الحادثة التي دخلت تاريخ الطب النفسي.. 50 عاما على متلازمة ستكوكهولم
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
قبل 50 عاما، أدت عملية سطو على بنك في العاصمة السويدية، إلى ظهور مصطلح "متلازمة ستوكهولم" الشهير الذل بات مرتبطا بأي شخص يتعاطف مع خصومه.
وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى واقعة السطو على بنك "كريديت بانكن" الذي كان يقع في أحد المنا طق الراقية في ستوكهولم في 23 أغسطس من عام 1973 حيث اقتحم السويدي الهراب من العدالة، جان إريك أولسون، المصرف وأخذ أربع أشخاص رهائن لمدة ستة أيام قبل أن تنجح الشرطة في اعتقاله وتحرير الرهائن إلا أنه كان مستغربا أن الرهائن دافعوا عنه، وعن خاطف آخر انضم إليه لاحقا.
وكان الشيء الغريب أنه بعد مرور بعض الوقت على عملية السطو، نشأت علاقة تعاطف بين الخاطفين والرهائن وقد قال الرهائن إنهم كانوا يخشون الشرطة أكثر من خاطفيهم، وبعد إطلاق سراحهم، رفضوا الشهادة ضدهما، بل وأنشأوا صندوقا لتغطية مصاريف الدفاع عنهما.
وقالت الصحيفة إنه عندما دخل السارق، جان إريك أولسون، إلى البنك، لم يشعر الموظفون الذين سيصبحون لاحقا رهائن لديه سوى بالخوف، لكن هذه المشاعر لم تدم طويلا، إذ تحولت إلى علاقة صداقة أذهلت الشعب السويدي في ما بعد، وأدت لظهور مطلح "متلازمة ستوكهولم" Stockholm syndrome وهي ظاهرة نفسية تشير إلى تعطاف الرهينة مع الجهة التي تأسره.
وهذا التعريف يلخص ظاهرة تكرر ذكرها في عديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، أحدثها المسلسل الإسباني الشهير Money Heist.
ولا يفهم الخبراء بشكل كامل تشكيل تلك الاستجابة، لكنهم يعتقدون أنه قد تكون بمثابة آلية تكيف للأشخاص الذين يعانون من الصدمة. ويقولون إنه يمكن لأي شخص أن يصاب بالمتلازمة عندما يواجه تهديدات كبيرة لسلامته الجسدية أو النفسية.
وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن أولسون خلال عملية السطو طلب من الشرطة الحصول على ما يقدر بحوالي 710 ألف دولار وسيارة للهرب، بالإضافة إلى إحضار زميله السابق في السجن، كلارك أولوفسون، الذي لعب دورا في التواصل مع الرهائن.
وصل المال والسيارة وأولوفسون نفسه، لكن أولسون فشل في الهرب بعد أن احتجزت الشرطة مفتاح السيارة وعاد للبنك، وهدد بالقتل، لكن وصول أولوفسون في ذلك اليوم أدى إلى تهدئة الوضع. وقال أولوفسون في شهادته في ما بعد إن الرهائن كانوا خائفين لكنهم هدأوا بعد ذلك، وفك هو قيود النساء.
وقام أولسون وأولوفسون بتحصين مكان الخزانة الذي احتجزا فيه الرهائن، وقيدوهم، وهم كريستين إنمارك، وإليزابيث أولدغرين، وسفين سيفستروم، وبيرغيتا لوندبلاد، والأخيرة كانت الرهينة الوحيدة المتزوجة ولديها أطفال.
وتشير الصحيفة إلى أن الخاطفين سمحا للرهائن بالاتصال بأسرهم، وعندما لم تتمكن لوندبلاد من الوصول إلى زوجها وأطفالها، بدأت في البكاء. ولمس أولسون خدها، وقال بهدوء: "عليك المحاولة مرة أخرى، لا يجب الاستسلام".
بعد الليلة الأولى في موقع الخزانة، وكانت أولدغرين تشعر برهاب الأماكن المغلقة، فقطع أولسون قطعة طويلة من الحبل، وربطها حول رقبتها وتركها تتجول حول البنك، ولف سترته حول كتفيها عندما كانت ترتعش من البرد.
