رمضان زمان على ضوء الفانوس| الوتد.. حكاية فاطمة تعلبة وسحر الريف المصري
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث يجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
في قلب الريف المصري، حيث العائلة هي الركيزة الأولى، والتقاليد تحكم كل شيء، جاءت دراما "الوتد" لتقدم صورة حية عن المجتمع الريفي المصري في منتصف القرن العشرين. المسلسل لم يكن مجرد حكاية عن عائلة، بل كان ملحمة اجتماعية تُبرز قيمة الترابط الأسري، والمرأة القوية، والصراع بين القديم والحديث.
تدور الأحداث حول شخصية فاطمة تعلبة، المرأة الصعيدية القوية التي تدير عائلتها بحزم وشدة، وتحرص على وحدة أبنائها وعدم تفرقتهم مهما كلفها الأمر. فاطمة، التي جسدتها ببراعة هدى سلطان، ليست مجرد أم، بل هي الوتد الذي يثبت العائلة ويبقيها متماسكة أمام تحديات الحياة.
تؤمن فاطمة بأن التفكك الأسري هو بداية الخراب، ولذلك تفرض قوانينها الصارمة على أبنائها وزوجاتهم، ولا تسمح لأي خلاف أن يعصف بالعائلة. ورغم قوتها الظاهرة، فإنها تحمل في داخلها حبًا عظيمًا لأبنائها، ورغبة في تأمين مستقبلهم.
المسلسل يرصد علاقات الأسرة داخل الريف المصري، وتأثير العادات والتقاليد على حياة الناس، خاصة مع ظهور التغيرات الاجتماعية التي بدأت تهدد هذا النمط التقليدي من الحياة.
حقق "الوتد" نجاحًا كبيرًا عند عرضه، لأنه لامس وجدان المشاهد المصري والعربي، خاصة أنه قدم نموذجًا أصيلًا للأم المصرية، تلك المرأة التي تضع عائلتها فوق كل شيء، وتحمل على عاتقها مسئولية الحفاظ عليها.
وكان الأداء التمثيلي لنجوم العمل، خاصة هدى سلطان، أحد أهم أسباب نجاح المسلسل، حيث استطاعت أن تجعل من فاطمة تعلبة شخصية أيقونية في الدراما المصرية.
كذلك، نجح المسلسل في نقل أجواء الريف المصري الحقيقية، من خلال اللغة، العادات، الملابس، وحتى الموسيقى التصويرية، مما جعل المشاهدين يشعرون وكأنهم يعيشون داخل هذه البيئة، وتقديم رسائل اجتماعية قوية حول أهمية العائلة والترابط الأسري.
المسلسل تأليف خيري شلبي عن روايته الشهيرة "الوتد"، وإخراج أحمد النحاس، ومن بطولة هدى سلطان، يوسف شعبان، فادية عبد الغني، حنان ترك، هشام سليم، عبدالله محمود.
"الوتد" لم يكن مجرد مسلسل عن الريف، بل كان صورة مصغرة من المجتمع المصري، حيث القيم والتقاليد تصنع حصنًا يحمي العائلة من الانهيار. إنه واحد من تلك الأعمال التي تعيش طويلًا في ذاكرة المشاهدين، وتعيدهم إلى زمن كانت فيه العائلة هي السند الحقيقي في مواجهة الحياة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الوتد فاطمة تعلبة المرأة الصعيدية الريف المصري الریف المصری بل کان
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (قبل أن تنشق بالبكاء)
(قبل أن تنشق بالبكاء…)
الرواية التى تنشر الآن عن (كتلة) المتمة يناسبها ملحق عن على ود بلولة .. أعظم مخابراتى ومحارب
حكاية أبشنقة أعلاه
وعلى ود بلولة لما كان جيش الاستعمار يزحف كان يجد أن الناس يجهلون تماماً تحركات جيش الغزو .. وعلى يقرر شيئا
على يسوق غنيمات كانه ما جايب للدنيا خبر…
كان يريد أن يجده الأنجليز .. فالشاب ود بلولة كان على يقين أن الأنجليز يبحثون عن دليل يقودهم فى الصحراء .. وإنهم لهذا سوف يجعلونه دليلاً
والشاب العبقرى كان قد أعد ثلاثة على الأبل يتبعونه دون أن يراهم أحد
والأنجليز يعتقلون الراعى الأبله هذا
ويجعلونه دليلاً
وعلى يقول للجيش أنه سوف يقودهم بالنجوم … لكنه مصاب فى راسه وأنه لذلك لا يتحرك الا ليلاً … ولا يتحرك الا بعد أن يشرب الشاى التقيل بعد العشاء
ورغم أن الجيوش لا تسمح بالنار فى الليل الإ أنهم وافقوا
وعلى ود بلولة يشعل النار كل ليلة
والثلاثة الذين يتبعونه من بعيد يحددون موقع العدو… وينقلون المعلومات …
وعلى يدوخ الأنجليز زمانا …. حتى اذا وقعت معركة المتمة قاتل فيها بجنون وإستشهد
رجالة وإسلام وإستشهاد السودانى حكاية لا تجد لها مثيلاً
واليوم تتكرر المشهد هذه كلها…
والعدو دائما أجنبى
والجنجويد تسعة أعشارهم مرتزقة
والعاشر يعمل لصالح دولة مرتزقة…
رواية خير السيد أب شقة الحارس الشخصي لعبدالله ود سعد وملازمه لزمن طويل (توفي في الأربعينيات) عن اللحظات الأخيرة في حياة عبدالله ود سعد ، يحكي خير السيد ود أب شقة :
(( عبدالله ود سعد إنضرب في رجلو وماقدر يركب الحصان وقعد في فروته في الواطة ، ومعاه سيفه وبندقيته ومصحف صغير، وجيته وهزيت فوقو، ولقيته ملتخ بالدم ، وسألني وين أحمد ود عقيد؟
قلت له: كتل (بكسر الكاف)
وسألني وين ود أبورقة؟
قلت له: كتل
وسألني من ود أبشنقر وعبدالله ودالتوم وناس تانين من فرسان الجعليين.
قلت له: كلهم كتلوا
سألني: كيف أخواتك
قلت له: وقعن البحر ساقتن بت أبشنقر.
قال لي: الحمد لله، حفظن شرفن.
وقال لي شيل السيف ده، وأرجع البيوت وشوف فاطمة بت حمد وفاطمة بت حاج محمد وحواء بت ود أغبش، (وهن زوجاته) كان لقيتن ماوقعن البحر قطع روسينن بالسيف (حفاظا” على شرفهن)، ورجعت البيت ولقيت أمي فاطمة بت حمد وسألتني من أخوها أحمد ؟
قلت لها كتل
وسألتني من راجلها عبدالله ودسعد؟
قلت لها: مضروب في رجلو، وأداني السيف ده، ووصاني وصية .
قالت لي: وصيتو شنو؟
قلت لها: قال إنتي وفاطمة بت حاج محمد وحواء إن لقيتكن ماوقعتن البحر، أقطع روسينكن.
قالت لي جاتني بت أبشنقر سايقة بنات كتار قريب المية ماشات علي البحر، وقالت لي إنتن نسوان كبار، عشان كده مامشيت، وقالت لي أبدأ بي أنا أقطع رأسي، وكشفت شعرها
ويواصل ود أب شقة: مشيت عليها عشان أقطع رأسها، وأنا ماشي عليها كدي إيدي رجفت، والسيف وقع مني، ودموعي جرن، وقلت ليها إنتي أمي ربيتيني، كيف أقطع رأسك، ومشيت خليتها في حالتها، وفي الكرو (المنطقة الواقعة بين البلدة والنهر لقيت فاطمة بت حاج محمد ميتة، ومتوسدة شعرها وكانت حامل.
فاطمة بت حمد المذكورة هي فاطمة بت حمد ود بشير ود عقيد المسلمابي أخذت بعد ذلك أسيرة مع نساء الجعليين الى أم درمان، وهناك حدثت مواجهة ساخنة بينها والخليفة عبدالله…
…………..
منقول من كتاب الجعليون.. أحداث ومناقب، لمؤلفه الدكتور عثمان السيد ابراهيم فرح.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب