يمانيون/ تقارير

لم تستطع الدول الداعمة للعناصر التكفيرية طمس الحقائق بالرغم من عملها المكثف على إيصال تلك العناصر للسلطة في سوريا وشرعتنها دوليا بالرغم من المجازر الوحشية التي ارتكبتها بحق الشعب السوري طيلة السنوات الماضية، إلا أن تلك العناصر لم تصمد طويلا حتى خلعت القناع عن وجهها وقامت بالهجوم على المواطنين السوريين العزل من السلاح في الساحل السوري والقيام بإبادة جماعية وحشية في حقهم متدرعين بحجة محاربة فلول النظام السابق.

مشاهد الموت التي جابت القرى والمدن الساحلية كانت تنبض بالدماء، حيث تم إعدام عائلات بأكملها دون تمييز، في عملية ممنهجة تهدف إلى محو الوجود البشري في مناطق بأكملها. لم تقتصر هذه الإعدامات الوحشية على الرجال فقط، بل شملت النساء والأطفال، حيث كان يُنقض على الأبرياء بلا رحمة، وتُدمر بيوتهم وحياتهم في مشهد مروع لا يمكن تصوره إلا في أفلام الرعب.

آلاف القتلى

وبالرغم من صدور العديد من الاحصائيات التي تؤكد مقتل وجرح آلاف المدنيين فقد أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه ومع إعلان انتهاء العملية العسكرية للعناصر التكفيرية في الساحل السوري فإن العمليات انتهت بنحو 40 مجزرة وثّقها المرصد. لافتا إلى أنه يتم تحريف الحقائق في هذه المرحلة عبر الماكينة الإعلامية.. خاصة بعد أن تجاوز عدد القتلى 1000 مدني. موضحا أنه يجري الآن عمليات إزالة الأدلة عبر غسل الشوارع والمباني ونقل الجثامين في محاولة لطمس الحقيقة بينما لجنة التحقيق مرّت مرور الكرام في بعض المناطق بالساحل.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 973 مواطنا في محافظتي اللاذقية وطرطوس، نتيجة عمليات التصفية، من ضمنهم مواطنين من طوائف غير العلوية. وجاءت محافظة اللاذقية في المرتبة الأولى، ثم طرطوس، ثم حماة وأخيرا حمص. لافتا إلى أن هذه الجرائم تأتي في سياق عمليات انتقامية واسعة تستهدف أبناء الطائفة العلوية، وسط استمرار القتل الجماعي وحرق المنازل والتهجير القسري، في ظل غياب أي تدخل دولي لوقف هذه المجازر.

وفي الـ7 من مارس وثق المرصد استشهاد 62 مواطنا في طرطوس و98 في اللاذقية وفي الـ8 من الشهر وثق استشهاد 228 مواطنا في اللاذقية و55 في طرطوس و79 في حماة و5 في حمص، وفي الـ9 من مارس وثق استشهاد 103 في طرطوس و194 في اللاذقية و6 في حماة فيما وقف في الـ10 من الشهر 26 شهيدا في اللاذقية و42 في طرطوس و71 في حماة

ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة منصة x مقاطع فيديو مرعبة لما حدث في مدن الساحل السوري، من إبادة وتطهير عرقي طالت المدنيين العزل من السلاح، بطرق وحشية قل نظيرها بالعالم، ومن بين المشاهد المؤلمة العثور على جثث أربعة أطفال، تم قتلهم بطرق وحشية، تم شق بطونهم وصدورهم.

ما وقع في خلال الأيام الماضية ليس مجرد تصعيد أمني عادي أو تجاوزات فردية كما تحاول العناصر التكفيرية ترويجه، بل هو إبادة جماعية تمت بحسابات سياسية وطائفية، الإعدامات الجماعية تؤكد أن هذا الهجوم هو جزء من سياسة طائفية ممنهجة.

هذا الاعتداء الدموي عقاب جماعي موجه ضد مكون اجتماعي كامل، وخاصة في المناطق ذات الأغلبية العلوية، حيث تم استهدافها من خلال عمليات قتل جماعية شملت جميع الفئات العمرية.

