السوريون والبحث عن تعايش سلمي متكافئ
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
يحتكم الوضع السوري الراهن منذ سقوط نظام بشار الأسد، لثنائية متناقضة بين الحرية والاستبداد، وهذه الثنائية تتسم بالتناقض البنيوي الذي ينسحب على كل المستويات والأشكال؛ في نمط الحكم الجديد، وشكل الممارسة السياسية والأمنية والاقتصادية والدبلوماسية، بمعنى أن كلا طرفي هذه الثنائية يشكل نقيضا للآخر في بلدٍ خرج للتو من عملية طحن تاريخي لكل ما يشير للسياسة والأمن والاقتصاد، ثم التفسخ الاجتماعي والطائفي الذي حاول نظام الأسد أن يبني أبده المديد في عقود حكم الأب والابن.
اشتداد الصراع في أشكاله الطائفية، والانتقامية، يؤدي إلى معطى جديد وهو استخدام السلاح، واللجوء إلى عمليات الإعدام الميداني للمدنيين ولقوات الأمن للحكومة السورية الجديدة، في محاولة لتثبيت قاعدة الرعب المتوازن بين السلطة الجديدة وفلول النظام من جهة، وبين الشارع السوري من جهة ثانية في مكونه الطائفي، المنكشف في أحداث الساحل السوري قبل أيام، من يفهم هذه المعادلة هم من خبروا ألاعيب نظام الاستبداد السوري، والشعب السوري لطالما اشتكى ونبه وحذر من الوقوع في هذا الفخ المنصوب لهم منذ الأيام الأولى لثورتهم قبل 14 عام، والتي حاول نظام بشار الأسد الهارب التجييش لها دوما باسم الطائفية واستجلب لأجلها مليشيا عابرة للحدود والجغرافيا لتثبيت هذه المعادلةفي حين يقول واقع السوريين وخطاب السلطة وبياناتها الى خطاب ومناشدات سورية صرفة: أن دمار الخصم وفناءه يعني دمارا للذات في الوقت نفسه، وهذه سياسة انتهت بنظام الديكتاتور الأسدي للدمار.
من يفهم هذه المعادلة هم من خبروا ألاعيب نظام الاستبداد السوري، والشعب السوري لطالما اشتكى ونبه وحذر من الوقوع في هذا الفخ المنصوب لهم منذ الأيام الأولى لثورتهم قبل 14 عام، والذي حاول نظام بشار الأسد الهارب التجييش له دوما باسم الطائفية واستجلب لأجلها مليشيا عابرة للحدود والجغرافيا لتثبيت هذه المعادلة، ومع ذلك يجب أن نشير الى أمر مهم يتعلق بشكل التعايش الذي روج له النظام البائد عن "سوريا الأنحف والأنظف"، وما تبعها من تدمير وتطهير عرقي طال معظم مكونات المجتمع المدني السوري.
لا ينكر أحد حجم الإخفاقات التي ترافق انتصار السوريين على طاغيتهم، ولا يجب التنكر للأخطاء القاتلة التي تقع فيها السلطة الجديدة للقبول بفكرة التعايش، وهو خطأ يقتسمه معها من قبل الوضع الجديد مكرها، لا معترفا بواقع نهاية نظام الاستبداد وأنه على جهوزية تامة من القوة والليونة للتعامل مع السلطة الناشئة التي تفتقر أيضا لمنهجية واضحة في رسم خارطة اطمئنان شاملة للسوريين. فكل الخطاب والسياسة والبرامج المعدة منذ الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وقت فرار الأسد، محاطة بضبابية كثيفة وبأن هناك فهما واستعمالا لا متكافئا لمفهوم دولة المواطنة والدستور والقانون التي يتطلع اليها السوريين على مختلف مشاربهم، غير أن عدم إنكار حجم التركة الثقيلة لنظام الاستبداد لا تعني مطلقا النظر لبعض المفاهيم الأساسية من منظور زئبقي وصعب التحديد في مسائل جوهرية تشير لشكل ومستقبل سوريا على أسس الدستور والمواطنة والحقوق وغيرها.
طبيعة المرحلة السورية الجديدة، بمركباتها المختلفة تتطلب تعايشا لا ينظر إليه من نظارات إنسانية محضة فقط، بل من شعار نضالي دفع ثمنه السوريون غاليا موالين ومعارضين، وما ينبغي تطبيقه بشكل متكافئ على جهتي المنتصرين للثورة وللحاضنة السورية الكبيرة، أنه لا مفر من التعايش المشترك للجميع كمواطنين تحت سقف الدستور والقانون والمحاسبة والمواطنة المعززة بالحرية
لذلك مما ريب فيه، أن طبيعة المرحلة السورية الجديدة، بمركباتها المختلفة تتطلب تعايشا لا ينظر إليه من نظارات إنسانية محضة فقط، بل من شعار نضالي دفع ثمنه السوريون غاليا موالين ومعارضين، وما ينبغي تطبيقه بشكل متكافئ على جهتي المنتصرين للثورة وللحاضنة السورية الكبيرة، أنه لا مفر من التعايش المشترك للجميع كمواطنين تحت سقف الدستور والقانون والمحاسبة والمواطنة المعززة بالحرية.
الاعتراف بأنك تعيش مواطنا في بلدك، في كنف دولة تخضع للشروط والقوانين التي تضعها لك، هو أمر حاسم لبناء وتوثيق العقد الاجتماعي في سوريا الجديدة، والتزام الدولة بنفس واجبات حماية مواطنيها الذين من الواجب تمتعهم بالمساواة والعدل، كمشترك عام لكل السوريين للتمتع بنعمة السلام والطمأنينة، ومن السخف القول من جديد عن دونية السوريين في معرفة حكم أنفسهم، وفي بناء دولتهم من دون طاغية وسفاح، والنفخ في متاريس طائفية استعمارية لحماية الذات.
فالهدف الأكبر بلغه الشعب السوري بالخلاص من الطاغية، ودخولهم لمجتمعهم الجديد يبدأ بخصامهم السليم والآمن لبنائه، والمحافظة عليه وعلى كل فرد فيه. وهو هدف ممكن أيضا، وإن أقدس الروابط لا تعفي مسؤولية الدولة عن هذه المهام، ولا تعفي أي فرد من أفراد المجتمع من تقييم أداء السلطة ونقدها وتصويبها، والتعايش السوري السلمي هو أقصر الطرق لبناء المواطنة والعدالة بسمات إنسانية وأخلاقية، بمقدورها حصار كل ثغرات الغدر بمنجزات السوريين وردمها، وتشكل حائط صد لكل جبهات الاستبداد والاحتلال التي تحاول العثور على منفذ منها لإعادة بسط القهر والذل.
x.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الساحل التعايش سوريا سوريا تمرد ثورة الساحل تعايش مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المتحدث باسم وزارة الدفاع: بعد استعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل.. البدء في المرحلة الثانية التي تهدف إلى ملاحقة فلول وضباط نظام الأسد البائد في الأرياف والجبال
العقيد حسن عبد الغني وزارة الدفاع 2025-03-09hadeilسابق المركزي: انخفاض معدل التضخم في سوريا إلى 46.7 بالمئة خلال عام انظر ايضاًوزارة الدفاع تعلن إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار للمنطقةدمشق-سانا أعلنت وزارة الدفاع إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات …
آخر الأخبار 2025-03-09المركزي: انخفاض معدل التضخم في سوريا إلى 46.7 بالمئة خلال عام 2025-03-09الداخلية تلغي جميع بلاغات منع السفر الصادرة بحق المواطنين السوريين زمن النظام البائد 2025-03-09وزير النفط: سنواصل محاسبة أي شخص يقوم بجلب المحروقات بطرق غير مشروعة 2025-03-09الاتصالات توضّح أسباب توقّف الخدمات في المنطقة الجنوبية 2025-03-09الاتحاد الأوروبي يدين هجمات فلول النظام في الساحل ومحاولات تقويض الاستقرار في سوريا 2025-03-09محافظ اللاذقية يزور المشفى الوطني ومدينة جبلة ويتفقد أحوال المواطنين 2025-03-08البرلمان العربي يدين محاولات تهديد الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في سوريا 2025-03-08وفد من إدارة منطقة جبلة وإدارة الأمن العام يلتقي الأهالي في مطار حميميم 2025-03-08وزير التربية والتعليم الأستاذ نذير القادري: نظراً للأوضاع الأمنية غير المستقرة في محافظتي طرطوس واللاذقية، أوعزنا لمديريتي التربية في المحافظتين بتعليق الدوام المدرسي ليومي الأحد والإثنين 2025-03-08مراسل سانا بريف اللاذقية: تعرضت دورية لإدارة الأمن العام لكمين من قبل فلول النظام البائد بالقرب من مدينة الحفة ما أدى لاستشهاد عنصر وإصابة اثنين آخرين
صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |