«المجلس».. منبر اجتماعي عنوانه الكرم
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
تُعد المجالس جزءاً أصيلاً من التراث الثقافي غير المادي لدولة الإمارات ودول الخليج، وتجسد نموذجاً حياً للتواصل الاجتماعي والحوار البناء بين أفراد المجتمع، فهي حظيت باهتمام دولي عندما تم إدراجها على قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، وذلك تقديراً لدورها المهم في نقل القيم والتقاليد وتعزيز التماسك الاجتماعي، باعتبارها رمزاً للتقاليد العريقة التي تجمع بين الماضي والحاضر، ما يجعلها ركيزة أساسية في الحفاظ على الهوية الثقافية للأجيال القادمة.
والمجالس كانت وما زالت تسهم في تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع وغرس القيم والتقاليد في نفوس الأجيال الجديدة، ورغم تغيرات الزمن، يظل دور هذه المجالس جزءاً مهماً من التراث الثقافي الذي يفخر به أهل الإمارات.
دور محوري
المجالس لها أهميتها وأثرها وقيمتها في المجتمع، حيث يقول الباحث في التراث علي المطروشي، إن المجلس أو كما يعرف محلياً بـ«الميلس»، يعد من المرافق الأساسية التي ارتبطت بالمجتمع العربي قديماً وحديثاً، فقد كان المجلس وما زال رمزاً للكرم العربي الأصيل المتجذر في نفوس العرب منذ الِقدم، كما يعتبر منصة اجتماعية وتربوية، حيث لعب دوراً محورياً في بناء الروابط وتعزيز القيم داخل المجتمع.
ولطالما كانت المجالس مركزاً حيوياً للحياة الاجتماعية، فهي ليست مجرد مكان للقاء أهل الحي، بل فضاء لتبادل الأخبار والمشورة، وتعليم القيم والسنع للأجيال الناشئة، كما أنها تمثل الواجهة الحضارية والكرم لأهل البيت.
المجالس أنواع
وتنقسم المجالس إلى أنواع مختلفة وفقاً لطبيعة سكان المنطقة، حيث تأثرت المجالس بعوامل البيئة وطريقة الحياة بين الحضر والبدو، وعن ذلك يقول المطروشي: «هناك مجالس الحضر التي تطورت مع مرور الزمن فكانت تُشيّد قديماً باستخدام مواد بسيطة مثل جذوع النخيل والسعف، وتُفرش بالحصير اليدوي».
وذكر المطروشي أن مجالس البدو تختلف عن مجالس الحضر، فهي تتأقلم مع الطبيعة الصحراوية المفتوحة، ومنها مجالس «الحضيرة» وفيها يجتمع أفراد القبيلة وضيوفهم في حلقة دائرية على الرمال، حيث توقد النار للإنارة، أو لإعداد القهوة، أو للتدفئة في الشتاء.
تصنيف المجالس
ويؤكد المطروشي أن المجالس صُنفت وفقاً لفئاتها إلى أنواع عدة منها مجالس الحكام والشيوخ، وكانت تخصص لحل المنازعات، وسماع شكاوى الناس، وتلبية مطالبهم، وتعقد فيها المباحثات المتعلقة بشؤون البلاد واستقبال ضيوف الإمارة. ويلفت المطروشي قائلاً: يُطلق على مجلس الحاكم اسم «البرزة»، ويقال: «الشيخ يبرز عقب العصر»، في إشارة إلى استقباله للناس في مجلسه بعد صلاة العصر، وتميزت هذه المجالس بالوقار والهيبة، مع التحفظ الشديد في السلوكيات لضمان احترام المكانة العالية للحاكم أو الشيخ.
الأعيان والشعراء
ويشير المطروشي أيضاً إلى مجالس الأعيان التي تجمع وجهاء المجتمع مثل النواخذة «قادة السفن»، والطواويش «تجار اللؤلؤ»، والتجار، وملاك العقارات، وغالباً ما يدور الحديث في هذه المجالس حول الأعمال التجارية، الأسفار، والقضايا المرتبطة بمصالحهم، وقد اتسمت بمراعاة أصول وقيم «السنع»، والآداب السلوكية التي تعكس الاحترام المتبادل بين الأفراد.
وهناك أيضاً مجالس الشعراء والأدباء والمثقفين في مختلف الإمارات، وعنها يوضح المطروشي أن هذه المجالس تعتبر منابر للإبداع الثقافي، حيث يرتادها الشعراء والأدباء والرواة لتبادل القصائد النبطية والفصحى، ومشاركة القصص الشعبية والأدب العربي، وفيها تخف حدة القيود السلوكية وتكون أكثر عفوية وتلقائية.
بيوت الشعر
مجالس بيوت الشعر، تُعقد في خيام منسوجة من شعر الماعز أو وبر الإبل، مما يجعلها مناسبة لحياة البدو، وفي وسط الخيمة يتم إشعال النار، وحولها يتبادل الحاضرون الأحاديث والأخبار، كما يتم تقديم القهوة والضيافة، وهو ما يعكس القيم العريقة للكرم والتواصل الاجتماعي في البيئة البدوية.
مجالس النساء
يلفت الباحث التراثي علي المطروشي، إلى أن المجالس لم تكن حكراً على الرجال، إنما كانت النسوة أيضاً يمتلكن مجالسهن الخاصة التي كانت تعكس خصوصية مهمة ضمن النسيج المجتمعي، قائلاً: عرفت هذه المجالس بمساحاتها المريحة وتوقيتها المناسب، حيث كانت تُعقد غالباً خلال وقت الضحى أو بعد العصر، وتقام داخل البيوت أو في المساحات المفتوحة بين المنازل.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التراث الثقافي الإمارات التراث هذه المجالس کانت ت
إقرأ أيضاً:
افتتاح "ملتقى المجالس الاستشارية الطلابية" في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصور
صور- الرؤية
أقيم في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصور اليوم ملتقى المجالس الاستشارية الطلابية الثالث، تحت رعاية سعادة الدكتور الشيخ هلال بن علي بن سعود الحبسي والي صور، وبحضور الدكتور راشد بن ناصر المطاعني مساعد رئيس الجامعة بصور، إلى جانب عدد من أصحاب السعادة، وكبار المسؤولين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وأعضاء المجالس الاستشارية الطلابية من مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان.
ويهدف الملتقى إلى رفع مهارات التفكير الناقد، وفن التحفيز الذاتي وتعزيز مهارات القيادة والتفكير الاستراتيجي بالإضافة إلى تطوير مهارات القيادة الفعالة. بدا الملتقى بالسلام السلطاني والقرآن الكريم، ومن ثم عرض مرئي عن تاريخ انشاء المجالس الاستشارية الطلابية، تخلله تدشين لمجلة المجالس الاستشارية الطلابية.
بعد ذلك قدم الدكتور راشد بن ناصر المطاعني مساعد رئيس الجامعة بصور كلمة الجامعة الافتتاحية للملتقى، والذي قال فيها: "يسعدنيَ أن أرحبَ بكمُ أجملَ ترحيبٍ في افتتاحِ ملتقى المجالسِ الاستشاريةِ الطلابيةِ الثالثِ والذي تنظمهُ جامعةُ التقنيةِ والعلومِ التطبيقيةِ بصورَ، يأتي هذا الملتقى في نسختِهِ الثالثةِ بعنوانِ "قياداتِ المستقبلِ: مهاراتِ القيادةِ والإدارةِ الطلابيةِ"، رُسمَ لهذا الملتقى أهدافًا ساميةً نطمحُ في تحقيقِها، ومنها أن يكونَ، منصةً للحوارِ البنّاءِ وتبادلِ الرؤى والخبراتِ والتجاربِ، وليكونَ فرصةً لاكتشافِ آفاقٍ جديدةٍ لأدوارِ المجالسِ الاستشاريةِ الطلابيةِ، وملتقىً لدراسةِ التحدياتِ واقتراحِ الحلولِ الإبداعيةِ، كما يهدفُ الملتقى لاكسابِ المشاركينَ مهاراتٍ نوعيةٍ تعينهمُ على تحقيقِ أهدافِهم، كما نرجو أن يكونَ مساحةً للتعارفِ والتشبيكِ بينَ القياداتِ الطلابيةِ والمؤسساتِ الأكاديميةِ".
