البوابة- خاص

اقرأ ايضاًالتميمي يتحدث عن نشاة حركة الجهاد الاسلامي والانشقاق ورفضه احياء "بيت المقدس"

في الحلقة الرابعة والاخيرة من المقابلة مع عضو المجلس المركزي الفلسطيني مامون التميمي، يتحدث عن الرئيس الراحل ياسر عرفات وعلاقته المميزة ،كما يصفها، معه وتبريره لموافقة الرئيس الراحل على اتفاقية اوسلو.

هناك من يرى ان مصائب الشعب الفلسطيني ازدادت بعد التوقيع على اتفاقية اوسلو، والرئيس الراحل ياسر عرفات متهم بشكل مباشر بذلك، فيما انت احد المدافعين عن دوافع ابو عمار؟

- اولا اتفاق اوسلوا بالنص الحرفي هو اتفاق مبادئ من اجل السلام وليس اتفاق سلام  قطعي ونهائي 
وللتوضيح فان  اتفاق المبادئ او الاتفاق المبدئي , هو اشبه ما يكون بان اثنين ارادوا ان تاسيس شركة فاتفقوا على مبادئها بشكل اولي ، وتم تاجيل التفاوض على التفاصيل لاحقا حول مكونات الشركة ومقراتها وراس مالها ، ثم حدثت ظروف ولم  يتم توقيع الطرفين بشكل نهائي رسمي وقطعي، وفي هذه الحالة  فان هذا الاتفاق ينتهي تلقائيا ويصبح لاغيا وتكون الخسائر على الطرف الذي قام باعلان التنازل الميداني،  بمعنى ان الحسابات  القائمة الان  في اتفاق اوسلوا ان اسرائيل هي الخاسر الاكبر لانها ادخلت منظمة التحرير بينما لم تنل توقيع التنازل الرسمي على اي شيء.

المعارضين يرون بان الراحل عرفات قدم لهم كل ما طلبوه؟

 - لو كان هذا صحيح وانه وقع على كل شيء فلما التفاوض يستمر الى اليوم وكامب ديفد ليست مفاوضات سرية  ولو وقع لهم في كامب ديفد لما دمر شارون مقرات ومطار السلطة وطائرة عرفات ومكاتبه وحاصرته سنتين ثم قتلته مسموما

افهم من كلامك ان اتفاق اوسلوا  اتفاق للتفاوض وليس اتفاق سلام ؟

اتفاق اوسلوا فيه قسمين القسم الاول الاتفاق على الاساسيات التي تم التفاهم عليها والاتفاق الثاني التفاوض على الامور  التي لم يتم الاتفاق عليها وهي ما سميت  بالمرحلة النهائيه مثل القدس والحدود والدولة والاجئين  , اما ان اتفاق اوسلوا لا ينص على دولة كما يشاع  فهذا غير صحيح لان الدولة حسب الاتفاق المبدئي يتم التفاوض عليها بمقتضى القرارات الدولية وفي   مقاوضات الوضع النهائي لان اتفاق المبادئ ترك امور كثيرة لمفاوضات الوضع النهائي لان اتفاق اوسلوا  فيه بند رئيسي وهو التفاوض على الامور التي لم يتم الاتفاق  عليها ولذلك تمسكت القيادة الفلسطينية بالدولة الفلسطينية وبالقدس الشرقية عاصمة لها وبعودة الاجئين ولان اتفاق اوسلوا اتفاق مبادئ فهو يعطي القيادة الفلسطينية  المجال للقيادة  في اي وقت ان تتنصل منها لو ارادت  , والا لو كان اتفاق اوسلوا اتفاق كامل ونهائي لما كانت المفاوضات تستمر اصلا  حتى اليوم  كما قلت لك ولما تم استدعاء  الشهيد القائد ابو عمار الى اوسلوا  لمفاوضته و للضغط عليه والاستفراد فيه  ولو وقع الشهيد القائد ابو عمار على ما طلبته منه امريكا لما جائه شارون رئيس وزراء كما هدده كلنتون ,  ولما دمرت عليه اسرائيل  مكاتبه ومقراته وطائرته ومطار غزة  ولما قتل مسموما


من وجهة نظرك تطبيق الاتفاق بحذافيره يعتبر عمل بطولي حتى وان تم التنازل عن ثلثي فلسطين التاريخية؟

اقرأ ايضاًالتميمي يتحدث لـ البوابة عن اسرار عصبة الانصار في مخيم عين الحلوة

ابو عمار استعمل كل اساليب التكتيك السياسي في العالم ليحوز على جزء منها لتكون موطئ قدم له حسب ما كان يخطط هو لنقل الصراع مع اسرائيل من الخارج للداخل،  ثم هناك البعض يعتقد ان اسرائيل كانت تدلل على من ياخذ الضفة الغربية وغزة وياتي ليتنازل لها عن بقية فلسطين !! 
هذا الكلام غير صحيح  ومن يقول ذلك يجهل حقيقة الصراع بدليل ان الصهاينة وكل قياداتهم وكل فكرهم وعقيدتهم مرتبطة بالضفة الغربية اكثر بالف مرة من الثماني  واربعين  وكما قال بن غوريون مؤسس دولة اسرائيل لا معنى لدولة اسرائيل من دون القدس ولا معنى للقدس من دون الهيكل وكذلك هم يعتبرون ايضا الخليل مثل مكة عند المسلمين لان فيها قبور ابائهم ابراهيم و اسحاق ويعقوب  ويوسف وموسى  والذين نحن نعتبرهم انبيائنا ولا نذكرهم الا بالسلام عليهم وكذلك يعتبرون نابلس مقدسة في عقيدتهم اكثر من كل الثماني والاربعون ويسمون الضفة الغربية يهودا والسامرة  ولذلك كل قيادات الصهاينة ثارت ثائرتهم من اتفاق اوسلوا ، نتج عن هذه الثورة قتل رابين وسارعوا بدعم المتطرفين ليمنعوا الاتفاق الذي وصفه شارون وشامير ونتنياهوا باخطر اتفاق تواجهه اسرائيل يهدد وجودها بالكامل 
كلهم قالوا ان عرفات اراد من هذا الاتفاق ان يعمل كيان ليدمر دولة اسرائيل  وانا لا اخفي سر  اذا قلت انه كان يسعى لذلك الا اذا اخذ الضفة الغربية وغزة على حدود السبعه والستين كاملا وهو ايضا لو حاز على ذلك يعتبر ان هذا انجاز مرحلي فانا اعرف عرفات واعرف ما يدور في قرارة نفسه ولا اخفي لك سرا ان ابو عمار اعطى امر لابو الاديب ان يعيد طباعة  الميثاق الوطني الفلسطيني من غير حذف اي بند فيه وهو في حصاره


هناك حملة مسعورة من بعض المغرضين على الاجهزة الامنية الفلسطينية رغم انهم خط الدفاع الاول عن المخيمات والمدن والبلدات الفلسطينية ؟

لقد حاول الرئيس الشهيد ابو عمار ان يحقق ما يستطيع  من ادخال الاسلحة الى الامن الفلسطيني وخاض مع الاحتلال من خلال اجهزته عدة معارك منها معركة النفق  والتي تصدت فيها الاجهزة الامنية لقوات الاحتلال فسقط منهم 75 شهيدا وقتل من قوات الاحتلال 25 جندي ومعركة مخيم جنين والذين خاضوها كلهم من عناصر الاجهزة الامنية  بقيادة الشهيد النقيب  ابو جندل وخاض الشهيد ابو عمار  الانتفاضة الثانية وهو محاصر وانا اتذكر في بداية الانتفاضة الثانية اصدرت حماس بيان اعتبرت ان هذه الانتقاضة مخطط بين السلطة واسرائيل  لتحقيق اهداف معينة ثم عادت وانخرطت فيها 
هكذا بالفعل نقل ابو عمار الصراع الى الداخل وحتى الصواريخ التي تدك المدن الفلسطينية من غزة   من خلال حماس والجهاد وكتائب شهداء  الاقصى اثناء اشتعال معارك غزة كانت بداية صناعتها من خبرات اجهزة الامن الفلسطينية .
فهل كانت تلك المعارك المباشرة ستحصل لولا اتفاقية اوسلو خصوصا اذا عرفنا ان الضفة الغربية وغزة لم يكن فيها عشرة بنادق قبل دخول ابو عمار اليها وان حماس وقبل ان يسلحها ابو عمار اثناء مرضه الاخير لم تكن تمتلك عشرة بنادق وكانت السلطة باجهزتها تستطيع ان تلم قياداتها واي شخص من عناصرها متى شائت وتضعهم في السجن حتى تسقط حجج اسرائيل بعدم الانسحاب الا اذا تم اعتقال كل من يقف خلف عمليات التفجير التي كانت تتم قبل عمليات الانسحاب الاسرائيلي من مدن الضفة  
انا اعيد واكرر ان  ابو عمار لم يوقع على اي تنازل واستشهد وهو لم يوقع وهو اصلا  كان هدفه ادخال قواته من كل دول الشتات الى داخل الوطن لينقل الصراع من الخارج الى الداخل كما قلت  وهو يعرف انه يتعامل مع عدو مخادع ولذلك كان يخادعهم كما يخادعونه  وهذا  جائز والرسول صلى الله عليه وسلم قال الحرب خدعة  وقال خذل عنا يا نعيم اي خادعهم باي طريقة كانت   لنتمكن منهم ولا يتمكنون منا 
 

