في قمة "بريكس".. بوتين لقطاع الأعمال: الأرقام تتحدث عن نفسها و"بريكس" باتت بيئة جاذبة للاستثمارات
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
شملت كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتدى الأعمال المنعقد على هامش قمة "بريكس" أرقاما اقتصادية تدل على جاذبية اقتصادات المجموعة بالنسبة للمستثمرين.
ووجه الرئيس الروسي كلمته لمنتدى الأعمال الثلاثاء وجاءت قبل انعقاد الجلسة العامة لقمة مجموعة "بريكس" الخامسة عشرة، في مؤشر على أهمية ودور قطاع الأعمال في تعزيز الروابط بين دول المجموعة الخمس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا).
وأشار إلى أن الاستثمار المتبادل من قبل الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس" زاد ستة أضعاف، كما تضاعفت استثمارات المجموعة في الاقتصاد العالمي ككل، ووصل إجمالي صادراتها إلى 20% من الرقم العالمي.
أما بالنسبة لروسيا، فقد ارتفع حجم تجارتنا مع شركاء "بريكس" بنسبة 40.5%، ليبلغ مستوى قياسيا يزيد عن 230 مليار دولار، وفي النصف الأول من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، ارتفع بنسبة 35.6%، ليبلغ 134.7 مليار دولار.
وتنعقد القمة تحت عنوان "البريكس وإفريقيا: الشراكة من الأجل النمو المشترك المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة"، ويناقش قادة دول "بريكس" الخمس القضايا الراهنة على جدول الأعمال العالمي والإقليمي، والإنجازات ومهام الشراكة الاستراتيجية للدول الأعضاء في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية.
وتولي قمة "بريكس" اهتماما خاصا لقضايا البناء المؤسسي لمجموعة "بريكس"، بما في ذلك توسيع الرابطة، وتشكيل بنية تحتية للمدفوعات ومقاومة المخاطر الخارجية.
إقرأ المزيدوفيما يلي نص الكلمة:
الرئيس رامافوزا المحترم! السيدات والسادة! الأصدقاء الأعزاء!
يسعدني أن أرحب بممثلي المؤسسات الحكومية ورجال الأعمال والخبراء والمتخصصين في الصناعة، ممن اجتمعوا لحضور اجتماع منتدى الأعمار في إطار مجموعة "بريكس".
أود أن أشير إلى أن الانعقاد المنتظم لمثل هذه المنتديات التجارية، فضلا عن العمل المنهجي لمجلس أعمال "بريكس"، الذي يجمع كبار رجال الأعمال ورؤساء أكبر الشركات في البلدان الخمس، يلعب حقا دورا عمليا كبيرا في تعزيز التجارة والاستثمار المتبادلين، وتعميق علاقات التعاون، وتوسيع الحوار المباشر بين مجتمعات الأعمال، ما يعني أنها تساهم فعليا في تسريع النمو الاجتماعي والاقتصادي لدولنا، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومن المهم أن يركّز المنتدى على مهام عاجلة مثل ضمان تعافي اقتصادات دول "بريكس" بعد الوباء، وتحسين رفاهية المواطنين، وتحديث الصناعة، وبناء سلاسل نقل ولوجستيات فعالة، وتحفيز النقل العادل للتكنولوجيا.
يجب حل كل هذه المهام المعقدة والمتشابكة على خلفية التقلبات المتزايدة في أسواق الأسهم والعملة والطاقة والمواد الغذائية، في ظل ظروف ضغوط التضخم الكبيرة، الناجمة، من بين أمور أخرى، عن التصرفات غير المسؤولة لعدد من الدول بضخ أموال غير مغطاة لتخفيف تكاليف الوباء، ما أدى إلى تراكم الديون الخاصة والعامة.
إن ممارسة العقوبات غير المشروعة، والتجميد غير القانوني لأصول الدول ذات السيادة، وفي الواقع انتهاك جميع القوانين والقواعد الأساسية للتجارة الحرة والحياة الاقتصادية، والتي بدت منذ وقت ليس ببعيد غير قابلة للزعزعة، لها أيضا تأثير سلبي خطير على الوضع الاقتصادي الدولي.
وكانت النتيجة المباشرة لذلك نقص الموارد، وزيادة عدم المساواة، وارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم المشكلات المزمنة الأخرى في الاقتصاد العالمي، فيما تشهد أسعار المواد الغذائية والسلع الزراعية الأساسية والمحاصيل ارتفاعا هائلا في الأسعار، ما يضر بالبلدان الفقيرة الأكثر هشاشة في المقام الأول.
