في خطوة لافتة تأتي في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة على مستوى التوازنات العسكرية والإستراتيجية، أعلنت وكالة تسنيم الإيرانية عن بدء مناورات بحرية مشتركة بين روسيا والصين وإيران في ميناء تشابهار.

الحدث لا يقتصر على بعده العسكري، بل يتداخل مع سياقات سياسية واقتصادية تعكس أولويات الدول المشاركة فيه، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الغربية على هذه القوى وسعيها لتعزيز شراكاتها الدفاعية في مواجهة التحديات المتزايدة.

يتزامن إجراء هذه المناورات مع مرحلة دقيقة من التوترات المتزايدة بين إيران والولايات المتحدة، حيث تواجه طهران ضغوطا متصاعدة تتعلق ببرنامجها النووي وقدراتها الصاروخية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية التي تستهدف مفاصل اقتصادها.

وتضفي التهديدات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشن عمل عسكري ضد إيران إن استمرت برفض التفاوض، على المناورات بعدا إضافيا يتجاوز الأبعاد العسكرية التقليدية إلى رسائل سياسية واضحة.

????سفن حربية صينية وروسية تدخل المياه الإيرانية#ايران pic.twitter.com/p9jywMfCW9

— وكالة تسنيم للأنباء (@Tasnimarabic) March 10, 2025

موقع المناورات

كما يضفي الموقع الذي اختير لتنفيذ هذه المناورات بعدا إستراتيجيا خاصا، فميناء تشابهار، المطل على المحيط الهندي، لا يمثل مجرد قاعدة بحرية إيرانية، بل يعد نقطة محورية في المشروعات الاقتصادية الإقليمية، كما يتمتع بأهمية جغرافية تجعله مركزا لطرق التجارة الدولية والطموحات اللوجستية الإيرانية.

إعلان

وفي ظل هذه الاعتبارات، يبرز تساؤل حول ما إذا كان اختيار هذا الموقع يعكس توجهًا لتعزيز النفوذ البحري الإيراني، أو أنه يحمل في طياته رسائل أوسع تتجاوز الحدود الإقليمية لتشمل موازين القوى العالمية.

وبالنظر إلى الظروف الدولية الراهنة، فإن هذا التطور يثير اهتمام الأوساط السياسية والعسكرية، حيث يتزامن مع عزلة دولية متزايدة تواجهها روسيا نتيجة حربها في أوكرانيا، إلى جانب التنافس الحاد بين الصين والولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

هذه العوامل مجتمعة تضع المناورات البحرية الثلاثية في سياق أوسع من مجرد تعاون عسكري، لتشكل حدثًا يحمل أبعادًا متعددة على المستويين الإقليمي والدولي.

???? إيران تصدر أنيميشنا ترحيبيا بالضيوف الأجانب المشاركين في مناورات الحزام الأمني

أطلقت إيران أصدرت أنميشنا ترحيبيا بالضيوف الأجانب المشاركين في مناورات الحزام الأمني البحري 2025 المشتركة في شمال المحيط الهادي.
وتحدث الأنميشين بلغات متعددة أي بكل لغات الدول المشاركة في المناورات… pic.twitter.com/Qg3sgE4Y4l

— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) March 10, 2025

ردا على تهديد ترامب

ويرى القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني مقدم أن هذه المناورات في تشابهار تأتي ردا على تهديدات ترامب بشن هجوم على إيران، لافتا إلى أنه على ترامب أن يعلم أن إيران ليست وحيدة والدول الحليفة مثل روسيا والصين حاضرة إلى جانبها، وأن شن هجوم عسكري على إيران يعني الهجوم على الصين وروسيا، على حد قوله.

كما أوضح في حديثه للجزيرة نت، أنه بناء على الاتفاقيات طويلة المدى بين إيران والصين (25 سنة) وروسيا (20 سنة) والتي تتضمن بعض التعاون العسكري والأمني والمخابراتي كما تضم مناورات ثلاثية مشتركة بين البلدان الثلاثة ووفقا لجدول معين، تنظم مناورات كل فترة معينة بين هذه البلدان.

إعلان

وأردف كنعاني "أن رسالة هذه المناورات واضحة وهي أن دول آسيا القوية ومنها الصين وروسيا وإيران وكذلك الدول الراغبة بالتعاون لتأمين أمان المنطقة قادرة على فعل ذلك".

أهمية جيوستراتيجية

من جهة أخرى، وفي حديث للجزيرة نت، أكد خبير الأمن الدولي عارف دهقاندار أن اختيار ميناء تشابهار لإجراء المناورات المشتركة بين إيران والصين وروسيا ينبع من الأهمية الجيوستراتيجية لهذه المنطقة.

وأوضح أن تشابهار، باعتباره الميناء الإيراني الوحيد المطل على المحيط، يوفر وصولا مباشرا إلى المياه الحرة، ويقع في موقع إستراتيجي بالقرب من المحيط الهندي، ما يجعله نقطة محورية في التحكم في طرق التجارة البحرية وبوابة حيوية للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى.

وأضاف دهقاندار أن تشابهار يُعد جزءًا من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، كما يكتسب أهمية خاصة لروسيا التي تسعى إلى توسيع وجودها في المياه الدافئة، كما أشار إلى أن وجود هذه القوى الثلاث في تشابهار قد يحمل رسالة معينة إلى واشنطن وإدارة ترامب، لاسيما في ظل اعتبار الهند شريكا إستراتيجيا للولايات المتحدة في شبه القارة الهندية.

وفيما يتعلق بتوقيت إجراء النسخة السابعة من المناورات المشتركة "حزام الأمن البحري 2025″، أشار دهقاندار إلى أن هذا التوقيت يحمل دلالة مهمة، حيث تأتي هذه المناورات في ظل تزايد التهديدات الإسرائيلية والأميركية بشن هجوم عسكري على إيران للحد من برنامجها النووي.

العصا والجزرة

وأوضح أن هذا التصعيد الإقليمي، إلى جانب سياسة "العصا والجزرة" التي يتبعها ترامب، يزيد من تعقيد المشهد، مما يجعل هذه المناورات بمثابة إشارة إلى استعداد طهران لمواجهة أي تهديدات محتملة.

ومع ذلك، شدد دهقاندار على أن هذه المناورات لا ينبغي تفسيرها على أنها مؤشر على تشكل تحالف شرقي ضد الغرب، مؤكدًا أن روسيا والصين، كقوتين عالميتين، لديهما إستراتيجيات ومصالح خاصة بهما، وينبغي تحليل سلوكهما في إطار المنافسة بين القوى الكبرى.

إعلان

وأضاف أن إيران، باعتبارها قوة إقليمية، لها دورها الخاص في المعادلات الدولية، وينبغي لها، خاصة في المجال العسكري، أن تعتمد على قدراتها الذاتية بدلًا من التعويل على القوى الكبرى.

وخلص دهقاندار إلى أنه رغم تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة خلال فترة حكم ترامب، فإن إقامة هذه المناورات لا تعني بالضرورة تشكيل تحالف رسمي ضد الغرب، بل تمثل نموذجًا للتعاون البراغماتي بين الدول الثلاث وفقًا لمصالحها المشتركة.

واعتبر أن رد الفعل الهادئ من قبل إدارة ترامب على هذه المناورات يؤكد أنها لا تُشكل تهديدًا حقيقيًا للولايات المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان هذه المناورات روسیا والصین إلى أن

إقرأ أيضاً:

سقوط مقاتلة أمريكية في البحر الأحمر خلال مناورات لتفادي هجوم حوثي​

في حادثة تعكس تصاعد التوترات في البحر الأحمر، أعلنت البحرية الأمريكية يوم الاثنين 28 أبريل 2025 عن سقوط طائرة مقاتلة من طراز F/A-18E "سوبر هورنت" من على متن حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" أثناء تنفيذها لمناورات لتفادي هجوم صاروخي من قبل جماعة الحوثي اليمنية.​

وفقًا لتصريحات مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية، كانت المقاتلة تُسحب داخل حظيرة الطائرات عندما قامت الحاملة بمناورة حادة لتجنب نيران الحوثيين، مما أدى إلى فقدان السيطرة على الطائرة وسقوطها في البحر الأحمر، برفقة مركبة السحب. وقد أُصيب أحد البحارة بجروح طفيفة جراء الحادث، بينما نجا باقي الطاقم دون إصابات .​

غارات أمريكية مكثفة تهز صنعاء .. استهداف منصات صواريخ ومخازن أسلحة حوثيةالحوثيون: استهدفنا حاملة الطائرات الأمريكية ترومان وقطعها الحربية في البحر الأحمر

جماعة الحوثي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، مشيرة إلى أنها استهدفت الحاملة "ترومان" والقطع البحرية المرافقة لها بصواريخ مجنحة وبالستية وطائرات مسيّرة، مما أجبر الحاملة على الابتعاد عن موقعها السابق في شمال البحر الأحمر .​

يأتي هذا الحادث في إطار حملة عسكرية أمريكية مستمرة ضد الحوثيين، أُطلق عليها اسم "عملية رايدر الخشنة" (Operation Rough Rider)، والتي شملت أكثر من 800 غارة جوية منذ عام 2023. ووفقًا للقيادة المركزية الأمريكية، أسفرت هذه العمليات عن تقليص قدرات الحوثيين بنسبة 69% في إطلاق الصواريخ البالستية و55% في هجمات الطائرات المسيّرة خلال عام 2025 مقارنة بالعام السابق .​

على الرغم من خسارة الطائرة، أكدت البحرية الأمريكية أن مجموعة الحاملة "ترومان" لا تزال قادرة على تنفيذ مهامها بالكامل في المنطقة. ومن المتوقع أن تستمر التحقيقات لتحديد الأسباب الدقيقة للحادث وتقييم الإجراءات الوقائية المستقبلية.​
 

طباعة شارك البحرية الأمريكية البحر الأحمر طائرة مقاتلة حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان هجوم صاروخي جماعة الحوثي

مقالات مشابهة

  • MEE: عملاء الموساد يحاولون إفشال المحادثات الأمريكية مع إيران
  • خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا
  • ترامب: الولايات المتحدة والصين ستتوصلان إلى اتفاق تجاري
  • إحباط إسرائيلي من مواصلة أمريكا التفاوض مع إيران والعجز عن وقف ضغوط ترامب
  • MEE: ما سر مهاجمة أنصار ترامب وحلفائه الموساد ودعاة الحرب مع إيران؟
  • MEE: ما سر مهاجمة أنصار ترامب وحلفاءه الموساد ودعاة الحرب مع إيران؟
  • موريتانيا تشارك في مناورات الأسد الأفريقي بالمغرب
  • سقوط مقاتلة أمريكية في البحر الأحمر خلال مناورات لتفادي هجوم حوثي​
  • الذهب يهبط مع تراجع توتر أمريكا والصين والدولار يستقر
  • لم يعد كافيًا.. إيران: لن نوقع اتفاقًا نوويًا مع أمريكا مماثلا لما كان في 2015