أظهرت البيانات الأخيرة التي نشرها الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن التقدم نحو المساواة بين الجنسين في مجال القيادة السياسية لا يزال محدودا في مطلع عام 2025، وذلك بعد مرور 30 عاما على صدور إعلان وخطة عمل بكين الذي يمثل إطارا تاريخيا للأمم المتحدة يحدد خارطة طريق لتحقيق المساواة بين الجنسين وحماية حقوق المرأة.

ووفقا لنسخة 2025 من خريطة المرأة في السياسة التي نشرها الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة فإن عدد الرجال يمثل على الأقل ثلاثة أضعاف النساء داخل الحكومات والبرلمانات، وإذا كانت نسبة تمثيل النساء في البرلمانات قد ارتفعت بمقدار 0.3% بالمقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 27.2%، إلا أنها تراجعت بنحو 0.4% داخل السلطة التنفيذية والحكومات.

ولا تزال البلدان التي تقودها نساء تمثل استثناء، فالمرأة تشغل أعلي المناصب فقط في 25 دولة، ولا تزال أوروبا المنطقة التي تضم أكبر عدد من الدول التي تقودها النساء (12)، ورغم أن عام 2024 شهد تولي المرأة الرئاسة لأول مرة في دول مثل: مقدونيا الشمالية، والمكسيك، وناميبيا، إلا أن 106 دول في العالم لم تتولي فيها المرأة الرئاسة مطلقا.

كما انخفض عدد الوزيرات في دول العالم بحلول أول يناير 2025، ليصل إلى 9ر22%، مقابل 3ر23% في العام السابق، وفقط 9 دول معظمها في أوروبا، حققت التعادل بين النساء والرجال في تولي الوزارات.

وبالنسبة للبرلمانات، سجل عام 2024 اقل تقدم في تمثيل النساء منذ عام 2017، واحتلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المرتبة الأخيرة في تمثيل النساء في البرلمانات بنسبة لا تتعدى 7ر16% من مقاعد البرلمانات، ولم تتول أي سيدة رئاسة البرلمان في أي من دول المنطقة.

وقد قدمت نسخة 2025 من خريطة المرأة في السياسة التي نشرها الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى الدورة الـ 69 للجنة أحوال المرأة وهي أكبر تجمع تابع للأمم المتحدة يختص بالمساواة بين الجنسين.

اقرأ أيضاًوزير العمل يترأس اجتماع اللجنة التوجيهية للخطة الوطنية لتعزيز المساواة بين الجنسين

نادية زخاري: النجاح في مجال البحث العلمي لن يتحقق دون المساواة بين الجنسين

مايا مرسي تؤكد أهمية تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق المساواة بين الجنسين

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: تمكين المرأة القيادة السياسية حقوق المرأة المساواة بين الجنسين الاتحاد البرلماني الدولي هيئة الأمم المتحدة للمرأة المناصب الوزارية مشاركة المرأة السياسية المرأة في السياسة الأمم المتحدة للمرأة المساواة بین الجنسین

إقرأ أيضاً:

النسوية.. إرهاصات البداية

تبدأ كثير من الحركات والأحداث الثورية فـي العالم باعتبارها نصيرًا للمظلومين، مدافعة عنهم ومطالبة لحقوقهم، ثم ما تلبث أن تستخدم فـي مآرب أخرى؛ خصوصًا فـي العصر الرأسمالي الحديث وككل نضال آخر فـي سبيل الحق، بدأ الأمر من منطلق الحق والعدالة؛ فلا يعقل أن تظل العبودية أو احتقار النساء أو ظلم الشعوب واستعمارها أو إبادة شعب أصلي، لا يعقل أن تظل كل هذه الأمور مبررة أو مشروعة، لذلك يناضل الإنسان لتحقيق ما كان ينبغي أن يكون بديهيًا. فقد قاتل تشي جيفارا الرأسمالية الاستعمارية، ومات فـي سبيل مبادئه التي آمن بها؛ ثم تم استعمال جيفارا رأسماليًا بطباعة صوره والأفلام عنه والاستفادة من بيعها ماديًا. وهكذا حقوق النساء المسلوبة -فـي الغرب خصوصًا- التي يكاد يغيب ذكرها، وقبل أن تتحول الحركة النضالية من أجل حقوق المرأة إلى الاسم المعروفة به اليوم «النسوية». فالنسوية بطبيعتها المعهودة اليوم، لم تبق فـي تلك البؤرة التي تحدثت عنها وناضلت لأجلها نساء كثيرات فـي وقت كُنَّ يدفعن فـيه حياتهن ثمنًا لها، بل تطورت الفكرة وتطور النضال إلى أن وصلت النسوية إلى حالها وشكلها الآني.

لا يتم ذكر مصطلح النسوية إلا ويكون مرادفًا للنقد والتمحيص وإثارة الجدل، فالنسوية شيء مختلف فـي تعريفاته التي تناولها مفكرو النسوية ومنظروها، ولكنه يتفق فـي المبدأ الكلي وهو محورية المرأة والنضال لأجل انتزاع حقوقها. ويمكننا القول: إن كتاب البريطانية ماري وولستونكرافت الشهير الذي نشرته عام 1792م «دفاعا عن حقوق النساء» أحد أهم الكتب التي أسست للفكر النسوي -إن لم يكن أهمها على الإطلاق- فـي مرحلة مبكرة جدا، وهو الكتاب الذي صدر بعد سنتين من صدور كتابها «دفاعا عن حقوق الرجال» الذي جاء ردًا على المفكر السياسي الإيرلندي إدموند بيرك صاحب كتاب «تأملات حول الثورة الفرنسية»، وقد انتقدته ماري انتقادًا لاذعًا وحادًا بسبب انتقاده للثورة الفرنسية واعتباره أنها نذير شؤم ومعول سيهدم النظام الاجتماعي، وكذلك رفضه لقلب النظام الأرستقراطي وإسقاطه. وهو ما حفزها لاحقًا إلى كتابة كتابها الذي يهمنا فـي معرض حديثنا عن النسوية ونشأتها الفكرية.

لم تطرح ماري فكرةً واضحةً حول النسوية وماهيتها، كما أنها لم تقم بنحت المصطلح الذي غدا رائجًا ومتداولًا ومعتبرًا الآن؛ بل إن من السخرية بمكان أن يكون ناحت هذا المصطلح رجلًا قصد به السخرية من المطالبين بالمساواة بين المرأة والرجل فـي الحقوق، وهو المؤلف الفرنسي الشهير ألكسندر دوما الابن فـي كتابه «الرجل-المرأة» وهو كُتيّب صغير الحجم، ومن خلال العنوان ذاته يمكن أن يقع الإيضاح وكذلك اللبس؛ وذلك لأن «الرجل-المرأة» هنا ليس من قبيل المقارنة بينهما، إنما من قبيل الشتيمة للرجال المتصفـين بالضعف والأنوثة كما يراها دومًا الابن، والإناث اللاتي يطالبن بالمساواة التي يرفضها دومًا الابن بل وسخّر كتابه للسخرية منها، ومن التحولات الاجتماعية التي بدأت تتبدى فـي ذلك الحين فـي فرنسا خصوصًا وفـي أوروبا عمومًا، لذلك ترجمه البعض إلى «الرجل-الأنثوي» وهي الترجمة الأدق فـي رأيي.

يقول ألكسندر دوما الابن فـي الصفحة الحادية والتسعين من كتابه المذكور «النسويون -اسمحوا لي بهذا النحت اللغوي- يقولون: كل الشر يأتي من عدم الرغبة فـي الاعتراف بأن المرأة مساوية للرجل، وأنه يجب منحها نفس التعليم ونفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل» ولينظر المرء فـي هذه المعركة الفكرية فـي التاريخ القريب، وفـي تمثلاتها ومآلاتها فـي حال اليوم إن كان فـي فرنسا ذاتها أو فـي عموم العالم الغربي. ومن الجدير بالذكر أنه كان يرى بأن الحركة المطالبة بالمساواة تسعى إلى تحويل النساء إلى رجال، وتحويل الرجال إلى نساء. وليس لهذا الأمر علاقة بالمفاهيم الحديثة للجندر والجنس وتطوراتها بالضرورة.

لم يؤثر كتاب ماري التأثير الذي قلب الأمور رأسًا ومباشرة، ولكنه كان حجر الأساس لكل ما بعده فـي سياق النضال لحريات النساء وحقوقهن، لأجل هذا كله لا يمكن أن نبحث فـي تاريخ النسوية دون أن نذكر أثرها الثقافـي والفكري. ولا يمكن أيضًا أن نتغافل عن البدايات فـي معرض نقدنا للنهايات، أو لواقع الحال. كما أن الأحداث الأخيرة فـي غزة وما يحدث من انتهاك صارخ لكل قيم الإنسانية والنضال لأجل الحق، جعل كل الحركات المنادية بالحريات تحت المجهر. فكأن غزة غدت الميزان الذي تقاس به موضوعية الأفكار والمعتقدات والتصرفات التي تكون مع الخير أو الشر، أو مع الحق وضده، فما بدأ كنضال من أجل الحقوق؛ لا ينبغي بحال أن يكون مناداةً لحقوق تفضيلية بناء على عرق أو لون أو منطقة جغرافـية. فالإنسان وقيمته وقدسية النفس الإنسانية، لا يحددها موقعه على الخريطة، بل الإنسان هو الإنسان فـي الشرق والغرب.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: نساء السودان يواجهن أسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • الأمم المتحدة: النساء والأسر تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة جراء تفاقم الأزمة الكارثية في غزة
  • الأمم المتحدة: نساء السودان يتحملن وطأة أسوأ أزمة إنسانية في العالم
  • المنتدى العالمي للإنتاج المحلي يستعرض سبل تمكين المرأة في الصناعة الدوائية
  • بعد دعوة أوجلان.. أردوغان يعتزم استقبال هيئة من حزب ديم المناصر للأكراد بتركيا
  • النسوية.. إرهاصات البداية
  • وزير الشباب يلتقي ممثلي مكتب الأمم المتحدة
  • "القومي للمرأة" يصدر تقريرًا حول صورة النساء في الدراما الرمضانية.. زيادة ملحوظة بمشاهد العنف وصلت لـ 633 مشهدًا.. وأستاذ علم اجتماع: الأعمال تؤثر سلبًا على المجتمع
  • النويري من “طشقند”: الدولة الليبية حرصت على تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي
  • "القومي للمرأة" يطلق حملة إعلامية لمكافحة العنف الإلكتروني ضد اللاعبات بمختلف الألعاب الرياضية