قصتان ربما تتكرران في كل يوم ولا نعلم عنهما شيئاً، لأن النفوس العفيفة يجرحها السؤال.
القصة الاولى حدثت في أحد الأحياء البسيطة، حيث كانت تعيش أمينة، أرملة وأم لأربعة أطفال. بعد وفاة زوجها، تحولت حياتها إلى كفاح يومي لتأمين احتياجات أطفالها، وأكبرهم لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره.
كانت أمينة تعمل بجد، ولكن عملها البسيط لم يكن يكفي لسد احتياجاتهم الأساسية.
لجأت إلى التسوق بالدين من البقالات القريبة حتى تراكمت عليها الديون ولم تعد تستطيع السداد.
في يومٍ من الأيام، وضمن برنامج الهلال الأحمر لمساعدة الأسر المتعففة، تم اختيار المنطقة الشعبية المتواضعة التي تعيش فيها أمينة وعمل لائحة بأسماء الأسر التي تعيش هناك. حاول الموظفون التواصل مع أمينة هاتفياً مرات عديدة، ولكن دون جدوى. قلق الموظفون من عدم استجابتها، فقرروا إرسال أحد المتطوعين إلى منزلها للاطمئنان عليها.
عندما طرق الموظف الباب، فتحت أمينة بحذر، وعندما سألها عن سبب عدم الرد على المكالمات، انهمرت دموعها وقالت بصوت متهدج: "ظننت أن من يتصل هو أحد أصحاب الديون. لا أملك المال، وكل يوم أخاف من مواجهة أحدهم".
بعد ثوان من الصمت وبصوت متهجد، أخبرها المتطوع الذي مسح دموعه التي لم تستأذنه، وأخبرها أنهم هنا للمساعدة وليس للمطالبة بالديون.
خلال أيام قليلة، قدم "الهلال الأحمر" لأمينة وأطفالها دعماً غذائياً ومالياً، وساعدها في سداد دينها مع البقالات المحلية. كما تم توجيهها إلى برامج تدريبية لتأهيلها لسوق العمل، مما فتح أمامها باباً نحو مستقبل أكثر استقراراً.
القصة الثانية هي للجد سالم، رجل في السبعينيات من عمره، يعيش في بلدة صغيرة مع حفيدته مريم التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها، وبعد وفاة والدي مريم في حادث أليم، أصبح الجد هو المسؤول الوحيد عنها.
كانت الحياة صعبة، فالجد سالم يعاني من أمراض مزمنة ويعتمد على معاش تقاعدي ضئيل بالكاد يكفي لتغطية الأدوية والطعام، وبسبب ظروفهما الصعبة، توقفت مريم عن الذهاب إلى المدرسة، وعندما لاحظت معلمتها غيابها قررت الذهاب إلى بيتها لتطمئن على صحتها.
هناك كانت المفاجأة، فمريم لم تكن مريضة، ولكن سبب غيابها هو أن قميص المدرسة أصبح باليا إلى الدرجة التي أصبح من الصعب ارتداؤه، ولم يكن لديها قميص آخر.
قامت المعلمة بالاتصال بالهلال الأحمر وتمت زيارة منزلهم المتواضع. وجدوا الجد سالم يعاني من المرض، ومريم تحاول جاهدة العناية به، حينها قدم الصليب الأحمر لهم مساعدة غذائية، وأدوية مجانية للجد، الأمر الذي أحدث فرقاً حقيقياً في حياتهم وأعاد مريم إلى المدرسة. وتكفل الهلال الأحمر باللوازم الدراسية والمواصلات، وقدموا دعماً نفسياً للطفلة التي عانت من فقدان والديها وصعوبات الحياة المبكرة، وعادت مريم إلى المدرسة بابتسامة لم تُرسم على وجهها منذ وقت طويل.
تعكس هاتان القصتان الأثر الكبير الذي يمكن أن تُحدثه المنظمات الإنسانية مثل الهلال الأحمر في حياة الأشخاص الذين يواجهون أصعب الظروف، ويمكن لهذه المساعدات أن تعيد الأمل وتفتح أبواباً جديدة للحياة الكريمة للأسر المحتاجة.
لا ننتظر السؤال من النفوس العفيفة، فهي أرواح طاهرة تأبى السؤال رغم الحاجة، وتختار الصبر على الشكوى، وتُظهر الغنى رغم ضيق الحال. هي قلوب تختبئ وراء ابتسامة هادئة، وتُخفي الألم بسترٍ جميل، لا تمد يدها إلا إلى السماء، وتجد في الرضا والاحتساب عزاءً وسندًا. النفوس العفيفة تُعلّمنا معنى الكرامة في أبهى صورها، وتجسد لنا القوة الحقيقية التي تنبع من عمق الإيمان والعزة بالنفس، فهؤلاء الناس يعيشون بيننا كالأزهار البرية؛ جمالهم في تواضعهم، وعبيرهم في صمتهم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الهلال الأحمر الهلال الأحمر الهلال الأحمر الإماراتي الهلال الأحمر الهلال الأحمر
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يلتقي الأمين العام للإتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي
إلتقى معالي وزير الخارجية السوداني، السفير الدكتور علي يوسف، بالسيد جاقان شابقين، الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، وذلك على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي المنعقد بمدينة أنطاليا التركية خلال الفترة من 11 إلى 13 أبريل 2025م.وبحث الجانبان خلال اللقاء سبل تعزيز التعاون بين حكومة السودان والاتحاد الدولي دعماً لجهود الجمعية الوطنية، الهلال الأحمر السوداني، في الاستجابة الإنسانية المستمرة للأوضاع الطارئة التي تشهدها البلاد..وأكد السيد الوزير التزام السودان الكامل بتسهيل العمل الإنساني وضمان سلامة العاملين في هذا المجال، مشيداً بالدور المحوري الذي تضطلع به الجمعية في الوصول للمجتمعات المتضررة في 16 ولاية و46 محلية، حيث تم تقديم المساعدة لأكثر من 1.3 مليون شخص حتى الآن.وثمّن السيد الوزير جهود الاتحاد الدولي في إعداد وإطلاق نداء الطوارئ لدعم عمليات الهلال الأحمر السوداني، معرباً عن تطلع السودان لاستكمال اتفاق الدولة المضيفة بالتنسيق مع الممثل المقيم للاتحاد الدولي في السودان والجهات ذات الصلة.كما ناقش الطرفان أهمية الانتقال من الاستجابة الإنسانية إلى مراحل التعافي المبكر وإعادة البناء، مع التركيز على خلق الظروف الملائمة لعودة النازحين واللاجئين السودانيين بشكل آمن وكريم، لا سيما بعد استعادة الدولة السيطرة على العديد من المناطق بما في ذلك العاصمة الخرطوم.وشدد الوزير على ضرورة الاستثمار في إعادة تأهيل المدارس والمراكز الصحية وشبكات المياه والسكن، ودعم سبل العيش لإنعاش المجتمعات المحلية.من جانبه، عبّر السيد شابقين عن تقدير الاتحاد الدولي للشراكة الراسخة مع الهلال الأحمر السوداني، مؤكداً التزام الاتحاد بمواصلة دعم العمليات الإنسانية وتكثيف الجهود الدبلوماسية الإنسانية لحشد التمويل وسد الفجوة التمويلية التي لا تزال قائمة، إذ لم يتم تغطية سوى 26% من نداء الطوارئ الحالي.وفي ختام اللقاء، شدد الطرفان على أهمية التضامن الدولي والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات الإنسانية التي تمر بها السودان، مؤكدين عزمهما على مواصلة التعاون الوثيق لخدمة المتضررين وتعزيز الاستجابة الإنسانية المستدامة .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب