قبل 50 عاما، أدت عملية سطو على بنك في العاصمة السويدية، إلى ظهور مصطلح "متلازمة ستوكهولم" الشهير الذل بات مرتبطا بأي شخص يتعاطف مع خصومه.

وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى واقعة السطو على بنك "كريديت بانكن" الذي كان يقع في أحد المنا طق الراقية في ستوكهولم في 23 أغسطس من عام 1973 حيث اقتحم السويدي الهراب من العدالة، جان إريك أولسون، المصرف وأخذ أربع أشخاص رهائن لمدة ستة أيام قبل أن تنجح الشرطة في اعتقاله وتحرير الرهائن إلا أنه كان مستغربا أن الرهائن دافعوا عنه، وعن خاطف آخر انضم إليه لاحقا.

وكان الشيء الغريب أنه بعد مرور بعض الوقت على عملية السطو، نشأت علاقة تعاطف بين الخاطفين والرهائن وقد قال الرهائن إنهم كانوا يخشون الشرطة أكثر من خاطفيهم، وبعد إطلاق سراحهم، رفضوا الشهادة ضدهما، بل وأنشأوا صندوقا لتغطية مصاريف الدفاع عنهما.

وقالت الصحيفة إنه عندما دخل السارق، جان إريك أولسون، إلى البنك، لم يشعر الموظفون الذين سيصبحون لاحقا رهائن لديه سوى بالخوف، لكن هذه المشاعر لم تدم طويلا، إذ تحولت إلى علاقة صداقة أذهلت الشعب السويدي في ما بعد، وأدت لظهور مطلح "متلازمة ستوكهولم" Stockholm syndrome وهي ظاهرة نفسية تشير إلى تعطاف الرهينة مع الجهة التي تأسره.

وهذا التعريف يلخص ظاهرة تكرر ذكرها في عديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، أحدثها المسلسل الإسباني الشهير Money Heist.

ولا يفهم الخبراء بشكل كامل تشكيل تلك الاستجابة، لكنهم يعتقدون أنه قد تكون بمثابة آلية تكيف للأشخاص الذين يعانون من الصدمة. ويقولون إنه يمكن لأي شخص أن يصاب بالمتلازمة عندما يواجه تهديدات كبيرة لسلامته الجسدية أو النفسية.

وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن أولسون خلال عملية السطو طلب من الشرطة الحصول على ما يقدر بحوالي 710 ألف دولار وسيارة للهرب، بالإضافة إلى إحضار زميله السابق في السجن، كلارك أولوفسون، الذي لعب دورا في التواصل مع الرهائن.

وصل المال والسيارة وأولوفسون نفسه، لكن أولسون فشل في الهرب بعد أن احتجزت الشرطة مفتاح السيارة وعاد للبنك، وهدد بالقتل، لكن وصول أولوفسون في ذلك اليوم أدى إلى تهدئة الوضع. وقال أولوفسون في شهادته في ما بعد إن الرهائن كانوا خائفين لكنهم هدأوا بعد ذلك، وفك هو قيود النساء.

وقام أولسون وأولوفسون بتحصين مكان الخزانة الذي احتجزا فيه الرهائن، وقيدوهم، وهم كريستين إنمارك، وإليزابيث أولدغرين، وسفين سيفستروم، وبيرغيتا لوندبلاد، والأخيرة كانت الرهينة الوحيدة المتزوجة ولديها أطفال.

وتشير الصحيفة إلى أن الخاطفين سمحا للرهائن بالاتصال بأسرهم، وعندما لم تتمكن لوندبلاد من الوصول إلى زوجها وأطفالها، بدأت في البكاء. ولمس أولسون خدها، وقال بهدوء: "عليك المحاولة مرة أخرى، لا يجب الاستسلام".

بعد الليلة الأولى في موقع الخزانة، وكانت أولدغرين تشعر برهاب الأماكن المغلقة، فقطع أولسون قطعة طويلة من الحبل، وربطها حول رقبتها وتركها تتجول حول البنك، ولف سترته حول كتفيها عندما كانت ترتعش من البرد.

وأقنع أولسون سيفستروم بالسماح له بإطلاق النار عليه على فخذه أمام الشرطة لإثبات جديته في عملية السطو، ووعده بأن الطلقة ستخدشه فقط، وشجعته زميلته في البنك، إنمارك، على تنفيذ المطلب، وقالت له "إنها فقط في الساق". وتشير شهادات الرهائن إلى أن أولسون لم يفعل ذلك في نهاية المطاف.

وقال سيفستروم لمجلة نيويوركر في ما بعد: "ما زلت لا أعرف لماذا لم يفعل. كل ما يتبادر إلى ذهني هو مدى لطفه عندما قال إنه سيطلق النار على ساقي فقط".

وطلبت إنمارك من أولوف بالمه، رئيس الوزراء السويدي حينها، السماح للخاطفين بمغادرة البنك وقالت: "لم يفعلا شيئا لنا.. على العكس من ذلك، لقد كانا لطيفين للغاية. لكن كما تعلم يا أولوف، ما أخافه أن تهاجمنا الشرطة وتتسبب في موتنا"، لكنه رفض تنفيذ هذا المطلب.

وبعد أن تسللت الشرطة إلى الخزانة وأغلقت الباب على الخاطفين والرهائن، سحب أولسون ثلاث قطع كمثرى متبقية من الوجبة السابقة، وقطع كل منها إلى نصفين ووزعها على الجميع، وحصل هو على القطعة الأصغر.

وعندما وصلت الشرطة إلى المكان بواسطة الحفر من أعلى القبو، أطلقت الغاز المسيل للدموع وأمرت الرهائن بالخروج أولا، لكنهم رفضوا خوفا من مقتل أولسون وأولوفسون إذا تركوهما بمفردهما.

وعانق إنمارك وأولدغرين أولسون وقبلاهما، وصافحه سيفستروم، وطلبت منه لوندبلاد أن يراسلها، ثم خرج اللص مع شريكه من خزانة البنك واعتقلتهما الشرطة.

وبعد هذه الواقعة، أطلق نيلز بيجيروت، الطبيب النفسي المختص بعلم الجرائم والأمراض النفسية، الذي كان مستشارا نفسيا للشرطة وقت وقوع الحادث، مصطلح "متلازمة ستوكهولم" الذي اشتهر بعد ذلك، وعكف علماء وأطباء على دراسته.

لكن إنمارك، التي تركت العمل في البنك وأصبحت معالجة نفسية، قالت في مقابلة، عام 2016، إن علاقة الرهائن بأولسون كانت تهدف فقط إلى البقاء على قيد الحياة.

وقالت: "أعتقد أن البعض يحاولون إلقاء اللوم على الضحية.. كل الأشياء التي قمت بها كانت نابعة من غريزة البقاء. لا أعتقد أن هذا غريب جدا. ماذا كنت ستفعل؟".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

جريمة عمرها 50 عاما.. حذاء يعيد الأمل للشرطة في حل لغز مقتل مراهقة

بعد مرور أكثر من نصف قرن على جريمة قتل مروعة، راحت ضحيتها المراهقة جاكلين جونز، تم الكشف عن تفاصيل جديدة قد تقود إلى فك لغز الجريمة، التي وقعت في جنوب غرب لندن عام 1973.

وعُثر على جثة جاكلين، البالغة من العمر 16 عامًا، بالقرب من محطة في غرب العاصمة الإنجليزية لندن، ومعها حذاؤها فقط، فيما اختفت باقي ملابسها.

أحذية الفتاة تحمل أدلة جنائية

ويعتقد خبراء علم الجريمة، أن الأحذية قد تحمل أدلة جنائية كان من المستحيل تحليلها في الماضي بسبب محدودية التكنولوجيا، وفقا لصحية ذا صن.

ديفيد ويلسون، خبير في علم الجريمة، أشار إلى أهمية إعادة تحليل الأدلة القديمة، باستخدام تقنيات الطب الشرعي الحديث، مؤكدًا أن الأحذية قد تكون مفتاحًا لكشف القاتل.

القضية قيد المراجعة حتى الآن

الجريمة وقعت في حقبة خالية من كاميرات المراقبة وتقنيات الحمض النووي المتقدمة، ما صعّب العثور على الجاني آنذاك، ورغم مرور 50 عامًا دون تواصل بين الشرطة وعائلة الضحية، لا تزال القضية قيد المراجعة.

إعادة فتح القضية مرة أخرى

وأكدت شقيقة جاكلين، سوزان تشرش، أنها لم تتلق أي معلومات جديدة من الشرطة منذ التسعينيات، عندما تم ربط اسم القاتل المتسلسل روبرت بلاك بالقضية، الذي قتل ما يصل إلى 49 شخصًا، وذلك بعد تحليل الحمض النووي.

الخبراء يطالبون الشرطة الآن بإعادة التحقيق في القضية ومراجعة الأدلة القديمة، على أمل تحقيق العدالة لعائلة جاكلين بعد كل هذه السنوات.

مقالات مشابهة

  • زيارة ميدانية لطلاب علم نفس بني سويف لأحد مراكز الطب النفسي وعلاج الإدمان
  • الشعب الجمهوري: رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة أكدت حجم المخاطر التي تُحاك ضد الوطن
  • القبض على متهم بقتل شقيقين وإصابة ثالث في إب بسبب خلاف على أرض
  • شرطة إب تلقي القبض على متهم بقتل شخصين وإصابة ثالث
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • حوارية نقدية لرواية ” قطة فوق صفيح ساخن “
  • جريمة عمرها 50 عاما.. حذاء يعيد الأمل للشرطة في حل لغز مقتل مراهقة
  • السيسي: عدد كبير من جامعاتنا الأهلية دخلت توأمة وشراكة مع جامعات عالمية
  • السيسي يثمن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشرطة وعائلاتهم في مواجهة الإرهاب
  • معادٍ للإسلام.."مجنون" ماغدبورغ متخصص في الطب النفسي