لبنان ٢٤:
2025-03-12@01:36:35 GMT
هذا هو ثمن عدم تحييد لبنان نفسه عن حروب الآخرين على حدوده وعلى أرضه
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
يخشى كثيرون من الخارج والداخل ألاّ تكون حكومة "الإصلاح والإنقاذ" على قدر كافٍ من المسؤولية لكي تستطيع أن تمرّر لبنان من "خمر الابرة" نتيجة ما تخطّط له إسرائيل من مؤامرات هو غير قادر لوحده على أن يقف في وجهها إن لم يلقَ الدعم الكافي من المجتمع الدولي، وبالأخص الأوروبي. وعلى رغم ما تبديه الحكومة الحالية من نوايا حسنة لكي تكون "تقليعتها" مضمونة النتائج فإن ما يمكن أن تواجهه من تحديات قد تكون أعتى من القدرة الذاتية، وأقوى من مجرد إبداء النوايا الحسنة.
فما يجري على الحدود اللبنانية الجنوبية والشرقية والشمالية لا يطمئن كثيرًا، بل يدعو إلى الريبة وعدم التعامل مع مجرياتها كالذين يخبئون رؤوسهم في الرمال اعتقادًا منهم بأنهم بفعلتهم هذه يصبحون غير مكشوفين، لكن في الحقيقة هم مكشوفون أكثر من غيرهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعل الآخرون المحيطون بهم من كل حدب وصوب، وإن كان البحر لا يزال يبدو حتى اللحظة أكثر أمانًا من غيره، وهو الذي لا يزال يذكّر اللبنانيين بمسلسل "المشوار الطويل" للراحل "شوشو".
فالاختباء خلف الأصابع لا يعني أن الآخرين من الخارج والداخل غير قادرين على رؤيتنا على حقيقتنا. فما تخطّط له إسرائيل، وبغطاء خارجي، يبدو أكبر من القدرة الذاتية للقوى السياسية الممثلة في الحكومة في شكل أو في آخر وغير المتفقة أساسًا على سياسة خارجية واحدة. وهذا ما بدا واضحًا من خلال كلام الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم. فما لم تحقّقه إسرائيل بصواريخها، التي فعلت فعلها في تدمير قرى بأكملها في الجنوب الحدودي، واستطاعت أن تُضعف إلى حدّ ما القوة العسكرية لـ "حزب الله" باستهدافها أمينيها العامين الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين وكبار قادتها العسكريين، تحاول تحقيقه عبر محاولة إدخال لبنان في متاهة الحروب الإقليمية المتداخلة مع حدوده الشمالية والشرقية، بحيث تصبح خواصره رخوة وغير قادرة على تحمّل ما قد تتعرّض له من ضغوطات غير عادية سيكون لها التأثير الحتمي على الداخل غير المحصّن بما فيه الكفاية، إن لم نجارِ البعض في القول بأن هذا الداخل المتخاصم مع نفسه مهيأ أكثر من أي وقت مضى على التأقلم مع ما يُرسم له وللمنطقة من مشاريع لم تكن لترى النور لو لم تأتِ مفاعيل عملية "طوفان الأقصى" على عكس ما أُريد لها من نتائج وانعكاسات لم تصب في مصلحة الفلسطينيين أولًا، وكذلك لم تخدم أهداف "حزب الله"، الذي قرّر أن يُدخل لبنان في حرب غير متكافئة الظروف مع عدو أتته "حرب الاسناد" على طبق من فضة لكي يبرّر ما قام ويقوم به من مجازر تدميرية.
فما تحدّث عنه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عندما أقسم اليمين الدستورية عن حيادية لبنان كان يدرك عن سابق تصّور وتصميم، وعن سابق تجاربه العديدة في خدمته العسكرية، ضابطًا وقائدًا، أن لبنان غير قادر على تحمّل ما تجلبه "حروب الآخرين" على أرضه وعلى حدوده من كوارث وويلات. وقد يكون الرقم التقديري للبنك الدولي لإعادة بناء ما هدّمته إسرائيل في عدوانها الأخير، وهو أحد عشر مليار دولار، رقمًا خياليًا بالنسبة إلى بلد مثل لبنان يرزح تحت أعباء اقتصادية ومالية ثقيلة، وهو غير قادر على حملها لوحده، خصوصًا إذا ما أُضيف على هذا المبلغ الضخم ما خسره لبنان اقتصاديًا نتيجة تراجع القيمة الانتاجية إلى ما دون الصفر.
فتحييد لبنان نفسه اليوم وليس غدًا عن حروب الآخرين وصراعاتهم المتداخل فيها الإقليمي مع الدولي هو أكثر من ضرورة وطنية لكي يستطيع أن يمرّ من "خمر الابرة" بأقل أضرار ممكنة على وحدته الداخلية، ولكي يتمكّن بالتالي من تجاوز محنه بتماسك عضوي بين أبنائه المعرّضين لشتى أنواع التجارب القاسية.
فهل يستطيع لبنان، ومعه حكومة غير مجرّبة، تجاوز كل ما يحيط به من أزمات من خارج الحدود، وهو الغارق حتى أذنيه بمشاكله الداخلية وكأنه مكتوب على اللبنانيين ألاّ يتعايشوا مع الأمل، الذي لاح لهم مع انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا لجمهوريتهم. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة الجهاد الإسلامي: شعبنا الفلسطيني لن يسمح للاحتلال بفرض مخططاته التهويدية على أرضه Lebanon 24 الجهاد الإسلامي: شعبنا الفلسطيني لن يسمح للاحتلال بفرض مخططاته التهويدية على أرضه
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی من أرضه على أرضه أکثر من هذا ما
إقرأ أيضاً:
قبلان: نريد سلطة تحكم باسم المصالح الوطنية لا مصالح الآخرين
سأل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان هل لبنان دولة وطنية ام مستنقع احقاد ومشاريع توظيفات خارجية؟.وقال في بيان: "رغم وجع التاريخ ومراحل الإبادة التي تتعرض لها الثقافة والمصالح الوطنية في هذا البلد والتي غرقت بقاع حرب أهلية وفظاعات طائفية ومشاريع وصاية لا نهاية لها هناك من يتلطّى وراء سياسات وطنية تنزف بالأحقاد والمواقف التي تطال صميم مشروع الدولة وجوهر ضمانتها العابرة للطوائف، ومعها لا يبدو لبنان بخير أبداً، وقصة سيادة ووطنية واستقلال وحياد تفضحها مشاريع الآخرين العلنية على أرضنا ودون تحفّظ أو إدانة، واليوم الحديث عن لبنان حديث عن عائلة وطنية تعاني من أحقاد ومشاريع انتقام خطيرة حتى من مواقع يفترض أنها تمثل الدولة، والنقاش هنا يضعنا أمام أي دولة موجودة وأي دولة نريد، وهل لبنان دولة وطنية أم مستنقع أحقاد ومشاريع توظيفات خارجية، وماذا عن أحاديث الظل وسط منطقة تغلي بالأحقاد والمذابح ومشاريع الخراب الدولي".
أضاف: "ثم هل الحياد ودعاية السيادة والوطنية تفترض ترك إسرائيل وعدوانها دون قوة وطنية تليق بسيادة هذا البلد، أم يعني قصّ وريد الحياة عن مناطق الحافة الجنوبية الأمامية ومنع إغاثة بقية الأرض من حقها وناسها وهي التي تلفظ أنفاسها وسط قرى مدمرة ونكران وطني مخيف، كل ذلك وسط مواقف لا تؤمن بالوطنية والمواطن ولا بالعائلة اللبنانية، وما تؤمن به فقط الحقد والتشفي ونزعة الإنتقام التي لا نهاية لها، وأمام واقع البلد ونار الحقد وطبيعة المنطقة ونزيف الشعارات وما يجري بالكواليس أقول: لا قيمة للشعارات والمواقف الإستهلاكية أبداً، وتاريخ لبنان استهلاكي حتى زمن الحرب الأهلية، لذلك الدولة يجب أن تكون ضمانة وطنية بمشاريعها وأولوياتها الوطنية وعلى الأرض بعيداً عن مشاريع الظلّ، وكلمة ضمانة وطنية جوهرية للغاية بالتكوين اللبناني وهذا ما نحتاجه بعيداً عن همروجة الشعارات والمواقف".
وتابع: "اللحظة للبنان كقيمة وطنية عبر سياسات تعكس قضية الدولة بشعبها وأرضها وسيادتها، وعبر دولة تضعنا فعلاً أمام حارس وطني بأرض الجنوب والحافة الأمامية ومشاريع الإغاثة لأنّ ما يجري وما نعرفه جيداً يفضح الوطنية ويضع الدولة أمام نفوذ خارجي يريد البلد على صورة فرن للأحقاد والإنتقام بعيداً عن جوهر الوظيفة الضرورية للدولة بشقها الوطني والعمراني والإغاثي والسيادي، وما نريده سلطة تحكم باسم المصالح الوطنية لا مصالح الآخرين، والحياد في هذا العالم كذبة، ومصالح لبنان مهددة بشدة، وما يجري بالبلد تمييزي جداً وخطير جداً، وما يقوم به البعض يحتاج لتوضيح، والدولة دولة بمقدار قيامها بوظيفتها السيادية والوطنية والإغاثية بعيداً عن عقدة اللوائح، ولبنان أمام فرصة تكاد تكون مفقودة، وما نحتاجه لبنان الفرصة قبل فوات الأوان".