نظام الفصول الدراسية الثلاثة.. الإيجابيات والسلبيات على المجتمع والاقتصاد
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
في السنوات الأخيرة، اعتمدت العديد من الدول، بما فيها المملكة العربية السعودية، نظام الفصول الدراسية الثلاثة في التعليم العام والجامعي، بهدف تحسين جودة التعليم ورفع كفاءة العملية التعليمية. وقد أثار هذا النظام جدلًا واسعًا حول إيجابيات وسلبياته على مختلف الأصعدة، سواء للمجتمع، أو الاقتصاد، أو وزارة التعليم، أو حتى على مستوى الأفراد من طلاب ومعلمين وأولياء أمور.
الإيجابيات المجتمعية والاقتصادية:
-رفع جودة التعليم واستيعاب المناهج: تقسيم العام الدراسي إلى ثلاثة فصول يتيح فرصة لاستيعاب المناهج بشكل أفضل، حيث يتم توزيع المحتوى الدراسي على فترة أطول، ممّا يقلل من الضغط الدراسي على الطلاب والمعلمين. وفقًا لبعض الدراسات، فإن هذا النموذج قد يساهم في رفع مستوى التحصيل الدراسي بنسبة تصل إلى 15 %.
-تحقيق التوازن بين التعليم والترفيه: يمنح النظام الجديد الطلاب فترات إجازة قصيرة بين الفصول، ممّا يسهم في تحسين صحتهم النفسية ويقلل من الإرهاق المستمر.
-تحسين الاقتصاد الوطني: يساعد توزيع العام الدراسي على تعزيز الحركة الاقتصادية، حيث تستفيد قطاعات مثل السياحة، والترفيه، والتجارة، من فترات الإجازات المتعددة، ممّا قد يزيد من الإنفاق العائلي بنسبة تتراوح بين 10-20 % خلال تلك الفترات.
-رفع كفاءة المعلمين والتطوير المهني: يسمح هذا النظام للمعلمين بالحصول على فرص تطوير مهني مستمرة خلال العام الدراسي، ممّا ينعكس إيجابيًا على جودة التدريس. كما تشير بعض التقارير إلى أن تحسين التدريب المستمر للمعلمين قد يرفع جودة التدريس بنسبة تصل إلى 25 %.
السلبيات المجتمعية والاقتصادية:
-زيادة العبء المالي على الأسر: يؤدي تمديد العام الدراسي إلى زيادة التكاليف على الأسر، سواء من حيث متطلبات الدراسة أو التنقل أو غيرها من الاحتياجات المتعلقة بالعملية التعليمية، حيث تشير بعض التقديرات إلى ارتفاع تكاليف التعليم بنسبة 12 % بسبب زيادة المصاريف التشغيلية.
-التأثير على سوق العمل: قد يؤثر النظام على فرص توظيف الشباب حديثي التخرج، حيث يتم تمديد فترات التعليم، مما يؤخر دخولهم إلى سوق العمل بمتوسط 6 أشهر مقارنة بالنظام السابق.
-إرهاق المعلمين والطلاب: رغم توزيع الإجازات، إلا أن كثافة الفصول الثلاثة قد تسبب ضغطًا نفسيًا وذهنيًا على المعلمين والطلاب، حيث أظهرت بعض الإحصاءات أن 30 % من المعلمين أبدوا قلقًا من زيادة أعبائهم المهنية.
-التحديات الإدارية لوزارة التعليم: يتطلب النظام موارد إضافية، سواء في تنظيم جداول الامتحانات أو إعداد المناهج الدراسية أو تعيين كوادر تعليمية إضافية لتغطية متطلبات العام الدراسي الطويل، مما قد يزيد من ميزانية التشغيل بنسبة 8-10 %.
تأثير النظام على وزارة التعليم:
إيجابيات: تحسين الأداء التعليمي، رفع كفاءة العملية التعليمية، وتعزيز القدرة على تطوير المناهج.
