الثورة نت:
2025-04-12@20:32:04 GMT

الاستقراء اليمني للمتغير العالمي

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

الاستقراء اليمني للمتغير العالمي

 

أكتب هذه السطور بعد ثلاثة أيام من إعلان قائد الثورة، بأن اليمن سيستأنف عملياته العسكرية البحرية لحصار الكيان الصهيوني وإسناد الشعب الفلسطيني، كما كان قبل الوصول للاتفاق الذي يماطل الكيان الصهيوني في تنفيذه ويرتكب خروقاته بما يتناقض مع الاتفاقات في فلسطين ولبنان غير زيادة الاعتداءات على سوريا واحتلال المزيد من أراضيه من قبل هذا الكيان.

.
قائد الثورة أعطى مهلة أربعة أيام للوسطاء لمنع استمرار إبادة التجويع في غزة وفتح المعابر والمنافذ بما يمثل تنفيذاً للجانب الإنساني في اتفاق الهدنة، وما لم يتحقق ذلك فاليمن سيعود للانخراط في أداء دوره لحماية وإسناد الشعب الفلسطيني بكل ما هو ممكن ومتاح يمنياً..
أمريكا والكيان يعرفان حق المعرفة أن اليمن عندما يقرر أو يسير في موقف فذلك بمثابة موقف لا يقبل مساومة أو مداهنة أو انتقاصاً على طريقة ما تسمى جامعة وقمماً عربية..
و لهذا فإني أتعاطى الموقف اليمني وأقرأه فوق مهلة الأربعة الأيام وربما ليس كثير الأهمية أن يرفع أو لا يرفع هذا الحصار الجديد لغزة، وأعتقد أن اليمن لا يرتكز ولا حتى يركّز على استجابة أمريكا والكيان لرفع هذه الإبادة الجماعية المتجددة باستعمال التجويع..
المهلة هي فقط لإخراج الوجه من الوسطاء وممن يعنيهم الأمر عالمياً، لأن الموقف اليمني يجسّد الموقف الإنساني عالمياً إلى جانب أرضيته الأخلاقية والدينية والقومية..
منطق أن أمريكا وإسرائيل وما يريدانه هو الحق وهو الحرية ومن يخالفهما أو يختلف معهما هو الإرهاب هو منطق فترة استثنائية لهيمنة أمريكا عالمياً و ذلك تجاوزه واقع المنطقة والعالم وعفا عليه الزمن وإن ظل ذيول أمريكا في المنطقة والمنبطحون لإسرائيل تطبيعاً من فوق أو تحت الطاولة يستعملونه خوفاً من أمريكا وخوفاً على كراسيهم في الحكم..
فالموقف اليمني بين أهم أسسه هو أن المقاومة والسعي لتحرير فلسطين هو حق مشروع في كل الديانات والشرائع السماوية والأرضية بما فيها مواثيق وقرارات الأمم المتحدة التي لازالت هي النظام الدولي القائم فوق أي أخطاء أو خطايا هي معطى لفترة استثنائية للهيمنة الأمريكية، ولهذا فالأمم المتحدة تحتاج لأن تحرر أو تتحرر من القرارات الأحادية التي سرقت وسلبت صلاحيتها حتى أصبح الاستعمار في حديثه وتحديثه يمنع النضال المشروع بل ويقمع المشروعية ذاتها بتوصيف «الإرهاب»..
أسوأ و أبشع إرهاب في التاريخ البشري هو ما تمارسه أمريكا وإسرائيل أمام العالم في فلسطين ولبنان وغيرهما، وعندما يصف مندوب الكيان الصهيوني بأن مجلس الأمن هو «مجلس الأمن للإرهاب»، فهذا التوصيف هو بحد ذاته الإرهاب العالمي الأمريكي المرهوب والمدان عالمياً، وبالتالي فهذا الجنون الصهيوني حتى في مجلس الأمن هو امتداد لجنون أمريكي تجاوزه الزمن فوق أي جنون لنتنياهو أو ترامب أو غيرهما..
هزيمة السوفييت في أفغانستان هو الذي أسس لاستثنائية الهيمنة الأمريكية عالمياً، وانهزام أمريكا استراتيجيا أمام روسيا أنهى هذه الفترة الاستثنائية للهيمنة الأمريكية، ولذلك فإن ترامب جيئ به ليمنع هزيمة أمريكية أكبر وأعمق في أوكرانيا وهو يعي هذا فيما يفعله ولكنه يستخدم المتراكم الأمريكي للمزيد من إذلال الأنظمة العميلة الخانعة وذلك استعملته بريطانيا العظمى حتى وبساط العظمة يسحب من تحت قدميها..
و لهذا.. فالموقف اليمني وفق إعلان قائد الثورة ما يجسد موقف العالم للمستقبل في ظل تعددية الأقطاب، ولذلك فالموقف اليمني بأفقه البعيد واستقرائه البعيد والدقيق يتجاوز كل من ينطق ويتمنطق بمنطق الاستعمار الغربي الأمريكي في العالم وليس فقط في المنطقة..
دعوا أمريكا ومعها الكيان اللقيط تستعرض عضلاتها في نهايات استعمارها واستعمالها الاستعمار كما فعلت بريطانيا العظمى في الغزو الثلاثي لمصر، فيما مشكلة الاستعمار- الاستعمال واقعيا – انتهت وباتت المشكلة فقط هي تخليق البديل التوافقي التعايشي عالمياً بدون استعمار وإن بالاستعمال وإعادة تأسيس عالم أكثر عدالة وأقل ظلماً لكل العالم وفي كل العالم، والطبيعي أن تتشبث أمريكا بعظمتها كما مارست بريطانيا..
على كل الذين ظلوا يتعاملون مع اليمن باستعلاء أو ينظرون إليه بدونية أن يعرفوا أن اليمن قفز في موقفه الإيماني الإنساني العالمي فوق تصورهم وفوق قدراتهم على التصور، وذلك هو القائم وأفقه بات هو القادم، ومرة أخرى الزمن بيننا.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

السودان القديم وطنٌ كان قبل أن يُرسم

السودان القديم وطنٌ كان قبل أن يُرسم

دعوة جريئة لمحو سودان الإنجليز من الذاكرة، واستعادة خيال الوطن، أو الرقعة الجغرافية الأصل التي كانت تسع الجميع.

شهاب طه

مقدمة للنقاش العام:
جماهير شعبي الطيب المنكوب الصابر،
أضع بين أيديكم هذه المقالة كمساهمة في النقاش الوطني الصريح الذي نحتاجه جميعاً اليوم. ما أطرحه هنا ليس استهدافاً لأحد، ولا دفاعاً عن الماضي بقدر ما هو دعوة لتحرير وعينا من النموذج المفروض علينا منذ الاستعمار. لن تُحل مشكلات السودان ما لم نتحرر من “الحرج” ونتحدث عن جذور المأزق، بصراحة وشجاعة، ونتخيل حلولاً من داخلنا لا من خارطتهم. أرجو أن أجد منكم آراءً تضيف وتنتقد وتطور، فهذه الكتابة ليست إلا دعوة لحوار أوسع يشارك فيه الجميع.

1. الدولة المستعارة: كيف بدأ التشوّه؟

في كل مرة نتصدى فيها لمشكلات السودان المستعصية، نجد أنفسنا نعود إلى لحظة الاستقلال عام ١٩٥٦، ودلة ٥٦ الوهمية، ثم نغرق في تحليل الصراع بين المركز والهامش، بين الجلابة والغرابة، بين النخبة والجماهير، بين العسكر والمدنيين، بين الديمقراطية والهوس الديني. لكن نادراً ما نتجرأ على الذهاب أعمق، إلى ما قبل تلك اللحظة بكثير: إلى الجذر الذي نبتت منه الأزمة كلها.

لقد رسم الاستعمار البريطاني حدود السودان، لا بناءً على أنساقه التاريخية ولا على وحدته الثقافية، بل وفق منطق الخرائط والمصالح. ثم زرع فيه مركزية إدارية غريبة، ونخبة صنعتها مدارس البعثة، وقاموساً جديداً للعلاقة بين الناس والدولة: المواطن بدلاً من الفرد الحر، القانون بدلاً من العرف، ضابط المركز بدلاً من شيخ القبيلة، والخارطة بدلاً من المجال الحيوي الذي عرفه الناس.

تحول السودان من مجتمع عضوي إلى دولة مُستعارة، تحمل اسماً لم يكن هو إسمها وهويّةً لا علاقة لها بنشأته الأصلية. ومنذ ذلك الحين، لم يشعر غالبية السودانيين بأنهم جزءٌ من هذا الكيان الغريب.

2. المجتمعات القديمة: خرائط بلا حبر

في السودان القديم، قبل أن تطأه أقدام الاستعمار، لم تكن هناك دولة مركزية تُهيمن على الجميع، بل كانت هناك كيانات محلية ذات سيادة واضحة: الممالك الكوشية، مملكة الفونج، سلطنة الفور، سلطنة دار مساليت، مشيخات البجا، وغيرها. كل منها كانت تمارس الحكم وفق نظمها الخاصة: سلطة شرعية، وجيش، وقضاء، وعرفٌ ينظم الحياة.

لم يكن الناس رعايا في دولة لا يعرفونها، بل كانوا أبناءاً لمجتمعات ينتمون إليها وجداناً وفعلاً. لم يكن المركز بعيداً عن الريف، لأن السلطة كانت نابعة من الأرض لا مفروضة عليها. لم يكن هناك “مواطن” بلا جذور، بل فرد له مقام اجتماعي في نظام قبلي أو ديني متماسك. لم تكن هناك وزارات ولا جيوش وطنية، ولكن كان هناك أمن وعدل وانضباط اجتماعي حقيقي.

