خليفة بن عبيد المشايخي
halifaalmashayiki@gmail.com
تتعاقب عليه الشمس بين شروق وغروب وهو يرتجي الفرج، يدلف صوب مخدعه يلتحف الهَمّ تارة ويفترش تحته ذلا وهوانا تارات أخرى، فيبيت ليلته أسير الفكر هائماً على وجهه في مسارات حياتية كثيرة، فيمعن النظر هنا ويحدق أخرى هناك؛ إذ كيف له أن يوفق بينهما ويلبي حاجاتهم جميعاً وهو خالي اليدين لا يملك إلا الدعاء والصلاة والاستقامة.
عددهم والحمدلله كثير، ودخله معدم أو قليل، ولا أحد يكترث، ويتناوشه ذاك بشيء، وينازعه آخر في شيء، ويثقله حديث ذاك، ويجرحه مثله من آخر، وهو قد بلغ الخمسين من عمره، ولا زال يتأمل عيشًا كريمًا حرًا هانئًا، يعلل النفس بالآمالِ يرقُبُها "ما أضيقَ عيشَه لولا فسحةُ الأمَلِ".
فيمضي جل وقته وفيًا مع ذاك ومخلصًا مع غيره من أشقائه، يسير بهم على ظهره عقبات كؤود، ويمشي بهم متأبطًا أذكاره وتسابيحه وتهاليله، وتتعاقب عليه دورة الأيام وحياته حُبلى بالعسر، وتمضي ساعاته وهو يناظر الوقت ينتظر اليسر، ويمازح المَقت أن لا تجعلني أسيرك وسجاني، وتنفرج معه قليلًا ويدوم عسره طويلًا وهو متأسٍ بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومتمسك بعهده مع ربه وكفى، ومعتصم بحبله المتين هو كافٍ وما هفا.
مر الوقت سريعًا وحان العود والانشغال والعمل والفكر ومضاعفة الاهتمام، بينما آخر بين سجود وركوع وخشوع وخضوع يتحدث مع نفسه ويواسيها مُستذكرًا كيف سيقضي لياليه بدوني، وكيف سيشق طريقه مع إخوته حينما تحين العودة وأنا لست معه أو بينه أو حوله، ينظر إلى الأفق إذ به مرتفعا، وينظر إلى يمينه فلا يرى إلّا صنعًا محكمًا من الحديد، ويتمتم حسبنا الله ونعم الوكيل، ويا الله إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فيُقال له هون على نفسك وروحك، فإنك بأعيننا ولن تُهان ونحن الأعلون ولن تذل، والعاقبة عليهم لا محالة ستكون وخيمة فاصبر وراقب وانتظر، فالدائرة عليهم موجتها عسيرة، وضربتها ستكون مريرة وأليمة.
يسترجع مع نفسه عطاءه وصلاحه وهمته وحالاته، وفي مكانه يأتون إليه ليأكل ولكنه يأبى فليس للطعام رغبة ولا للأكل نفس، فأي جرم حزته وبلغته أوقعني هنا، ولكن الله تعالى معي يسمع ويرى وسينصر وسيهزم الجمع وحتماً سيفرج.
مضت أيامه ضعيفًا لا يقوى على النشور، وصارت أوضاعه متخمة بالحزن لا تقوى على الألم ولا على الأوجاع ومرارات الحرمان والفقد، فيا رب فرجها من عندك يا غفور .
يأتيه هاتف من هناك "أأنت فلان" فيجيب نعم، فيقال له احزم أمتعة أحزانك ويمم صوبنا، فلم نرَ لك مكانا هنا لأنهم في شغلهم ساهون، وفي غيهم يعمهون، فلا تيأس فقط كن قويًا وجاهد، "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"، فهم ليس من شيمتهم الإحسان؛ بل الإساءة على الدوام.
تشير عقارب الساعة خارجًا إلى الثانية ليلًا، بينما هو انتصب قبلها بساعة أمام خالقه يناديه يناجيه يخبره بما في نفسه وهو أعلم بما في نفسه، يبوح له بأسراره وهو أيضا يعلم بأسراره، والفجر ينشق تدريجيا وتحين الصلاة، فيتوجه فيها بالدعاء، وبقراءة القرآن بعدها، بينما ذاك للأسف بات ملطخا بالعار والشؤم واللؤم، وبات متوشحا بالظلم وبالحقارة للأسف، معتقدا أنه انتصر أو أنه هكذا تدار الأمور .
أتى التاريخ سريعًا، وحانت الفوضى والانتشار والحراك، بينما من عنده لا يجد لهم رغيف خبز ليطعمهم، ولا حذاءً بالياً ليُلبسهم، ولا قماشا ساترا ليلبسهم، وينادي لهم الستر فيقال له اخرس فأنت لست نحن، واصمت فأنت حرمت وستحرم، وينفض عن نفسه مآسيه وأحزانه مع قرع بابه، فإذا برسول يلقي عليه التحية والسلام فيرد، ثم يقول له هات البشارة فيقال له خيرًا وما جئنا لك وإليك إلا للخير وبالخير.
إن عمان اليوم وغدا وهي على موعد مع عودة أبنائها إلى مقاعد الدراسة، لتامل أن تكون عودة آبائهم إليهم من غربتهم سريعا، مقرونة بعودتهم، فهم في غربة حينما يكونون بين جدران أربع وبوابات ضخمة مرصعة بالحديد والقوة، فاحنوا عليهم واجعلوا أنفسكم مكانهم، فليس هناك شيء يستحق السخط أو أن نكون سيوفا مسلطة على رقابهم ورقاب العباد.
عودا محمودا لأبنائنا لمدارسهم، ولا ننسى أن كل ساق سيسقى بما سقى إما عاجلا أو آجلا، والله يمهل ولا يهمل، وهاك البشارة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موعد السحور وأذان الفجر رابع أيام رمضان.. تعرف عليه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يحرص المسلمون في شهر رمضان على معرفة موعد آذان المغرب والفجر يومياً بدقة، حيث يمثل آذان المغرب بداية الإفطار بعد يوم من الصيام، بينما يحدد آذان الفجر بداية الامتناع عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار، وتعتبر هذه الأوقات من أهم ما يهتم به المسلمون في رمضان، إذ يساعدونهم على تنظيم عباداتهم وطقوسهم اليومية، بدءاً من السحور وحتى الإفطار، ويعتمد المسلمون في معرفة هذه الأوقات على إمساكية رمضان وحسابات فلكية دقيقة، مما يعكس عناية المسلم بدينه وحرصه على أداء عباداته في مواعيدها الصحيحة.
وبدأ شهر رمضان لعام 1446 هجريا الموافق 2025 ميلاديا، السبت أول مارس 2025، وعدته هذا العام 29 يوما، واخر أيامه 29 مارس 2025.
مدة الصيام في اليوم الرابع من رمضان:(الإثنين 3 مارس): 13 ساعة و21 دقيقة.
السحور: 2:33 صباحاً.
إمساك: 4:33 صباحاً.
أذان الفجر: 4:53 صباحاً.
أذان المغرب: 5:55 مساءً.
ووفقا لـ إمساكية أول أيام شهر رمضان كان أقصر أيام الشهر من حيث عدد ساعات الصيام بمعدل الصوم 13 ساعة و20 دقيقة، واخر أيامه هو الأطول من حيث عدد ساعات الصيام بمعدل 14 ساعة و12 دقيقة.
وشهر رمضان هو الشهر التاسع في السنة القمريّة، ويأتي بعد شهر شعبان، ويتبعه شهر شوّال، وقد فضّله الله -تعالى- على باقي أشهر السنة؛ لأنّه أحد أركان الإسلام، كما أنَّ صيامه فَرض على كلّ مسلم، وعنه قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)،
وسخر الله الأرض والسماء لخدمة الإنسان، فزخرت السماء بالأجرام السماوية التى يمكن دراسة الوقت من خلال حركتها، وذلك لثبات واستقرار حركتها مثل النجوم "الشمس والكوكب والأقمار"، ومن خلال متابعة حركة هذا الأجرام وحسابها اتخذ الإنسان منذ القدم هذه الحسابات لتحديد التقويم، والتقويم هى الترجمة العربية لكلمة "calendar" أى أول يوم من الشهر.
ولقد اتخذت شعوب كثيرة تقاويم خاصة بها ومن أمثلتها: "التقويم المصرى الفرعونى "القبطى" - التقويم الميلادى اليوليانى "الجريجورى" – التقويم العبرى – التقويم السريانى – التقويم الرومانى – التقويم الفارسى – التقويم الإغريقى – التقويم البابلى – التقويم الهجرى"
ونظام التقويم الهجرى يعتمد على الشهر القمرى الذى يتمثل بالمدة الزمنية التى يستغرقها القمر فى دورة كاملة حول الأرض والأشهر الهجرية هى " 1 المحرم – 2 صفر – 3 ربيع الأول – 4 ربيع الآخر – 5 جمادى الأول – 6جمادى الآخر – 7 رجب – 8 شعبان – 9 رمضان – 10 شوال – 11 ذو القعدة – 12 ذو الحجة".
والتقويم الهجرى أو القمرى أو الإسلامى هو تقويم يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر وتتخذه بعض البلدان العربية مثل السعودية كتقويم رسمى للدولة، وأنشأه الخليفة عمر بن الخطاب وجعل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة فى 12 ربیع الأول (24 سبتمبر عام 622م) مرجعًا لأول سنة فيه، وهذا هو سبب تسميته التقويم الهجرى.