كما أن هذه المجازر تتزامن مع تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية. في ريفي اللاذقية وطرطوس، حيث يعاني المواطنون من انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات بشكل كامل، توقفت الأفران والأسواق عن العمل، مما جعل حياة السكان المدنيين أكثر قسوة في ظل حصار مفروض عليهم من قبل حكومة التكفيريين. هذا الحصار الممنهج، الذي يشمل حظر توفير الاحتياجات الأساسية، يشكل جزءًا من سياسة التجويع والتركيع التي تعتمدها العناصر التكفيرية كأداة ضغط ضد المواطنين المدنيين. الوضع الإنساني في هذه المناطق بلغ حدًا كارثيًا، حيث أصبحت المستشفيات والمراكز الصحية غير قادرة على استيعاب المصابين، في وقتٍ لم تعد فيه أي جهة قادرة على تقديم الحماية أو الردع ضد آلة القتل المنفلتة التي تستخدمها العناصر التكفيرية ضد المدنيين.

جرس انذار

مع كُـلّ جريمة ترتكبها التنظيمات التكفيرية ، تتضح أكثر صورة الكارثة التي يعيشها العالم العربي في مواجهة هذا الوحش الذي يلتهم كُـلّ ما يقف في طريقه. في واقع الحال، لا يسعى التكفيريون لتحقيق أهداف دينية أَو سياسية كما يروج البعض، بل هم مُجَـرّد أدَاة لتمزيق المجتمعات وزرع الفوضى، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنهم تنظيم وجد وجرى تسليحه وتمويله لخدمة أهداف مشبوهة، تابعة لمشاريع استعمارية تهدف إلى إضعاف الأُمَّــة العربية والإسلامية من الداخل.

إن العناصر التكفيرية لا تتحَرّك بمفردها، بل هي جزء من مشروع أكبر يمتد على طول المنطقة العربية، منذ بداياته في العراق ثم في سوريا، كان الهدف الأبرز هو تفكيك الدولة وتدمير المجتمعات من الداخل، عبر نشر الفوضى والصراعات الطائفية، هذه المجازر التي شهدها الساحل السوري، حَيثُ تم قتل وتشريد الآلاف من الأبرياء، كانت جزءًا من هذا المخطّط المدمّـر.

وبالرغم من كُـلّ ما يقال عن هذه الجماعات المتطرفة، فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن العناصر التكفيرية مُجَـرّد أدوات وظيفية في يد القوى الكبرى التي تسعى لإعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة العربية بما يتناسب مع مصالحها.

ومن المؤكّـد أن هذه المشاريع، التي تغذيها القوى الغربية، لا تقتصر على سوريا والعراق فقط، بل تمتد لتشمل بلدانا أُخرى مثل اليمن، التي تعرضت بدورها لتحديات مشابهة في مواجهة مخطّطات التفكيك والتدمير، في اليمن، كانت هناك محاولات من قبل نفس القوى للعب على وتر الفوضى، وكان الاستهداف واضحًا؛ إضعاف الدولة اليمنية وتفكيك المجتمع، ومن هنا، فإن التهديد الذي تواجهه اليمن ليس مُجَـرّد تهديد عسكري أَو أمني، بل هو تهديد وجودي يهدف إلى تقويض كُـلّ ما يمكن أن يعزز السيادة الوطنية والهوية المستقلة.

لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن كُـلّ مشروع تقوده هذه القوى الكبرى يهدف إلى استبدال النظام السياسي المستقر بأي شكل من أشكال الفوضى المدمّـرة.

ومن يعتقد أن الاستسلام أَو الخضوع للضغط الخارجي قد يحل الأزمة، فإنه يعيد تكرار نفس الخطأ الذي وقع فيه الكثير من الدول العربية التي فقدت سيادتها واستقلالها تحت وطأة هذه المشاريع، لذلك، لا بد من الوقوف بصلابة ضد هذه المخطّطات ومواصلة العمل على تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي.

مجازر الساحل السوري تمثل رسالة واضحة لمن يرفض الحقيقة، فالنظام الذي يتحَرّك اليوم في المنطقة لا يعنيه سوى استمرار الهيمنة والتسلط على المجتمعات الضعيفة، في هذا الصراع المصيري، الأمة اليوم أمام اختيار صعب، إما أن تواصل مقاومة هؤلاء الوحوش؛ مِن أجلِ السيادة والاستقلال، وإما أن تغرق في الفوضى التي تزرعُها هذه المشاريع الاستعمارية.

لا مجال للغفلة أَو الهروب من الواقع، فكل لحظة تردّد قد تكلف الأُمَّــة الكثير، من لم يدرك بعد أن العناصر التكفيرية أدوات استعمارية تعمل لخدمة أهداف غربية هو في غفلة خطيرة، وعلى كُـلّ من يعتقد أن القوى التي صنعت هذا الإرهاب ستأتي اليوم لتقدم حلولًا أن يعيد النظر في دروس التاريخ، المواجهة الحقيقية ليست مع جماعات متطرفة فحسب، بل مع المشروع الذي يقف خلفها ويدعمها ويوفر لها كُـلّ أسباب الاستمرار.

نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العناصر التکفیریة الساحل السوری فی اللاذقیة فی طرطوس لا یمکن

إقرأ أيضاً:

الصين تلعب ورقة العناصر السبع النادرة للرد على حرب ترامب التجارية

شدد تقرير نشره موقع "هافينغتون بوست" على استخدام الصين ورقة "العناصر الأرضية النادرة" للضغط على الولايات المتحدة في خضم حرب الرسوم الجمركية المحتدمة، موضحا أن بكين فرضت قيودا على تصدير سبعة عناصر بالغة الأهمية للصناعات التكنولوجية والعسكرية الأمريكية.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن أكبر اقتصادين في العالم اندمجا بطريقة شبه تكافلية خلال العشرين عامًا الماضية، والآن يهدد أي انفصال محتمل بانهيار الاقتصاد العالمي.

وأوضح الموقع أن الصين أصبحت منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية قبل 23 عاما ترسا رئيسيا في النظام التجاري الأمريكي. فمن الهواتف الذكية إلى الألعاب، مرورًا بقطع الغيار الصناعية، تطورت شركات أمريكية بأكملها على فرضية أن الوصول إلى المنتجات الصينية أمر سهل ومضمون.

ووفقًا لمؤسسة "غولدمان ساكس"، فإن الصين تعد المورد المهيمن على أكثر من ثلث السلع التي تستوردها الولايات المتحدة.

حظر جزئي للمعادن النادرة
وأضاف الموقع أن الخطر الحقيقي في ظل الأزمة الحالية هو أن الصين تسيطر على العديد من الموارد التي يصعب على أمريكا إيجاد بدائل لها، والأكثر خطورة هي بعض المعادن التي تُستخدم بكميات ضئيلة جدا، لكنها أساسية في عدد من المنتجات عالية التقنية مثل البطاريات، ومصادر الطاقة المتجددة، والأسلحة، والأجهزة الطبية.


ومن بين هذه المعادن، تلك التي تُعرف بـ"العناصر الأرضية النادرة"، وهي الجزء الأصعب الأخطر والأصعب في عملية البحث عن بدائل، ويصفها البعض بـ"المدفعية الثقيلة" للرئيس الصيني شي جين بينغ.

وفرضت بكين قيودا على مبيعات سبعة من هذه العناصر للولايات المتحدة، وهي الساماريوم، والغادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، واللوتيزيوم، والسكانديوم، والإيتريوم.

وأشار الموقع إلى أن جميع هذه العناصر تتمتع بخصائص مغناطيسية كبيرة، وهي أساسية في صناعة السيارات الكهربائية، والتوربينات الهوائية، والروبوتات، والأسلحة الدقيقة، والرقائق الخاصة بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من الصناعات.

ومن بين الشركات الأمريكية التي تستخدم العناصر الأرضية النادرة الصينية، شركات كبرى مثل لوكهيد مارتن، تسلا، آبل، بوينغ، رايثيون، وهانيويل.

وذكر الموقع أن العناصر الأرضية النادرة ليست نادرة إلى الحد الذي يوحي به اسمها، لكن المشكلة الحقيقية هي أن تركيزها منخفض، ومن الصعب فصلها كيميائيا عن الصخور، وهي عملية مكلفة ومُلوِّثة وتتطلب مهارات تقنية متخصصة، ولهذا فضلت الولايات المتحدة على مر السنين إسناد عملية استخراجها إلى دول أخرى.

وتهيمن الصين حاليا على السوق، وتسيطر بشكل خاص على إنتاج العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، وهي تحديدًا العناصر السبعة التي قيّدت بيعها جزئيا للولايات المتحدة قبل عدة أيام، حيث ينص القرار الصيني على إلزام المنتجين الصينيين بطلب تراخيص تصدير، لكنه قد يتحول إلى حظر كلي، حسب التقرير.

الأضرار المحتملة
كانت الصين فرضت قيودا على تصدير معدنين حرجين (من غير العناصر الأرضية النادرة)، وهما الغاليوم والجرمانيوم، ويُستخدمان في الأقمار الصناعية، والرقائق الإلكترونية، وأنظمة الرادار، وغيرها من الصناعات. وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حظرت الصين تمامًا بيع المعدنين إلى الولايات المتحدة.

وأوضح الموقع أن ذلك الحظر أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار لكنه لم يسبب أزمة حقيقية في الإمدادات، ويعود ذلك إلى وجود مخزون كافٍ أو الاستيراد من دول أخرى.

لكنّ الحظر الأخير، وفقا للموقع، يُحتمل أن يُلحِق أضرارًا أكبر، لأن العناصر الأرضية النادرة الثقيلة هي الأقل قابلية للاستبدال.

وتقوم الصين بتكرير ما يقرب من 98 بالمئة من المعروض العالمي، وتمتلك السيطرة الكافية لفرض الالتزام بالحظر. ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، فإن الحكومة الصينية قادرة على تتبع كل طن من العناصر الأرضية النادرة المستخرجة والمكررة داخل الصين ومراقبة وجهتها النهائية، كما يمكنها منع أي عمليات تصدير غير مباشرة، من خلال معرفة ما إذا كان أحد العملاء يعتزم إعادة التصدير إلى أمريكا.

وتقول ميليسا ساندرسون، الخبيرة في شؤون التعدين والمسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية: "إذا قررت الصين أن تأخذ المسألة على محمل الجد، فقد تكون الأضرار الجانبية كبيرة جدًا، لأنه في تلك الحالة ستسعى بكين إلى إغلاق كل طرق الالتفاف".

ويتوقع الموقع أن تؤدي الإجراءات الصينية إلى تناقص الكميات في فترة قصيرة، مما سيتسبب بمشكلات خطيرة لعدد كبير من القطاعات، من الدفاع إلى التقنيات الخضراء، مثل التوربينات الهوائية والمحركات الكهربائية.


ويرى الموقع أن هذا الخيار قد لا يكون في مصلحة الصين نفسها، لأنه سيؤدي إلى انخفاض الطلب، ويدفع الولايات المتحدة (وكذلك العديد من الدول الأخرى) إلى البحث عن بدائل.

وحسب الموقع، فإن ذلك قد يجعل ترامب أكثر هوسا بالسيطرة على غرينلاند وأوكرانيا، فكلاهما غني بالموارد المعدنية. وتمتلك غرينلاند 43 معدنا من أصل 50 تعتبرها الحكومة الأمريكية "معادن حرجة"، وتمتلك أوكرانيا عنصرين استراتيجيين، وهما الليثيوم والتيتانيوم.

أما الولايات المتحدة، فلديها منجم واحد فقط للعناصر الأرضية النادرة في ولاية كاليفورنيا، ومع ذلك تحتل المرتبة الثانية عالميًا، وتستخرج حوالي 12 بالمئة من المعروض العالمي، وهي تعمل على تطوير مناجم أخرى وتموّل مشاريع في عدة دول من بينها أستراليا والبرازيل وجنوب أفريقيا.

لكن جزءا كبيرا من الإنتاج الأمريكي ينتهي به الأمر في الصين ليتم تكريره هناك، وتريد الحكومة الأمريكية تقليل الاعتماد على الصين في هذا المجال، وتموّل منشأة ضخمة في ولاية تكساس، وهي الأولى من نوعها خارج الصين لتكرير العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، حسب التقرير.

مقالات مشابهة

  • ترامب ونتنياهو من يقود الآخر؟
  • نيويورك تايمز: أمريكا تستورد من الصين العناصر الأرضية النادرة
  • والي العيون: العالم الآخر يضغط لمقاطعة الانتخابات في الصحراء التي نبنيها دون السعي لنصبح قوة ضاربة
  • خبير استراتيجي: المخطط الإرهابي في الأردن ضخم.. وإسرائيل المستفيد الأكبر
  • حزب الله يدعو للعمل بفاعلية وقوة لوقف الإجرام ‏الصهيوني على فلسطين والمنطقة
  • هدير عبد الرازق الوجه الآخر للنجاح: شهرة وجدل وسقوط
  • الصين تلعب ورقة العناصر السبعة النادرة للرد على حرب ترامب التجارية
  • الصين تلعب ورقة العناصر السبع النادرة للرد على حرب ترامب التجارية
  • جلسة ساخنة لمجلس النواب.. جبالي: الاختلاف يعكس إفساح المجال للرأى الآخر
  • مجلس الشورى: الإجرام الأمريكي لن يثني الشعب اليمني عن مواصلة موقفه المناصر لغزة