المُبْتَدَأُ: -
مِن وِجْهَةِ نَظَرٍ مارْكِسِيَّةٍ تُعْتَبَرُ الحُرُوبُ الأَهْلِيَّةُ تَعْبِيراً عَن الصِراعاتِ الطَبَقِيَّةِ وَالتَناقُضاتِ الاِجْتِماعِيَّةِ الداخِلِيَّةِ داخِلَ المُجْتَمَعِ.
وَالخَبَرُ: -

(31)
للقائد الشيوعي الأممي ف. ايلتش لينين رأي واضح في تيار اليساريين الإصلاحيين فقد وصفهم بالانتهازيين، قائلاً: "الإصلاحيون هم انتهازيون يخونون مصالح الطبقة العاملة من أجل مصالحهم الشخصية أو من أجل تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل.

" مؤكدا أن "الصراع الطبقي هو المحرك الرئيسي للتغيير التاريخي، والإصلاحيون يحاولون تخفيف الصراع عوضا عن تعزيزه.".

(32)
لقد رأينا نحن في السودان؛ بأم أعيننا صدق هذا القول والتحليل؛ حين اعتلت سدة سلطة الانتقال؛ بعد انتصار ثورة 19 ديسمبر 2018م المجيدة مجموعة من الإصلاحيين ضعيفي البصر والبصيرة؛ وكيف أنهم قد فرطوا في أهداف الثورة وشعاراتها، وأضروا بمسارها الثوري؛ حينما ارتضوا شراكة العسكر في السلطة وها نحن نجني علقم غرسهم البائس. القائد الشيوعي الفذ؛ ثاقب البصر والبصيرة لينين؛ ظل يرى أن الإصلاحات قد تحسن ظروف الطبقات المسحوقة على نحو مؤقت، لكنها لا تقضي على اِسْتِغْلالُهُمْ من قبل الرأسماليين؛ قائلا: "الإصلاح هو تحسين ظروف العبودية، أما الثورة فهي تحرير العبيد."

(33)
نحن كشيوعيين؛ ملزمين بقضية نشر الوعي الطبقي؛ ومحاربة أي فكر أو عمل ينتج عنه تأثير معاكس؛ ويؤدي إلى تدهور الوعي الطبقي ومفاقمة الانقسامات القومية بما في ذلك أفكار اليسار الإصلاحي. من الوهم الاعتقاد بأن الطبقة العاملة أو الطبقات المسحوقة على العموم؛ يمكنها أن تجد حلولا لمشاكلها بالتحالف مع هذا الجناح أو ذاك من أجنحة الطبقات السائدة في حالة السلم فكيف بالله عليكم وهي تطحن في رحى حرب ضروس؟!!.

(34)
واجب الشيوعيين يحتم عليهم قول الحقيقة للطبقة العاملة والطبقات المسحوقة، والشرائح الاجتماعية الضعيفة؛ بأن لا تثق بأي جناح من أجنحة الطبقة السائدة، فجميعها دون استثناء بما فيها الأجنحة الإصلاحية؛ تسعى في النهاية فقط لخدمة مصالحها الطبقية؛ ووفقا لميزان القوى في اللحظة التاريخية المعينة.

(35)
طرفا الحرب الدائرة في السودان اليوم؛ يحاولان إخفاء أهدافهما الحقيقية باستعمال كافة أنواع الحيل والدعاوي الأخلاقية. لكن المصالح المادية لا الدعاوي الأخلاقية هي التي تحدد في واقع الأمر؛ ورغم عن ذلك نجد للأسف أن بعض القوى الإصلاحية تعتقد أن بإمكانها ممارسة الضغط على الطرفين لإيفاق الحرب. إن واقع الصراع الدامي الدائر لزهاء العامين حتى الآن يكذب هذا الاعتقاد؛ ويؤكد أن الطرفين لا يضعان أي قيمة لتلك الضغوطات أو المناشدات.

(36)
الحرب وفق تعبير ( كلاوزفيتز) هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى. لقد عجزت أدوات طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) السلمية؛ عن حل تناقضات مصالحهما المادية فانتقلا إلى ممارسة السياسة بوسيلة أخرى أكثر عنفاً. فمن الحتمي عندما يصل الصراع بين طرفين لمرحلة الصراع التناحري؛ أن تتبلور قناعة لدى كل منهما بأن وجود الآخر بات يمثل تهديدا وجوديا له ولمصالحه.

(37)
وفي مثل هذه الحالة التي تطابق حالة طرفي الحرب الدائرة في السودان؛ لا يبقى لدعوات إيقاف إطلاق النار وحقن الدماء العاطفية؛ التي تطلقها بعض القوى الإصلاحية؛ أي تأثير وتظل فقط محض دعوات غارقة في النزعة السلمية والأوهام الدبلوماسية؛ خالية من الموقف الطبقي؛ والحلول الطبقية. وبتصاعد وتيرة التوترات بين القوى الرجعية نتيجة التنافس على السلطة، لحد عجز المنافسة السلمية عن تحديد هوية المهيمن بين القوى، تغدو الحرب هي الخيار الوحيد المتاح؛ خاصة عندما تغدو مصالح القوى الرجعية على المحك.

(38)
الحروب الأهلية ليست مجرد صراعات بين جماعات عرقية؛ أو دينية أو سياسية، بل هي انعكاس لصراع الطبقات الاجتماعية؛ وعلى وجه الخصوص هي صراع الفئات الاجتماعية المهمشة والمستغَلة ضد النخبة الحاكمة أو صراع النخب الرجعية الحاكمة التي تناقضت مصالحها وتعارضت مع بعضها البعض كما هو الحال في الحالة السودانية الراهنة.

(39)
وانطلاقا من هذا الفهم المادي فالدعوات الطيبة للحلول السلمية لمثل هذه الحروب، والمناشدات الخجولة لإيقافها بالحوار المفتقرة للموقف الطبقي، هو موقف مثالي ونهج طوباوي غير واقعي؛ إن المصالح المادية هي الموجه الأساسي للنزاعات والصراعات؛ عليه يجب علينا كشيوعيين أن نرى الواقع كما هو ونسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة؛ بقول الحقيقة المستندة على الصراع الطبقي.
يَتْبَعُ

تيسير ادريس

tai2008idris@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

قرارٌ يُعيدُ توازُنَ القوى

محمُد يحيى فطيرة

في خطوة تعكسُ الموقف الثابت والواضح في دعم القضية الفلسطينية أعلن السيد القائد عبد الملك الحوثي عن مهلة لمدة أربعة أَيَّـام للعدو الصهيوني لإيقاف العدوان وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حَيثُ أكّـد أن استمرار الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني لن يمر دون رد وأن القوات المسلحة اليمنية جاهزة لاستئناف عملياتها العسكرية إذَا لم يستجب العدوّ لهذه المطالب الإنسانية.

جاء هذا الإعلان في سياق التصعيد المُستمرّ ضد غزة والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بدعم أمريكي واضح؛ مما دفع اليمن إلى اتِّخاذ موقفٍ أكثر صرامة في مواجهة الغطرسة الصهيونية وأوضح السيد القائد أن هذه المهلة تأتي في إطار التزام اليمن التاريخي بالقضية الفلسطينية وأنها رسالة واضحة بأن الشعب اليمني حاضر في معادلة المواجهة وأن صمته ليس ضعفًا بل موقفٌ محسوبٌ يهدف إلى إعطاء مساحة للتحَرّك الدبلوماسي والضغط السياسي قبل اللجوء إلى الخيارات العسكرية.

من جانبها رحبت الفصائل الفلسطينية بهذه الخطوة وأكّـدت أنها تعكس موقفًا عربيًا وإسلاميًا صادقًا في دعم المقاومة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني كما أكّـدت حركة حماس أن هذا القرار يشكل ضغطًا إضافيًّا على الاحتلال لوقف جرائمه في غزة وأعربت عن تقديرها للمواقف اليمنية الثابتة.

في هذا السياق وعلى الصعيد السياسي أكّـد المجلس السياسي الأعلى في اليمن أن القوات المسلحة اليمنية على أتم الجاهزية لتنفيذ توجيهات السيد القائد إذَا انتهت المهلة دون استجابة العدوّ، حَيثُ سيتم استئناف العمليات التي تستهدف المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر ومناطق أُخرى رداً على التعنت الإسرائيلي ودعمه المُستمرّ للإرهاب ضد الفلسطينيين هذه المهلة وضعت العدوّ الصهيوني أمام خيارين إما الرضوخ لمطالب إنسانية تتعلق بالسماح بدخول المساعدات ووقف العدوان أَو مواجهة تصعيد جديد يعيد خلط الأوراق في المنطقة ويرفع منسوب التوتر في ظل تأكيد اليمن على أن القضية الفلسطينية ليست قضية هامشية بل قضية مركزية تفرض على الجميع التحَرّك الفاعل والمُستمرّ.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يجدد رفضه لأي خطوات قد تؤدي إلى جولة جديدة من الحرب في اليمن وما حولها
  • أمين عام الأمن والتعاون في أوروبا يؤكد استعداد المنظمة لدعم إنهاء الصراع بأوكرانيا
  • الجمعة السوداء في الساحل| سوريا بين شبح الحرب الأهلية والأطماع الخارجية
  • مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام لـ سانا: ننفي الشائعات التي تنشرها وسائل إعلام إيرانية حول هروب أبناء الطائفة العلوية في دمشق إلى السويداء، ونؤكد أن الخبر ضمن سياق الحرب الإعلامية التي تستهدف سوريا الجديدة ووحدتها
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • العدو الصهيوني يعترف بارتفاع عدد جرحى ومعوّقي جيشه إلى 78 ألفاً جراء الحرب
  • قرارٌ يُعيدُ توازُنَ القوى
  • الأمم المتحدة تكشف عن آخر تطورات الصراع في الكونغو الديموقراطية
  • جهود واشنطن لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا