لجريدة عمان:
2025-04-14@23:09:13 GMT

عن بُعد

تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT

منذ بداية الشهر الفضيل، وأنا فـي سجال يومي مع مجموعة من الأصدقاء الذين ألتقيهم على موائد الإفطار، حيث تتنوع أحاديثنا بين شؤون الحياة وشجونها، لكن جدلنا هذه المرة تمحور حول العمل فـي رمضان، وتحديدًا حول تجربة «العمل عن بُعد» التي باتت خيارًا متاحًا للمؤسسات الحكومية والخاصة. وكما هي العادة، انقسمت الآراء بين فريق يرى فـيه حلًّا عصريًّا يحقق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، وآخر يراه بابًا مشرعًا للتراخي والتكاسل.

أما المؤيدون، فـيرون أن العمل عن بُعد لم يعد مجرد رفاهية مؤقتة، بل هو نموذج مستقبلي يجب تعزيزه والتأكيد عليه، خصوصًا إن كانت بيئة العمل تتيح الانفصال عن الجدران والمكاتب، كما فـي بعض الوظائف الإبداعية والإشرافـية. هكذا قال أحدهم وهو يعدد مزايا هذه التجربة، معتبرًا أن المرونة فـي الأداء وسهولة الوصول إلى المهام دون عناء التنقل تجعل الموظف أكثر تركيزًا وأعلى إنتاجية، مبررًا ذلك بأن الطرق باتت أقل ازدحامًا، والمواقف لم تعد ممتلئة عن آخرها، والمكاتب باتت أكثر هدوءًا واستقرارًا، وأن العمل عن بُعد أتاح الفرصة لإثبات الذات، حيث لم يعد بالإمكان الاعتماد على الظهور الجسدي فقط، بل أصبح الإنجاز هو المعيار الحقيقي للحكم على الأداء، وغيرها من الميزات التي تعود على الفرد والأسرة والمجتمع جراء العمل من المنزل.

لكن، كما لكل قصة وجهان، كان للمعارضين رأي مغاير. «لو كان العمل عن بُعد بهذه المثالية، لما رأينا كل هذه الشكاوى من تأخر المعاملات، وغياب بعض الموظفـين عن الرد، وتراجع الإنتاجية فـي بعض القطاعات!»، هكذا قال أحدهم وهو يعبر عن خيبته من التجربة. فبالنسبة لهم، الالتزام والانضباط لا يتحققان إلا فـي بيئة العمل التقليدية، حيث الرقابة المباشرة والتواصل الفعّال بين الفرق المختلفة.

فـي محاولة للخروج من نطاق المحلية إلى العالمية لسبر تجربة أشمل وأعمق عن هذه التجربة ومدى تفاعل كبرى الشركات مع مفهومي «عن قرب» و«عن بُعد»، خصوصًا بعد التجربة التي خاضها العالم أجمع فـي العمل من المنزل خلال جائحة كوفـيد، وجدتُ أن تحولًا كبيرًا قد طرأ على سياسات كثير من الشركات ومنظمات العمل العالمية، والتي لم تأتِ من فراغ، بل جاءت مدفوعة بتجارب واقعية أثبتت أن العمل من المكتب يظل الخيار الأكثر موثوقية لضمان الانضباط وتحقيق أقصى درجات الإنتاجية.

فشركة «جوجل»، على سبيل المثال، والتي لطالما كانت فـي طليعة الشركات الداعمة لنظام العمل عن بُعد خلال جائحة كورونا، سرعان ما أعادت النظر فـي موقفها، معلنة فـي يونيو 2023 عن سياسة جديدة تُلزم موظفـيها بالعودة إلى المكاتب لثلاثة أيام فـي الأسبوع، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك حين قررت مراقبة الحضور وجعله عنصرًا مؤثرًا فـي تقييم الأداء. لم يكن هذا القرار استثناءً، بل جزءًا من توجه عالمي متزايد بين كبرى الشركات التي بدأت تدرك أن العمل من المكتب ليس مجرد مسألة وجود جسدي، بل هو عنصر جوهري فـي تعزيز روح الفريق، وتحفـيز الابتكار، وتسريع وتيرة الإنجاز. وهذا ما قامت به شركة «أمازون» بداية هذا العام، حيث أعلنت أن معظم موظفـيها سيعملون خمسة أيام فـي الأسبوع بدايةً من عام 2025.

وفـي تأكيد لهذا التحول، كشف استطلاع أجرته شركة «كي بي إم جي» فـي أكتوبر 2024 أن 79% من الرؤساء التنفـيذيين يعتقدون أن العمل عن بُعد سيتلاشى تدريجيًا خلال السنوات الثلاث القادمة، فـي حين رأى 86% منهم أن الموظفـين الذين يداومون من المكتب سيتمتعون بفرص أكبر للترقيات والتكليف بمهام مميزة.

ومع ذلك، ترغب العديد من الشركات فـي فرض العمل من المكتب لأسباب إدارية، حيث تسهل مراقبة الموظفـين الذين يعملون من المكتب، عكس أقرانهم الذين يعملون عن بُعد، وهو ما يدفعها لفرض العمل من المكتب من جهة، وتوفـير الحوافز اللازمة لتشجيع موظفـيها على ترك العمل عن بُعد والعودة للعمل من المكتب.

فـي نهاية المطاف، لم يعد جوهر النقاش حول مكان العمل، بل حول نهج العمل ذاته. فقد أزاحت التكنولوجيا الحواجز، وجعلت ما كان يومًا حكرًا على المكاتب ممكنًا من أي بقعة على وجه الأرض، سواء من المنزل، أو المقهى، أو حتى أثناء السفر. لكن التحدي الحقيقي لا يكمن فـي الأدوات، بل فـي الإنسان نفسه؛ فالموظف الذي لا يؤدي عمله إلا تحت عين الرقيب، سيظل أسير الجدران الأربعة، بينما من يحمل فـي داخله شعلة المسؤولية، ويؤمن بقيمة الإنجاز، سيبدع أينما وُجد. وهنا، لا يكون السؤال: من أين نعمل؟ بل: كيف نرتقي بثقافة العمل لنصنع فارقًا حقيقيًا؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العمل من المکتب أن العمل

إقرأ أيضاً:

المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال يعرض حياة 800 ألف فلسطيني لـالعطش الشديد

يستمر الاحتلال الإسرائيلي في استخدام كافة الأساليب التي تضغط على السكان في غزة خلال حرب الإبادة التي يواصل الجيش فيها تدمير البنية التحتية في القطاع، و"تحويل المياه إلى سلاح حرب و"جريمة قتل جماعي بطيء".

اقرأ ايضاًيديعوت أحرونوت: 1700 مليونير غادروا إسرائيل.. هل السبب الحرب؟

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمّرت أكثر من 90% من بنية قطاعي المياه والصرف الصحي في غزة.

وأضاف المكتب، في بيان له، إن الاحتلال الإسرائيلي دمر أكثر من 90% من بنية قطاع المياه والصرف الصحي، ومنع وصول الطواقم الفنية لإصلاح الأعطال، واستهدف العاملين أثناء أداء مهامهم الإنسانية.

وعطّل الاحتلال "عمدا "خطيْ مياه "ميكروت" شرق مدينة غزة وفي المحافظة الوسطى، واللذين يوفران أكثر من 35 ألف متر مكعب من المياه يوميا لأكثر من 700 ألف فلسطيني، وأوقف كذلك خط الكهرباء الذي يغذي محطة تحلية المياه في منطقة دير البلح، مما أدى لتوقفها الكامل عن إنتاج المياه المحلاة، وعرّض حياة نحو 800 ألف فلسطيني بغزة لخطر العطش الشديد.

اقرأ ايضاًمع قرب "محادثات مسقط" عراقجي: قد نتوصل إلى تفاهم أولي

وتابع أن الاحتلال منع دخول الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية، وسط استمرار انقطاع الكهرباء، وقصف خزانات المياه ومحطات التحلية وآبار المياه بشكل متعمد، وتحويل المياه إلى سلاح حرب و"جريمة قتل جماعي بطيء".

 

المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال يعرض حياة 800 ألف فلسطيني لـ"العطش الشديد" مع قرب "محادثات مسقط" عراقجي: قد نتوصل إلى تفاهم أولي صحة غزة: عجز تام وشيك في الأرصدة الدوائية وضرر شديد بالمستشفيات كيف تطور روتينك الصباحي وتبدأ يومك بطاقة إيجابية؟ أشعار نزار قباني عن الصباح الباكر Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية متخصصة بالحرب تنشر أسماء وصور قيادات الحوثيين الذين قتلوا بالغارات الأمريكية الأخيرة (ترجمة خاصة)
  • هل تقود سياسات ترامب التجارية أميركا نحو مصير البرازيل؟
  • توضيح من المكتب الاعلامي للحجار.. هذا ما جاء فيه
  • السيسي: نستهدف زيادة عدد السائحين الذين تستقبلهم مصر سنويا إلى 30 مليون
  • محمد عبد اللطيف يستعرض ملامح التجربة المصرية في تطوير التعليم بالسعودية
  • مديرو «اجتماعية الشارقة» يتعرفون إلى التجربة السنغافورية
  • اليوم العالمي لـ«الهيموفيليا».. «عبدالغفار»: ارتفاع نسبة الأطفال الذين يتلقون العلاج الوقائي لـ80%
  • وزير التعليم يشارك في مؤتمر "القدرات البشرية" بالرياض لاستعراض التجربة المصرية في تطوير المنظومة
  • المكتب الإعلامي بغزة: الاحتلال يعرض حياة 800 ألف فلسطيني لـالعطش الشديد
  • من هي أبرز الشركات العالمية التي تصنّع في الصين؟