيادات وفصائل محددة، وهذه الفصائل ليست كبيرة من حيث بنيتها الاقتصادية أو تغلغلها في النظام المالي العراقي، وبالتالي فإن هذه العقوبات لا تشكل أي تأثير مباشر أو ثقل على المواطن، لأنها كانت موجهة ضد أسماء ومسارات محددة، ولم تشمل البنية الاقتصادية والمالية للدولة العراقية بشكل عام".
وأضاف أن "العقوبات المؤثرة فعليا على المواطن تتعلق بملفات عدة، أبرزها ملف الدولار وإمكانية تقليل تدفقه من الخزانة الأمريكية إلى بغداد، بالإضافة إلى ملفات أخرى تخص التسهيلات التي تقدمها الإدارة الأمريكية في مجالات متعددة".
وأكد أن "ما قد يضر المواطن بشكل مباشر هو حدوث صراع مفتوح بين الفصائل وواشنطن، إلا أن هناك حراكًا غير معلن بدأ قبل أربعة أشهر أسهم في التوصل إلى ما يشبه الهدنة، التي أوقفت عمليات استهداف الفصائل لأهداف أمريكية داخل العراق أو خارجه".
وأشار المسعودي إلى أن "العقوبات الأمريكية مفروضة أساسا على العديد من الفصائل المسلحة العراقية، وقد اتخذتها واشنطن خلال السنوات الماضية لأسباب متعددة، خصوصًا بعد حادثة ضرب المطار عام 2020".
ولفت المسعودي إلى أن "واشنطن، رغم ضغوطها الاقتصادية على العراق بهدف قطع سبل التعاون مع طهران، إلا أنها لا يمكنها الوصول إلى نقطة اللاعودة، وتسعى إلى خلق توازن بين مصالحها في العراق ومصالحها على مستوى الشرق الأوسط".
وأضاف أن "أوراق الضغط الأمريكية تهدف إلى دفع طهران للاتفاق على مسارات تتعلق ببرنامجها النووي وتدخلاتها في المنطقة، لكن بشكل عام، لا يبدو أن واشنطن تسعى إلى فرض ضغوط قد تؤدي إلى ارتدادات قاسية على الأسواق، لأن ذلك قد يشعل أزمة تمس مصالحها المباشرة، خصوصًا في قطاع الطاقة وغيره".