سلبيات: زيادة التكاليف التشغيلية، الحاجة إلى تدريب مكثف للمعلمين، والتحديات اللوجستية في إدارة العام الدراسي بشكل سلس.
الحلول البديلة:
-تحسين نظام الفصلين الدراسيين: يمكن إعادة هيكلة نظام الفصلين الدراسيين مع إدخال فترات راحة قصيرة لتخفيف الضغط.
-التوسع في التعليم الإلكتروني: الاعتماد على التكنولوجيا لتوفير محتوى تعليمي مرن يقلل من الحاجة إلى الإطالة الزمنية للعام الدراسي، حيث أظهرت بعض الدراسات أن التعلم الإلكتروني يمكن أن يقلل من الحاجة للدوام المدرسي بنسبة تصل إلى 20 %.
-التعليم المدمج: دمج أساليب التعلم التقليدية مع الرقمية لتخفيف العبء الدراسي دون الحاجة إلى تغيير نظام الفصول.
-إعادة تقييم النظام دوريًا: إجراء دراسات دورية لقياس مدى نجاح الفصول الثلاثة ومعالجة المشكلات التي تواجه الطلاب والمعلمين، مع مراجعة سنوية قد تؤدي إلى تحسينات بنسبة 10-15 % في كفاءة النظام.
الخاتمة:
إن نظام الفصول الدراسية الثلاثة، يمثل تجربة تعليمية تهدف إلى تحسين جودة التعليم، إلا أنه يحمل معه تحديات تتطلب حلولًا متوازنة تضمن تحقيق الفوائد المرجوة دون الإضرار بالمجتمع أو الاقتصاد. ومن خلال دراسة مستمرة واستطلاع آراء جميع المعنيين، يمكن التوصل إلى نموذج تعليمي أكثر كفاءة يلبي احتياجات الطلاب والمعلمين والمجتمع بأكمله.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: العام الدراسی نظام الفصول
إقرأ أيضاً:
من الفصول إلى ساحات التضامن.. تلاميذ المغرب يرفضون الصمت تجاه مجازر غزة (شاهد)
"لا لا للخيانة، ولا لا للتطبيع"، و"غزة غزة رمز العزة" و"هذا عار، هذا عار، فلسطين في خطر"، بمثل هذه الشعارات، صدحت أصوات الآلاف من التلاميذ المغاربة، من قلب مدارسهم، في عدّة مدن، طوال الأسبوع الجاري؛ وذلك فيما وُصف بـ"الحراك اللّافت، المشكّل لرسالة قوية ترفض استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة".
من مدن: وجدة والرباط، وطنجة وفاس والدار البيضاء وتطوان وسلا ومكناس، وصولا لمناطق جبلية مثل إقليم الحوز، حوّل التلاميذ بين ليلة وضحاها، المدارس إلى منصات للخطب التضامنية، رافعين أعلام فلسطين، وهاتفين بشعارات مثل: "المغرب وفلسطين شعب واحد مو شعبين"، في مشاهد رجّت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذا التقرير ترصد "عربي21" مشاهد التضامن العارم التي قادها تلاميذ المغرب في موجة احتجاجية وصفت بـ"غير المسبوقة، وتعكس عمق الوعي السياسي لدى النشء"، إذ تحولت ساحات المدارس إلى منصات للخطب والهتافات التضامنية.
تضامن يتجاوز الجدران المدرسية
المسيرات التلاميذية الغاضبة، المُطالبة بإسقاط التطبيع، وبوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة المحاصر، تزامنت مع "الإضراب العالمي لأجل غزة"، فلم تكن مُجرد احتجاج عابر، بل تتويجا لسلسلة مبادرات طلابية في المغرب، بدأت منذ بداية الحرب الهوجاء على غزة.
