الشيخ ولد الددو: النبي أسس 3 أجهزة أمنية واختياره لصحابته لم يكن عشوائيا
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
وخلال حلقة 2025/3/10 من بودكاست "النبي القائد" تناول الشيخ ولد الددو صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأصله وشمائله وكيف أنه أيضا ربَّى صحابته على اللين والرحمة وتوقير الكبير والعطف على الصغير والعفو عند المقدرة وإنزال الناس منازلهم.
لكن أبرز ما تناول الشيخ ولد الددو هو الجانب الأمني والاستخباري الذي اعتنى به النبي صلى الله عليه وسلم مبكرا، وطريقة تقسيمه لصحابته الأوائل كل حسب ظروفه وإمكانياته الشخصية وتفريقه بينهم في الاجتماع على نحو لم ينكشف معه أمرهم.
وعلى عكس العهد المدني الذي اشتهر بالعلوم وتوضيح الأحكام كالذبح والتقسيم وحل الطعام وحرامه، كان العهد المكي معنيا بتربية النفس والتكتم والتآزر وترسيخ العقيدة وإزالة الجاهلية من عادات الزنا، ومن شرب الخمر الذي كانوا يعتبرونه دربا من دروب الرجولة والشرف.
3 أجهزة أمنيةووفقا للشيخ الموريتاني، فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم 3 أجهزة أمن سريَّة أولها جهاز أمنه الشخصي (الحرَّاس) بقيادة عبد الله بن مسعود صاحب السر والوساد والسواك والنعلين، الذي أذن له برفع السجف (ستار البيت) وكان هذا الجهاز يضم أبا بكر الصديق ومحمد بن مسلمة وبلال بن رباح وسعد بن أبي وقاص، كما يقول الشيخ ولد الددو.
إعلانأما الجهاز الثاني -كما يقول ولد الددو- فكان جهاز أمن الجماعة الذي كان يقوده حذيفة بن اليمان لمعرفة كل من فيه شائبة نفاق ومن سيُدخل الفتنة على المسلمين، وكان من بين أعضائه أبو هريرة رضي الله عنهم أجمعين.
ويروي الشيخ عن أبي هريرة أنه قال بهذا الشأن "أخذت عن النبي وعائين من العلم، أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطعتم مني هذا الحلقوم". وقد نقل عبد الله بن المغفل أن أبي هريرة نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله "خراب أمتي على يدي أغيلمة من قريش".
ويروى أن أبا هريرة رضي الله عنه روى هذا الحديث في المسجد ذات يوم وكان مروان بن الحكم حاضرا فاستعاذ من ذلك، فقال له أبو هريرة "لو شئت لقلت إنهما بنو فلان" وذلك في إشارة إلى أنهما من بني مروان.
أما الجهاز الثالث فكان لأمن الدولة ومهمته تحسس الأخبار وكان يقوده عمرو بن أبي أمية الضمري الذي كان يلقب بوافد رسول الله عليه الصلاة والسلام لأنه كان يسبقه في كل سفر شهرا فيحدد موضع إقامته بالليل والنهار ومكان إقامة النساء والخيل والإبل والظل والشرب.
ومن أفراد هذا الجهاز صفوان بن المعطل السُلمي الذي كان يتخلف عن النبي عليه الصلاة والسلام في كل سفر يوما وليلة ثم يلحق به ثم يتخلف يوما وليلة ثم يلحق به.
وصفوان هذا هو الذي جاء بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في غزوة بن المصطلق فكان ذلك سببا في حادثة الإفك. ولم يتوقف عمل هذه الأجهزة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لأنها من ضرورات الدول، حسب قول الشيخ ولد الددو.
خداع المشركين
واللافت -حسب الشيخ الموريتاني- أنه صلى الله عليه وسلم ظل 3 سنوات في مكة لا يدعو للإسلام إلا من يثق بهم، وقبلها ثلاث لم يدعُ فيها أحدا. لكنه عندما أمر بالصدع بدينه، كان يقسم الناس 3 أقسام لكل منها وضع يناسبها.