وأضاف الدكتور راشد:" لقد حرصتْ اللجنةُ المنظمةُ على إعدادِ برنامجٍ متنوعٍ متكاملٍ يضمنُ تحقيقَ الأهدافِ المرسومةِ: حيثُ ستكونُ هناكَ جلساتٌ حواريةٌ تناقشُ الرؤى والتجاربَ تناقشُ التحدياتِ وتطرحُ الحلولَ، كما سيكونُ هناكَ ورشُ عملٍ تطبيقيةٌ لصقلِ المهاراتِ القياديةِ، كما لن يخلو البرنامجُ من أنشطةٍ ترفيهيةٍ تعززُ روحَ الفريقِ، وختامًا، كما يسعدنا اليومَ - في هذا الملتقى المباركِ - أن نُعلنَ لطلبتنا الأعزاءِ - بكلِ فخرٍ واعتزازٍ- تدشينَ النسخةِ الأولى من مجلةِ المجالسِ الاستشاريةِ الطلابيةِ.. والتي ستكونُ نافذةً مُشْرَعَةً على إنجازاتِكم، ومرآةً تعكسُ جهودَكم، ومنبرًا يُعبرُ عن طموحاتِكم. هذه المجلةُ التي نضعُها بينَ أيديكم اليومَ ليستْ مجردَ صفحاتٍ تُطوى، بل هي إرثٌ يُوثقُ، ومسيرةٌ تُسجلُ، وخطوةٌ نرتقي بها معًا نحوَ آفاقٍ أوسعَ من العطاءِ والتميزِ.
وبدأت الجلسة الحوارية الأولى بعنوان: "أهداف ورؤية المجالس الاستشارية الطلابية" استضافت نخبة من القادة المخضرمين بالمؤسسات التعليمية، بمشاركة الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية عميدة شؤون الطلبة بجامعة السلطان قابوس ولها تجربة كعضو مجلس الدولة، الدكتور حمد بن علي العلوي عميد وقنصل سابق، والفاضل محمد بن ناصر الرقيشي باحث قانوني، حاورهم الدكتور أحمد بن جمعة الريامي مساعد نائب الشؤون المالية والادارية برئاسة جامعة التقنية والعلوم التطبيقية.
تخلل فعاليات الملتقى ورشتين تدريبتين للطلبة المشاركين بعنوان: "مهارات القيادة والتواصل" قدمها الدكتور هاشل الغافري استاذ المناهج والتدريس المشارك بكلية التربية بالرستاق، الورشة الثانية بعنوان: "المواطنة الرقمية" قدمها الدكتور هلال بن علي الرشيدي باحث في علوم الإعلام والاتصال.
وبهذه المناسبة: قالت الدكتورة رياء بنت محمد الحجرية نائبة مساعد الرئيس للأنظمة والخدمات الطلابية رئيسة لجنة التنظيم للملتقى: "تعد المجالس الاستشارية الطلابية منصة تشريعية لتعزيز التواصل الفعّال بين إدارة الجامعة وطلابها، حيث تعتبر محورا حيويا لتبادل الأفكار والآراء بين الطلاب والقيادات الأكاديمية والإدارية، فهي تمثل صوت الطلاب وتعبر عن احتياجاتهم وتطلعاتهم، مما يسهم في صنع قرارات أكثر استنارة وملاءمة لاحتياجات المجتمع الطلابي".
وأضافت: "هذه المجالس تهدف الى تعزيز روح المسؤولية والقيادة لدى الطلاب، وتشجعهم على المشاركة الفاعلة في صنع القرارات التي تؤثر على مسيرتهم الأكاديمية وحياتهم الجامعية، بالإضافة إلى الدور الفعال بتطوير شخصية الطلاب وتعزيز روح العمل الجماعية وتنمية مهارات الحوار والتواصل، لذا تعتبر المجالس الاستشارية الطلابية منصة برلمانية مصغرة لإعداد وتهيئة جيل واع بالمجالس التشريعية بالسلطنة لممارسة الدور الإنساني والاجتماعي والخدمي بوعي وخُلق ومسؤولية".