وقال عدنان، وهو تلميذ يدرس بالفصل الخامس ابتدائي: "التضامن مهم مع إخواننا في الغزة، الذين يعيشون القهر، ولا أحد يقوى على إيقاف الحرب"، فيما قالت والدته التي كانت تراقب احتجاجات التلاميذ على بعد مسافة منهم: "جميل هذا الحراك، لكي لا تُنزع منهم إنسانيتهم، الفطرة الآن هي من تتكلم".
وتابعت الأم التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، في حديثها لـ"عربي21": "بالطبع لن أمنع ابني من الإعلان عن احتجاجه، والكشف عن رفضه لاستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي، الوعي بالقضية الفلسطينية يبدأ منذ الطفولة؛ لكنني في المقابل أحرص على مراقبته عن بعد، خوفا عليه من أي تجاوز قد يؤذي طفولته".
وفي السياق نفسه، لم يقتصر تضامن تلاميذ المغرب على حدود المؤسسات التعليمية (الابتدائية، والإعدادية، والثانوية)، بل جابوا الشوارع المجاورة لمدارسهم، مع رفع شعارات تدعم كامل الأهالي بقطاع غزة المحاصر، وتطالب بـ"وقف فوري" لكافة أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
إلى ذلك، عاشت عدّة مؤسسات تعليمية، بمختلف المدن المغربية، على مدار أسبوع كامل، على إيقاع توقّف عن الدراسة، عقب انخراط أطر تربوية في الإضراب العالمي من أجل غزة؛ أبرزها ما شهدته مدينة طنجة، بتحوّل مظاهرة أمام مديرية طنجة أصيلا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة.
كذلك، في اعتصام ليلي دام ما يناهز خمس ساعات، شارك المئات من أبناء مدينة طنجة، للتأكيد على تضامنهم المطلق مع كامل الشعب الفلسطيني خاصة في غزة، ورفضهم لاستمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي مطلق.
هذا الشكل الاحتجاجي، الذي وصف بكونه: "الأول من نوعه في مدينة البوغاز (طنجة)"، أتى تلبية لنداء "المبادرة المغربية للدعم والنصرة" في طنجة إلى ساكنة المدينة، رفضا للمجازر اليومية التي تُرتكب في حق أبناء القطاع المحاصر.
جيل جديد يرفض الصمت
لم يتوانَ المغاربة (صغارا وكبارا) في استكمال مشهد التضامن المستمر منذ ما يناهز السنتين، خاصة عقب يوم من مليونية الرباط، بمشاركة قوية في "الإضراب العالمي لأجل غزة"، حيث عمّت احتجاجات غاضبة مختلف المدن، شارك فيها مئات التلاميذ والطلبة وأيضا أطر التعليم والصحة، للتعبير عن رفضهم لعدوان الاحتلال الإسرائيلي.
في السياق ذاته، شهدت مختلف الجامعات المغربية، الإثنين الماضي، جُملة مظاهرات، شملت أزيد من 14 مؤسسة جامعية، وذلك بحسب ما أكّده نائب الكاتب الوطني للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
وفي وقت سابق، من الأسبوع نفسه، نظم عشرات المحامين المغاربة وقفة احتجاجية بمدينة الدار البيضاء، تضامنا مع الفلسطينيين في غزة؛ تحت شعار "أوقفوا العدوان الصهيوني"، وذلك استجابة لدعوة من جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء.
وخلال الوقفة ذاتها، رفع المحامون، وهم يرتدون زيهم الرسمي، الأعلام الفلسطينية، فيما رددوا عدّة شعارات داعمة للقضية الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أنه منذ مطلع آذار/ مارس الماضي، عاودت حكومة الاحتلال إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية، بعد تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وسط تجاهل أمريكي وصمت دولي، ما فاقم أكثر من المعاناة الإنسانية الملحّة داخل القطاع المحاصر، وما جعل أصوات الرّافضين لاستمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، تعلو أكثر، في عدّة دول عبر العالم.
وإجمالا، خلّفت حرب الإبادة الجماعية التي يستمر عليها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.