هل تحل فرنسا محل أميركا كمظلة نووية لأوروبا؟
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
فتح طرح أوروبا فكرة الانتقال من المظلة النووية الأميركية إلى المظلة النووية الفرنسية الباب للتساؤل عن مكونات الترسانة النووية الفرنسية ومميزات العقيدة النووية الفرنسية والأسباب التي تجعل من تنفيذ هذه الفكرة على أرض الواقع أمرا معقدا على عكس ما يعتقد البعض.
ونشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية مقالا تفيد فيه الكاتبة فاليريا فيربينينا بأن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في توسيع "المظلة النووية" الفرنسية لتشمل أوروبا بأكملها أثارت جدلا واسعا في الدول الأوروبية؛ حيث أعلنت بولندا عن تطلعها لامتلاك السلاح النووي، بينما أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى جانب ليتوانيا عن تبني موقف ماكرون.
وتضيف فيربينينا أنه بحسب تقديرات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، تمتلك فرنسا 280 رأسا نوويا، مثبتة على الصواريخ أو موجودة في قواعد عسكرية، أي أنها جاهزة للاستخدام. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك فرنسا 10 رؤوس نووية أخرى في حالة الاحتياط يمكن استخدامها نظريا بعد بعض التحضيرات. لكن، مقارنة بروسيا التي بحوزتها حوالي 5 آلاف رأس نووي، تبدو الترسانة الفرنسية جد محدودة.
العقيدة النووية الفرنسيةوبحسب الكاتبة، فقد حُددت أسس العقيدة النووية الفرنسية في عهد الجنرال ديغول وتعرضت لتعديلات في عهدي الرئيسين السابقين فرانسوا ميتران ونيكولاي ساركوزي. وعلى العموم تنص هذه العقيدة على استخدام الأسلحة النووية الفرنسية للدفاع وحماية فرنسا حصريا. ولم يكن الهدف من امتلاك فرنسا أسلحة نووية حماية أي حلفاء أجانب، بما في ذلك ألمانيا، التي اضطرت فرنسا لمواجهتها خلال الحرب العالمية الأولى والثانية. بل كان التركيز منصبا فقط على الدفاع عن فرنسا والشعب الفرنسي.
إعلانكذلك تنص العقيدة النووية الفرنسية على أن أهداف الردع النووي الفرنسي دفاعية بحتة باعتباره مصمما للتصدي لأي محاولة من جانب السلطات الأجنبية للتعدي على المصالح الحيوية لفرنسا وضمان قدرة القوات النووية على إلحاق أضرار جسيمة بمراكز القوة المعادية.
وتؤكد العقيدة النووية الفرنسية الحالية أن فرنسا ترفض اعتبار الأسلحة النووية أداة للحروب التقليدية، بل ترى فيها وسيلة لردع الصراعات ومنع اندلاع الحروب. ومع ذلك، تستمر فرنسا في تطوير أنظمة تسلح جديدة مرتبطة بالردع النووي، لا سيما الصاروخ الفرط صوتي، الذي سيتجاوز مداه ألف كيلومتر، بالإضافة إلى نسخة جديدة من طائرة التزود بالوقود "فينيكس" لتعزيز قدرات سلاحها الجوي.
هل تكون بديلا لأميركا؟هل يمكن لفرنسا أن تحل محل المظلة النووية الأميركية لأوروبا في ظل امتلاكها فقط سربين جويين و4 غواصات، تُعتبر بالكاد كافية للدفاع عن نفسها؟
وترى الكاتبة أنه لتحقيق ذلك، يتعين على الولايات المتحدة التخلي عن التزاماتها. لكن في ظل الظروف الحالية، قد تكون التصريحات المثيرة لماكرون مجرد خدعة سياسية لإقناع دونالد ترامب بعدم التفكير في التخلي عن حلفائه عبر المحيط الأطلسي.
