أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الصيام عبادة عظيمة فرضها الله تعالى ليبلغ بها المسلم مرتبة التقوى، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، مشيرًا إلى أن هذه العبادة لا تقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل تمتد آثارها لتثمر في نفس الصائم أخلاقًا وقيمًا عظيمة يستمر عليها طوال حياته.

أحمد عمر هاشم: الرسول ﷺ نموذج في الوفاء والتقدير لزوجته خديجةأحمد عمر هاشم: الصلاة فُرضت من فوق سبع سماوات

وأضاف الدكتور هاشم، خلال درس التراويح اليوم الاثنين بالجامع الأزهر، أن الصيام يغرس في المسلم خلق الإخلاص، فيمتنع عن المفطرات في السر كما في العلن، لأنه يراقب الله وحده، فتتحول هذه المراقبة إلى سلوك دائم في حياته، مؤكدًا أن الصيام عبادة سرية، لا يطلع عليها أحد سوى الله، لذا أضافها الله إضافة تشريف لنفسه فقال في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».

وأشار إلى أن من ثمار الصيام أيضًا خلق العفو والتسامح، كما جاء في الحديث: «الصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم»، موضحًا أن الصائم لا يقابل السيئة بمثلها، بل يعفو ويصفح ويترفع عن النزاع، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾، مبينًا أن هذه الروح من العفو والتسامح هي ما ينادي بها الإسلام في كل زمان ومكان.

وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم خلال حديثه بالجامع الأزهر في الليلة الحادية عشرة أن شهر رمضان ليس مجرد وقت محدد للصيام والعبادة، بل هو دورة تدريبية عملية يكتسب فيها المسلم القيم الفاضلة ليستمر عليها طوال حياته، مشددًا على ضرورة استثمار أيام الشهر الفضيل في الطاعات والبعد عن المعاصي.

وأوضح أن رمضان كان دائمًا شهر الانتصارات في تاريخ الأمة الإسلامية، فمنذ غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، إلى العاشر من رمضان في العصر الحديث، كان الشهر شاهدًا على بطولات المسلمين، حيث صام الجنود المصريون في حرب أكتوبر رغم الرخصة بالإفطار، وكان بعضهم يقول: "لن نفطر إلا في الجنة"، مما يعكس روح الإيمان والتضحية التي يمنحها الصيام للمسلم، داعيًا المسلمين إلى الاستفادة من هذا الشهر المبارك في تحقيق الانتصار على النفس، ومجاهدة الهوى، والاستقامة على طاعة الله.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شهر رمضان القيم الجامع الأزهر الأخلاق أحمد عمر هاشم المزيد أحمد عمر هاشم

إقرأ أيضاً:

رمضان والجنة

بين الصيام والتقوى والجنة ترابط، فالصوم يحقق التقوى، وهي سبيل الفوز بجنة رب العالمين، يقول الله، عز وجل، في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)، «سورة البقرة: الآية 183».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد»، (صحيح البخاري، 1896).
وكما تبين، فإن بين الصيام والتقوى والجنة ترابطاً، فالصيام عناء ومن ثماره التقوى، والتقوى ثوابها الجنة، فقد أخبر القرآن الكريم بما للمتقين في الجنة من منازل، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى خصص باباً من أبواب الجنة لأهل الصوم سمّاه الريان.
فالصوم باب للجنة، يسره الله تعالى لمن أراد له الخير، والجنة هي دار القرار، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: «فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ...»، (سورة السجدة: الآية 17)، (صحيح البخاري، 3244).
ومن فضل الله تعالى على المؤمنين في الجنة النظر إلى وجه الله الكريم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل»، (صحيح مسلم، 297).
فمن صام رزقه الله التقوى، ومن رزق التقوى فقد رزق القبول، ومن رزق القبول تنعم بجنات وعيون، وتمتع بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وما ذلك إلا بشرى للصائمين. 
كما أن معرفة المقاصد في العبادة لها دورٌ كبير في تحسين أداء العبادات، فهي تزيد الإيمان.
وتقوى الصائم تعني: «ضبط نفسه عن الشهوات، وتزكيتها من الرذائل، قَالَ رسول الله: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، فحري بالصائم أن يحرص على ضبط جوارحه عموماً، فلا تمتد يده إلى شبهة، ولا تخطو رجله إلى باطل، ولا يُجري على لسانه كذباً ولا نميمة ولا غيبة، فقد قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَه».
الإعراض عن اللغو
يتوجب الإعراض عن اللغو، فالإعراض عنه من صفات عباد الرحمن، وأن الخوض فيه من مساوئ الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن يربأ بنفسه عنها، فلا يخوض في كلامٍ يعيبه، أو فعلٍ يشينه، وخاصةً في شهر رمضان، موسم الطاعة والغفران، فنقبل فيه على طاعة ربنا، وما فيه الخير لنا ولأسرنا ومجتمعنا، عملاً بقوله: «وَاحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ».
حديث
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:، كان الناس يسألون رسول الله، ﷺ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها: قلت: يا رسول الله صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.

أخبار ذات صلة 46.8 ألف وجبة «كسر الصيام»  وزعتها «الهلال» في أبوظبي «تراحم » توزع 20 ألف سلة غذائية

مقالات مشابهة

  • أحمد عمر هاشم: الرسول ﷺ نموذج في الوفاء والتقدير لزوجته خديجة
  • أحمد عمر هاشم: النبي ﷺ ضرب أروع الأمثلة في الوفاء لزوجته السيدة خديجة (فيديو)
  • أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات
  • كانت 50 وأصبحت 5.. أحمد عمر هاشم يكشف أسرار فرض الصلاة على المسملين
  • أحمد عمر هاشم يكشف تفاصيل فرض الصلاة على المسلمين
  • أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج
  • بالفيديو.. الدكتور أحمد عمر هاشم يكشف عن عدد المرات التي شُق فيها صدر النبي
  • رمضان والجنة
  • أحمد عمر هاشم: والد النبي من أشرف شباب قريش نسبًا وعقلًا وأخلاقًا (فيديو)