وأقنع أولسون سيفستروم بالسماح له بإطلاق النار عليه على فخذه أمام الشرطة لإثبات جديته في عملية السطو، ووعده بأن الطلقة ستخدشه فقط، وشجعته زميلته في البنك، إنمارك، على تنفيذ المطلب، وقالت له "إنها فقط في الساق". وتشير شهادات الرهائن إلى أن أولسون لم يفعل ذلك في نهاية المطاف.
وقال سيفستروم لمجلة نيويوركر في ما بعد: "ما زلت لا أعرف لماذا لم يفعل. كل ما يتبادر إلى ذهني هو مدى لطفه عندما قال إنه سيطلق النار على ساقي فقط".
وطلبت إنمارك من أولوف بالمه، رئيس الوزراء السويدي حينها، السماح للخاطفين بمغادرة البنك وقالت: "لم يفعلا شيئا لنا.. على العكس من ذلك، لقد كانا لطيفين للغاية. لكن كما تعلم يا أولوف، ما أخافه أن تهاجمنا الشرطة وتتسبب في موتنا"، لكنه رفض تنفيذ هذا المطلب.
وبعد أن تسللت الشرطة إلى الخزانة وأغلقت الباب على الخاطفين والرهائن، سحب أولسون ثلاث قطع كمثرى متبقية من الوجبة السابقة، وقطع كل منها إلى نصفين ووزعها على الجميع، وحصل هو على القطعة الأصغر.
وعندما وصلت الشرطة إلى المكان بواسطة الحفر من أعلى القبو، أطلقت الغاز المسيل للدموع وأمرت الرهائن بالخروج أولا، لكنهم رفضوا خوفا من مقتل أولسون وأولوفسون إذا تركوهما بمفردهما.
وعانق إنمارك وأولدغرين أولسون وقبلاهما، وصافحه سيفستروم، وطلبت منه لوندبلاد أن يراسلها، ثم خرج اللص مع شريكه من خزانة البنك واعتقلتهما الشرطة.
وبعد هذه الواقعة، أطلق نيلز بيجيروت، الطبيب النفسي المختص بعلم الجرائم والأمراض النفسية، الذي كان مستشارا نفسيا للشرطة وقت وقوع الحادث، مصطلح "متلازمة ستوكهولم" الذي اشتهر بعد ذلك، وعكف علماء وأطباء على دراسته.
لكن إنمارك، التي تركت العمل في البنك وأصبحت معالجة نفسية، قالت في مقابلة، عام 2016، إن علاقة الرهائن بأولسون كانت تهدف فقط إلى البقاء على قيد الحياة.
وقالت: "أعتقد أن البعض يحاولون إلقاء اللوم على الضحية.. كل الأشياء التي قمت بها كانت نابعة من غريزة البقاء. لا أعتقد أن هذا غريب جدا. ماذا كنت ستفعل؟".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
حادثة وفاة مهندس في السجن تهز العراق فما القصة؟
تصدر اسم المهندس العراقي بشير خالد لطيف منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، بعد انتشار مقطع فيديو يُظهر تعرضه للاعتداء داخل مركز شرطة حطين ببغداد، ومن ثم تحويله إلى السجن المركزي التابع لوزارة الداخلية.
الحادثة أثارت ضجة كبيرة بين العراقيين، الذين طالبوا بالكشف عن ملابساتها، خصوصاً بعد وفاة المهندس نتيجة تعذيب قاسٍ.
تفاصيل الحادثة بحسب بيان وزارة الداخلية العراقية، يوم 30 مارس/آذار الماضي، تلقت شرطة النجدة بلاغاً عن وجود مشاجرة في مجمع الأيادي السكني بمنطقة العامرية في بغداد.
وأشار البيان إلى أن المهندس بشير خالد تسلل عبر السياج إلى شقة مدير الرواتب والأمور المالية التابع لقيادة الشرطة الاتحادية، حيث وقعت المشاجرة.
بعدها تم توقيفه ونقله إلى السجن، حيث تعرض للاعتداء أثناء مشاجرة مع بعض الموقوفين، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ودخوله المستشفى.
وأصدرت وزارة الداخلية فيديو قالت إنه يُظهر لأول مرة تفاصيل المشاجرة، مؤكدة أن بشير تعرض للضرب المبرح داخل المعتقل.
إلا أن الفيديو أثار شكوكاً واسعة بين العراقيين، حيث طالبوا بتوضيح هوية الأشخاص الذين ظهروا في المقطع وهم يعذبون المهندس بشير خالد.
تسريب من داخل السجن قبل تعذيب المهندس
المغدور #بشير_خالد ..كان يغلق الباب بقدمهِ
ويقول (اخي انت مو شرطي) ..تُرى من هذا
المو شرطي وداخل يريد يعذبه ؟!!!!
مسلخ مو مركز شرطة وتابع للدلة ! pic.twitter.com/AwX2rFmXG6
— سيف الدين المهنا (@Saif_almuhana) April 6, 2025
إعلانردود الفعل من جانبها، أصدرت نقابة المهندسين العراقية بياناً عبر منصة "إكس" أدانت فيه الحادثة بشدة، ووصفتها بأنها "اعتداء صارخ على كرامة الإنسان العراقي وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية". وطالبت النقابة بتحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين.
بيان صادر عن نقابة المهندسين العراقية حول وفاة المهندس بشير خالد
إن حادثة وفاة المهندس بشير خالد نتيجة التعذيب ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي اعتداء صارخ على كرامة الإنسان العراقي وانتهاك فاضح للقيم الإنسانية التي تتأسس عليها المجتمعات المتحضرة، ويجب ان تُحدث زلزال تصحيحي لكل… pic.twitter.com/cccjai4IQg
— نقابة المهندسين العراقية (@ieu1959) April 7, 2025
كما نشر مجلس النواب العراقي صوراً لزيارة لجنة حقوق الإنسان للمهندس بشير خالد في مستشفى الكرخ قبل وفاته، حيث أظهرت الصور آثار التعذيب على جسده، بما في ذلك الكدمات على قدميه وبطنه.
الأمر الأكثر إثارة للغضب كان الفيديو المُسرب من داخل المعتقل، حيث ظهر بشير وهو مكبل اليدين ويقول "أخي، أنت مو شرطي"، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول هوية المعتدين، وعن السبب الذي جعل مدنيين يشاركون في الاعتداء عليه داخل منشآت أمنية.
أعلنت حسابات عراقية وفاة المهندس بشير خالد في الساعة الخامسة والنصف صباح يوم الاثنين نتيجة التعذيب الذي تعرض له، والذي تسبب في فشل كلوي. بحسب ذويه، رغم محاولات الإسعاف المكثفة، إلا أن وضعه الصحي تدهور بسرعة حتى وفاته.
وانطلقت موجة غضب شعبية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصف مدونون الحادثة بأنها جريمة بشعة تُمثل واقع السجون المرعب في العراق.
مناشدة اهل الضحية إلى معالي وزير الداخلية
مشاجرة بين المهندس بشير خالد واللواء عباس علي التميمي مدير رواتب الشرطه الاتحاديه. تم مسكه مع المفرزه النجده وتم ضربه وتعذيبه ونقله الى مركز شرطه حطين في بغداد ، ثم نقل بعدها الى مستشفى اليرموك بسس النزيف الحاد في منطقه الرأس اثر تعرضه… pic.twitter.com/wnk68dGk0y
— د. قصي شفيق (@qusay19658073) March 31, 2025
إعلانكما طالبوا بالكشف عن جميع المتورطين، سواء كانوا من الشرطة أو المدنيين، ومحاسبتهم علناً.
وبعد الضجة التي أثيرت حول وفاة المهندس بشير خالد، أصدر رئيس الوزراء محمد السوداني توجيهاً بتشكيل لجنة تحقيقية عليا للكشف عن ملابسات الحادثة وإعلان نتائج التحقيق أمام الرأي العام.
كما بدأت لجنة الأمر النيابي الخاصة بتقصي الحقائق في البرلمان أعمالها رسمياً، في محاولة لتقديم إجابات حول الظروف والتفاصيل التي أدت إلى وفاة المهندس.
رئيس الوزراء يوجه بتشكيل لجنة تحقيقية عليا بشأن وفاة بشير خالد لطيف وإعلان نتائجها أمام الرأي العام pic.twitter.com/NGzPmjFRop
— واع (@INA__NEWS) April 7, 2025
شدد العراقيون على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجريمة، مطالبين بوقف انتهاكات حقوق الإنسان في السجون العراقية، وحماية المواطنين بدلًا من تعريضهم لهذه الانتهاكات الشنيعة.
وقالوا: "إن لم يتم تحقيق العدالة في قضية المهندس بشير خالد، فإن هذه الجريمة ستبقى وصمة عار في تاريخ المؤسسات الأمنية العراقية، وستكون البداية لقضايا مشابهة تهدد حياة الأبرياء".