تشو شيوان **

خلال الأيام الماضية برزت الصين كقوة دافعة للابتكار التكنولوجي وذلك بعد ظهور نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك"، وأيضًا كانت حاضرة في المشهد الإبداعي فقد حقق فيلم "نِه تشا 2" المرتبة الخامسة كأكثر الأفلام تحقيقًا للإرادات عالميًا، ما عَرَّف العالم على الابداع الصيني عالي الجودة.

ومن الملاحظ أن الصين في السنوات الأخيرة تشهد طفرة هائلة في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي والابداعي، من الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء إلى الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحيوية، وهذا التقدم الملحوظ لم يأت من فراغ، بل هو نتاج استثمارات ضخمة وجهود حثيثة تبذلها الحكومة الصينية لتحويل البلاد إلى قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا.

لقد شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ أثناء حضوره اجتماع مجموعة مشتركة خلال الدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ14 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، على تعزيز دور التعليم في دعم التقدم العلمي والتكنولوجي، فضلا عن تطوير المواهب، ودعا إلى فهم عميق لاحتياجات التحديث صيني النمط فيما يتعلق بالتعليم والعلوم والتكنولوجيا والمواهب، وقال إن الهدف هو تنشئة تدفق مستمر من المواهب، وإطلاق إمكاناتهم الكاملة، وضمان الاستفادة الكاملة من قدراتهم.

ومن خلال حديث الرئيس شي نجد أن الحكومة الصينية تدرك أهمية الابتكار العلمي والتكنولوجي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك خصصت استثمارات ضخمة لدعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وفقًا لتقارير إعلامية تجاوزت نسبة إنفاق الصين على البحث والتطوير 2.5% من إجمالي الناتج المحلي، وفي عام 2023 بلغ عدد براءات الاختراع المصرح بها 921 ألفا، بزيادة قدرها 15.3 في المائة عن العام الأسبق، مما يعكس التزام الصين ببناء اقتصاد قائم على الابتكار، مع استمرار الصين في تعزيز قدراتها في مجالات البحث والتطوير والابتكار، من المتوقع أن تُواصل ريادتها في العديد من المجالات التكنولوجية، والتزامها بتطوير القوى الإنتاجية الحديثة وتبنيها لاستراتيجيات التنمية المستدامة يُشير إلى مستقبل مشرق، حيث ستظل الصين في طليعة الدول التي تُشكِّل ملامح الابتكار العلمي والتكنولوجي على مستوى العالم.

حققت الصين إنجازات بارزة في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية؛ فمثلًا في علوم الفضاء، نجحت الصين في إنزال مركبة فضائية على الجانب المظلم من القمر، وأطلقت محطة فضائية خاصة بها، كما تخطط لإرسال بعثات مأهولة إلى القمر في المستقبل القريب، وفيما يخص صناعة الطائرات فقط بدأت الصين في صناعة طائراتها المدنية الخاصة بها؛ إذ تُعد الطائرة الصينية C919 إنجازًا كبيرًا في صناعة الطيران الصينية؛ حيث تمثل أول طائرة ركاب كبيرة يتم تصميمها وتصنيعها محليًا في الصين. وتتميز الطائرة C919 بتصميم حديث يعتمد على تقنيات متطورة؛ حيث يمكنها حمل ما يصل إلى 168 راكبًا في نسختها القياسية، وتصل مداها إلى حوالي 4075 كيلومترًا، ويعكس نجاح هذا المشروع الطموح الصيني في تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الطيران وتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية. ومن المتوقع أن تؤدي C919 دورًا مهمًا في تعزيز مكانة الصين كقوة عالمية في صناعة الطيران، خاصة مع تزايد الطلب على الطائرات التجارية في الأسواق المحلية والدولية.

أما فيما يخص بالذكاء الاصطناعي، فتحتل الصين المرتبة الثانية عالميًا في عدد براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وتطبق هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية إلى النقل والخدمات المالية، وأجد أن الاختراقات التي حققتها الصين في مجال الذكاء الاصطناعي قد تحفز تحولات نموذجية في مختلف التخصصات العلمية.

وفيما يخص الطاقة النظيفة، تعد الصين أكبر منتج للألواح الشمسية وتوربينات الرياح في العالم، كما أنها تستثمر بكثافة في تطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة الأخرى، مثل الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية، والصين تُدرك أهمية التنمية المستدامة، لذا تُركِّز على الابتكار في المجالات البيئية والتكنولوجيات الخضراء. من خلال تبني مفاهيم التنمية الخضراء، وتسعى إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مما يُعزِّز جودة الحياة لمواطنيها ويُساهم في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، وهو ما يعكس أيضًا التزام الصين كدولة عظمى مع قضايا العالم الحساسة في وقت تتخلى عدة دول عن التزاماتها البيئية، أيضًا فيما يخص التكنولوجيا الحيوية فتشهد الصين تقدمًا سريعًا في مجال التكنولوجيا الحيوية، حيث تطور أدوية وعلاجات جديدة لأمراض مستعصية، كما تنجح في إنتاج محاصيل زراعية معدلة وراثيًا.

من وجهة نظري، أجدُ أن المستقبل يبدو واعدًا للابتكار العلمي والتكنولوجي في الصين، خصوصًا مع استمرار الدعم الحكومي والاستثمارات الضخمة، ومن المتوقع أن تحقق الصين المزيد من الإنجازات الرائدة في مختلف المجالات، مما سيمكنها من تعزيز مكانتها كقوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا، والإسهام في حل التحديات العالمية، مثل تغير المناخ والأمراض المعدية.

وفي الختام يمكننا القول إن الابتكارات العلمية والتكنولوجية في الصين تُشكِّل قوة دافعة نحو المستقبل؛ حيث تسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتعزيز مكانة الصين على الساحة الدولية. ومع استمرار الجهود والاستثمارات، من المتوقع أن تشهد الصين المزيد من الإنجازات الرائدة في هذا المجال، مما سيفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي ويصب في مصلحة البشرية جمعاء.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

”مركز الابتكار“.. 10 منتجات رقمية و5 مبادرات تُطلق خلال 2025

اطلقت هيئة الحكومة الرقمية ”مركز الابتكار“ «Innovation Hub»، كمبادرة استراتيجية طموحة تهدف إلى تمكين الجهات الحكومية من استشراف المستقبل وتبني أحدث نماذج الإبداع، لا سيما في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة.
وأكد محافظ الهيئة، المهندس أحمد الصويان، أن المركز سيسهم في تطوير حلول رقمية ذكية ويعزز التكامل بين مختلف الجهات الحكومية لتحسين جودة وكفاءة الخدمات المقدمة للمستفيدين.تطوير حلول مبتكرةوأوضح المهندس الصويان، أن المركز يمثل مساحة إبداعية مصممة لدعم التعاون الفعّال بين الجهات الحكومية وتشجيعها على تطوير حلول مبتكرة تلبي احتياجات المستفيدين المتجددة.
أخبار متعلقة خبراء لـ"اليوم": المملكة أبهرت العالم بإنجازاتها السياحية والتنمويةالسلامة المهنية ومكافحة الحرائق أبرزها.. اشتراطات صارمة لترخيص المصانع .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”مركز الابتكار“.. 10 منتجات رقمية و5 مبادرات تُطلق خلال 2025
وأضاف أن المركز يعتمد على بنية تحتية متقدمة وأحدث التقنيات التي تتيح للجهات الحكومية استكشاف وتطبيق حلول استثنائية في مجالات متنوعة، بما يخدم أهداف التحول الرقمي الشامل في المملكة.
ويرتكز مركز الابتكار على ثلاث ركائز أساسية لضمان تحقيق أهدافه؛ حيث يتميز بكونه ”ذكياً“ من خلال اعتماده على بنية تحتية تقنية وأنظمة وأدوات رقمية متطورة تضمن تقديم تجربة متميزة للمشاركين.
كما يتسم بكونه ”حيوياً“، إذ يوفر بيئة معرفية نشطة وملهمة تعزز ثقافة الابتكار عبر تبادل الخبرات واستعراض قصص النجاح الحكومية.
وتتمثل الركيزة الثالثة في كونه ”مُمكِّناً“، حيث يقدم مساحات متخصصة ومختبرات متقدمة ومنصات داعمة لاحتضان وتنمية الابتكار داخل القطاع الحكومي.
ويوفر المركز بيئة تفاعلية مرنة مصممة لإعادة صياغة أساليب العمل التقليدية، وتشمل تنظيم ورش عمل متخصصة، وهاكاثونات تنافسية، وجلسات تصميم تشاركي تهدف إلى تحسين تجربة المستخدم ورفع كفاءة الخدمات الحكومية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”مركز الابتكار“.. 10 منتجات رقمية و5 مبادرات تُطلق خلال 2025أهداف طموحةوتدعم هذه البيئة مجموعة من المختبرات والمعامل المتطورة، من أبرزها مختبر الشمولية الرقمية، ومختبر تصميم الخدمات، ومختبر تصميم التجارب التعليمية، ومختبر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، ومختبر تصميم التجارب الغامرة، وغيرها من المرافق الداعمة للتميز والابتكار.
وتضع هيئة الحكومة الرقمية أهدافاً طموحة للمركز خلال العام الجاري 2025، حيث يسعى لتقديم خدماته لأكثر من 100 جهة حكومية مختلفة، وتنظيم ما يزيد عن 50 ورشة عمل معرفية متخصصة في مجال الابتكار المفتوح.
كما يهدف المركز إلى تمكين أكثر من 2000 مستفيد من منسوبي الجهات الحكومية، وإطلاق 10 منتجات رقمية مبتكرة، بالإضافة إلى 5 مبادرات نوعية تخدم توجهات الحكومة الرقمية.
ويُنظر إلى إطلاق مركز الابتكار كخطوة محورية نحو تعزيز مكانة الحكومة الرقمية في المملكة ورفع مستوى جاهزية القطاع الحكومي لمواكبة متطلبات التحول الرقمي المتسارعة.
ومن المتوقع أن يسهم المركز بشكل كبير في تطوير حلول مبتكرة قادرة على تحسين الأداء الحكومي ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين وقطاع الأعمال.

مقالات مشابهة

  • ”مركز الابتكار“.. 10 منتجات رقمية و5 مبادرات تُطلق خلال 2025
  • منصة للتعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين مصر والصين بتعاون الأكاديمية العربية بالإسكندرية وجامعة فودان الصينية
  • «صحة دبي» تطلق خطة تدريبية تواكب طموحات المستقبل في الذكاء الاصطناعي
  • طيّار متقاعد يواصل رحلة الابتكار من ورشته في عسير.. فيديو
  • شاحنات فولفو وفامكو..إرث عريق في الابتكار والجودة
  • 130 بحثاً علمياً في المؤتمر العلمي العاشر لـ«نوعية طنطا» حول الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم النوعي
  • المؤتمر: تخصيص 327 مليار جنيه استثمارات لقطاع الصحة والبحث العلمي يعزز التنمية المستدامة
  • ترسيخًا لمكانة المملكة عالميًّا في الابتكار.. “كاوست” تقدم الجيل القادم في مجال الذكاء الاصطناعي
  • وزير التعليم لـ طلاب "النيل الدولية": البرمجة والذكاء الاصطناعي لغة المستقبل وركيزة لسوق العمل
  • "ملتقى الابتكار المؤسسي" يستعرض دور الإبداع في تحقيق التنمية المستدامة