ونحن نعكف على كتابة عمودنا (خبر وتحليل)،الذى يتناول سابق العلاقات الإريترية وحاضر المواقف الإيجابية للرئيس الإرتيرى “أسياس أفورقى” مع السُودان و قوات شعبه المسلحة فى حربه المصيرية ضد قوات الدعم السريع المتمردة ، إستوقفنى تصريحات خبرية لوالى ولاية كسلا “خوجلى حمد”مفادها:

(أكد والي ولاية كسلا “خوجلي حمد” أن إغلاق الحدود مع اريتريا قرار إتحادى ، مُشيراً إلى أنهم في الولاية ملتزمون به،وكشف “خوجلى”عن مطالبتهم حكومة المركز بفتح الحدود بين السودان وارتريا من واقع أن العلاقات بين البلدين حالياً جيدة.

لافتاً إلى ارسالهم خطاب رسمى إلى الحكومة الإتحادية تم تسليمه إلى عضو مجلس السيادة “إبراهيم جابر”، وأضاف ” نتمنى الموافقة عليه لأن فتح الحدود يحد من تهريب السلع ويعود بالفائدة على الولاية”، فوجدت فى الخبر خير عنوان و مدخل لموضوع المقال .

المُستوحى من مضمون التصريحات بأن السيد الوالى غير”راضى” من إستمرار إغلاق الحدود ، مُلمحاً بعدم المؤامة لواقع العلاقات “الجيدة” الآن ، مُبعداً نفسه عن اللأئمة، وبدبلوماسية يرمى بها المركز “كقرار إتحادى”، قبل أن يطلب من “المركز” إعادة فتحها الحدود.

ولمزيد من إلقاء الضؤ والتحليل لمعضلة الحدود والعلاقات السودان الإريترية نقول :

ظلت العلاقات بين البلدين ومنذ إستقلال إرتريا وحتى الآن، تُدار بفقه “الهواجس والظنون والشخصنة” من قبل الرئيس أفورقى مصحوب بفوبيا “التأمر السودانى الأثيوبى”، منذ إستقلال إرتريا فى العام ١٩٩٣م وحتى إتفاق السلام الإريترى الأثيوبى فى العام ٢٠١٨م.

بدوره ظل السودان خلال تلك الفترة يُدير علاقته مع إرتريا بلا إستراتيجية او تخطيط ، متبعاً نهج “العلاقات الشخصية والعامة” على مستوى مؤسسات الدولة السُودانية وأفرادها ، وفى بعض الأحيان ولطبيعة الملفات كان يُترك الأمر للمؤسسات الأمنية.

بالتالى ظلت تتأرجح العلاقة بين “الخرطوم وأسمرة” بين التوتر والتحسن، وذلك بسبب الحدود والمعارضات ودعمها المتبادل وقضايا أخرى ، بلغت ذروة التوتر فى العام ٢٠١٨م، حين خيمت أجواء الحرب بعد إغلاق الحدود ونشرالقوات عليها.

أبرز محطات الظنون والشخصنة:

• قطار العلاقات بين البلدين، توقف كثيراً عند محطات الهواجس والظنون الإريترية وعدم الإستراتيجية والمؤسسية السُودانبة والتى أبرزها :

• احتضنت إريتريا العمل المسلح للمعارضة السودانية الجنوبية والشمالية، عقب اتهام “غير مُثبت” من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي للخرطوم بدعم جماعات إسلامية في إريتريا عام ١٩٩٤.

• أكتوبر ٢٠٠٢ الرئيس “البشير” يتهم إريتريا “بالخيانة” ،وإن القوات الإريترية هاجمت شرق السودان (غير مُثبت)، فردت “أسمرة” على الاتهامات بأنها أكاذيب مختلقة وعارية عن الصحة”وبمثابة إعلان حرب.

• أكتوبر ٢٠٠٢ وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل يتهم إريتريا بالمشاركة في الهجوم الذي شنه المتمردون على مدينة همشكوريب.

• نوفمبر ٢٠٠٢.ذات الوزير يكشف عن أن الخرطوم طلبت رسميا من الجامعة العربية إبلاغ إريتريا بعدم التدخل في شؤون السودان الداخلية. وجاء ذلك بالتزامن مع وصول” أفورقي” القاهرة.

• يونيو٢٠٠٤ السودان يتهم إريتريا بمحاولة نسف اتفاق لإنهاء الحرب الأهلية بجنوب السودان، ويطالب مجلس الأمن الدولى بوضع حد لما تقوم به “أسمرة” .

• أكتوبر ٢٠٠٤ إريتريا تقول إن أجهزتها الأمنية اعتقلت خلية كانت تخطط لاغتيال الرئيس “أفورقي” وضرب أهداف مدنية، واتهمت النظام السوداني بالوقوف وراءها، كذّب السودان على الفور تلك الاتهامات، مبديا أمله ألا تكون الاتهامات مقدمة لعمل عدواني.

• مايو ٢٠٠٥ العقيد الليبي الراحل”القذافي” يعقد مصالحة “تاريخية” بين “البشير وأفورقى” على هامش قمة أفريقية مصغرة بشأن “دارفور”،وكانت المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيسان في قمة كهذه منذ سنوات.

• يونيو ٢٠٠٥ السودان يتقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إريتريا، تضمنت اتهاما لأسمرة بتقويض جهود السلام التي يشهدها السودان، وأسمرة تنفي.

تحسن العلاقات

• العام ٢٠٠٦ شهد تحسن فى العلاقات بين الخرطوم وأسمرة بعد نهاية حركة تمرد سُودانية كانت تنشط فى شرق السودان، وكانت الخرطوم تتهم “أسمرة” بدعمها.

• يونيو ٢٠٠٦ الرئيسان السوداني والإريتري يعقدان قمة في الخرطوم هي الأولى منذ خمس سنوات لإنهاء الاضطرابات في شرق السودان.

• أكتوبر ٢٠٠٦ العاصمة الإريترية تحتضن توقيع اتفاقية شاملة للسلام بين الحكومة السودانية ومتمردي جبهة شرق السودان، وحضر المراسم الرئيسان السوداني والإريتري والأمين العام لجامعة الدول العربية.

• نوفمبر٢٠٠٦ الحكومة الإريترية تقول إنها تقوم بوساطة بين الحكومة السودانية وفصائل التمرد التي لم توقع على اتفاق سلام دارفور في العاصمة النيجيرية أبوجا.

• نوفمبر ٢٠٠٨ الرئيس الإريتري يزور السودان ويتعهد بالعمل مع كافة الأطراف للتوصل لحلول مرضية للأزمة في دارفور.

• مارس٢٠٠٩ الرئيس السوداني يقوم بزيارة خاطفة لإريتريا متحدياً بها تهديدات المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها العام “لويس مورينو أوكامبو” بالقبض عليه حال خروجه من السودان وجاءت الزيارة بناء على دعوة رسمية وجهها له نظيره الإريترى “أفورقى” تعبيراً عن تضامن بلاده مع السودان ضد مذكرة التوقيف.

• أكتوبر٢٠١١ لقاء جمع “البشير وأفورقي” بالخرطوم، حيث قرر البلدان فتح الحدود بينهما لتفعيل آليات التعاون وتسهيل حركة المواطنين والسلع بين الخرطوم وأسمرة ،كما تعهدا آنذاك بربط البلدين عبر الطرق والسكك الحديدية لتسهيل التعاون والحركة وتبادل المنافع.

• فبراير ٢٠١٣ الرئيس السوداني يلتقي نظيره الإريتري بأسمرة.

• يناير ٢٠١٨ وكالة السودان للأنباء تعلن أن تعزيزات من الجيش وقوات الدعم السريع وصلت إلى ولاية كسلا، في إطار ما وصف بالاستنفار والجاهزية لتأمين الحدود، وذلك بعد إعلان الخرطوم عن تهديدات محتملة من قبل “مصر وإريتريا”، والرئيس”أفورقى” يقول في مقابلة مع تلفزيون بلاده إن الحديث عن وجود تعزيزات عسكرية مصرية في إريتريا إنه مجرد “فبركات” صاغتها المخابرات السودانية والإثيوبية لتبرير نشر قواتهما على الحدود مع بلاده.

قصدنا من هذا السرد المختصر لمسار العلاقة مع “إريتريا” توضح مدى تحكم نهج “الظنون والشخصنة”، والمزاجية الفردية فى إدارتها ،والتى تركت صورة ذهنية وإنطباعية خاطئة لشكل العلاقة الحقيقى ترسخت فى الأذهان ومضت عليها الركبان فى ذات المسار الخاطئ.

العلاقات بعد حرب ١٤ الخرطوم أبريل :

• إن كان لهذه الحرب جانب إيجابى ، فهو إلقاء كل التصورات والتقديرات الذهنية الخاطئة التى كانت من “الثوابت والمُسلمات ” فى ادارة العلاقات الخارجية ما قبل ١٤ ابريل ، ومثال لهكذا سؤ تقدير ذهنى خاطئ هو ” تأييد ودعم إرتريا للحكومة وجيشها السودانى فى محاربة المتمردين ، بينما اختارت أثيوبيا تأييد ودعم المتمردين وبشكل سافر ومُستفز”، فى مخالفة صريحة لذهنية ” إرتريا عدو السودان ، وأثيوبيا شقيقته”

• مؤشرات دعم إرتريا للإستقرار فى السودان ، بدأت منذ فجر الثورة والتغيير فى اول زيارة لوفد المجلس العسكرى الإنتقالى “لأسمرة”برئاسة مدبر المخابرات العامة حينها “ابوبكر دمبلاب” بغرض تنوير “أفورقى” بالتطورات والتغييرالذى تم ، فحمله “أفورقى” رسالة ونصيحة غالية “للبرهان” وهى (بان يستمر المجلس العسكرى الإنتقالى فى السُلطة وإدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عام ، وعدم اشراك الأحزاب والمدنيين مهما تعرضوا لضغوط ومعارضة منهم ، وليس أمامهم إلا الذهاب والإستعداد والتجهيز لإنتخابات عامة بعد مُضى العام).

