يُعد شهر رمضان المبارك فترةً مليئةً بالروحانيات والاجتماعيات المميزة للمسلمين فـي جميع أنحاء العالم، إلا أن التغييرات التي تطرأ على الروتين اليومي خلال هذا الشهر قد تؤثر سلبًا على أنماط النوم، مما يؤدي إلى اضطرابات مثل الأرق، والنوم المتقطع، والشعور بالخمول خلال النهار.
هذه الاضطرابات لا تؤثر فقط على جودة النوم، بل قد تمتد تأثيراتها إلى الصحة العامة والقدرة على أداء المهام اليومية بكفاءة.
تتعدد أسباب اضطرابات النوم فـي رمضان، ومن أبرزها تغير مواعيد النوم والاستيقاظ بسبب تأخير وجبة العشاء حتى وقت متأخر من الليل بعد الإفطار، والسهر حتى وقت السحور، مما يؤدي إلى عدم انتظام النوم واختلال التوازن الطبيعي بين ساعات النوم واليقظة.
بالإضافة إلى ذلك، يلجأ الكثيرون إلى تناول وجبات دسمة عند الإفطار أو السحور، مما يسبب اضطرابات فـي الجهاز الهضمي مثل الحموضة والانتفاخ، والتي تؤثر سلبًا على جودة النوم. كما أن الإفراط فـي استهلاك المشروبات المحتوية على الكافـيين، كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية، خلال فترات السهر قد يؤدي إلى صعوبة فـي النوم أو تقطعه خلال الليل.
ولا يمكن إغفال تأثير التغيرات الهرمونية الناتجة عن تغير نمط الأكل والصيام، حيث تتأثر هرمونات مثل الميلاتونين والكورتيزول، مما يصعب التكيف مع الجدول الزمني الجديد. إلى جانب ذلك، يميل بعض الأشخاص إلى تقليل نشاطهم البدني خلال رمضان، مما يسبب شعورًا بالخمول خلال النهار وصعوبة فـي النوم ليلا بسبب قلة التعب الجسدي. وأخيرًا، يفضل الكثيرون السهر للمشاركة فـي التجمعات الاجتماعية، مما يقلل من عدد ساعات النوم الفعلية ويؤدي إلى الإرهاق خلال النهار.
تأثير اضطرابات النوم على الصحة لا يقتصر على الشعور بالإرهاق فحسب، بل يمتد ليشمل مجموعة من الآثار الصحية الخطيرة. فعندما تقل ساعات النوم أو تتقطع، يتأثر الأداء العقلي بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى ضعف التركيز والذاكرة، ويؤثر سلبًا على الإنتاجية سواء فـي العمل أو الدراسة. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر قلة النوم على كفاءة الجهاز المناعي، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
كما يمكن أن تتسبب اضطرابات النوم فـي حدوث تقلبات مزاجية، مثل التوتر والقلق، مما يؤثر على الصحة النفسية بشكل عام. ولا تقتصر التأثيرات السلبية على ذلك، بل قد تظهر مشكلات فـي الجهاز الهضمي، مثل القولون العصبي والانتفاخ، نتيجة لعدم انتظام النوم وتغير أنماط الأكل.
والأخطر من ذلك، تشير الدراسات إلى أن النوم غير المنتظم قد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكري، مما يجعل الاهتمام بجودة النوم أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة العامة.
لتحسين جودة النوم فـي رمضان، يمكن اتباع عدة نصائح عملية. أولاً، يُنصح بتنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ فـي أوقات ثابتة قدر الإمكان، حتى لو كانت ساعات النوم أقل من المعتاد، وذلك لمساعدة الجسم على ضبط الساعة البيولوجية.
ثانيًا، يُفضل تقليل استهلاك الكافـيين بتجنب المشروبات المنبهة مثل القهوة والشاي بعد الإفطار بساعتين إلى ثلاث ساعات على الأقل، حتى لا تؤثر على القدرة على النوم.
ثالثًا، يُستحسن اختيار وجبات صحية وخفـيفة خلال السحور والإفطار، مع الابتعاد عن الأطعمة الدسمة والمقلية التي قد تسبب اضطرابات هضمية تعيق النوم.
رابعًا، ممارسة النشاط البدني بانتظام، مثل المشي الخفـيف بعد الإفطار بساعتين، يساعد على تحسين الدورة الدموية وتعزيز جودة النوم. خامسًا، يُنصح بتجنب استخدام الشاشات الإلكترونية قبل النوم، حيث إن الضوء الأزرق المنبعث منها يعيق إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم. سادسًا، تهيئة بيئة مناسبة للنوم من خلال جعل غرفة النوم مريحة وهادئة، مع ضبط درجة الحرارة لتكون ملائمة.
أخيرًا، إذا كان النوم ليلا غير كافٍ، يمكن تعويض ذلك بأخذ قيلولة قصيرة (20-30 دقيقة) خلال النهار لتعزيز النشاط والتركيز.
تُعد اضطرابات النوم خلال شهر رمضان أمرًا شائعًا، إلا أنها ليست حتمية ولا يمكن تجنبها. باتباع عادات نوم صحية وتنظيم الوقت بشكل جيد، يمكن تحسين جودة النوم والحفاظ على النشاط والحيوية طوال الشهر الفضيل. من المهم أن نتذكر أن تحقيق التوازن بين العبادات والراحة هو مفتاح الحفاظ على صحة الجسم والعقل، مما يساعد على استغلال هذا الشهر الكريم بأكبر قدر من الإنتاجية والراحة النفسية والجسدية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: اضطرابات النوم خلال النهار ساعات النوم جودة النوم على الصحة النوم فـی یؤدی إلى
إقرأ أيضاً:
23 ألف مرتبة وترقية علمية في وزارة التربية.. هل تكفي لتطوير التعليم في العراق؟
مارس 10, 2025آخر تحديث: مارس 10, 2025
المستقلة/- أعلنت وزارة التربية العراقية، اليوم الاثنين، عن إنجازها 23 ألف مرتبة وترقية علمية خلال العام الماضي، في خطوة تهدف إلى تعزيز مستوى التعليم في البلاد. ورغم الإشادة بهذه الإنجازات، يبقى السؤال: هل ستكون هذه الخطوات كافية لتحقيق تغيير حقيقي في جودة التعليم في العراق؟
وفقا للبيان الصادر عن المكتب الإعلامي للوزارة، فقد تم منح 19,827 مرتبة علمية و3,149 ترقية أكاديمية خلال عام 2024، تحت إشراف وكيل الوزارة للشؤون العلمية، مهدي العوادي. وأكد البيان أن هذه الترقيات قد تمت وفق الضوابط والتعليمات النافذة، وذلك لتحفيز الكوادر التدريسية والبحثية على المضي قدماً في تحسين جودة التعليم من خلال نتاجاتهم البحثية.
لكن في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها قطاع التعليم في العراق، مثل نقص الإمكانيات التعليمية، ضعف البنية التحتية، وتدني الأجور للمعلمين، هل يمكن لعدد من الترقيات أن يصنع الفرق المطلوب؟ صحيح أن تحسين الوضع الأكاديمي للمجتمع التعليمي يعد خطوة مهمة، ولكن يظل تطوير التعليم يتطلب استثمارًا شاملاً يشمل البنية التحتية، المنهجيات التعليمية، وتأهيل الكوادر التعليمية بشكل أوسع.
هذه الخطوة من وزارة التربية يمكن أن تكون بداية لتغيير إيجابي إذا تم تنسيقها مع مشاريع تطويرية أخرى تركز على تحسين جودة التعليم داخل الفصول الدراسية. لكن إذا استمرت هذه التحسينات على الورق فقط، دون تنفيذ حقيقي على الأرض، فقد تبقى جهودًا غير كافية لمواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها التعليم في العراق.