وكان القسم الأول -والحديث لولد الددو- يضم أولئك الذين يمكنهم تحمل أعباء الدعوة والدين الجديد وقد كانوا 40 رجلا لا يعانون عوائق في أنفسهم أو في المجتمع من حولهم، وقد جعل لهم مقرا خاصا في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
إعلانولم يكن اختيار دار الأرقم عبثا -حسب الشيخ- ولكن لأن الأرقم كان شابا غنيا لا أولاد له في ذلك الوقت وكان بيته واسعا ويقع عند الصفا وقريب من بئر زمزم، فلم يكن يستغرب خروج الناس من جهته لأنهم ربما كانوا يطوفون ويسعون بالصفا أو يشربون من زمزم.
كما أن الأرقم كان ينتمي لحزب لَعَقة الدم الذين ناصبوا عبد المطلب العداء قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم عندما رفضوا أن يقوم على بئر زمزم دونهم عندما عرف مكانها، وكان الاجتماع في بيته نوعا من أنواع تضليل المشركين.
أما القسم الثاني من الناس فقد كانوا بلا عوائق أيضا لكن النبي عليه السلام أناط بهم القيام ببعض الأعمال وجعل اجتماعهم في بيت سعيد بن زيد (ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته فاطمة) وكان أيضا من لَعَقة الدم لأنه يعود لعدي بن كعب.
وممن ضمهم هذا القسم عبد الله بن مسعود وكان راعي غنم يطلبه الناس إذا ضلت منهم شاة، ولو طلبوه في الليل، فوجوده في بيت الأرقم لكشف الأمر، كما يقول الشيخ ولد الددو.
وضم هذ القسم أيضا عمار بن ياسر الذي كان تاجرا يبيع للناس ضرورات بسيطة، وخباب بن الأرت وكان حدادا يسن السكاكين، وكان وجود أي منهما في بيت الأرقم -وهو من سادة القوم- أمرا مثيرا للشك.
تربية خاصة
وعن القسم الثالث، يقول الشيخ ولد الددو إنه ضم من كانوا يحملون في أنفسهم شيئا من الجاهلية، وقد قبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام ولم يكلفهم بعمل في أول الأمر حرصا على السرية، ومنهم أبو ذر الغفاري وجندب بن جنادة والطفيل بن عمر الدوسي.
ووفقا لولد الددو، فقد ربَّى النبي عليه السلام القسمين الأول والثاني على الصبر والجلد والسرية والعمل الجاد، وساعده في ذلك اجتماعهما معه في شِعب أبي طالب عندما حوصر فيه 3 سنوات.
وقد قال عتبة بن غزوان "لقد رأيتنا في الشِعب مع النبي وما منا من أحد إلا ويعصب الحجر على بطنه من الجوع ثم رأيتنا بعد ذلك وما منا رجل إلا وهو وال على مصر من الأمصار".
وكانت فترة تربية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في العهد المكي 13 عاما، وقد أخرجت جيلا بنى دولة الإسلام التي حكمت 13 قرنا حتى سقوط الخلافة العثمانية، كما يقول الشيخ ولد الددو.
إعلان 10/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان النبی صلى الله علیه وسلم الذی کان کما یقول
إقرأ أيضاً:
شروط التوبة النصوح وكيفية تحقيقها خطوة بخطوة
التوبة النصوح تعد أبرز ما يسعى كثيرون إلى تحقيقه كل منا لعلها تكون منجية من الآثام والذنوب التي وقع فيها الشخص، حيث إن التوبة تعد بمثابة العفو والأمل وهي باب مفتوح أمام الجميع لمن أراد أن يفتحه.
وفي السطور التالية نتعرف على شروط التوبة النصوح وكيفية تحقيقها خطوة بخطوة..
مش مجرد كلمات.. خالد الجندي: 3 مفاتيح لتحقيق التوبة النصوح
علي جمعة يوضح الفرق بين الاستغفار والتوبة
هل التوبة تغني عن قضاء الصلاة الفائتة؟ ..الإفتاء تحسم الجدل
في ليلة القدر.. مفتي الجمهورية يوصي بـ 6 أعمال للتوبة والإنابة
وفي هذا السياق عرّف الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، التوبة النصوح بأنها هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع.
وأوضح علي جمعة من خلال الصفحة الرسمية لفضيلته عبر فيسبوك، مفهوم التوبة النصوح قائلاً: قيل هي: "الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان على أنه لا يعود".
وأشار إلى أنه لا بد من المراجعة الدائمة لأنها عظيمة النفع في ترقي الإنسان وخلاصه من الدنايا، ولقد ضرب لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم مثلًا من نفسه؛ حيث قال: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة».. [رواه الترمذي].
وأوضح المفتي السابق أن سُنة الله في طبيعة البشر اقتضت أن تكون تلك التوبة والمراجعة دائمة، فلا ينبغي أن نمل من كثرة التوبة إلى الله، ولا نمل من مصارحة النفس بالعيوب والقصور، ولا نمل من الإقلاع بهمة متجددة لرب العالمين، والله يحب من عبده إذا أخطأ أن يرجع عن خطئه، حتى لو تكرر الخطأ أو الخطيئة، فهو يقبل التوبة من عبادة ويعفو عن كثير.
واستشهد فضيلته بما جاء بالحديث النبوي الشريف قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».. [رواه أحمد والترمذي وصححه الحاكم في المستدرك].
وأوضح جمعة أن التوبة تخرج الإنسان من ذنوبه، وكأنه لم يفعل ذنبا قط، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :«التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ».. [رواه ابن ماجه].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار والتوبة إليه ليترقى في درجات القرب، وليعلمنا كثرة الاستغفار، فقال -صلى الله عليه وسلم- : « إِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِى الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً ».. [رواه ابن ماجة في سننه].
وأضاف فضيلته أن التوبة منها توبة عن المعاصي والذنوب، ومنها الإنابة وهي أعلى من التوبة، حيث يخرج الإنسان كل ما سوى الله من قلبه، فيفرغ قلبه من السوى، وينشغل بالله سبحانه وتعالى وحده، ثم تترقى الإنابة إلى أن تكون أوابا، والأوبة هي الرجوع التام إلى الله سبحانه وتعالى، ويتأتى ذلك بإقامة الدين في النفس، قال تعالى : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.. [الروم : 30 -36].
كيفية تحقيق التوبة النصوحمن جانبه، قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن التوبة النصوح ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عملية متكاملة تشمل العلم، والحال، والعمل، مؤكدًا أن التوبة لا تصح إلا إذا كانت مبنية على معرفة وتفهّم للذنب، وندم حقيقي على ارتكابه، وعزم على عدم العودة إليه.
وأضاف الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، أن "التوبة النصوح لا تكون توبة حقيقية إلا إذا كانت مبنية على علم، علمك بأنك ارتكبت ذنبًا، وتعرف تمامًا ماذا فعلت وأضررت به.. الإمام الغزالي رحمه الله قال: 'التوبة علم وحال وعمل'، العلم يعني أنك عرفت أن ما فعلته خطأ، وأنه محرم، وإنك لو سرقت مثلًا، يجب أن ترد المال إلى صاحبه".
وتابع: "بعد العلم يأتي الحال، وهو الندم.. التوبة ليست مجرد كلمات، بل شعور داخلي عميق بالندم على ما فعلت.. كما قال النبي ﷺ: 'التوبة ندم'. لو لم تكن نادمًا على ذنبك، فالتوبة ليست توبة".
وأوضح أن العمل هو الجزء الأخير، مشيرًا إلى أن التوبة يجب أن تشمل ثلاثة أشياء: "الأول، الإصلاح، بمعنى أن تُصلح ما أفسدته، الثاني، الإقلاع، أي أن تترك هذا الذنب وتبتعد عنه، الثالث، العزم على عدم العودة إليه في المستقبل".
وأكد أن التوبة النصوح لا تتحقق إلا بالعزيمة القوية والإرادة الحازمة، مبينًا أن التغيير لا يأتي بالأماني أو الرجاء، بل يحتاج إلى عمل وإصرار على التغيير، مشيرا إلى أن النفس البشرية قد تتعرض للفتور، خاصة بعد رمضان، ولكن يجب الاستمرار في السعي نحو الحفاظ على روحانية التوبة.
واختتم: "كما قال النبي ﷺ لسيدنا أبو ذر رضي الله عنه، عندما سأله عن الذنب، قال له: 'أعود واستغفر، إذا يكسر خطئي.' رحمة الله أوسع من ذنوبنا".