بغداد اليوم -  بغداد

مع كل تصعيد أمريكي ضد إيران، يجد العراق نفسه في قلب العاصفة، وكأن مصيره أصبح مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بطهران، سياسيًا واقتصاديًا وحتى إعلاميًا.

العقوبات الأخيرة التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على مصارف عراقية، وإلغاء الإعفاءات الخاصة باستيراد الغاز الإيراني، وحتى الحديث عن عقوبات تطال وسائل إعلام محلية، ليست مجرد إجراءات منفصلة، بل هي انعكاس لعقود من سياسات عراقية وضعت البلاد في مدار إيران، حتى باتت بغداد تدفع ثمن كل مواجهة بين واشنطن وطهران.

لكن كيف حدث هذا؟ ولماذا لم تستطع الطبقة السياسية العراقية تحصين البلاد من هذه التبعية؟


الارتهان لإيران.. هل كان خيارًا أم حتمية؟

منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، أصبح النفوذ الإيراني في العراق واقعًا ملموسًا، إذ وجدت طهران في الفوضى السياسية والأمنية العراقية فرصة ذهبية لتعزيز حضورها عبر دعم قوى سياسية ومسلحة قريبة منها.

في البداية، كان هناك من يرى هذا النفوذ على أنه امتداد "طبيعي" للعلاقات التاريخية والدينية بين البلدين، لكن سرعان ما تحول إلى تبعية سياسية واقتصادية جعلت العراق مرتبطًا بإيران إلى حد يصعب فصله عنها دون تكلفة باهظة.

المحلل السياسي حيدر الهاشمي يقول بتصريحات صحفية سابقة: "منذ 2003، لم يكن أمام العراق خيارات كثيرة، إذ كانت واشنطن نفسها تعتمد على إيران لضمان استقرار الوضع العراقي. بمرور الوقت، تحولت هذه العلاقة من تنسيق مرحلي إلى تبعية شبه كاملة، خاصة مع تصاعد دور الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في المشهد الأمني والسياسي".


الاقتصاد العراقي.. لماذا فشلت بغداد في فك ارتباطها بطهران؟

العقوبات الأمريكية الأخيرة على المصارف العراقية وإلغاء استثناءات استيراد الغاز من إيران لم تكن مفاجئة، بل نتيجة طبيعية لعجز الحكومات العراقية المتعاقبة عن تنويع مصادرها الاقتصادية والطاقة.

يقول الخبير الاقتصادي ناصر الكناني لـ"رويترز": "العراق بلد غني بالموارد، لكنه يعتمد على إيران في ملف الطاقة لسبب بسيط: غياب الرؤية الاستراتيجية. كان بإمكان الحكومات السابقة تطوير حقول الغاز المحلية، لكنها فضّلت الحلول السريعة عبر استيراد الغاز الإيراني، مما جعل البلاد في موقف ضعيف أمام أي تغيير في السياسات الأمريكية تجاه طهران".

ومع إلغاء الإعفاءات الأمريكية، يجد العراق نفسه أمام خطر أزمة طاقة غير مسبوقة، حيث لا توجد بدائل جاهزة لتعويض الغاز الإيراني، ما قد يؤدي إلى انقطاعات كهربائية واسعة النطاق في الصيف القادم.


الإعلام العراقي في دائرة العقوبات.. ضريبة الولاء لإيران؟

عندما بدأت تقارير تتحدث عن احتمال فرض عقوبات أمريكية على بعض وسائل الإعلام العراقية، بدا الأمر وكأنه خطوة جديدة في سلسلة الضغوط الأمريكية على بغداد. فواشنطن لم تعد تركز فقط على الاقتصاد، بل أصبحت ترى في الإعلام العراقي أداة لتعزيز النفوذ الإيراني، وهو ما دفعها إلى التفكير في تقييد القنوات الممولة من طهران أو المدعومة منها.

يقول أستاذ الإعلام غالب الدعمي لـ"بغداد اليوم": "هناك مؤسسات إعلامية عراقية تعمل كامتداد للآلة الدعائية الإيرانية، وهذا يجعلها عرضة للعقوبات. واشنطن قد لا تكتفي بحظرها، بل ربما تسعى إلى ملاحقة مصادر تمويلها وفرض قيود على العاملين فيها".


السياسة العراقية.. لماذا لا تستطيع بغداد المناورة؟

رغم التغييرات السياسية التي شهدها العراق، بقيت الطبقة الحاكمة أسيرة توازنات إقليمية ودولية تجعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات جريئة تفك ارتباط البلاد بالمحاور الخارجية.

المحلل السياسي علي الموسوي يقول بتصريحات صحفية: "كل حكومة عراقية منذ 2003 كانت تدرك أن الخروج من دائرة النفوذ الإيراني يتطلب قرارات شجاعة، لكن المشكلة أن القوى السياسية التي تتحكم في المشهد لديها مصالح مباشرة مع طهران، ولذلك فإن أي رئيس وزراء يجد نفسه مقيدًا ولا يستطيع الخروج عن الخطوط الحمراء التي رسمتها هذه القوى".


هل يستطيع العراق الخروج من الدوامة؟

مع استمرار الضغوط الأمريكية وتصاعد العقوبات، يبدو العراق اليوم أمام اختبار صعب: إما أن يجد طريقة لفك ارتباطه التدريجي بإيران، أو أن يبقى رهينة للتجاذبات بين واشنطن وطهران، ما يعني استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية في المستقبل.

السؤال الكبير الآن: هل تملك الحكومة العراقية الحالية الإرادة السياسية لاتخاذ قرارات جريئة تخرج البلاد من هذه الدوامة؟ أم أن العراق سيظل يدفع ثمن خيارات لم يكن له فيها رأي منذ البداية؟


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

ألوية ميليشيا حشد كتائب حزب الله 45 و46 و47 ترفض “نزع” سلاحها وتؤكد دفاعها عن النظام الإيراني

آخر تحديث: 8 أبريل 2025 - 10:07 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- ذكرت الدائرة الإعلامية  لميليشيا حشد كتائب حزب الله  في بيان ،الثلاثاء، أن “وكالة رويترز للأنباء، نشرت بتاريخ 7 نيسان/ أبريل الجاري، تقريراً، تضمّن تصريحات نُسبت إلى ما سمته (قائد في كتائب حزب الله) بنزع سلاح فصائلنا الحشدوية ، وهي لا تمتّ إلى ثوابتنا ومواقفنا بأية صلة، وإزاء ذلك، نؤكد أن لا وجود لأي تصريحات للكتائب في وسائل الإعلام، إذ أن التصريحات تنحصر فقط بالمتحدث الرسمي محمد محي، والناطق العسكري جعفر الحسيني، ودونهما تُدرج ضمن إطار الكذب والافتراء”.وأضافت “وفي الوقت الذي ندعو وسائل الإعلام المحلية والدولية إلى الدقة والمصداقية في النشر، واستقاء المعلومات من مصادرها الحقيقية نحتفظ بحقنا في الملاحقة القانونية لوسائل الإعلام والعاملين فيها الذين يمارسون التضليل ونشر الأخبار غير المسندة الى المصادر الرسمية، حفاظا على معايير الصدق والموضوعية وقواعد النشر الصحفي المعتمدة، فضلا عن حماية الجمهور والرأي العام من حملات الكذب والتزييف”.وكانت وكالة “رويترز”، قد كشفت نقلاً عن عشرة من كبار القادة والمسؤولين العراقيين، يوم أمس  الاثنين، عن استعداد فصائل مسلحة حشدوية” مدعومة من إيران، “لأول مرة” لنزع سلاحها، وذلك من أجل تجنب خطر تصاعد الصراع مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

مقالات مشابهة

  • خيارات أمريكا التفاوضية مع إيران.. بين نووي سلمي ومواجهة حتمية
  • وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • واشنطن تفرض عقوبات على 5 كيانات تدعم البرنامج النووي الإيراني
  • منخفض يضرب العراق الأربعاء وتحذيرات من أمطار وموجات غبار والحرارة تلامس الـ 40 - عاجل
  • مع تزايد ضغوط أنقرة على بغداد.. الردع البارد خيار العراق تجاه حزب العمال
  • مع تزايد ضغوط أنقرة على بغداد.. الردع البارد خيار العراق تجاه حزب العمال - عاجل
  • ألوية ميليشيا حشد كتائب حزب الله 45 و46 و47 ترفض “نزع” سلاحها وتؤكد دفاعها عن النظام الإيراني
  • ترامب: المحادثات المباشرة مع إيران تجري على أعلى المستويات
  • رويترز: فصائل مدعومة من إيران في العراق مستعدة لنزع سلاحها لتجنب غضب ترامب
  • رويترز: فصائل عراقية مدعومة من إيران مستعدة لنزع سلاحها