وقالت إنه إذا قررت الولايات المتحدة التخلي عن أوروبا وتركها تواجه مصيرها بنفسها، حينذاك ستدرك فرنسا أن مهمة الدفاع عن أراضيها من بريست إلى نيس تختلف عن حماية أوروبا بأكملها من لشبونة إلى هلسنكي، ناهيك عن الجزر مثل مالطا. وعليه، فإن القوات التي تبدو كافية لحماية فرنسا غير كافية لحماية الاتحاد الأوروبي بأسره، خاصة مع الأخذ في الاعتبار امتلاك روسيا عددا أكبر بكثير من الرؤوس الحربية النووية ووسائل إطلاقها.
بحاجة لكثير من المقوماتوأوردت الكاتبة أن ألمانيا، التي رحبت في البداية بمقترح ماكرون، تدرك أن فرنسا تمتلك أسلحة نووية إستراتيجية فقط، وليست تكتيكية، مما يعني أنها غير قادرة على تحقيق الردع مع روسيا.
إعلانوبناء عليه، فإن فرنسا ليست في حاجة فحسب إلى إنتاج المزيد من الطائرات والقنابل والغواصات القادرة على حمل الصواريخ النووية، بل في حاجة إلى تركيز أقمار صناعية عسكرية وإلى خبراء متخصصين وبناء مصانع جديدة وبنية تحتية. وعليه، فإن لعب دور حارس أوروبا سيشكل ضغطا مستمرا على الموارد ويتطلب نفقات كبيرة.
وفي ختام التقرير نوهت الكاتبة إلى أن فكرة ماكرون عن "المظلة النووية" بدأت في خلق صراع داخل أوروبا خاصة في ظل تعبير ألمانيا عن رغبتها في الحصول على الأسلحة النووية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات المظلة النوویة
إقرأ أيضاً:
رسوم ترامب على الصلب والألمنيوم قد تضر أميركا أكثر من أوروبا
أشارت تقديرات معهد كيل للاقتصاد العالمي (آي إف دبليو كيل) الألماني إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية المزمع فرضها على واردات الصلب والألمنيوم ستؤثر سلبا على الاقتصاد الأميركي أكثر من تأثيرها على اقتصاد بلدان الاتحاد الأوروبي.
كما أفاد المعهد، الكائن بمدينة كيل شمالي ألمانيا، أن هذه الرسوم ستؤدي على المدى القصير إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاتحاد الأوروبي بنسبة ضئيلة تبلغ 0.02% فقط، وعزا ذلك إلى أن منتجات الصلب والألمنيوم التي ستتأثر بهذه الجمارك لا تشكل سوى حوالي 5% من إجمالي الصادرات الأوروبية، منها جزء صغير فقط مخصص للولايات المتحدة.
أما بالنسبة للولايات المتحدة نفسها، فإن الضرر الاقتصادي سيكون أكبر على نحو ملحوظ، وفقا للمعهد. فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار هناك بنسبة 0.41%، مما سيؤدي لزيادة معدل التضخم. كما يتوقع أن تنخفض الصادرات بنسبة 1.37%.
وتابع المعهد أنه نظرا لارتفاع تكاليف استيراد الصلب والألمنيوم بشكل كبير، ستزداد تكاليف الإنتاج للعديد من الشركات الصناعية الأميركية. وقال المعهد إن العملاء سيواجهون ارتفاعا بالأسعار، مما سيؤثر سلبا على القدرة التنافسية لهذه الشركات في الأسواق الخارجية.
من جانبه، أوضح يوليان هينتس مدير الأبحاث في سياسات التجارة بالمعهد "قد تبدو هذه الرسوم الجمركية بمثابة إجراء حمائي رمزي في إطار سياسة (أميركا أولا) لكنها في النهاية ستضر بالمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة".
إعلانورأى هينتس أنه حتى لو لم تكن التأثيرات المباشرة لهذه السياسة الجمركية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ذات وزن كبير، فإن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون مستعدا لاحتمال تصعيد الموقف.
وكان ترامب أقر في فبراير/شباط الماضي فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، مشددا على أن هذه الرسوم ستطبق بدون استثناء على جميع الدول. ومن المتوقع أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ غدا الأربعاء.