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: التشابه الوصف التاريخ الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

اتفاقية سلام جوبا: التمادي في بذل العهود المستحيلة (4)

عاد اتفاق سلام جوبا إلى واجهة خطاب السياسة والحرب في يومنا هذا. وأنشر نص ورقة كنت قدمتها لمؤتمر انعقد في مركز الدوحة في العام الماضي ما وسعني لكي يدور النقاش المتجدد عن الاتفاقية فوق علم باتفاق قل من اطلع على نصوصه.

سلام بلا دسم الديمقراطية

لم يخرج اتفاق جوبا عن اتفاقيات سبقته على عهدي الرئيسين جعفر نميري وحسن أحمد البشير في تغليب المسلحين صفقة السلام مع الدولة على الديمقراطية فيها. واستدبار الحركات المسلحة للديمقراطية من طبيعة الوحش. فلا شاغل لمثلها، طالما كانت الحاكمية للسلاح، بالديمقراطية لا في وسطها هي ذاتها، ولا فيما بينها، ولا في مجتمعها الذي خرجت لإنصافه. فالديمقراطية، في قولها، بغية المعارضة في المركز بينما بغية الحركات السلام. وتنسى الحركات أن السلام لم يصر مطلباً إلا لخوضها الحرب من أجل ديمقراطية حرمتها منها حكومة المركز الطاغية. فالديمقراطية هي أصل العلة والحرب تابعة وكذلك السلام. فلم تر هذه الحركات في عودة الديمقراطية باباً انفتح للتشريع الوطني والمحلي لتنمية الوطن. ولما لم تر في الديمقراطية كسباً لقضيتها اقتصرت على ما يليها وهو السلام المفهوم أنه صفقة نهائية في تقسيم الثروة والسلطة. وهو اقتسام لا يحتاج لديمقراطية. فاقتسم نميري السلطة والثروة مع القوميين الجنوبيين في 1972 كما اقتسمهما البشير مع قوميي الهامش من كل شاكلة ولون.
وبلغ فصل الحركات المسلحة بين الديمقراطية والسلام حد اتهام ثوار المركز بتغليب الديمقراطية على السلام بعد كل الثورات التي نجح فيها هؤلاء الثوار باسترداد الديمقراطية. وساق هذا الفصل بين الديمقراطية والسلام الحركات المسلحة إلى مغامرات غير محسوبة اعتزلت به الديمقراطية المستردة وسهلت للثورة المضادة الانقضاض عليها. ومهما يكن فليس لحجة الهامش أن الثورات في المركز اشتغلت بالديمقراطية دون السلام من سند لا في سيرة ثورة أكتوبر 1964 ولا ثورة أبريل 1985. فانعقد في مارس 1965 مؤتمر المائدة المستديرة للسلام مع الصفوة الجنوبية مسلحة وغير مسلحة بعد ثورة أكتوبر 1964 قبل إجراء الانتخابات في مايو 1965. وانتظر التجمع النقابي، الذي قاد ثورة إبريل، 1985 الحركة الشعبية لتحرير السودان لتأخذ محلها المرموق في صفوفه لاستكمال الثورة في الديمقراطية وفي السلم. ولكن وقعت دعوتها على آذان صماء. وواصلت الحركة الشعبية الحرب التي لا يحسنها غير الجيش. فخمل التجمع النقابي حتى انتهت الفترة الانتقالية بقيام الانتخابات في 1986.
ولا تبعد الحركات المسلحة في الهامش النجعة مع ذلك في نقد المقاومة الحزبية المدنية المعارضة للنظم الديكتاتورية في المركز بتفضيل الديمقراطية على السلام بقرينة أن الحرب "إفراز" من افرازات مصادرة الديمقراطية. فزعم أحزاب هذه المقاومة أنها تدمج بين الديمقراطية والسلام ليس صحيحاً في كل الأحوال. فلم يتفق لها أول وهلة عهد مشاكوس بين حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية (2002) لأنه انحاز، إجرائياً، لتقديم قضية السلام على قضية إزالة الإنقاذ بينما لا تقبل معارضة المركز المدنية التفريق، لا مفهومياً ولا إجرائياً، بين إسقاط حكومة الانقاذ وبين استباب السلام في الجنوب وملحقاته. ووجدت أفضل تعبير عن أسبقية الديمقراطية عند المعارضة فيما جاء عند التيجاني الطيب القيادي بالحزب الشيوعي. فكان عاب فهم أمريكا للمشكل السوداني كشمال وجنوب متغاضية عن أن الانقاذ نظام ديكتاتوري دموي لا بد أن يزول. فربط المعارضة للحرب وغيبة الديمقراطية ربط النتيجة (الافراز) بالسبب هو ربط متعسف.
ولم تزد الديمقراطيات، التي ارتبطت انبلاجاتها في 1964 و1985 بالدعوة الي السلام في الجنوب، الحرب الا اشتعالا. فلم نحصل على السلام منذ اشتد أوار الحرب الأهلية الا علي يد الرئيس نميري وهو ديكتاتور بغيض. فقد أعطانا عقداً من السلام (1972-1983) مهما قلت عنه تذوقه السودانيون وحظهم من الديمقراطية مبخوس جداً. وكانت القوى المدنية في المعارضة عارضته بقوة. فكتبت الجبهة الوطنية للأحزاب المعارضة لنميري للعقيد القذافي ترمي الاتفاقية بالدس على العروبة بينما قال الحزب الشيوعي إنه مؤامرة على السودان من تدبير المخابرات الأمريكية ومجلس الكنائس العالمي.
ولا يقع الطلاق بين السلام والديمقراطية في اتفاق جوبا مثل وقوعه في باب القوامة على المال العام الذي ألغى الدولة في سبيل تحصيل السوية في توزيعه.
فستقوم بالقوامة على المال العام بمقتضى الاتفاقية هيئتان. الهيئة الأولى هي الصندوق القومي للعائدات (المادة ٢٢ من الاتفاق) وستودع فيه "كافة الإيرادات والعائدات المالية القومية ويُنظم بالقانون ويكون هو المؤسسة الوحيدة لإيداع العائدات". أما الهيئة الثانية فهي "المفوضية القومية لقسمة وتخصيص ومراقبة الموارد والإيرادات المالية" (المادة ٢٣). وهي ملزمة بضمان الشفافية ومعالجة أوجه الخلل في تخصيص وتوزيع الإيرادات القومية بعدالة بين أقاليم السودان المختلفة سيما الولايات المتضررة من الحرب والمظالم التاريخية.
لا الصندوق القومي للعائدات ولا المفوضية بجديدين على مثل هذه الاتفاقات القومية. فالصندوق والمفوضية مستلهمان من اتفاق السلام الشامل بين الإنقاذ والحركة الشعبية في ٢٠٠٥. ونشأتا بعد نيفاشا وفقاً للمادة ١٩٨ من الدستور الانتقالي لضمان الشفافية والعدالة فيما يتصل بتخصيص الأموال التي يتم تحصيلها على المستوى القومي لكل من حكومة جنوب السودان والولايات. ولكن ما جاء في اتفاق جوبا مختلف عما جاء في اتفاق السلام الشامل في:
١-فبينما جعل اتفاق السلام الشامل لوزارة الخزانة-المالية إدارة هذا الصندوق صمت اتفاق جوبا صمتاً "مريباً" عن إي ذكر لها. فقال اتفاق السلام الشامل بوجوب إيداع كل العائدات المتحصلة في الصندوق القومي للعائدات "الذي تديره الخزانة العام". أما اتفاق جوبا فبدأ بالنص بأن الصندوق هو الذي ستودع فيه كافة العائدات وانتهى قبل التقاط أنفاسه ليشدد على أن الصندوق هو "المؤسسة الوحيدة" لإيداع العائدات. فإما أن اتفاق جوبا افترض افتراضاً أن وزارة المالية هي التي ستدير هذا الصندوق، أو أن الصندوق هو اسم آخر للمالية. وسيكون مهماً أن نعرف لماذا سقطت "وزارة المالية" من اتفاق جوباً الذي هو "شف" نجيض من اتفاق السلام الشامل.
٢-فبينما قضى اتفاق السلام الشامل أن تكون عمليات الحكومة المالية، تخصيصاً وصرفا،ً في إطار الميزانية العامة العلنية صمت اتفاق جوبا عن دور المؤسسة التشريعية في أي من صورها في عمليات الدولة ومعاملاتها المالية.
ليس المفوضية القومية لقسمة وتخصيص ومراقبة المارد بدعة. فهي ما تواثقت عليه دول كثيرة لرد ظلامة أقوام في الأمة فاتهم قطار التنمية زماناً. فهذه الدول تتواضع عند نسب مدروسة من المال الوطني تخصص لهذه الجهة أو تلك استدراكاً لما فاتها. وتضطلع المفوضية بمراقبة إن كانت الهيئة التشريعية ووزارة المالية التزمت بتلك النسب وحولت أنصبة تلك الجهات في وقتها. فتخصيص هذه النسب ومراقبة التزام الدولة بها هما عصب مثل هذه المفوضيات. فجاء في اتفاق السلام الشامل أن واجبات المفوضية هي كما يلي:
أ- مراقبة المنح المخصصة من صندوق الإيرادات القومي لتحقيق المساواة والتأكد من تحويلها في حينها لمستويات الحكم المعنية،
ب. ضمان الاستخدام الأمثل للموارد وتوزيعها،
ج. ضمان تحويل الإيرادات المخصصة للمناطق المتأثرة بالنزاع وفق الصيغ المتفق عليها.
ولكني فوجئت في شغل مفوضية اتفاق جوبا بنص بدا لي منه أنها لن تكتفي بتحديد نسب أنصبة ولايات البلد ومراقبة التزام الدولة بها فحسب، بل ستقوم أيضاً هي نفسها بتوزيع الأنصبة المقررة. وحقيقة لم أفهم هذه العبارة التي جاءت في واجبات المفوضية في الاتفاق" "تَضْمَن المفوضية عدم حرمان الحكومة الاتحادية أو أي طرف آخر من التمتع بمستحقاته المالية، وضمان انسيابها في المواقيت المتفق عليها". فهذه الجملة إما أنها بلهاء أو أن ما وراء الأكمة ما وراؤها. فلابد أن محتوى الجملة مفهوم لكتبتها خاصة وقد استبعدوا وزارة المالية والبرلمان من اختصاصاتهما المالية. ونبه جين بابتسي قالوبن باكراً إلى ما وراء أكمة الاتفاق بقوله إن المفوضية لإدارة موارد الدولة وقسمتها بين مستويات السلطة الثلاثة (الفدرالي والإقليمي والولائي) في الاتفاقية سيصادم وجود وزارة المالية الفدرالية وولايتها على المال العام.
وأسفر هذا الطلاق بين الديمقراطية والسلام حثيثاً في النص عن إدارة ولاية الخرطوم. ففي طلب أمن الكهف اعتدت قوى الهامش في الاتفاقية على الحقوق الديمقراطية لغيرها. فصادرت الحق في المدينة لأهل عاصمة القطر. فرتبت لها إدارة خاصة يراعى فيها التمثيل العادل لأهل السودان. فتشترك بالنتيجة أطراف اتفاق سلام جوبا في أجهزة إدارة العاصمة القومية. فقضت بأن ينعقد بعد التوقيع عليها مباشرة مؤتمر يتواثق على طبيعة هذه الأجهزة وفقهها. حجة أطراف جوبا على هذا التمدد لإدارة العاصمة أنها قومية ومتنوعة فيها من كل جنس جوزين. وجازت لهم إدارتها بحظهم هذا منها. ويقع بهذا التطفل على إدارة العاصمة طلاق بينونة بين السلام والديمقراطية. فأرادت أطراف اتفاقية جوبا الاستئثار بالشراكة في إدارة العاصمة لنفس السبب الذي من شأنه أن يكفها عنه. فتنوع العاصمة وقوميتها سبب لديمقراطية إدارتها اقتراعاً من قبل سكانها المسجلين في قوائم الانتخابات بها، ودافعي الضرائب لخزائنها، والأعرف بدخائلها وحقوقهم عليها وواجباتهم لها. ففرض إداريين عليها سواء من أهلها، أو مستوردين بإرادة مسلحي الهامش، فشطط.

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • ذكرى رحيل البابا شنودة .. دعّم القضية الفلسطينية وجمع المسلمين والمسيحيين على موائد الإفطار
  • كيف ساهمت المواقف المصرية فى الحفاظ على القضية الفلسطينية؟
  • نتنياهو يعقد اجتماعا مصغرا لبحث “صفقة صغيرة” مع حركة الفصائل الفلسطينية
  • تحالف الأحزاب: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة الأكثر إنصافا لحل القضية الفلسطينية
  • تحالف الأحزاب: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة الأكثر عقلانية لحل القضية الفلسطينية
  • اتفاقية سلام جوبا: التمادي في بذل العهود المستحيلة (5-7)
  • ماذا بعد اتفاق الرئيس السوري وقائد قسد؟
  • بينها العراق.. الكشف عن رحلات سرية لطائرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات
  • اتفاقية سلام جوبا: التمادي في بذل العهود المستحيلة (4)
  • مستشار الرئيس الفلسطني: جلالة الملك يخدم القضية الفلسطينية على الأرض