هل تتجه سوريا لتجريم إنكار جرائم الأسد؟
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
شكلت تصريحات أدلت بها شخصيات مشهورة تبرئ الرئيس المخلوع بشار الأسد من جرائمه المرتكبة على مدى 14 عاما صدمة للسوريين، وتزامنت مع تحركات منسقة لفلول النظام المخلوع في الساحل السوري، في موقف يشير بمجمله إلى حملة منظمة مناهضة للحكم الجديد أثارت مخاوف الأوساط الحقوقية من جهود لإعادة البلاد إلى الوراء.
ويواجه المجتمع السوري منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 تحديات جسيمة على مختلف الأصعدة، ويرى خبراء في الشأن السوري أن من أخطرها ظهور خطاب سياسي يوالي النظام السابق صراحة، ويستخدم التشكيك بما تعرض له السوريون في ظل سلطته، من قمع وجرائم مروعة، أداة في هذا الصدد.
بدأت سردية "نظافة يد الأسد من دماء السوريين" في الظهور على منصات التواصل الاجتماعي، منذ أن أدلت الممثلة السورية التي عرفت بقربها من آل الأسد ودفاعها المستميت عنهم في ذروة الحرب، سلاف فواخرجي، بتصريحات وصفت فيها الأسد بالرجل الشريف، وأنها تراه "إلى هذه اللحظة شريفا، إلى أن يظهر عكس ذلك".
وفي السياق ذاته، شككت الفنانة المصرية إلهام شاهين بمشاهد السجون وأساليب التعذيب الوحشية التي استخدمت ضد السجناء في سوريا، قائلة "الله أعلم بالحقيقة، هناك من يقول أشياء، وهناك من يقول عكسها". وأضافت في مقابلة تلفزيونية "لا اعتبر بشار الأسد مجرما، وساندته لأنه كان يحارب الإرهاب".
إعلانومقابل ذلك، دعا الفنان السوري جهاد عبده إلى تجريم إنكار الإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق شعبه طوال 14 عاما، وطالب في مقطع فيديو نشره في حسابه على إنستغرام، بمحاسبة كل من ينكر الجرائم التي شملت الترهيب والتعذيب والتغييب والتشريد بحق ملايين السوريين.
وأكد عبده أن تحريف الحقائق التاريخية، وإنكار الفظائع الموثقة التي ارتكبها نظام الأسد، في الوقت الذي ما زال فيه السوريون يبحثون عن رفات أحبائهم المفقودين، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام والصراعات، مشددا على ضرورة إحياء ذكرى الضحايا والاعتراف بما حدث، كخطوة نحو الحد من خطاب الكراهية ومنع تكرار الجرائم في المستقبل.
View this post on InstagramA post shared by Jay Abdo جهاد عبده (@jay.abdo)
حملات خفية مضللةوسبق أن حذر أحمد بريمو المدير التنفيذي لمنصة تأكد، وهي منصة مستقلة متخصصة بالتحقق من الأخبار والمعلومات، من تصاعد حملات تضليل خطيرة، تدار بشكل خفي وتعمل بفعالية في سوريا، مؤكدا أن فرق المنصة رصدت هذه الحملات أثناء عملها على تحليل المعلومات المضللة، التي زادت وتيرتها بعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع.
وأشار بريمو، في بيان نشره موقع المنصة، إلى وجود 3 حملات، تتعلق الأولى بالتحريض الطائفي، عبر فيديوهات مجتزأة أو قديمة يتم إعادة نشرها، إلى جانب مشاهد حقيقية تُظهر اعتداءات من قبل مدنيين أو مسلحين على أفراد من النظام المخلوع، لكنها تعرض في سياق يوحي بأعمال انتقام طائفية.
وتتعلق الثانية، بجمع معلومات حساسة عبر استخدام روابط مجهولة المصدر، يتم الترويج لها كوسيلة لتسوية أوضاع ضباط أو موظفين حكوميين، مما يعرض المستهدفين لمخاطر أمنية كبيرة.
في حين، تهدف الثالثة إلى تشويه سردية المعتقلين، من خلال نشر شهادات مزورة، تهدف إلى ضرب مصداقية الشهادات الحقيقية، داعيا إلى الحذر من هذه الحملات "التي تسعى إلى نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار".
الادعاء المتداول حديثًا مع مقطع فيديو، الذي يزعم أنه تهديد أطفال من "عصابات بني أمية الجدد الجولانية" في إشارة إلى السلطات السورية الجديدة، بالتزامن مع الأحداث الدامية في الساحل السوري، هو ادعاء مضلل. فقد أظهر البحث أن مقطع الفيديو قديم ومنشور منذ عام 2014، ويوثق تهديد شاب لبناني… pic.twitter.com/X03xP2fUhy
— تَـأكّـدْ (@VeSyria) March 10, 2025
أدلة ووثائق تم تجاهلهايرى الحقوقي والناشط المدني فراس الخالد أن التصريحات التي تم تناقلها وحاول أصحابها تجميل صورة الأسد المخلوع، وتبرئته من الجرائم التي ارتكبها نظامه، تجاهلت بشكل متعمد آلاف الأدلة والوثائق التي تثبت تورطه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، منذ عام 2011 الذي بدأ فيه باستخدام العنف المميت ضد حراك شعبه.
إعلانوأوضح، في حديثه للجزيرة نت، أن منظمات دولية عديدة تحتفظ بأدلة موثقة بهذا الخصوص، على رأسها لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2011. ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، والشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ووثقت جميعها آلاف الجرائم وأسماء مرتكبيها، خلال الفترة بين عامي 2011-2024، وعززت أدلتها بمقابلات مع فارين من المؤسسة العسكرية، وضحايا التعذيب في السجون.
وتنضوي الانتهاكات، التي تعرض لها الشعب السوري خلال حكم الأسد، بحسب قواعد البيانات، التي أنشأتها المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، تحت مصطلحات القتل خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، والتعذيب حتى الموت داخل أمكنة الاحتجاز، واستخدام الأسلحة الكيميائية والذخائر المحرمة دوليا.
وعلاوة على ما احتفظت به المنظمات من أدلة ووثائق مثبتة، يرى الخالد أن محاضر اجتماعات خلية الأزمة -التي كانت تدير دفة الصراع داخل النظام السابق- والتي تم تسريبها، تثبت بشكل قاطع مسؤولية الأسد عما ارتكبته المؤسسة العسكرية من فظائع، إذ كانت مقررات اللجنة تخضع على الدوام لتوجيهاته، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وفي غضون ذلك، أعربت بريجيت هيرمانس، الباحثة في مجال العدالة والمحاسبة بسوريا في مركز حقوق الإنسان بجامعة "خنت" البلجيكية، عن أملها في أن تجري محاكمة الأسد في سوريا، مشيرة إلى أن الجهات السورية الفاعلة، قامت بتوثيق الجرائم منذ اللحظة التي بدأ فيها النظام باستخدام العنف ضد المتظاهرين.
ونقلت وكالة الأناضول عن هيرمانس قولها إن "المعارضة أعلنت أنها ستحترم المبادئ الديمقراطية وستشكل إدارة ديمقراطية، ونأمل أن يحدث هذا. ولأول مرة في التاريخ سيكون من الممكن إجراء محاكمات محلية في سوريا".
إعلانوكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أصدرت أكثر من 1800 تقرير وبيان يغطي العديد من أشكال الانتهاكات والفظائع، التي ارتكبها نظام الأسد. وطالبت في تقرير حديث بتركيز جهود الملاحقة القانونية والقضائية على القيادات العليا، من الصفين الأول والثاني في الجيش وأجهزة الأمن، المسؤولين الرئيسيين الذين وضعوا خطط الانتهاكات، وأشرفوا على تنفيذها بشكل مباشر.
وقال البيان إنه إلى جانب القيادات العسكرية والأمنية، يوجد متورطون من مستويات أدنى، بينهم ممثلون وفنانون وكتاب وسياسيون، دعموا جرائم النظام بطرق مختلفة، وفي بعض الحالات مارس هؤلاء التحريض على القتل وزيادة المعاناة بدرجات متفاوتة، ويجب أن تخضع أفعالهم للتقييم أمام القضاء ضمن إطار العدالة الانتقالية.
إنكار الأسديةمن جهته، اقترح الأكاديمي السوري الدكتور عماد الدين المصبح استخدام مصطلح "إنكار الأسدية" لوصف ظاهرة إنكار الجرائم والانتهاكات واسعة النطاق التي ارتكبها نظام الأسد في سوريا، والخطابات التي تحاول نفي أو تبرير الفظائع الموثقة.
وأضاف للجزيرة نت أنه استوحى المصطلح من أمثلة مثل "إنكار الإبادة الجماعية"، مشيرا إلى أن الهدف هو الدعوة إلى تجريم كل من يُثبت تورطه في هذه الحالة الإنكارية.
ويجمع المصطلح بين مفهومي "الأسدية" و"الإنكار"، للإشارة إلى أي محاولة لتزييف الحقائق التاريخية، أو إنكار المجازر، أو تبرير الجرائم المرتكبة، أو تصوير النظام الأسدي وكأنه ضحية مؤامرة، بدلا من الاعتراف بكونه نظاما ارتكب أفعالا إجرامية، على حد قوله.
وتتصدى تفاصيل المصطلح، بحسب حديث المصبح، للأيديولوجيا والسياسات المرتبطة بنظام عائلة الأسد في سوريا، كمنظومة فكرية وسلوكية قائمة على الاستبداد والعنف المنهجي، أنتجت مجازر وجرائم، كمجزرة حماة 1982 ومجازر الأسلحة الكيميائية والمجازر الجماعية في السجون، إضافة إلى جرائم أخرى، يخرج اليوم من يشكك بها، أو يبررها، على أنها إجراءات ضرورية لمحاربة الإرهاب.
إعلانويرى الأكاديمي السوري أن التشكيك بالتقارير الدولية، ونفي صحة الأدلة الواردة في تقارير أخرى مثل ملفات قيصر التي وثقت آلاف الصور لضحايا التعذيب في سجون الأسد، ومحاولة التقليل من حجم الكارثة الإنسانية، التي شهدتها سوريا، إنما يشكل خطورة ليس فقط على الضحايا، بل على السردية التاريخية ككل.
التجريم خطوة ضروريةيحظى تجريم إنكار الجرائم المروعة التي ارتكبها نظام الأسد، باهتمام مختلف شرائح المجتمع السوري، وحفلت مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، خلال الأسبوعين الأخيرين، بآراء يستهجن أصحابها هذا الإنكار، مطالبين مواجهته بعقوبة قانونية.
كما اعتبر رواد المنصات الاجتماعية تجريم إنكار جرائم الأسد مطلبا شعبيا، ودعوة مفتوحة لتجريم من تثبت بحقه هذه الحالة الإنكارية.
ويؤكد الحقوقي المختص بالقانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان، المعتصم الكيلاني، أن تجريم إنكار الجرائم الجماعية في سوريا، هو خطوة ضرورية نحو تحقيق العدالة ومنع تكرار الجرائم وضمان عدم الإفلات من العقاب.
ويهدف تجريم إنكار هذه الجرائم في السياق السوري، بحسب الكيلاني، إلى:
منع تكرارها في المستقبل، حيث يهيئ إنكارها الأرضية لارتكاب فظائع جديدة. إضافة إلى حماية الذاكرة التاريخية، إذ يساهم تجريم الإنكار في ترسيخ الحقيقة، ومنع التلاعب بها من قبل القوى التي تحاول تبييض سجل الجناة. تحقيق العدالة للضحايا، فالاعتراف القانوني بالجرائم والانتهاكات، يمنح الضحايا وعائلاتهم الشعور بالإنصاف، ويعزز جهود المصالحة الوطنية. محاربة خطاب الكراهية والتطرف، فقد يكون إنكار الجرائم جزءا من خطاب كراهية يؤجج الانقسامات داخل المجتمع السوري، مما يجعل من الضروري الحد منه قانونيا. الاقتراب من المعايير الدولية، حيث يعاقب القانون في العديد من الدول الأوروبية، إنكار الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، مما يشكل حالة من الممكن أن تستفيد منها سوريا. إعلانوبالنظر إلى أمثلة دولية يرى الكيلاني أنه من الضروري أن يتضمن قانون العقوبات السوري المستقبلي، مادة واضحة تجرم إنكار المذابح الجماعية والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري أثناء حكم عائلة الأسد، للوقوف بوجه الترويج للإنكار أو التشكيك، الذي يهدف إلى طمس الجرائم، وإفلات مرتكبيها من المحاسبة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الجرائم التی الأسد فی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
لا لتجريم ستات الشاى
اعتقد ان المطالبه بحرمان ستات الشاى من عملهن وتحريمهن بتهم كالتجسس للمليشيات هذه جريمه لم تثبت وهذا ظلم وتغول على الحريات العامه وعدم عداله ونوع من الجهويه والعنصريه فلا يجب ان نقصد مهنه محدده ونوصفها بصفات ما وندينها على هذا الاساس وتجرمها ونقصدها وتحرم العاملين فيها عن العمل والادانه والعقاب دائماً فردى والادانه لمهنه معينه هذا غير منطقى وعدم عداله وغير قانونى وخطأ فالإدانات والعقاب دائماً فرديه وليس جماعيه او مهنيه او جهويه والحديث عن ستات الشاى والحديث الذى يدور عن ستات الشاى وأنهن من الغرب ويتجسسن للمليشيات حديث عنصرى وجهوى سيمزق المجتمع وانت شرع ماتشاء من قوانين وبعد ذلك اقبض وعاقب من يخالف هذه القوانيين بالأدلة والبراهين ولكن لا تصنف وتعاقب بتوصيف مهنه معينه توصيف جهوى اوعنصرى او قبلى بانهم جواسيس وعملاء ( كمثال ستات الشاى ) وذلك بسبب أنهن قادمات من غرب السودان فهن جاسوسات لحميدتى وتعاقبهن على هذا الاساس وتحرمهن من العمل واعتقد هذا نوع من الجهل وتوصيف جهوى وعنصرى ولا يجب ان نردد بان القادمين من جنوب او غرب السودان هم الخطرين على الامن فى الشمال او الوسط فهذا سيمزق الوطن هؤلاء مواطنين مثلى ومثلك لهم الحق ان يتجولوا فى وطنهم كما يشاؤون وان يعملوا فى اى مهنه يختاروها
شكل مؤسسات شرطيه وأمنيه قويه وليست جهويه وأوكل لها الأمر هذا هو المطلوب افعل كما فعلنا فى زمن الانجليز وبعد الاستقلال مباشره عين بلا جهويه ولا قبليه واجعل الحياه تسير بدون رعب من اهل الشرق او الغرب فهم مواطنين واصحاب بلد مثلك تماماً والان مثلاً فى الدول الغربيه لا يعينون فى الجيش اوالشرطه من جهه معينه فالننقل تجربة الغرب والدول الناجحه ونطبقها ونترك هذا التخبط والعشوائية والجهوية وتجريب المجرب .
محمد الحسن محمد عثمان
omdurman13@msn.com