• وضح موقف “اريتريا” من حرب الخرطوم من خلال خطاب افورقي الشهير والقوى فى يوم ١مايو الماضى ، وقراره الفورى بفتح الحدود بعد اول يوم من الحرب و مساندة الجيش و استقبال السودانين كمواطنين وليس لاجئين ، أتبعه بخطاب مماثل فى مؤتمر قمة دول جوارالسُودان بالقاهرة.

• قد يقول قائل أن أفورقى يرفض ترفيع التمثيل الدبلوماسى لدرجة السفير ،ونقول بأن ذلك موقفه من السفراء عموما وليس السودان فقط ، حيث ، يوجد في “اسمرة” 28 سفارة فقط ، والتى بها تمثيل بدرجة سفير هى سفارات ( روسيا، تركيا، الهند، الصين، فرنسا، اليمن ، قطر) و كل باقي السفارات التمثيل بدرجة قائم بالاعمال بما فيها السودان.

• “افورقى” يعتقد ان للسودان فضل عليه و وعلى الشعب الإريترى منذ إنطلاقة ثورة التحرر والنضال حتى نيل حق الإستفتاء والإستقلال ، لكنه مسكون بهواجس وظنون الماضى ، بينما ” السودان ” وبسبب ادارة خاطئة للعلاقة سابقاً وحاضراً ، ضل طريقه الى إرتريا.

خلاصة القول ، ومنتهاه:

– اذا جنحوا للسلم فأجنح لها ، وافورقى جنح وأظهر تجاوب وتأييد ودعم واضح للسودان ولقواته المُسلحة، فوجب رد التحية بأحسن منها مع كامل التطبيع وفتح الحدود.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: كسلا والى العلاقات بین شرق السودان

إقرأ أيضاً:

سفير السودان لدى موسكو: لم نرفض استضافة قاعدة عسكرية روسية

قال السفير السوداني لدى موسكو، الثلاثاء، إن بلاده لم ترفض استضافة قاعدة عسكرية بحرية روسية، مشددا على متانة العلاقات بين الجانبين.

وأوضح أن التقارير حول رفض الخرطوم اتفاقا مع موسكو بشأن بناء قاعدة عسكرية بحرية غير صحيحة.

وأضاف أن السودان يدرس اتفاقا بشأن إنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر، في إطار مواصلة تعزيز العلاقات بين البلدين.

وأكد أن العلاقات بين السودان وروسيا حاليا في أعلى مستوى، "ويسعى الطرفان إلى تعزيزها وتطويرها في جميع الجوانب".

ومنذ سنوات تتحدث تقارير عن عزم روسيا بناء قاعدة بحرية في السودان.

لكن البلدين لم يعلنا عن موعدٍ لبدء تشييد القاعدة في ظل انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، واستمرار القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ويتزامن تجدد الحديث عن القاعدة مع تقارير عن عزم موسكو تحجيم تواجدها العسكري في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكشفت مجلة "نيوزويك" الأميركية أن دولتين من أكبر حلفاء الرئيس فلاديمير بوتين في أفريقيا ترفضان استضافة قوات روسية في أراضيهما، مما يهدد مواطئ أقدام موسكو في القارة السمراء بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا.

إعلان

وقالت إن صحيفة "موسكو تايمز" نقلت عن مسؤول في جهاز المخابرات السودانية، يوم 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن السودان رفض رسميا طلبا من روسيا لبناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر.

ويقال إن روسيا عرضت على السلطات السودانية منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز إس-400 لإقناعها بالموافقة على إنشاء القاعدة البحرية، إلا أن المخاوف من رد فعل غربي "عنيف" دفع الخرطوم إلى رفض طلب موسكو.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السوداني: وساطة أردوغان بين الخرطوم وأبو ظبي واعدة وإيجابية
  • عمار بن حميد يؤكد عمق الروابط الأخوية مع الكويت
  • عمار النعيمي: علاقاتنا أخوية وعميقة مع الكويت
  • الإسماعيلي يكشف تطورات حالة نجمه بعد مباراة الحدود
  • السودان والتجاهل العالمى
  • عمار بن حميد يستقبل قنصل عام الكويت
  • مطابع العملة السودانية تدفع بقافلة دعما لمواطني شرق الجزيرة وتوتي
  • سفير السودان لدى موسكو: لم نرفض استضافة قاعدة عسكرية روسية
  • مليشيات “ال دقلو” في حربها ضد السودان ارضاً وشعباً اعتمدت منهج “الأرض المحروقة”
  • عمار النعيمي وسفير الهند يبحثـان العلاقات