3. الهجرة غير المنظمة: جذر الخلل وسبيل الخلاص

تشكّل الهجرة العشوائية وغير المنظمة اليوم واحدة من أخطر المهددات التي تقوّض الأمن القومي وتنهك التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية في السودان الحديث. ليست مجرد انتقال أفراد، بل تعبير عن اهتزاز بنية الدولة وفقدان المجتمعات لتماسكها الداخلي.

ومع تعقّد المشهد الراهن، يبدو من العسير حسم هذه المعضلة داخل الإطار الذي فُرض علينا منذ الاستعمار، حين تم تفكيك المجتمعات المحلية القديمة، وفقد الأفراد صلتهم بأرضهم الأصلية. لذا فإنّ العودة إلى أنساق ما قبل الاستعمار ليست رجوعاً إلى الوراء، بل استعادة لأدوات الفرز والتنظيم التي كانت تضمن التوازن الأهلي.

في السودان القديم، كان لكل فرد موطن، ولكل جماعة أرض، والانتماء كان واضحاً ومحكوماً بروابط الدم والعرف. وبهذا النسق، يمكن لكل دويلة أو مجتمع محلي أن يعيد التمحيص والفرز، فيُميز بين الأصيل والدخيل، ويُعيد ترتيب بيئته الداخلية على أسس من العدل والاستقرار، ما يُمكِّن من إعادة توطين النازحين بصورة عادلة لا فوضوية.

4. كيف نعود؟ لا إلى الوراء، بل إلى الجذور

ما ندعو إليه ليس حنيناً للماضي ولا تبجيلاً للقبيلة، بل تحريراً للخيال الوطني من أسر النموذج الأوروبي الغريب الذي أدخلنا في دوامة الحروب والنفور. نريد أن نُعيد تخيل السودان كما عرفه أهله قبل أن يُفصَّل كجلابية ضيقة على مقاس مستعمر لا يعرف أهله.

نريد دولة تشبه الناس، لا النظام الغربي الذي لا يلائم تركيبتنا. نريد عقداً إجتماعياً ينبت من تراب السودان، لا من مخيلة الأوروبيين. عقداً يؤمن بالتوافق الأهلي، ويمنح السيادة للواقع لا للنصوص المستوردة. أن نرسم خريطتنا من داخلنا، لا أن نُفرض على خارطة لا تعترف بنا.

خاتمة: فلنتخيل وطناً مرسومًا بإرادتنا لا مصنوعاً كخريطة

فلنُطلق دعوتنا اليوم، لا بوصفها مجرد فكرة سياسية، بل تمريناً جماعياً في الخيال الوطني: أن نتخيل أنفسنا نعيش في السودان القديم، حين كان الانتماء صادقاً، والأرض معروفة بأهلها، والسلطة محلية نابعة من الناس. أن يعود كل فرد إلى منشئه، ويرتب حال بيته الداخلي قبل أن يطالب بوطن لم يساهم في بنائه.

لنعد إلى ذلك الوطن الذي سبق أن وُجد، وطنٌ لم يُرسم على مقاس الغرب، بل كان منسوجاً من تفاصيلنا، من عاداتنا، من طرق عيشنا. نُحيي فيه الروح التي سكنت الأرض قبل أن تُسلب، ونبنيه كما نريده، لا كما رُسم لنا، حتى ننجو من كوارثنا التي نصنعها بأيدينا دون وعيّ.

sfmtaha@msn.com

   

مقالات مشابهة

  • كاريكاتير.. حقيقة التضليل الأمريكي الصهيوني للراي العالمي
  • السودان القديم وطنٌ كان قبل أن يُرسم
  • موقع متخصص بأخبار الجيوش حول العالم يُحذّر من حملة أمريكا على اليمن.. فرصة قد تزيد من نفوذ الصين (ترجمة خاصة)
  • مسيرات جماهيرية بمحافظة صنعاء تنديدا باستمرار جرائم الكيان الصهيوني في غزة
  • المغرب يتصدر الدول العربية في المساواة العرقية ويحجز المركز 47 عالمياً في 2025
  • الحصار البحري اليمني يفاقم أزمة الشحن لدى العدو الصهيوني: ارتفاع التكاليف وتأخير البضائع وتوقف ميناء أم الرشراش
  • هل يقاتل الجولاني إلى جانب الكيان الصهيوني؟
  • استمرار ارتفاع أسعار الشحن إلى كيان العدو الصهيوني وتأخير البضائع بسبب الحصار البحري اليمني
  • هلالي: الكيان الصهيوني لم يعترف بأي اتفاقيات دولية تحترم حقوق الإنسان
  • الكيان الصهيوني مختبر الفاشية الغربية