جريدة الرؤية العمانية:
2024-08-11@05:15:32 GMT

الاستعراض الأمريكي في الوقت الضائع

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

الاستعراض الأمريكي في الوقت الضائع

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

عندما خرج الأمريكان من العراق وسحبوا قواتهم في جنح الظلام عام 2011، بعد أن تيقنوا من استحالة حصولهم على معاهدة بمباركة شعبية عبر الاستفتاء الشعبي نتيجة الرفض الشعبي لهم، واكتفوا باتفاقية مع الحكومة كبديل عن المعاهدة المستحيلة؛ حيث جعل الأمريكان من الاتفاقية والانسحاب نصرًا مدويًا لهم وعلى طريقة هوليود المعروفة عنهم!!

المهم في توقيت الانسحاب، أنه جاء بعد خسائر فادحة تكبدتها القوات الأمريكية ورديفها من الحلفاء ومرتزقة "بلاك ووتر" نتيجة ضراوة فصائل المقاومة التي لم يعرها الأمريكيون والحلفاء التقييم اللائق بها، كما إن السبب الرئيس الآخر للانسحاب المُخزي أتى نتيجة تقادم الأسلحة الاستراتيجية للجيش الأمريكي وخروجها الفعلي من الخدمة، وهذا ما دفع برئيس الأركان المشتركة الأمريكي حينها للتصريح بالقول إن الجيش الأمريكي غير قادر على خوض أي حرب خارج الولايات المتحدة الأمريكية قبل حلول عام 2023.

لهذا السبب لم يتفاعل الجيش الأمريكي مُطلقًا مع تهديدات الرئيس باراك أوباما عام 2013 بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا بعد الاتهام المزعوم باستخدام السلاح الكيماوي؛ حيث رفضت قيادة الجيش الأمريكي تلك الضربة رغم تنازلات الرئيس وتخفيضه لبنك الأهداف مرارًا، وتصريحه بأن الضربة ستكون صاروخية فقط ولن تحتاج إلى تواجد عسكري على الأرض، لكن القيادة العسكرية احتفظت بقناعتها بعدم جهوزية الجيش الأمريكي للقيام بأي عملية عسكرية، والحاجة الماسة إلى ترميم عدته وعتاده بعد مستنقعي أفغانستان والعراق.

اليوم نحن في عام 2023، العام الموعود لترميم عدة وعتاد الجيش الأمريكي وجهوزيته لخوض مهام قتالية خارج جغرافيته، لكن المتغيرات على الأرض اليوم كثيرة ولم تعد تسعف الأمريكي للعب دور "سوبر مان" كما كان سابقًا.

الأمريكان أوفياء جدًا في حماية ربيبتهم المسماة إسرائيل، فهي قاعدتهم المتقدمة وذراعهم التخريبي في قلب "خير أمة أخرجت للناس"، وبالتالي لن يألو جهدًا أو يدخروه في سبيل تحقيق ذلك. والأمريكان، في المقابل، يعلمون- لكنهم لا يدركون- أن صنيعتهم الكيان الصهيوني محاطٌ ببحر من الكراهية والبغضاء وتراكم الثأرات مع الأمة العربية، وأن هذا الكيان اليوم أصبح في حكم الزائل بعد تحول تلك المشاعر إلى أفعال يومية على الأرض، لهذا فلن تنفعهم إقامة منطقة عازلة حصينة اليوم بين العراق وسوريا؛ لأن الصواريخ والمُسيّرات لا تعترف بالحدود والمناطق العازلة على الأرض، ولأن أسرار تلك الأسلحة أصبحت في متناول جميع مكونات حلف المقاومة من أقطار وفصائل، وبالتالي فذريعة التهريب والإنفاق وإغلاق الحدود، أصبحت من الماضي.

الأمريكان بوجودهم اليوم على الأرض وفي البحر يجعلون من أنفسهم أهدافًا سهلة وقريبة، ليس من الخصوم المستهدفين علنًا؛ بل من كل من له ثأر مع أمريكا وما أكثرهم في الشرق والغرب والجنوب، ولن يشفع لهم الحلحلة الجزئية مع إيران في تحييد إيران من أي حماقة أمريكية في المنطقة، فلكل مقام مقال ولكل قضية ملف.

العارفون بالسياسات الأمريكية يدركون أن هذا الضجيج الاستعراضي اليوم، ليس سوى "سيناريو حافة الحرب"، كورقة بائسة للأمريكي العاجز، والذي أفلس في تمرير غاياته ومخططاته في إيران والعراق وسوريا ولبنان عبر أدواته وعملائه؛ الأمر الذي أجبره اليوم على الخروج بنفسه على خشبة مسرح الأحداث والقيام بمهمة المواجهة منفردًا، مُتناسيًا الثأرات الظاهرة والمرتقبة له من العرب والروس والصينيين، وغيرهم في الخفاء ممن يتمون زوال أمريكا حتى من قبل بعض حلفائه الظاهريين من الأوروبيين أنفسهم.

يجب أن لا ينسى الأمريكان- أو يتناسوا- أن السنوات العشر التي عكفوا فيها على ترميم أسلحتهم ونفسيات جنودهم، هناك في المقابل من رمَّمَ الكثير من العدة والعتاد خلال تلك الفترة استعدادًا لمنازلة اليوم.

قبل اللقاء.. يقول ونستون تشرشل في وصف الأمريكان: "الأمريكان لا يفكرون؛ بل يجربون حتى يفشلوا"، وقد صدق في هذا الوصف وهو الكذوب!

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عادل الباز: الأفاعي بانتظار غودو

1 منذ الأمس، تلقيت أطناناً من الشتائم عبر كل الأسافير، وبقدر ما أسعدتني حيرتني، مصدر سعادتي أنني أصبت الهدف الذي وجهت له الرسالة، وهذه غاية كل كاتب، فبقدر ما يتعالى فحيح الأفاعي فإعلم أن سمها قد فسد أو أنه ارتجع في دماغها فأصابته في مقتل واتلفته، ولذا تتصرف بجنون وتلدغ بلا هدف. وهذا هو حال متاعيس الأفاعي بالأمس.
2
ما حيرني أنني لم أقل شيئاً جديداً في مقال الأمس (الرئيس وألاعيب المتاعيس) فقط طالبت الرئيس بأنه إذا كان لابد من الذهاب إلى جنيف فليذهب موفور الكرامة كحكومة، وأن تلتزم المليشيات قبل أي شيء بما وقعت عليه في اتفاق جدة، ترى ما الجديد في هذا الكلام لتثور كل تلك الضجة؟. لا شيء جديد ولكن يبدو أن المقال جاء في توقيت غير مناسب وهو توقيت الهرولة نحو جنيف بأسرع ما ينبغي ودفع الحكومة باتجاهها تحت أي ظرف وشرط، لأنهم لا يرغبون أن يُذكر أحد بتعهدات المليشيا لأن ذلك يعتبرونه تحريضاً للحكومة وقد يشكل رأياً عاماً يؤثر في مفاوضات جنيف. هكذا قدرتُ سبباً من أسباب العاصفة ولكن لا أظن أن ذلك كل شيء، فهؤلاء يطمعون لتحقيق أجندة تخصهم في مفاوضات جنيف. كيف؟.
3
كتائب الأفاعي خلف الكواليس التي تضرب الكواريك، تارة تحذرنا من مخاطر التقسيم ومرة أخرى تتوعدنا بالحرب الأهلية وأخيراً بالمجاعة، والآن يتعالى صياحها للضغط على الحكومة أن تذهب لجنيف وترضخ لشروط الأمريكان. لماذا؟.

هؤلاء يعلمون ألا مستقبل لهم في الوصول للسلطة إلا عبر تاتشرات الجنجويد، ولذا يريدون أي اتفاق يعيد الجنجويد بكامل قوتهم للساحة السياسية والعسكرية ويعتقدون أن مفاوضات جنيف يمكن أن تنتج صفقة مع الدعم السريع تسمح لهم باعتلاء التأشيرات للوصول إلى السلطة مردوفين معه.
ولكن خاب ظنهم .. كيف؟. إن أي اتفاق يعيد الجنجويد إلى الساحة السياسية أو العسكرية مستحيل، لن يقبل به الجيش ولا الشعب السوداني ولا أظن أن هناك قيادة في الجيش بإمكانها أن توقع على اتفاق يعيد الدعم السريع إلى الساحة العسكرية. مهما تعاظمت الضغوط، لن تجد شخصاً واحداً (ماعدا الجنجويد والعملاء) يقبل أن يعود الدعم السريع بأي شكل للسلطة في السودان ولا بمجرد وجود شكلي. إذا ظن هؤلاء المتعايس أن وفداً سيذهب لجنيف يوقع اتفاق وقف إطلاق نار بينما الجنجويد يحتلون منازل الناس ومستشفياتهم وطرقاتهم ويعود يسوق هذا الاتفاق المسخرة للشعب السوداني فذلك محض وهم. لا أعرف تحديداً يومها ماذا سيحدث، لكن الذي أعرفه أن اتفاقاً كهذا لن يمر ولو وصلت بوارج أمريكا بورتسودان.
4
الذين كانوا يعتمدون على الأمريكان في إرجاع الدعم السريع للمشهد السياسي والعسكري لابد أنهم أحبطوا من تصريحات السيد المبعوث الأمريكي توم بيريلو (لا مستقبل للدعم السريع في السودان)، اذا كان هذا رأي الأمريكان، فكيف يكون رأي الشعب السوداني الذي فعل فيه الجنجويد الأفاعيل؟.
5
كلما برق في الأفق مؤتمر أو لقاء أو مفاوضات، هرعوا إليها ممنين النفس بأحلام العودة للكراسي التي لم يحافظوا عليها وقت أن جاءتهم باردة، والآن يطمعون ويطمحون بالعودة إليها والبلاد تسبح في بحر من الدم بسببهم. ليس لديهم أي فعل يؤهلهم للعب دور سياسي.كل ما نضالهم الآن ينحصر في اقامة الندوات وعقد ورش العمل الفارغة وإصدار التوصيات والأوراق الهراء.. تحولت حركتهم وفعلهم السياسي إلى مجرد تغريدات في الأسافير وإصدار البيانات السخيفة كتلك التي يصدرها كل يوم المسحلب بكري الجاك… كل ذلك ضجيج بلا طحين..

فعلهم الحقيقي هو الانتظار.. انتظار الدعم السريع لينتصر لهم.. انتظار الاتحاد الأفريقي ليعقد لهم مؤتمراً.. انتظار الأمريكان ليضغطوا على الحكومة… انتظار تمويل الإمارات.. انتظار ماتسفر عنه مفاوضات جنيف… سينتظرون طويلاً.. وسيصبح انتظارهم مثل انتظار فلاديمير” و”إستراجون بطلا مسرحية (في انتظار غودو) للكاتب الإيرلندي “صموئيل بيكيت..”لغودو” الذي لا يأتي أبداً.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • سينتكوم: تدمير منصة إطلاق صواريخ وقارب مسيّر وطائرتين مسيّرتين للحوثيين
  • الممهول يستطيع الآن استغلال مهارته في المهلة والمماطلة والتردد مع الأمريكان بكل أريحية
  • اليمن يرحب بالبيان المصري القطري الأمريكي المتضمن وقف إطلاق النار في غزة
  • ترحيب عُماني بالبيان القطري المصري الأمريكي
  • الجيش الإسرائيلي: تدمير نفق بطول 3 كلم وسط غزة
  • الجيش الإسرائيلي يوشك على الانسحاب من رفح
  • هل يخفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة مع ارتفاع نسب البطالة؟
  • تقارير: الجيش الإسرائيلي يوشك على الانسحاب من رفح
  • عادل الباز: الأفاعي بانتظار غودو
  • الجيش الأمريكي يتعهد بالقضاء على مليشيا الحوثي ويعلن دخول ألف سفينة من باب المندب