ومن المهم، في مثل هذه الظروف، أن تعمل دول "بريكس" على تعزيز التفاعل، وأن يؤدي عملنا المشترك على ضمان النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة إلى نتائج ملموسة ومثمرة، في الوقت الذي يتم فيه إطلاق المزيد من مشاريع البنى التحتية والاستثمار الجديدة بشكل مشترك، وتنمو التبادلات التجارية وتتسع الاتصالات الصناعية.
إلا أن الأمر الرئيسي هو أن نتعاون على مبادئ المساواة، ودعم الشراكة، واحترام مصالح بعضنا البعض، وهو جوهر المسار الاستراتيجي الموجه نحو المستقبل لمجموعتنا، وهو المسار الذي يلبي تطلعات الجزء الرئيسي من المجمع الدولي، ما يسمى بالأغلبية العالمية.
إن الأرقام تتحدث عن ذاتها. وعلى مدى العقد الماضي، زاد الاستثمار المتبادل من قبل الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس" ستة أضعاف. في المقابل، تضاعفت استثمارات المجموعة في الاقتصاد العالمي ككل، ليصل إجمالي صادراتها إلى 20% من الرقم العالمي.
أما بالنسبة لروسيا، فقد ارتفع حجم تجارتنا مع شركاء "بريكس" بنسبة 40.5%، ليبلغ مستوى قياسيا يزيد عن 230 مليار دولار، وفي النصف الأول من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، ارتفع بنسبة 35.6%، ليبلغ 134.7 مليار دولار.
وسأشير أيضا إلى حصة دول الرابطة، التي يعيش فيها أكثر من 3 مليارات نسمة، والتي قد بلغت ما يقرب من 26% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن حيث تعادل القوة الشرائية فإن الدول الخمسة تتجاوز مجموعة الدول السبع، حيث تشير التوقعات لعام 2023 إلى 31.5% مقابل 30%.
إقرأ المزيدكذلك تكتسب زخما عملية التخلص من الدولرة في علاقاتنا الاقتصادية وهي عملية موضوعية لا رجعة فيها، ويتم بذل الجهود لوضع آليات فعالية للتسويات المتبادلة والرقابة النقدية والمالية. ونتيجة لهذا، فإن حصة الدولار في معاملات التصدير والاستيراد داخل مجموعة "بريكس" آخذة في الانخفاض، لتبلغ في العام الماضي 28.7% فقط.
وبالمناسبة، سنناقش خلال القمة الحالية بالتفصيل مجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالانتقال إلى العملات الوطنية في جميع مجالات التعاون الاقتصادي للدول الخمس الأعضاء. وبطبيعة الحال، يعود دور كبير في مثل هذه الجهود إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة "بريكس"، الذي أثبت نفسه فعليا وبثقة بديلا لمؤسسات التنمية الغربية القائمة.
ومن المنطقي أن تكون إحدى أولويات التفاعل بين الدول الخمس الأعضاء هي تعزيز الترابط وإنشاء طرق نقل مستدامة جديدة، ومما له أهمية خاصة في هذا السياق مبادرة مجلس أعمال "بريكس" لتطوير حلول لوجستية حديثة متعددة الوسائط وتطوير ممرات النقل بالسكك الحديدية.
من جانبها، تعمل روسيا بنشاط على إعادة توجيه تدفقات النقل والخدمات اللوجستية نحو شركاء أجانب موثوقين، بما في ذلك شركاء دول "بريكس". وتشمل مشاريعنا الرئيسية طريق بحر الشمال، وممر النقل الدولي الجديد بين الشمال والجنوب، حيث تم تصميم هذين الممرين، اللذان يربطان المراكز الصناعية والزراعية ومراكز الطاقة الرئيسية بالأسواق الاستهلاكية، لتوفير أقصر الطرق التجارية وأكثرها فعالية من حيث التكلفة.
وفي معرض حديثي عن طريق بحر الشمال، أود التأكيد على أن روسيا قد تبنت وتقوم بتنفيذ خطة واسعة النطاق تمتد لعقود لتطوير بنيتها التحتية. ومن المخطط بناء محطات وقود وموانئ محورية للالتحام بالنقل البري والسكك الحديدية وتوسيع أسطول كاسحات الجليد، التي تستند إلى السفن التي تعمل بالطاقة النووية، ولا يوجد لها نظائر في العالم أجمع.
في المقابل، سوف يربط ممر النقل بين الشمال والجنوب الموانئ الروسية في البحار الشمالية وبحر البلطيق بالمحطات البحرية على ساحل الخليج والمحيط الهندي، حيث سيؤدي ذلك إلى تهيئة الظروف لزيادة حركة الشحن بين الدول الأوروبية الآسيوية والإفريقية. إضافة إلى ذلك، من الطبيعي أن تتطور مرافق الإنتاج الجديدة والمرافق التجارية واللوجستية على طول هذا الممر بالذات.
وتؤيد روسيا إقامة تعاون أوثق في إطار مجموعة "بريكس" بشأن قضايا الإمداد الموثوق والمتواصل لموارد الطاقة والغذاء إلى الأسواق العالمية. ونحن نعمل باستمرار على زيادة إمدادات الوقود والمنتجات الزراعية والأسمدة إلى بلدان الجنوب العالمي، ما يسهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الغذائي وسوق الطاقة العالمية، وحل المشكلات الإنسانية الحادة، ومكافحة الجوع والفقر في البلدان المحتاجة.
وقد نوقشت كل هذه القضايا بشكل مفصل خلال القمة الروسية الإفريقية الأخيرة. وهكذا، وفي العام الماضي، نمت التجارة في المنتجات الزراعية بين روسيا والدول الإفريقية بنسبة 10% وبلغت 6.7 مليار دولار، وفي الفترة من يناير إلى يونيو من هذا العام زادت بنسبة قياسية أخرى بلغت 60%. إن بلدان كان وسيظل موردا مسؤولا للأغذية للقارة الإفريقية.
إقرأ المزيدوقد بلغت صادرات الحبوب الروسية إلى إفريقيا 11.5 مليون طن في عام 2022، فيما بلغت 10 ملايين طن في الأشهر الستة الأولى فقط من عام 2023. وكل هذا برغم العقوبات غير القانونية المفروضة علينا، والتي تعيق بشكل خطير تصدير المواد الغذائية الروسية، وتعقد لوجستيات النقل والتأمين والمدفوعات المصرفية.
وفي الوقت الذي يتم فيه عرقلة عملية توريد الحبوب والأسمدة الروسية إلى الخارج عمدا، يتهموننا نفاقا بالتسبب في الأزمة الحالية للسوق العالمية. وقد تجلى ذلك بوضوح في تنفيذ ما يسمى بصفقة الحبوب، التي تم التوصل إليها بمشاركة الأمانة العامة للأمم المتحدة، وتهدف بداية إلى ضمان الأمن الغذائي العالمي، والحد من خطر الجوع، ومساعدة البلدان الأكثر فقرا.
لقد لفتنا الانتباه مرارا وتكرارا إلى حقيقة أنه خلال عام، وكجزء من الصفقة، تم تصدير ما مجموعه 32.8 مليون طن من البضائع من أوكرانيا، ذهب أكثر من 70% منها إلى البلدان ذات مستويات الدخل المرتفع والمتوسط، بما في ذلك، وفي المقام الأول، الاتحاد الأوروبي، لتنال الدول الأقل نموا فقط 3% من هذه البضائع، أي أقل من مليون طن.
ولم يتم تنفيذ أي من شروط ما يسمى بالصفقة المتعلقة بالانسحاب من العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية من الحبوب والأسمدة إلى الأسواق العالمية. تم ببساطة تجاهل الالتزامات تجاه روسيا في هذا الصدد. بل إنهم أعاقوا نقل الأسمدة المعدنية التي احتجزوها في الموانئ الأوروبي، بينما كان الحديث يدور عن عمل إنساني بحت، لا ينبغي أن تطبق عليه أي عقوبات من حيث المبدأ.
ومع الأخذ في الاعتبار الحقائق المذكورة أعلاه، رفضنا، بدءا من 18 يوليو الماضي، تمديد هذه الصفقة المزعومة، وسنكون مستعدين للعودة إليها، ولكن فقط إذا ما تم الوفاء بجميع الالتزامات تجاه الجانب الروسي فعليا.
كذلك أكرر أن بلدنا قادر على استبدال الحبوب الأوكرانية سواء على أساس تجاري أو في شكل مساعدة مجانية للبلدان المحتاجة، لا سيما وأننا نتوقع مرة أخرى حصادا ممتازا هذا العام. وكخطوة أولى، قررنا إرسال ما بين 25-50 ألف طن من الحبوب إلى 6 بلدان إفريقية مجانا، بما في ذلك التوصيل المجاني لهذه السلع. تقترب المفاوضات مع الشركاء بهذا الصدد من نهايتها.
من بين مجالات التفاعل ذات الأولوية، نرى المزيد من التنسيق لتوجهات المشاركين في مجموعة "بريكس" حول قضية دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويشكل هذا جزءا مهما من الأجندة الاقتصادية الشاملة للبلدان الخمس، وهو ما يعني ضمنيا تقديم المساعدات لأوسع شرائح المواطنين العاملين في مجال الأعمال التجارية في مسائل التنظيم الإداري والضريبي، والتحول الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والمشاركة في سلاسل القيمة المضافة.
أود أن أشير هنا إلى أنه بفضل برامج الدعم الحكومية، نجح رواد الأعمال من دول "بريكس" في التكيف بنجاح مع الوضع المتغير باستمرار في الأسواق العالمية، وإيجاد شركاء جدد وقنوات توزيع جديدة، وجذب تمويل إضافي واستخدام التقنيات الحديثة بشكل متزايد.
ومن المهم بنفس القدر مواصلة تطوير التعاون في إطار مجموعة "بريكس" في مجال نزع الكربون من الاقتصاد، والحد من التأثير البشري على الطبيعة، والتكيف مع تغير المناخ. وروسيا مستعدة للعمل معا لتعزيز اتباع نهج أكثر توازنا إزاء تغير المناخ على الساحة الدولية.
إن بلدنا ينفذ باستمرار استراتيجية التنمية الوطنية منخفضة الكربون، ونخطط لتحقيق الحياد الكربوني للاقتصاد الروسي في موعد أقصاه عام 2060، بما في ذلك من خلال إدخال الابتكارات التكنولوجية، وتحديث البنية التحتية للوصول إلى طاقة نظيفة بأسعار معقولة، والحفاظ على النظم البيئية في البر والبحر. وفي الوقت نفسه، ننطلق من حقيقة أن مجموعة متنوعة من التكنولوجيات يمكن أن تساهم في تحقيق الأهداف المناخية، بما في ذلك تلك التي تم استخدامها منذ فترة طويلة، مثل توليد الطاقة النووية، والطاقة الكهرومائية، ووقود المحركات الغازية.
إقرأ المزيدباختصار، أود التأكيد مرة أخرى على أن الشراكة متعددة الأوجه والتفاعل من خلال مجموعة "بريكس" لا تساهم بشكل كبير في ضمان النمو المستدام لدولنا فحسب، بل تساهم أيضا بشكل عام في تحسين الوضع في الاقتصاد العالمي والعالم. والنجاح في تحقيق أهداف التنمية العالمية التي وضعتها الأمم المتحدة وكذلك مهام مكافحة الفقر، وتوسيع نطاق حصول السكان على الرعاية الصحية الجيدة، والقضاء على الجوع، وتحسين الأمن الغذائي.
لذلك، أود أن أعرب عن ثقتي في ان منتدى الأعمال ومجلس أعمال "بريكس" سيواصلان عملهما المثمر الذي يهدف إلى تعميق الاتصالات بين دوائر الأعمال في الدول الخمس، والتنفيذ المشترك للمشاريع الجديدة ذات المنفعة المتبادلة.
وختاما، أود أن أدعو ممثلي دوائر الأعمال في بلداننا للحضور إلى المنتدى الاقتصادي الشرقي في روسيا، والذي سيعقد في الفترة من 10-13 سبتمبر المقبل في مدينة فلاديفوستوك، حيث يتم تقليديا مناقشة القضايا ذات الاهتمام، كما سيتم مناقشة هذا الأمر مع مجتمع الأعمال في دول "بريكس".
أشكر اهتمامكم.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أزمة الغذاء العالمية إفريقيا الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الاتحاد الإفريقي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا برنامج الغذاء العالمي بريكس عقوبات اقتصادية عقوبات ضد روسيا فلاديمير بوتين قمح فی الاقتصاد العالمی إقرأ المزید ملیار دولار الأعمال فی بما فی ذلک هذا العام
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف: ظاهرة الإسلاموفوبيا باتت تشكل تهديدًا واضحًا للسلم الاجتماعي والتعايش الإنساني
أكد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف أن ظاهرة الإسلاموفوبيا باتت تشكل تهديدا واضحا للسلم الاجتماعي والتعايش الإنساني على المستويات المحلية والقارية والدولية، مشيرًا إلى أنها ليست مجرد مخاوف فردية، بل اتجاه متنامٍ يرسخ الانقسام وينال من أسس الاحترام المتبادل بين الشعوب.
وأضاف الأزهري -في كلمته بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإسلام اليوم /السبت/- أن تخصيص يوم عالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة هذه الظاهرة المتصاعدة، مستحسنًا تفاعل المؤسسات الدولية مع هذا اليوم باعتباره يومًا لمكافحة العداء للمسلمين والتمييز ضدهم.
وثمّن الوزير نشاط مجموعة الدول الإسلامية والعربية في الأمم المتحدة حتى إقرار يوم عالمي لمكافحة تلك الظاهرة، مؤكدًا أن حقيقتها ليست رهابًا مَرَضيًا، بل هي عداء مستتر وتمييز ظاهر يقترفهما أصحاب المصالح وينساق وراءهما من تنطلي عليهم خطابات الكراهية والإقصاء والتمييز.
وأوضح وزير الأوقاف أن تلك الظاهرة العدائية هي نتاج مباشر لغياب الوعي بحقيقة الإسلام وقيمه النبيلة، فضلًا عن الحملات الممنهجة التي تعمل على تشويه صورته من خلال ربطه بالإرهاب والتطرف، وهو ما يخالف الحقيقة التاريخية التي تثبت أن الإسلام كان على الدوام دين سلام وتعارف وتعاون بين الشعوب، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13]، ومؤكدًا أن التنوع الديني والثقافي إرادة إلهية وسنة كونية يتعلمها المسلم من أول آية في القرآن الكريم بعد البسملة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: ٢]، فيترسخ في يقين المسلم -الحق- أن الله أراد كونه عوالم متعددة الجهات والتوجهات، مختلفة المشارب والأديان، متنوعة الأعراق والحضارات، فيشب بذلك على احترام إرادة الله في خلقه.
وأشار الوزير إلى أن تصاعد خطابات الكراهية ضد المسلمين يأتي نتيجة لاستغلال بعض الجهات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر صور نمطية مغلوطة عن الإسلام، مؤكدًا أن هذه الممارسات تعزز الانقسامات المجتمعية وتؤدي إلى مزيد من التوتر والصراعات، ودعا إلى ضرورة تفعيل مبادرات إعلامية وثقافية تهدف إلى تقديم الصورة الحقيقية للإسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة عنه، من خلال التعاون بين المؤسسات الدينية والمجتمعية على المستوى الدولي، مشيرًا إلى أن الإنصاف من أسمى القيم الإنسانية التي هي أوجب ما تكون بين الإنسان والمختلف عنه في أي شيء.
كما شدد الوزير على أهمية إقرار القوانين وإنفاذها لمكافحة التمييز الديني والعنصري، مطالبًا بضرورة وضع تشريعات دولية تحظر أي شكل من أشكال التحريض على الكراهية ضد الأديان، وتجريم الخطابات التي تثير العداء ضد المسلمين، وأكد أن الوقت قد حان لتطوير سياسات أكثر فاعلية لتعزيز ثقافة الحوار والتسامح، بدلًا من السماح باستمرار الخطابات المتطرفة التي تضر بالاستقرار العالمي.
وأكد وزير الأوقاف أن وحدة الصف بين أركان المؤسسة الدينية في مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، تعد ركيزة أساسية في مواجهة تلك الظاهرة العدائية وفي التصدي لحملات التشويه التي تستهدف صورة الإسلام والمسلمين، وأوضح أن التنسيق المستمر بين هذه المؤسسات أسهم في إطلاق مبادرات فكرية وإعلامية تعكس جوهر الإسلام القائم على الرحمة والتسامح، فضلًا عن تنظيم المؤتمرات الدولية واللقاءات الحوارية لتعزيز التفاهم بين الشعوب.
كما شدد على اهتمام الوزارة بإعداد دعاة وأئمة وواعظات على مستوى عالٍ من الوعي والثقافة، ليكونوا سفراء لقيم الاعتدال، في مواجهة التطرف من جهة، وخطابات الكراهية من جهة أخرى، ما يعزز مكانة الإسلام بوصفه دينًا يدعو إلى التعارف والتعايش السلمي بين البشر.
وفي ختام كلمته، أبدى وزير الأوقاف تأييده لدعوة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، إلى إنشاء قواعد بيانات توثق جميع أشكال الاعتداءات العنصرية والتمييز ضد المسلمين، لتكون مرجعًا للمنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية في رصد الظاهرة ومعالجتها بآليات أكثر فاعلية.
كما أكد أن التصدي للعداء للمسلمين والتمييز ضدهم ليس مسئولية المسلمين وحدهم، بل هو واجب إنساني عالمي يتطلب تضافر الجهود لبناء عالم أكثر تسامحًا وعدالةً وانفتاحًا على الجميع لخير بني الإنسان.