شهدت فترة رئاسة دونالد ترامب في الولايات المتحدة تحولات كبيرة في السياسة الخارجية التي أثرت بشكل مباشر على التوازن الاستراتيجي في العالم، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات عبر الأطلسي والأمن الأوروبي. 

خلال فترة حكمه، تبنى ترامب سياسة "أمريكا أولًا"، مما ألقى بظلال من الشك على التزام واشنطن بحلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وطرح تساؤلات حول مدى استدامة المظلة النووية الأمريكية التي لطالما كانت حجر الزاوية لأمن أوروبا.

 

في هذا السياق، تبرز تساؤلات مهمة حول قدرة أوروبا على الاعتماد على نفسها في مواجهة التهديدات النووية المتزايدة، خاصة مع تعزيز روسيا لوجودها العسكري في المنطقة.

و يبرز دور المظلة النووية الفرنسية كإحدى البدائل المحتملة. فهل يمكن لفرنسا، باعتبارها القوة النووية الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، أن تكون قادرة على توفير حماية نووية شاملة لأوروبا في ظل غياب الدعم الأمريكي الكامل؟

الضغوط السياسية على الأمن الأوروبي

تحت ضغط مواقف ترامب، الذي طالب حلفاءه الأوروبيين بزيادة مساهماتهم المالية في الدفاع المشترك، بدأ العديد من الدول الأوروبية في البحث عن بدائل لحماية أنفسها من التقلبات السياسية في واشنطن. 

الباحث رفائيل بوسونغ من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية أشار إلى أن أوروبا غير قادرة على الاستقلال عن الولايات المتحدة، خصوصًا في ما يتعلق بالمظلة النووية، مما يعكس الإحباط الأوروبي من السياسات الأميركية المتغيرة.

استعداد فرنسا لتعزيز قدراتها العسكرية

في هذا السياق، أظهرت فرنسا استعدادها لتعزيز قدراتها العسكرية، خاصة في مجال الردع النووي. 

على سبيل المثال، تخطط فرنسا لنقل مقاتلات مزودة بأسلحة نووية إلى ألمانيا، وهو ما يعكس استعدادها لتولي المزيد من المسؤولية الأمنية في أوروبا.

 بوسونغ أكد على أن أوروبا كان عليها البدء في الاستثمار العسكري منذ سنوات لتحقيق استقلالية أمنية حقيقية في المستقبل.

التهديدات النووية والتعاون بين القوى الأوروبية

لكن التحدي الأكبر الذي يواجه أوروبا هو التهديدات النووية المحتملة من روسيا. الردع النووي سيكون أداة أساسية في حماية القارة، لكن المظلة النووية الفرنسية قد لا تكون كافية بمفردها، خاصة في غياب تعاون وثيق مع حلفاء الناتو مثل الولايات المتحدة. 

بوسونغ أشار إلى أنه في حال حدوث تهديدات نووية من روسيا، ستكون أوروبا بحاجة إلى التعاون بين القوى النووية الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا لضمان ردع فعال.

الطريق نحو الاستقلالية الأمنية

على الرغم من الدعوات المتزايدة لبعض الدول الأوروبية للاستقلال عن الولايات المتحدة، فإن الطريق نحو الاستقلالية الأمنية ليس سهلاً. 

يتطلب تعزيز القدرات الدفاعية، بما في ذلك تطوير الردع النووي المستقل، استثمارات ضخمة ووقتًا طويلًا لبناء قدرة حقيقية على حماية القارة.

 بوسونغ أوضح أن عملية التحول نحو استقلالية أمنية كاملة تحتاج إلى سنوات من التخطيط والاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية الدفاعية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الناتو دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمن الأوروبي المظلة النووية الأمريكية المظلة النووية الفرنسية المزيد الولایات المتحدة المظلة النوویة

إقرأ أيضاً:

استطلاع: عدد متزايد من الأوروبيين يصفون ترامب بالدكتاتور

يعتقد أكثر من نصف الفرنسيين والألمان والبريطانيين ونحو نصف البولنديين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "دكتاتور"، وفق استطلاع أجراه مركز "ديستان كومان (مصير مشترك)" للأبحاث، في وقت يحاول ترامب فرض اتفاق سلام بين كييف وموسكو تعتقد أوروبا أنه قد يهدد سلامها إذا لم يكن عادلا لأوكرانيا.

ووفق الاستطلاع الذي نشر أمس السبت، يصف 59% من الفرنسيين والألمان المشاركين بالاستبيان الرئيس الأميركي بـ"الدكتاتور"، كما يصفه بذلك 56% من البريطانيين و47% من البولنديين.

وأظهر نحو 35% من الفرنسيين الذين شملهم الاستطلاع تعاطفا أكبر مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ لقائه العاصف مع ترامب في واشنطن نهاية فبراير/شباط، وقال 9% فقط إنهم أقل تعاطفا معه.

ويعتبر ربع الفرنسيين فقط أن الولايات المتحدة لا تزال حليفة لهم، فيما يجد 57% منهم صعوبة في وصف العلاقة، ويترددون في الاعتراف باحتمال حدوث تراجع في التحالف، وفق الاستطلاع.

حرب محتملة

وفيما يتعلق باحتمالات نشوب حرب في أوروبا خلال السنوات المقبلة، يرى 60% من الفرنسيين أنه من المحتمل أن تغزو روسيا دولا أوروبية أخرى في السنوات المقبلة، مقارنة بـ68% في بريطانيا وبولندا و53% في ألمانيا.

إعلان

كما قال نحو 76% من الفرنسيين إنهم قلقون أو قلقون جدا "من امتداد الصراع في أوروبا في السنوات القليلة المقبلة"، بحسب الاستطلاع.

ويرغب 66% من البولنديين والبريطانيين في مواصلة دعم أوكرانيا، حتى دون دعم الولايات المتحدة، وتبلغ النسبة في فرنسا 57%، وفي ألمانيا 54%.

بعثة لحفظ السلام

ولا يوجد إجماع على إمكانية إرسال بعثة لحفظ السلام إلى أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ففي بريطانيا، أعرب 57% من المستطلعة آراؤهم عن تأييدهم "إلى حد ما أو إلى حد كبير" لإرسال بعثة لحفظ السلام، مقارنة بـ44% في فرنسا و41% في ألمانيا و27% فقط في بولندا.

وبحسب الاستطلاع نفسه، فإن 61% من الفرنسيين "يؤيدون إعادة فرض شكل من أشكال الخدمة العسكرية الإلزامية"، مع وجود نسبة عالية جدا في أوساط اليمين واليمين المتطرف.

وكانت الخدمة العسكرية الإلزامية ألغيت في فرنسا في أواخر تسعينيات القرن العشرين.

وأجري استطلاع الرأي عبر الإنترنت في فرنسا وبولندا وألمانيا والمملكة المتحدة وشمل أكثر من ألف شخص في كل دولة.

ويأتي ذلك في وقت جمدت فيه واشنطن هذا الأسبوع مساعداتها العسكرية والاستخبارية لكييف. وفي المقابل، يحشد الأوروبيون جهودهم للتعويض عن انخفاض المساعدات الأميركية وإنشاء قدرة دفاعية موثوق بها في القارة.

مقالات مشابهة

  • العالم في غياب الناتو: سيناريوهات محتملة
  • هل تحل فرنسا محل أميركا كمظلة نووية لأوروبا؟
  • الاستقلال أو الفناء.. هل يمكن لأوروبا مواجهة ترامب؟
  • ألمانيا: ميرتس يسعى للتواصل مع فرنسا والمملكة المتحدة بشأن "تقاسم الأسلحة النووية"
  • ألمانيا منفتحة على طرح ماكرون توفير حماية نووية لأوروبا
  • ميرتس يعلّق على اقتراح فرنسا توفير حماية نووية لأوروبا
  • فون دير لايين: الولايات المتحدة حليفة الاتحاد الأوروبي
  • ماسك يصدم أوروبا: على أمريكا الانسحاب من الناتو
  • استطلاع: عدد متزايد من الأوروبيين يصفون ترامب بالدكتاتور